قعزو كاب ناقفة ناب ناقفة - الرحلة من نقفة والى نقفة - الجزء الحادي والعشرون والأخير

ترجمة انتقائية الأستاذ: إبراهيم محمدنور حاج - ملبورن، استراليا  تأليف الدكتور: تخستي فقادو

الانسحاب الاستراتيجي:

كانت الساعة تشير الى العاشرة والنصف مساء وكنا قد فرغنا للتو من اجراء عملية جراحية خطيرة في المعدة

قعزو كاب ناقفة ناب ناقفة   الرحلة من نقفة والى نقفة

لاحد المقاتلين عندما اقترب مني احد المسؤلين ويدعى هبتي تخلي... وبعد تبادل التحايا بادرني بسؤآل لم يكن في الحسبان.

ماحجم ممتلكاتكم في العيادة ؟

قلت له: عن اي ممتلكات تتحدث ؟

قال: اقصد كل ماتملكونه... كالادوية... والمعدات الطبية واجهزة الجراحة... وغيرها.

ثم صارحني قائلا... سوف ننسحب من طريق اسمرا - مصوع، وهذا يعني اننا سنضطر الى إخلاء كل المدن الواقعة بين اسمرا ومصوع.

صراحة لم افاجاء بهذه القرار... لانني كنت متابع لتطورات الساحة... والحملة العسكرية الضخمة التي كان يشنها الجيش الاثيوبي بمساعدة الاتحاد السوفيتي.

فقد كان علينا ان نحزم امتعتنا ونخرج من قندع خلال ساعاتين... وطبعا عملية إخلاء الجرحى تائتي في مقدمة الاولويات... كانت وجهتنا مستشفى فلفل.

ولإنجاز تلك المهمة تم وضع ثمان عربات تحت تصرفنا.. فخصصنا البعض منها لنقل الجرحى والبعض الآخر لنقل المعدات الطبية... وكان من بين الجرحى ممن اجريت لهم العمليات في ذات اليوم... اما الجرحى ذوي الاصابات الخفيفة فقد كان عليهم المشي على الاقدام.

مفلفلو زملائي في الجهاز الطبي قررنا ان نتجه الى مستشفى فلفل مشيا على الاقدام... الوجهة الاولى لنا كانت قحتيلاي.. ومن قحتيلاي تركنا الطريق المسفلت وعرجنا اتجاه منطقة فقرت... ومع بداية خطوط الصباح كنا قد قاربنا من سلمونا... وبعد قليل بدأت الطائرات الحربية بشن غارات على الوديان التي كنا تركناها خلفنا... ولكن لم ينجم عن ذلك سوى إصابات طفيفة... في الساعة الثانية بعد الظهر قررنا التوقف للاستراحة... بعد ان نال منا الإرهاق والجوع... وبعدها واصلنا طريقنا الى فلفل.

تقع منطقة فلفل في هضبة على ارتفاع 500 مترا فوق سطح البحر... وتتمتع بموسمين من الامطار في العام الواحد، بل نسبة الامطار في فلفل هي الاعلى على مستوى الوطن... فالمساحة الواقعة بين وكي زاقر وفقرت ارضية خصبة ومخضرة دائما... ونتيجة لذلك يكثر في فلفل وسلمونا منتجات الفواكه والخضروات والبن... منطقة فلفل هي عبارة عن وادي به انهر ومحاط بالاشجار الطويلة... ومن هنا تاتي اهمية اختيارها لتكون مقرا للعديد من اجهزة ومكاتب الجبهة الشعبية كما كانت من قبل لقوات التحرير الشعبية.

وبعد وصولنا الى فلفل بساعات قليلة صدرت الينا التوجيهات بإن نواصل طريقنا الى الساحل... في هذا الاثناء كان جيش العدو قد اكتسح دفاعاتنا في الجبهة الشمالية (الكبسا) وكان يتقدم على طريق اسمرا - كرن.. حتى وصل عدي تكليزان... بينما كان جيشنا يقوم بعملية الانسحاب بإتجاه كرن.

ولم يمض وقت طويل حتى بلغتنا اخبار مزعجة وهي ان وحدات من الجيش الاثيوبي قد انطلقت من قحتيلاي في طريقها الى سلمونا القريبة جدا من مستشفى فلفل... في تلك الايام مستشفى فلفل كان به اعداد كبيرة من الجرحى اضافة الى اعددا كبيرة من المواطنيين كانو تحت حماية الجبهة الشعبية وكانو قد فرو خوفا من جيش العدو.

من جانب آخر انسحبت الجبهة الشعبية من كرن لان العدو كان يخطط لتطويقها ثم القضاء على الجيش الشعبي هناك.

واخيرا قررت الجبهة الشعبية إخلاء مستشفى فلفل والتوجه فورا الى الساحل... فلم يكن لنا خيار سوي السير على الاقدام والاستعانة بالجمال لنقل الامتعة... وقد تم نقل الجرحى بواسطة العربات.. وبعد خروجنا من فلفل قام العدو بقصفها بالطائرات.

كان الاستياء والحزن يخيم على وجوه المقاتلين وهم يخلون الاراضي المحررة التي دفعنا فيها تضحيات جسام لتحريرها.

فالانسحاب الاستراتيجي كان قد فتح المجال للعديد من التكهنات حول مصير الثورة... اغلب تلك التكهنات كانت تشير الى مصير غامض ومستقبل مجهول،
اما المقاتلين فقد كانو اكثر عزما واصرار على مواصلة الكفاح وان النصر حتما حليفهم في نهاية المطاف... طال الزمن ام قصر.

وهكذا نائتي الى نشر آخر اجزاء الخاصة بالترجمة الإنتقائية لبعض اجزاء الكتاب "من نقفة الى نقفة" للكاتب الدكتور تخستي فقادو.

وشكرا على المتابعة.

Top
X

Right Click

No Right Click