المطحن دراسة إثنوأركيلوجية
بقلم الباحث البجاوي الأستاذ: خالد محمد حامد خير المصدر: مجلة بجة الجنوب
إثنوأركيلوجي أو كما يسمى "علم الآثار الحي" هو دراسة المجتمعات المعاصرة بمنهج علم الآثار
و مقارنة نشاطات وثقافات الشعوب الحية بما هو موجود في السجل الأثري.
مطحن:
(مطحن) بلغة التقرايت هو حجر الطحن السفلي، و هو من التراث الثقافي المادي للبني عامر و الحباب الذي ما زال موجوداً حتى اليوم؛ كما يعتبر قاسم مشترك بين الكثير من الأمم القديمة.
و نجد أن مفردة (مطحن) تستعمل بنفس اللفظ و الدلالة في اللغة الحميرية (أنظر معجم سرو حمير، يافع و شذرات من تراثها ص 279، د/ علي صالح الخلاقي، مركز عبادي للدراسات و النشر - 2012 ).
و من الواضح أن كلمة (مطحن) مشتقة من الفعل "طحن" بمعنى "سحن و سحق الحبوب" و هذا الجذر نجده في العربية الفصحى بالإضافة إلى اللغات السامية القديمة كالأكدية و السريانية و الأوغاريتية و الجئزية ...إلخ (راجع معجم اللغة الجئزية المقارن، وولف ليسالو 1987، ص590).
و قد تم العثور على الرحى أو المطحن ضمن آثار قدماء وادي النيل.
المطحن و ملحقاته:
من أدوات المطحن (مدت) و هو الحجر العلوي للمطحن و يكون أصغر حجماً من الحجر السفلي و ينقسم إلى نوعين: (مدت سبور) و هي قطعة حجربة خشنة و (مدت لموط) و هي قطعة حجرية ناعمة، أما (موقريت) فهي قطعة حجرية على شكلٍ كروي تستعمل لتخشين (المطحن) و (مدت السبور).
و هناك خيط رفيع يسمى (شِكَالْ) يربط على الإبهامين لتركيز مركز القوى في المنتصف، و عند طحن الحبوب يُجمع الطحين على (سِفَالْ) أي ثفال.
مراحل الطحن:
المرحلة الأولى: يتم وضع الذرة أو الحبوب في الماء لتصبح مبتلة و سهلة الطحن، ثم تُطحن باستعمال قطعة الحجر الخشن (مدت سبور)، و هذه المرحلة من الطحن تسمى (سبور) و هي مرحلة الجرش الذي يسمى بلغة التقرايت (دريش).
المرحلة الثانية: يتم بل الجريش بالماء ثم يطحن بقطعة الحجر الناعم (مدت لموط) و هنا يتحول الجريش إلى عجين.
أهازيج الطحن:
و من أهازيج الطحن التي تُردد أثناء الطحن:
دي دي أودي هليكو
دي دي أبويي أب آدِم
دي دي لكورو جماجم
دي دي سبك و ساقم
و تؤدي هذه الأهزوجة بنتان أو أكثر و هن متقابلات؛ و ذلك للترويح عن النفس و تخفيف عناء العمل.