قراءة في كتاب إبراهيم محمد علي... مسيرة جبهة التحرير الارترية بداية ونهاية - الحلقة السابعة

بقلم الأستاذ المناضل: محمد صالح أبوبكر

حرب الإخوة - المؤتمر الوطني الثاني وما بعده: التاريخ قد يكون عظة وعبرة وقد يكون عبئ،

مسيرة جبهة التحرير الإرترية بداية ونهاية

ونحن نشاهد التاريخ العبئ في حالتنا الارترية سواء في مسلك حكمنا الذي فوت الفرصة التاريخية على نفسه ليكون قائدا للجميع وفوت الفرصة على بلادنا لتكون أرضاً لجميع أبنائها وبجميع أبنائها ومارس تصفية الحساب والكراهيه لحد يهدد اليوم وطننا، أما معارضينا فيصفي البعض منهم حسابه من خصوم الأمس في العمل العام ويحلو الامر إذا كان هؤلاء موتي أو في وضع لا يمكنهم من الدفاع عن أنفسهم.

ذكر الاستاذ إبراهيم في كتابه أن الحرب إندلعت بين التنظيمين وكانت معارك طاحنة وكان الاخوة في قوات التحرير مزهوين بتسليحهم ومزهوين أكثر بالمفردات التي ضمنوها بيانهم التأسيسي في سدوح عيلا، وكان السبب المباشر لاندلاع الحرب الاجهاز على فصيلة من جيش التحرير الارتري بقيادة الشهيد يسن عبدالله عقدا في منطقة آرافلي في فبراير 1972م وكان لمناضلي جيش التحرير وقادتهم موقفهم المشهود من الحرب الداخلية الحرب الموجهة لارتري آخر إلا أن معركة أرافلي جعلت الجميع في موقف الدفاع عن رفاقهم وأن هؤلاء مندفعين للقتل ولتصفية الجبهة ولابد أن تدافع عن نفسها، كان ميزان القوة من حيث التسليح يميل لصالح قوات التحرير ومن حيث الرجال والخبرة والعدد يميل لصالح الجبهة، على كل حال دخلت ونتيجة للحرب البينية قوات التحرير الحدود السودانية وهناك حوصرت في منطقة قرقر السودانية ولم يكن حصاراً كاملاً، وهنا تدخلت السلطات السودانية بقياد اللوء دهب وخليفة كرار مسؤول جهاز الأمن وأمن الحماية للقوات وفك الحصار عنها وإنتقلت القوات لمنطقة بليقات ثم أم هميمي وهي منطقة إرترية على مشارف الحدود مع السودان.

وذكرالأستاذ إبراهيم أنه كان في الوفد المفاوض من الجبهة والمكون من شخصه والشهيدين عبد القادر رمضان وسعيد صالح وهو لم يذكر لنا كيف أقر ذلك التفاوض إبتداءاً، ومع من كان من الطرف الآخرعدا الشهيد أحمد هلال، ماهي أجندته كما لم يذكر لنا كيف وافقوا على فك الحصار؟ الذي ذكر أنه كان مضروباً، وهل رجعوا لرفاقهم في القيادة لأخذ الموافقة الجماعية وتقليب الأمروقراءة كل أبعاده؟ أم كانت لهم مطلق الصلاحية للبت في الأمر دون الرجوع لبقية القيادة، لماذا لم يجرد الجيش السوداني الجنود المسلحين لقوات التحريرالتي دخلت أراضيه وبقت فيها لمدة عام كامل ورتبت أوضاعها؟ وبدلاً من التركيز على الأمور الجوهرية في التفاوض بين السودانيين أو الطرفين ركز على عامل المواطنين وإحتجاجهم وقال: مالفت نظر السلطات (لوجود القوات) كان إحتجاج المواطنين المحليين على حد ما ذكر، إذاً السلطات السودانية لم تسمع بكل تلك الحرب الضروس التي جرت على مشارف حدودها!!! علماً بأن السودان كان معبراً لكل لوجستيات الثورة الارترية برمتها وما لم يذكره الأستاذ أن السودان هو الذي أوقف تلك الحرب عملياً ووقف بين الجيشين وبقت الجيوش كل في مكانه.

وما لم يذكره الأستاذ في كتابه أيضاً أن القوات ثم الجبهة الشعبية بقت في تلك المنطقة بل تمددت لعريرب وجلحنتي ومشارف طوكرحتى بعد التحرير، وأن السودانيين مالوا لصالح قوات التحرير وعملوا على حمايتها من الانهيار ووقفوا في وجه جبش التحرير، ولعبت عوامل كثيرة لصالح قوات التحرير ومن بينها برقية تأيد قيادة الجبهة لإنقلاب 19 يوليو في السودان وما تركته من أثر في نفوس أقطاب حكومة مايو وتهريب أعداداً من أقطاب قوى اليسار السوداني مثل الأستاذ المحامي غازي سليمان والأستاذ/ إدريس عوض الكريم وغيرهم بعد فشل الإنقلاب عبر بوابة الجبهة لليمن بحكم العلاقات التي كانت تربط بعض هؤلاء بقيادة الجبهة ومنهم من كان من أصدقاء النضال الارتري في جمعية الصداقة السودانية الارترية، ودور سبي وعلاقاته مع الفعاليات السودانية والدول الاقليمية المؤثرة على مستوى المحيط.

الحصار لم يكن كلياً كما قال الاستاذ إبراهيم في هذه الفقرة، كان الامداد والتموين وغيرها من المستلزمات يتدفق إليهم والدخول لمنطقة قرقر من فبل فوات التحرير لم يكن مخطط له ولكنه كان نتيجة للضغط العسكري ونتيجة لمسار المعارك المؤسفة بين الطرفين، وكما يعلم الأستاذ أن الحرب كانت نتيجة طبيعية لانسداد الافق السياسي بين الطرفيين ورفض القوات منذ البداية لأي حوار وفقاً لما قررته في مؤتمر سدوح عيلا وإعتبرت الجبهة مجرد شرذمة لايجوز الحوار معها ولهذا رفضت مجرد الاستماع للجنة الاتصال التي كان الاستاذ إبراهيم شخصياً رئيسها.

تمكنت قوات التحرير من التمركز في منطقة بليقات ثم تمددت لمنطقة أم هميمي وهما واقعتان على مشارف ساحل البحر وليس بعيداً عن الحدود مع السودان، وكان لهم طريق بري بمحاذات ساحل البحر الأحمر للأراضي السودانية وكان أثناء هذا التمركز يتدفق إليهم السلاح والمقاتلين القدامى من السودانية والمستجدين وخاصة من الهضبة وكانت وحدات جيش التحرير الارتري في بقية مناطق الساحل الشمالي.

وكما ذُكر الأستاذ في كتابه تسرب المقاتلون في قوات التحرير من جديد للهضبة الارترية، وهناك بدؤا الاحتكاك بمقاتلي الجبهة وكوادرها وجرى صدام مباشر ومعركة ضارية في منطقة وكي زاقر وقال الأستاذ عنها كادت أن تكون شاملة لولا تدخل الجماهير بين الطرفين وما غفل عنه الاستاذ أن القتال لم يتوقف لتدخل الجماهير فقط ولكن أجبرهم (القوات) إختلال ميزان القوة لصالح الجبهة في ذلك الوقت وكان إستمرارهم في القتال يعني الاجهاز عليهم، لهذا قبلوا الهدنة وتوقيف القتال ولو كان عندهم أدنى شعور بإمكان حسم المعركة لتجاوزوا ضغط الجماهير وأصواتها المنادية بتوقيف الحرب وشعبنا الارتري كان وما زال ضد الحرب بين أبنائه، إلا أن هؤلاء إستمروا في التعبئة والتحريض وشحن المقاتلين بالحقد والكراهية ضد الجبهة وإطلاق أوصاف ونعوت (عاما حراديت) التجريم كما كانوا يشنون التصفيات الفردية ضد المقاتلين والكوادر الأساسية (مثل الشهيد أحمد أسمرا قائد الفدائين وغيره من الأبطال) وحتى الجماهير التابعة للجبهة، وما صرف الجميع لمهام أخرى هو التغيرات التي حدثت في إثيوبيا ومجئ النظام العسكري وعلى رأسه الجنرال أمان عندوم ذو الأصل الارتري الذي صفي سريعاً من قبل الدرق وربما جر عليه أصله الارتري هذا المآل في إمبراطورية ينتقل فيها الحكم لمن غلب من الأباطرة المستندين على سطوة النخب القومية وإستعلائها وعلى الكنيسة والقوة العسكرية، وتدفق ألوف الشباب من كل أرجاء مدن وبلدات الهضبة الارترية وجلهم من المسيحيين لفصيلي الثورة، وتزامن ذلك الحدث مع إستعدادات الجبهة للدخول للمؤتمر الوطني العام الثاني الذي كان يجري التحضير له على قدم وساق في ذات الفترة، كما ترافق مع عملية الجبهة الفدائية الجريئة والتي لم يسبق لها مثيل في تاريخ الثورة الارترية والمتمثلة في إطلاق سراح المعتقليين الارتريين من سجون النظام الاثيوبي في سجني عدي خالا وأسمرا (فبراير 1975م).

دخلت الجبهة المؤتمر الوطني الثاني على أرضية تنازع في ثمثيل المستجدين الجدد في معسكر ربدا والذي حل بالكاد وكانت أقطابه غير راضية بالحلول، وغير المؤتمر صورة التعاطي مع قوات التحرير الشعبية وعموم المشكلات الارترية البينية، وإعتمد المؤتمر أسلوب الحوار الديمقراطي لمعالجة تناقضات الثورة ومشكلاتها على الأقل من جانب الجبهة، وكان هذا القرار نقلة مبدئة تاريخية في مسار التعاطي مع الخلافات بين طرفي الثورة وهو لحظة تاريخية أشرت بوضوح للأسلوب الأمثل في حل المشكلات الوطنية وهو اسلوب صحيح خاصة وان الواقع الارتري بالغ التعقيد يحتاج التعاطي معه للحكمة وبعد النظر، إلا أن ما غفل عنه المؤتمر وقيادة الجبهة أن تطبيق الحوار على أرض الواقع لا يتوقف على إرادة الجبهة وحدها بل على إرادة الطرفين، وهذا ما لم تهضمه قيادة الجبهة المنبثقة عن المؤتمر فوقعت في محاذير التسامح في دماء وأرواح كوادرها ومناضليها الذين كانت تتم تصفيتهم من الطرف الآخر بدم بارد.

خلف الأداء في المؤتمر الوطني الثاني إشكالات جديدة، فقد تقدم فيه رئيس التنظيم الشهيد المناضل/ إدريس محمد آدم بإستقالته وأسقط في المؤتمر نائب الرئيس حروي تدلابايرو والذي خلق ردات فعل غاضبة وسط أنصاره ومؤيديه، وقد تسربت ولأول مرة وثائف حزب العمل الديمقراطي وكانت بيد بعض الأشقاء والخصوم الذين إستخدموها بالشكل الذي يلائمهم ليس ضد الحزب بل ضد الجبهة نفسها، ومنذ ذلك الحين أصبح الحزب حديث الناس، كما بدأت التململات الداخلية التي أنتجت ظاهرة الفالول والتي بدى أن محركها المباشر كان سقوط حروي في المؤتمر.

وذكر الأستاذ أن الجبهة دخلت المرتفعات الارترية لأول مرة عقب المؤتمر الوطني الأول وهذا غير صحيح أبداً ربما دخلها الأستاذ بحكم التكليف بلجنة الاتصال لأول مرة، أما الجبهة فقد دخلت المرتفعات منذ فترة المناطق ودليل إهتمامها بكبسا وأهلها كمكون وطني أصيل ومن الهام كسبهم لصالح الثورة وهدفها المعلن إستقلال إرتريا تشكيل المنطقة الخامسة كما كانت المنطقة الثالثة في منطقة كبسا وكان مسرح نضالها منطقة إكلي قوزاي اللهم إلا إذا كان الأستاذ يعتبرها من المنخفضات الارترية!!!

وكل ما فعله المؤتمر الوطني الأول وقراراته وخاصة في مسائل القرى المسلحة والكماندوس وغيره فتح الطريق لتجنيد واسع وسط الجماهير وجنود الكماندوس وخلق منها في نهاية المطاف حاضنة آمنة للثورة كما ضيق مساحة حركة إستخبارات العدو لحد التلاشي في نهاية المطاف وحيد سلاح القرويين وكان هذا عمل تاريخي جبار، دفع الشهيد بخيت حشليت الذي قتل برصاص الغدر وسط الجماهير وهو يخاطبها ويفند كل الاباطيل والأكاذيب التي بثها الاستعمار وخصوم الجبهة في إحدى قرى عنسبا دفع ورفاقه ثمن هذه النقلة النوعية... من دمائهم الطاهرة الذكية وكانت دمائهم الجسر الذي عبرت عليه حقيقة الجبهة لقلوب شعبنا في جزء عزيز من كبسا.

وما لم يذكره الأستاذ بخصوص نتائج المؤتمر هل حزب العمل دفع لهذا المآل؟ وهل كان مستعداً له أم أن الأمر جاء هكذا دون ترتيب؟ إستقالة الرئيس وسقوط نائبه في الانتخابات.

والذي أعلمه أن حزب العمل كمؤسسه لم يك مستعداً لهذا المآل ولم يرتب لذلك أبداً رغم أن العديد من أفراده كانت لهم الرغبة في تلك النتيجة بدليل أن الحزب الذي حاز على غالب القيادة كما قال الأستاذ تخبط كثيراً في إختيار الرئيس وتلكأ كثيراً حتى تم إختيار المناضل/ أحمد محمد ناصر الذي رفض بشدة ذلك الموقع إلا أنه قبل به أخيراً على مضض تحت إلحاح الرفاق.

ومن بين الذي لم يذكره الأستاذ أيضاً أن جبهة التحرير الارترية تمكنت من السيطرة شبه الكاملة على الريف الارتري وعلى بعض بلدات الريف والذي إستكملت السيطرة عليه في العام 1976م في هذه الفترة كانت حتى المدن تحت رحمة جبهة التحرير الارترية وخلايا فدائيها التي شنت عشرات العمليات الفدائية الجريئة والناجحة التي أقلقت مضاجع العدو بما في ذلك داخل العاصمة أسمرا نفسها، ومن بينها عمليات البنوك الشهيرة التي طالت بنوك أغردات ـ تسني ـ الحمرا الحدودية الأثيوبية وجندت كل شرائح المجتمع الارتري في المدن كما حررت كل البلدات الصغيرة وخاصة في المنخفضات الارترية، كما أن الخروج أو البقاء في قرى المرتفعات بات يحتاج لجحافل كبيرة من الرجال والعتاد والزاد وكان ثمنه مكلفاً جداً.

أما مسألة الأستاذ حروي تدلابايرو لم يكن له تيار منظم معلوم وهو كان جزء من حزب العمل ولكنه ولطبيعة شخصيته بدى وكأنه يحتقر هؤلاء في الحزب ويتعالى عليهم وعده البعض بأنه خميرة عكننة وتقدم مسألة تمثيل المستجدين وصار أحد أقطابها وصار يطرح الأمر من زاوية فهمت أنها غير حميدة وأنها ليست طلب حق وإنما محاولة مكشوفة لإيجاد مركز للقوة، وكان له مريدين باعتباره أحد أبناء واجهات كبسا (حماسين) وكان يعتد بذلك وكان يحلو له أن يقول أنا من أبناء حماسين ومن مواليد بركة (أغردات) وكان والده أستاذاً في كنسيتها.

لهذا كان لسقوطه ردود أفعال بين المناضلين عامة وأبناء كبسا خاصة وتسببت في إنسحاب إثنين من أعضاء المجلس الثوري المنتخب نفسه كما بدأت ظاهرة الفالول نفسها متزامنة مع ذلك الحدث حتى إختلط الأمر بين حقيقة أسبابها.

تطورت ظاهرة الفالول من الأسئلة العادية البسيطة إلى حالات من خلق الشغب والتكتلات والاحتقار للمرؤسيين في وسط مؤسسات بطبيعتها لاتحتمل هكذا وضع (الجيش) فهي مؤسسات تحكمها التراتبية والأوامرية والهدف الذي تقاتل من أجله محل إجماع للجميع وبدأ هؤلاء ينصبون ويعزلون دون مرجعية أو أسس أو سلطة، وتطور الأمر لحد إلغاء الرسائل التحريضية ذات المضامين المستفزة المجهولة المصدر والمكتوبة بالتقرنيا والمعنونة بإقرأ ومرر لللآخرين (أمبيبكا أحلف) ثم تطور الأمر لتمردات داخل الوحدات العسكرية والإنسحاب من الدفاعات ورفض خوض العمليت العسكرية المقررة ضد العدو والمساعي لتجريد المسؤولين وطردهم من وحداتهم، ووجدت الزعامات السرية التي تؤجج هكذا تحرك في بيئة المستجدين المناخ المناسب بسبب الوجدان المشترك والمشاعر والانجذاب لواقع اللغة والدين وغيرها من العوامل وتوهموا بإمكان السيطرة على التنظيم وتشكيله بالشكل الذي يروق لهم غير عابئين برفاقهم القدامي الذين إنتظروهم بالتنظيم والثورة أو ما يمكن أن يجره ذلك السلوك على التنظيم والقضية الوطنية من مآلات وخيمة، وكان هذا الهايد بارك البيئة المناسبة للمخترقيين من الخصوم والأعداء، لهذا إختلط الحابل بالنابل كما يقال وضاع في الخضم من كانت لهم رؤي لمصلحة التنظيم والوطن وينشدون إصلاحات حقيقية في التنظيم السياسي، وفي عرض الأستاذ إبراهيم لهذه الظاهرة لم يتمكن من إخفاء مشاعره الخاصة وتلذذه بالاسقاط على ذلك الجسم القادم من كوكب المريخ والذي تجسد في العسكريين عنده فيقول: (هكذا بدأت الانتقادات من قبل المستجدين تتزايد لكل حالة أو ظاهرة لاتروقهم أو تتناقض مع تصوراتهم المثالية الأمر الذي أثار الحساسيات والغضب في نفوس كثير من المسؤولين العسكريين خاصة أعضاء هيئة الاركان الذين عدوا انفسهم المستهدفين بإنتقادات المستجدين) ثم يصل للنتيجة الأكثر إمتاعاً له فيقول (مما أدى في النهاية إلى زعزعة الثقة بين الجيش وقيادته) وتعامى الأستاذ عن أن الظاهرة كانت تسري كالسرطان في جسد تنظيم سياسي مقاتل بحد السلاح لانتزاع حق شعب ووطن ويشكل الجيش هيكله العظمي وهو لايخص هيئة الاركان أو قادة الوحدات بل وحتى المكتب العسكري بل يخص كل التنظيم والشعب، إذا إنهار في حركة تحرير وطني إنهارت كل الحركة وتلاشت، وهذا ما حدث بالضبط لاحقاً في جبهة التحريرالارترية.

والحركة التي أطلق عليها إسم الفالول سرعان ما إنزلقت للعنف وبدأت تمارس العزل والاعتقال للقادة بل التصادم مع القيادات العليا ومحاولة تجريدها وإعتقالها وبلغ الأمر ذروته بشن حملة تصفيات جسدية طالت في قطاع بركة وبالتحديد في الكتيبة 149 الشهيد سليمان أدحا وهو من القادة الابطال المشهود لهم بالبسالة ثم طالت في منطقة دنكاليا عضوي المجلس الثوري الشهيدين عبد القادر رمضان وعلي محمد إبراهيم مما دفع قيادة الجبهة لإتخاذ قرار تصفية الظاهرة بعد أن عجزت الحلول السياسية عن حل المسألة وبالطبع في هكذا إشكالات وهكذا أجواء قد يروح بعض الأبرياء ضحية للاجراءات الأمنية والعسكرية وهي وسيلة إضطرار وليست إختيار هكذا طويت صفحة هذه الظاهرة المؤلمة التي جعلت التنظيم والمئات من مناضليه يدفعونس الثمن المر.

لم يتطرق الكتاب لتجربة تحرير المدن (77 ــ 78) وما كان فيها من إيجابيات وسلبيات في كل المناحي بدءأً من التحرير نفسه وإنتهاءاً بتعاطي الجبهة مع الواقع الاقتصادي والاجتماعي والأمني والتحديات التي فرضها على التنظيم والشعب بتحرير المدن وكيف كانت إدارات تلك المدن وكيف تم إختيارها وكيف تعاطت مع ذلك الواقع الجديد.

نواصل... في الحلقة القادمة

Top
X

Right Click

No Right Click