جبهة التحرير الإرترية نحروها أم انتحرت - الجزء الاول - الحلقة الثالثة والأربعون
بقلم المناضل الإعلامي الأستاذ: أحمد أبو سعدة
الجبل المنهار وإرثه:
بعد حركة 1982/3/25 بدأت التنظيمات الأخرى تستقطب من تركة جبهة التحرير من مقاتيلين وكوادر وقياديين،
أي كل الأطراف المقطعة من الجبهة وبالوقت ذاته بدأ بظهور تنظيمات أخرى مثل:-
1. جبهة التحرير الإرترية نفس الاسم.
2. جبهة التحرير الإرترية المجلس الثوري.
3. جبهة التحرير الإرترية المجلس الوطني.
4. المؤتمر الشعبي الإرتري.
5. حركة الخلاص الإسلامي الإرتري.
6. الجبهة الديمقراطية الشعبية لتحرير إرتريا.
7. الجبهة الديمقراطية الثورية الإرترية.
8. الحركة الديمقراطية لتحرير كوناما إرتريا.
9. حركة المقاومة الديمقراطية الإرترية (القاش).
10. جماعة المبادرة الإرترية.
11. حركة الجهاد الإسلامي الإرتري).
كل هؤلاء خرجوا من إرث الجبل المنهار، كذلك تم الاتفاق بين ما تبقى من جبهة التحرير برئاسة الدكتور (هبتي تسفاماريام) وقوات التحرير الشعبية (عثمان سبي).
وتتوالى الأحداث وتبدأ الحرب الميدانية والتصفيات في كل الأطراف التي بقيت على الساحة هذه في كفة وتصفيات الجبهة الشعبية في كفة أخرى فكثيرا ما كانت تغذي الجبهة الشعبية الكفة الأولى حتى تزيد الانشقاق والفرقة وتبقى هي في الساحة تسرح وتمرح وتتفق مع من تريد، هذا ما تم فعلا.
وتأكيدا لما ذكرته حول التصفيات فقد تم قتل الشهيد (محمد عثمان - الملقب (بتمساح) في (القاش) على يد عناصر من جبهة (أحمد ناصر) وهو رد على قتل مسؤول الأمن من جبهة (أحمد ناصر ملاكي تخلي) وهذا مسيحي المذهب و(حامد عثمان) (تمساح) مسلم، الرد كان على وتيرة واحدة بين أخوة وأشقاء وزملاء سلاح.
(ملاكي تخلي) كان مناضلا وطنيا شجاعا،كانت الجبهة الشعبية تخشاه وكذلك تمساح... صفي الاثنان وإذا سألنا لماذا تمت تصفية هذين البطلين ولمصلحة من...؟؟؟
في 1982/6/20 قدمت جبهة التحرير الإرترية (أحمد ناصر) مذكرة إلى اللواء (عمر محمد الطيب) النائب الأول لرئيس الجمهورية السودانية ورئيس جهاز أمن الدولة، هذه المذكرة تتضمن سردا لواقع جبهة التحرير من ماضي وحاضر وتصور للمستقبل وهذه بعض الفقرات من هذه المذكرة:-
1. تحت رعاية الحكومة السودانية تم توقيع اتفاق وحدوي مع قوات التحرير الشعبية (عثمان سبي) هذا الاتفاق لم يرى النور وبقي حبرا على ورق وذلك بسبب الانقسام الذي حدث لقوات التحرير الشعبية والذي نتج عنه قيام الجبهة الشعبية (أفورقي ورمضان) الغطاء كان رمضان والأصل هو أسياس.
2. تم توقيع اتفاقية مع الجبهة الشعبية (أسياس) وهذه الاتفاقية تعثرت والسبب هو الجبهة الشعبية وذلك عن طريق افتعال الصدامات العسكرية وفي النهاية تحالفت الشعبية مع شعبية تجراي الاثيوبية (ملس الزيناوي) وضربتا جبهة التحرير.
وبعد عام دخلت الجبهة إلى الأراضي السودانية وفي 1982/3/25 قام عبدالله إدريس بإنقلابه الذي دعاه بحركة 25 آذار/مارس واعتقل رئيس اللجنة التنفيذية ورفاقه وقتل مسؤول أمن الجبهة (ملاكي تخلي).
3. إن عبد الله إدريس كان قائدا للجيش لمدة ثلاثة عشر عاما وواحد من أهم صناع القرارات السياسية والعسكرية، إن العنف لا يولد إلا العنف المضاد والخسارة سوف تكون أكبر ويظل العدو هو المستفيد الأكبر.
4. إننا نتقدم بمقترحاتنا التالية التي نرى أنها تعتبر خطوات عملية في سبيل الوصول إلى وحدة التنظيم (جبهة تحرير إرتريا).
أ) إطلاق سراح جميع المعتقلين وعلى رأسهم الأخ أحمد ناصر.
ب) الدعوة لاجتماع طارئ لكل أعضاء المجلس الثوري تحت رعايتكم (أي تحت رعاية رئيس جهاز الأمن السوداني عمر الطيب بطل تهريب الفلاشا).
ت) انتخاب قيادة انتقالية وأن يتم عقد المؤتمر الوطني خلال شهرين.
اختتمت المذكرة بالآتي:
سعادة النائب الأول لرئيس الجمهورية ورئيس جهاز أمن الدولة:
إننا على ثقة مطلقة بأنكم لن تألوا جهدا في سبيل تقديم الدعم والمساندة لحل ما يواجهنا من عقبات ومشاكل فقد كنتم دائما تبذلون الجهد تلوى الجهد في سبيل مساعدتنا والحفاظ على وحدتنا.
وتقبلوا خالص شكرنا وتقديرنا... جبهة التحرير الإرترية.
هذا ما صار فعلا وقد اخترت لكم القليل القليل وما أذكره هنا هو ما جرى خلال سنوات قليلة وهذا ما استطغت أن أدونه في مذكراتي من خلال معايشتي للاحداث وكذلك من الوثائق التي استطعت الحصول عليها وهذه وثيقة أخرى أنشرها وبشكل مختصر والوثيقة تقول الآتي:
في رسالة مؤرخة بتاريخ 1981/12/5 ورقم 1197 م. ق/81:
يقول فيها مسؤول مكتب الجبهة في القاهرة (إدريس قلايدوس) الاتي:
قابلت أحد المسؤولين المصريين وقد دار النقاش عن الأحداث الأخيرة وكانت نتيجة النقاش أو بالأحرى الملاحظات التي قدمها هذا المسؤول هي:
ان ما حدث رغم مرارته ورغم بعض التحفظات هو أمر متوقع في مسيرة الثورة... ينبغي التركيز على المستقبل وترك لوم السودان أو توجبهه العتاب إليه لآن السؤال المهم هو كيف دخلت هذه القوات الكبيرة العدد والمسلحة تسليحا جيدا وثقيلا إلى الأراضي السودانية.
لكن مالعمل الآن يقول المسؤول المصري إننا نؤكد أن موقفنا ثابت ولا يتغير بالنسبة لقناعاتنا في الساحة الإرترية نحن مع جبهة تحرير إرتريا وسنتعامل كدأبنا دائما أي نتعامل بالدرجة الأولى ونحب أن نؤكد التقدير الكبير للقرار المسؤول بتسليم الأسلحة للسلطات السودانية ورفض الدخول في قتال مع الجيش السوداني لأن مثل هذه القرارات الصعبة هي المحك للتصرف المسؤول كما نلاحظ اهتمامكم بالسعودية ليس كما ينبغي لذا لابد من بذل جهد أكبر مع هذا البلد المهم وفي عام 1977 وتحديدا في 1977/1/5 عممت قيادة جبهة التحرير كتابيا إلى مكاتبها في الخارج يقول التعميم إن عناصر إرترية من الجبهة الشعبية دربت على وسائل استخبارات في التدمير والقتل في اسرائيل هذه العناصر ستأتي من أوبا إلى السودان ثم إلى الأراضي الإرترية المحررة والبلاد العربية باعتبارهم إنهم إرتريون لذلك نحذر مكاتبنا من أن تستقبل عنلصر غير معروفة ومن إرتريا أيضا ستتوجه عناصر قادمة من (أديس أبابا) وستأتي عبر الأراضي الإرترية تحت تغطية أنها لاجئة ومنها تسافر إلى أوروبا ثم إسرائيل إن هذه العناصر سوف تقوم بالتخريب السياسي والعسكري نأمل أن تسرعوا بإبلاغ كل مكاتبنا في ذلك.
التآمر على جبهة التحرير قديم جديد وما أذكره وما أكتبه إلا جزءا من هذه المؤامرة الكبيرة التي خطها الأمريكان والإسرائيليون ونفذتها الجبهة الشعبية عبر المدسوسوين على الجبهة وفي تاريخ 1976/12/12 وعبر مذكرة تحمل الرقم 456 م. ق/76 كتب (إدريس قلايدوس) مسؤول مكتب الجبهة في القاهرة إشعارا إلى قيادة جبهة التحرير جاء فيه.
أبلغت من قبل المسؤولين في وزارة الخارجية المصرية إنهم سوف يتخذون إجراءات مضادة ضد الجبهة الشعبية لممارستها تزييف العملات وهددوا الأسماء التالية: محمد علي الأمين مسؤول مكتب الكويت للجبهة الشعبية- محمد علي افعرورا مسؤول مكتب لبنان للجبهة الشعبية - رمضان محمدنور رئيس تنظيم الجبهة الشعبية - حسن كيكيا تاجر إرتري - ولد ميكائيل - نافع كردي ممثل الجبهة الشعبية في فرنسا - حديش ضرار مالو ممثل الشعبية في لبنان - وهنا أذكر الحادثة التالية:
عندما كنت في زيارة لإرتريا عزمني على الغداء حديش درار مالو في منزله الفخم وتغديت عنده وكان حاضرا على الغداء عددا من كبار قيادة الجبهة الشعبية وقدمت لنا زوجته (لملم) الطعام وقدمت لي بيديها سمكة كبيرة قالت لي: لقد طبختها بيدي خصيصا لك وكنت قد استضفت لملم زوجة حديش في منزلي في دمشق لمدة اسبوع، تغديت وماهيي إلا دقائق حتى شعرت بالغثيان فنهضت وتوجهت إلى المغسلة محاولا إفراغ ما بداخل معدتي وأفرغت بعض ما بمعدتي وقد شعرت أن في الطعام شيئا مدسوسا فية طلبت من القياديين الشعبيين ومن حديش نقلي إلى المستشفى وتم ذلك بعد الحاحي كثيرا وفي المشفى تم إجراء عملية غسيل معدتي والأهم من كل هذا أن أهلي الإرتريين قد سمعوا بما حصل لي فما كان من قسم كبير إلا أن تجمعوا وكذلك البعض خرج من جامع الخلفاء الراشدين وتوجهوا إلى المشفى وسط التكبير وقائلين إنهم قتلوا صديق الثورة أحمد أبو سعدة وجاء إلى المشفى عددا من أصدقائي منهم (صالح أياي وحمد صالح حمد وزرؤ بإيدو) واتفقوا معي أن أغادر أسمرا وبحثوا عن طائرة مغادرة إلى القاهرة وتم سفري على متنها أثناء ذلك أخبر صالح أهلي بدمشق بأني مريض جدا وتم نقلي إلى القاهرة على الطائرة المصرية وبدورهم أهلي اتصلوا بالمسؤولين في الخارجية وفي المطار وجدت مندوبا عن السفارة السورية وتم نقلي إلى أحد مشافي القاهرة وأجريت لي الإسعافات والتحليلات فتبين أن في جسدي ودمي سم قاتلا وأعطوني عشرين حقنة وفي اليوم التالي نقلوني إلى دمشق على متن طائرة سورية وبقيت في المشفى في دمشق حوالي عشرة أيام خرجت بعدها وقد تبين من خلال التحليلات أن سما قاتلا دس لي في السمكة لكن إرادة الله هي التي منعت قتلي).
أعود إلى متابعة ما بدأت، إن هؤلاء الأشخاص تحت الرصد من قبل الأجهزة الأمنية المصرية والكويتية والأنتربول لمحاولتهم تزييف الدولار الأمريكي، هذا ما قاله لي المسؤول في وزارة الخارجية المصرية ويتابع (قلايدوس) في مذكرته قائلا:
وعندما واجهت بعضا من هؤلاء بما نسب إليهم قال حديش درار مالو ممثل الجبهة الشعبية في لبنان:
إنني أحب أن اؤكد يا أبو سعدة إن تزييف العملة أمر مشروع ثوريا:
سألته: هل تزييف الدولار هو تزييف للعملة الاثيوبية.
كان رده بالنفي، وعندما كنت في القاهرة قابلت (إبراهيم منتاي) وهو أحد المقربين جدا من (عثمان سبي) وأثناء دردشة طويلة معه دخلنا في موضوع تزييف العملة فقال لي حرفيا:
إن الجماعة ويقصد بالجبهة الشعبية زيفوا الدولارات بالاتفاق مع أمن الثورة في عدن وتقاسموا المبلع ويريدون لصق عملية التزييف بجبهة التحرير.
كما أنه ذكر لي نقلا عن رواية لسعيد مطهر والمذكور تاجر يمني له علاقات كثيرة ومتشعبة قال سعيد مظفر إنه رفض شراء العملة المزيفة (ليس تعففا إنما خوفا).
الى اللقاء... فى الحلقة القادمة