من عادات وتقاليد الزواج عند قبائل التقري والبلين

بقلم الأستاذ: ود عد - كاتب وناشط سياسي ارتري

من المعلومات التي قل من يعرف عنها في هذا الزمن قبل التفكير في الزواج التركيز على أمور

يمكن تشبيهها بالتحالفات والمصالح البعيدة المدى التي كان يتحراها الأولون حيث كانوا يبتعدون عن المحيط ويبحثون عن قبلية قوية ذات نفوذ أو ذات مركز أو ذات سطوة لكي يتزاوجوا معها لأهداف كما ذكرت عديدة مثل إذا كانت ذات سطوة إما سلموا من سطوتها وغزواتها وإن كانت ذات نفوذ استفادوا من نفوذها بسبب المصاهرة وإن كانت ذات قوة استعانوا بها وقت الحاجة وإذا كانت ذات مال التجئوا إليها عند الحاجة والضيق والفاقة، وهناك وقائع كثيرة لا تعد ولا تحصى منها:

أن جدي (خال والدي) قال لي: في زمن من الأزمان وأنا في سن العاشرة ذهبت برفقة جدي (....) إلى مكان تجميع الحصاد (الودنا) وبينما جدي (...) يذرو الذرة لاح في الأفق عدد من الرجال تتقدمهم امرأة ومعهم عدد لا يقل عن 10 من الابل بدون حمولة فقالت لجدي: (وووو ود فلان) لقد ضرب أهل زوجي القحط وهلك الزرع وجئت إليك لكي تمدني بشيء من حصاد أرض آبائي... وهي أخت جدي المتزوجة إلى قبيلة أخرى ومنطقة بعيدة.. فلم يتردد جدي في تعبئة 20 قفة شيء اشبه بالزنبيل مصنوع من السعف ولكن سعته لا تقل عن جوال أو أكثر ولم يحيلها إلى باقي أفراد الأسرة الذين كانوا منهمكين في موسم الحصاد (أيام الدنيا بخيرها) وعادت إلى ديار زوجها محملة بالخيرات.

أما التعاون وقت الشدة والحروب فالمشاهد كثيرة لا تخفى على الكثيرين، فهل ترون أيها الأحباب كيف كان أجدادنا غاية في الذكاء والنباهة؟ (وهذا ما تفعله الدول في عالمنا اليوم) وقد كان البعض يستغرب حينما يجد جدته من قبيلة بعيدة أو أمه من قبيلة وأبوه من قبيلة بينما يجد العكس في بعض البيوت بأن زوجة عمه وعمه أبناء خالات أو عمات أو من أقرب الأقربين. كما ساعد هذا التزاوج المدروس إلى النسيج الاجتماعي الذي نراه في كثير من البيوت.

التمهيد:
ولأن المبادرة تكون دائماً من الرجل سنبدأ من بيت العريس(الخطيب) بعد بلوغ الابن يبدأ الأب بحث ابنه على الزواج بالتصريح تارة وبالتلميح في أحايين كثيرة ثم بعد موافقة الابن يأتي دور اختيار العروس المناسبة لهم أي للبيت للأب والأم وهذا الأمر فيه الكثير من الأخطاء التي أدت إلى عدم استقرار الكثير من الأسر لأن الاختيار كان يخضع لمزاج الأب والأم والتي يسمونها بالتقري (اسيّت شفر) وبالبلين (جخري قوي) ومعناها بالعربي زوجة للدار وليس للزوج والفراش فقط لأن الزوج كما كانوا يصفونه (اناس عجاي كدن تو) وتعني أن الرجل يومه خارج الدار بينما الزوجة تمكث في البيت (الكلام هذا زمان قبل تعليم المرأة ودخولها ميدان العمل.. عشان أخواتنا في المتدى ما يدخلهم الرعب ويرفضون الزواج خشية الجلوس في البيت خاصة وأن معظمهن إن لم يكن كلهن متعلمات ومستنيرات ولله الحمد)، ولأن هذا هو الغالب أحببت ذكره وإلا كانت هناك زيجات تتم بموافقة الولد وبالمقابل بموافقة الفتاة يعني بالمصري (كل شي بالخناق إلا الزواج بالاتفاق).

على كل يتم اختيار الفتاة والتعرف على نسبها واصلها وفصلها وعدم ارتباطها، وأنه لم يتقدم إليها أحد بعد التأكد والاطمئنان يأتي دور الأمهات ليس كعامل أساسي ولكن كمكمل لما تم التوصل إليه والهدف منه ليس رؤية الفتاة من حيث الشكل ولكن من حيث الطباع والأخلاق والخبرة في تحمل أعباء البيت والاعتناء بالأسرة وغيرها من أمور النساء.

انتهى كل شيء تعود الكرة إلى مرماها الأول وهو مرمى الأب أو من ينوب عنه في الذهاب إلى أبو العروس وطلب البنت منه بعد الموافقة يتم تحديد موعد (للمدحرات) وتعني المباركة وتسمى بالبلين (قورا) يتم فيها:

الاتفاق على (الصداق) المهر والسمي (فتح) وتحديد موعد الزواج ويتم هذا في وقت مبكر حيث يذهب أبو العريس مع مجموعة من الآباء والأعمام ورجال القبيلة أو العشيرة بحيث لا يزيد عددهم عن سبعة أو نحوه بعد أداء صلاة الفجر ويجلسون لتحديد ما تقدم ذكره، في هذه الحالة يقدم لهم طعام عبارة عن عصيدة تسمى بالتقري (أكللت) وبالبيلن (كالا) وبالتقرينية (قعت) وبالساهو (دقحا) أما أهلنا في المدن فقد طوروا الأمر إلى لقيمات وشعيرية مقلية وشاي حليب ولكنهم لم ينفكوا عن تقديم العصيدة ليس للأكل فقط ولكن لعادة كانت ومازالت ملازمة لهم وهي عبارة عن مبلغ يودع تحت قدح العصيدة يسمى بالتقري (ناي طيشو) وبالبلين (قباروخ) وقد تطور المبلغ من ريال في الماضي إلى مبالغ وبالعملة الصعبة كأن يوضع بالجنيه السوداني أو بالريال السعودي أو الدولار الأمريكي أو الكندي أو الاسترالي أو الين الياباني أو الروبية كل حسب البلد الذي يقيم فيه. في هذه الجلسة يأتي أهل الولد بالآتي:

جوال عيش ذرة حب غير مطحون يسمى (كيس فري) من باب التفاؤل أن يكثر الله ذرية المخطوبين، ووات أم (تسمى بالتقري وائت أم وبالبلين لوي قنا روخ، وشنطة يكون فيها غيار للعروس طبعاً عارفين مقاسها خاصة زمان أما الآن يتم شراء الجاهز فإن ضاق أو زاد عن مقاس العروس يتم استبداله بكل سهولة ويسر وقد تم إضافة أشياء معاصرة مثل الخاتم وطقم خفيف من الذهب أو شيء مثل حلق أو سلسل (أكيد معظمكم يعرف أغنية خاتم حطي زابيكو للفنان الأمين عبد اللطيف) والساعة.

واجبات أهل العريس تجاه أهل العروس في فترة الخطوبة:

كانت فترة الخطوبة في الماضي تطول بسبب صغر سن العريس والعروس فهناك مناطق يحددون أن فلان لفلانة وهم أطفال أغرار وفي هذه الحال يتحمل أهل العريس كسوة العروس في العيدين وخروف الأضحية أو دفع ثمنه.

أما الآن فقد تيسرت الأمور حيث لا تزيد فترة الخطوبة والزواج أكثر من سنة وفي الغربة أسبوع أو أيام مما يجنب العريس هذه المصاريف الإضافية.

أما العروس فتبدأ بالاختباء من كل من له صلة بأهل العريس ولا تظهر في المناسبات العامة إلا في أضيق الحدود (أنا أتكلم عن زمان) يا حليل أيام زمان أما الآن فنترك التعليق لأبناء وبنات الزمن.

أكتفي عن مراسم الخطوبة بهذا الإيجاز علماً بأن المجال مفتوح للإضافة والحذف والتصويب والنقد البناء والنصيحة لأن الهدف هو التعريف.

وإلى أن التقي بكم في بداية الزواج والاستعداد له أترككم في حفظ الله ورعايته.

قبل الختام هذا تصوير لمراسم الخطوبة أبيات بالتقري بعد أن يجلس الطرفين متقابلين يبدأ أهل العريس.

أهل العريس:
سني وعلام حايسام وسنيام

حنا مطناكوم من أكان ريـــّام
ولتكوم اقل ولنا قل تدحرو من تحت ربي ديبكوم سئيام

أهل العروس:
دحن مطئكم أبيكوم يلطنحكوم امبلا فتيكوم

رييم تو عدنا ايتيبلو رييم لاتو أبايكوم
ولتنا ندحرا اقل "دنوس" ولكوم
أزي دي عارفو مايكوم ستو وبلعو سعركوم

اهل العريس:
تهييبو اندي بدير انبيلا وازي اندقما

طورنا اقل نا أمر سميكوم سموى كما

أهل العروس:
كيس لا فري أمورتو ولا طاقة دبلان

خاتم ديب ادي قلب وساعة اسر ات ادي مان
قديت فلير دامور وريفدور وبنت السودان

Top
X

Right Click

No Right Click