قعزو كاب ناقفة ناب ناقفة - الرحلة من نقفة والى نقفة - الجزء العشرون
ترجمة انتقائية الأستاذ: إبراهيم محمدنور حاج - ملبورن، استراليا تأليف الدكتور: تخستي فقادو
مدينة قندع وجدنا فيها الحلو والمر...
ثمة ميزة تتمتع بها مدينة قندع وهو انها تحصل على موسمين للأمطار... في عام واحد.
وهذا يجعل من مناخها مرغوبا جدا للإقامة بها ومناسبا في مجالي الزراعة وتربية المواشي... وقابلة لإنتاج الفواكه والخضروات.
فالتغيير الذي لمسناه عند انتقالنا من علاقمت الى مدينة قندع لم يكن تغيير مكان ومناخ فحسب... بل انتقالنا الى قندع قد اسهم في حل مشاكل كثيرة لنا.. وفوق كل ذلك وجدنا في مدينة قندع غذاء لذيذ وله نكهة تفتح النفس.
ومن جانب آخر منحتنا مدينة قندع مكان آمنا ومناسبا للجرحى... فبدل ما كنا نجري العمليات الجراحية في الخيم تارة وتحت ظل الاشجار تارة اخرى في مدينة قندع استطاع الجرحى النوم في مباني قوية بها غرف تحت الارض... ففي كل مبنى كانت هناك اربع غرف... كان قد بناها الامريكان لإستخدامها كمستودعات... كما وجدنا في قندع.. ماي اتكموم... بعض الاجهزة الطبية التي تساعد على تحسين الخدمات الطبية.
كما يذكر كان في مدينة قندع مستشفي خيري تابع للامريكان ولكن توقف عن تقديم الخدمات بسبب سؤ الاوضاع السياسية في عهد نظام الدرق... وبالرغم من ذلك لقد عثرنا على بعض الكتب والمعدات الطبية.. وهذا بدوره عمل على تحسين مستوى الخدمات الطبية والصحية التي تقدم للمقاتلين وايضا المواطنين.
فعندما كنا في علاقمت كان عدم توفر الدم الذي نحتاج له اثناء اجراء العمليات... ولكن تلك الازمة حلت بشكل كبير بفضل ااتبرعات السخية للدم التي كان بقدمها ابناء مدينة قندع.
وفي الجانب الغذائي لقد حصلنا على كميات كبيرة من الشعير والطاف تم العثور عليها في مخازن تابع للجيش الاثيوبي الذي فر... وطبعا كانت الخضروات الطازجة والفواكه مثل الجوافة والبرتقال والليمون والبابايو والحليب متوفر بكميات كثيرة... وكان يتم توزيعها الى كافة جبهات القتال... ومن هنا كان المقاتلون الجرحى يقولون عنها "قندع شكور"... اي قندع السكرة.
ولكن قندع ايضا كان لها جانب مر!! فالجانب السلبي كان يتعلق بالجانب الطبي.. وكان ذلك ناتج عن زحمة العمل...لان اعداد كبيرة من الجرحى من كل من مصوع وسي ديشي كان يتم تحويلهم للعلاج في قندع... وحتى الجرحى الذين كان يتم تحويلهم من جبهة الجنوب الى العيادة في فلفل كان يمرون عن طريق قندع... وهذا كان يضاعف من ساعات العمل التي كنا نقضيها في المستشفى... اذن انطلاقا من هذا كان البعض يقول عليها.. قندع مرة!
وعودة الى الوضع العسكري في الساحة... فبداية من فرض الجبهة الشعبية الحصار على نقفة وحتى تحرير كل من مدينتي كرن ودقمحري... شهدت الساحة الارترية تدخل الاتحاد السوفيتي ولكن كان بشكل بسيط... ولكن في الحصار على مصوع وايضا اسمرا تدخل الروس بكل ثقلهم... ومن جانب آخر كان العدو يقوم بجلب وتكديس الاسلحة...كما قام العدو بزيادة عدد قواته.
ولكن السؤآل هنا ماذا كانت نقطة التحول التي دفعت بقيادة الجبهة الشعبية بعد مضي ستة شهور بالتفكير جديا في الانسحاب الاستراتيجي والعودة مجددا الى من حيث اتت اي العودة الى الساحل فماالذي استجد؟.. او كما يقول عنوان الكتاب "كاب ناقفة ناب ناقفة".
وهنا لابد من تسليط الضوء على ماكان يجري داخل اثيوبيا... فبعد تحرير مدينة كرن من جانب والانتصارات التي التي حققها نظام سياد بري في جبهة اوغادين والتوغل نحو دريداوا... استطاع نظام الدرق استغلال تلك الظروف وقام بالتعبئة ودغدغة المشاعر..وقام بتجنيد الالاف من العمال والفلاحين والمزارعين والخبراء والمستشارين العسكريين الروس الذين كانو في الصومال انتقلو الى إثيوبيا ومعهم اسلحة لاحصر لها... وبدأ المعسكر الاشتراكي بقيادة الاتحاد السوفيتي يستعد لسحق الجيش الصومالي... ونتيجة لذلك وبعد معارك طاحنة استطاع الجيش الاثيوبي انتزاع اراضيه من سيطرة الصومال.
ومن هنا بدأ الإعلام الاثيوبي يردد شعار... ماتحقق في الجبهة الشرقية (اوغادين) سوف يكرر في الجبهة الشمالية (يعني ارتريا)... وكل التكهنات كانت تشير بأن العدو الاثيوبي سوف يقوم بهجوم واسع النطاق على الثورة الارترية.. وذلك في منتصف شهر يونيو عام 1978.
وقد بدأ العدو حملته لاستعادة المناطق التي تسيطر عليها الثورة الارترية... ومع بداية الحملة تمكن العدو من اختراق دفاعات الجبهة الشعبية في قرهوسرناي جنوبا وفي مصوع شرقا....وفي غرب البلاد تمكن العدو الى اجتياح ام حجر ثم تسني التي كانت تسيطر عليهما جبهة التحرير الارترية.
ومن اتجاه عدوا تحركت قوات اخرى للعدو لتنتزع كل من مدينة عدي خوالا ومندفرا من سيطرة جبهة التحرير الارترية.
لم يكن بمقدور الثورة الارترية ايقاف تلك الحملات لانها كانت ميزان القوة لم يكن متكافئا من حيث العتاد وتعداد الجيش...فضلا عن الاتحاد السوفيتي قد عمل على ترجيح كفة الجيش الاثيوبي من خلال تدخله بكل ثقله.
من جانب آخر كان العدو ينوي سحق الجيش الشعبي في مصوع وضواحيها... ولكن الجبهة الشعبية افشلت مخطط العدو بسحب قواتها من مصوع... ثم قامت بنصبت كمائن لهم في دوقلي.
ولكن لم يكن الإنسحاب دون خسائر... فأثناء الانسحاب من مصوع واجهنا نوعان من الإصابات... النوع الأول من الإصابات كان بطبيعة الحال ناتج عن السلاح الذي كان يطلقه العدو... اما النوع الثاني فقد كان مصدره طبيعة المنطقة... وهي ضربات الشمس... فالمعروف عن مصوع ان الشمس حارقة جدا في الفترة ما بين شهر يونيو واغسطس... حيث تصل درجات الحرارة الى 50 درجة مائوية.
في تلك الاثناء تم نقل كافة العيادات التي كانت تعمل في اقليم الجنوب تم نقلها الى كل من فلفل وقندع.
فالجيش الاثيوبي الذي دخل ارتريا من جهة نهر مرب... وصل عدي خوالا ثم مندفرا ومنها الى دباروا حتى وصل اسمرا.
والجيش الذي قدم عن طريق قرهوسرناي.. مر بمنطقة هزومو.. ثم دقمحري.. وجيش آخر جاء عن طريق زالمبسا ثم صنعفي... ثم عد قيح ثم سقنيتي ومن هناك وصل اسمرا.
وهكذا سيطر الجيش الاثيوبي على اغلب المدن التي كانت تحت سيطرة الثورة... وهكذا اضطرت الجبهة الشعبية الى الانسحاب الاستراتيجي.
نواصل... في الجزء القادم