جبهة التحرير الإرترية نحروها أم انتحرت - الجزء الاول - الحلقة أربعون

بقلم المناضل الإعلامي الأستاذ: أحمد أبو سعدة

قلت له: إن سوريا وبقية الدول العربية التي يهمها انتصار الشعب الإرتري سوف تساعد في إعادة بناء

جبهة التحرير الإرترية الوطنية نحروها أم انتحرت

جيش التحرير من جديد.

رد علي: الله يطمنك على بيتك وأولادك متل ما طمنتني وأرجو أن يتفهم ويفهم أولادنا ما حصل.؟

جاءني صديقي (محمد عمر يحي) وقال:

هيا سنذهب إلى (كركون) وهي المنطقة المحتجز فيها الثوار.

وماهي إلا ساعة وكنت عند مدخل المعسكر الذي أقامه الجيش السوداني لثوار جبهة التحرير وعند مدخله كانت توجد مجنزرة سودانية ومثلها حول المعسكر.

تساءلت: ماهو الألم ؟ ماهي المرارة ؟ كيف وصل هذا الجيش إلى هنا من (دنكاليا) من جانب (جيبوتي) إلى الهضبة الى كافة أنحاء إرتريا ؟؟؟

كان جيش التحرير متواجدا هناك ألم أزره وأعيش معهم ؟؟؟ ألم أسجل المعارك والبطولات لهذا الجيش العظيم.؟ من أتى بهم إلى هنا ؟ الشعبيتين، إرتريا وتجراي ومعهم الاثيوبيين وكذلك بعضا من قيادييهم.

يا ليتني بقيت في أفلامي كما قال لي (عبد الله إدريس).

دخلنا إلى المعسكر، دخلنا إلى السجن، دخلنا إلى مأتم جيش التحرير الإرتري... لم يكن هناك لا معسكر ولا سجن أيضا، لقد كان (كباريه) من النوع الرخيص جدا..وبينما كنت أتجول في المعسكر المأتم كنت أسمع الغناء والرقص والنكات الإباحية؟؟؟

تجولت في المعسكر حوالي الساعتين، لم يكن هذا معسكر ولا سجنا بل كان كباريه من الدرجة الصفر..؟

حتى الخمر بكل أنواعه كان متواجدا ومن بين الذين شاهدتهم وألتقيتهم وهم غير مبالين (المناضل) (إدريس نور حسين) رأيته ممسكا بيده علبة (بيرة) التي قدمها لي وقال: تفضل يابو سعدة.

كان ردي عليه سريعا وقويا: أنت لا تخجل !! أنت بلا قيم !!!

فما كان من صديقي (محمد عمريحي) إلا أن جذبني من زراعي ومشينا وفي الطريق إلتقيت (بالمناضل) رئيس المكتب السياسي لجبهة التحرير (إبراهيم توتيل)، بادرته وقلت له: ماهذا يا إبراهيم ؟ ماهذه المهزلة يا ابراهيم توتيل وأمسكته من ياقة الجاكيت الذي يرتديه وقلت له: هذه هي نتيجة تصرفك وأعمالك.

يقول لي: أنزل يدك عن ياقتي..أفضل لك (قالها بتهديد).

لا تخف يا رئيس المكتب السياسي ـسوف أنزلها أيها الثوري التقدمي، أتذكر مسيراتك الحمراء يا إبراهيم التي كنت تقودها يا إبراهيم، ألم تقل لي عندما حذرتك وقلت لك إن الشعبيتين والإثيوبيين يتجهون لضرب جبهة التحرير... أتذكر يوم قلت لي بعد أن سجنتني في منطقة (عايلت) مقر قيادتك وبحضور المناضل (إدريس قريش) إن لنا عليك بعض الملاحظات ونريد نفسيرا له:

من الذي أتى بجيش جبهة التحرير إلى هنا، من الذي أفسد هؤلاء الناس، أليست هي الرؤية الثورية لك ولرفاقك، أليس هو حزب العمل العظيم؟؟!! (لي عودة إلى حزب العمل) أنت وأمثالك أبطال هذه المهزلة أنت وأمثالك أيها الثوري... كيف اعتقلتني أنت وزميلك مسؤول الأمن في الجبهة (ملاكي تخلي) وقلت عني إنني مشبوه...؟ من المشبوه؟؟ من عليه الاستفسارات والملاحظات؟؟؟!! عني أم عنك.

لم يتكلم ولا كلمة واحدة ولم ينبث ببنت شفة؟

تركته والحزن يملأ كياني وقلت ل(محمد عمريحي) الذي حاول أن يخفف عني بكلماته الطيبة:

قلت: يا محمد لا أستطيع أن أبقى هنا ولا ثانية واحدة.

وعدنا إلى كسلا وتتالت الأحداث بسرعة فائقة وكان تخوفي في مكانه فلربما يلجأ أحدا إلى التصفية الجسدية أو الاعتقال.
في هذا الجو المشحون ألتقى (عبدالله إدريس) وإخوانه (بأحمد ناصر) ورفاقه قال أحمد لعبد الله:

علينا أن ندمج المسلحين مع إخوانهم غير المسلحين فيصبحون كلهم يحملون السلاح وهذا يعطي الأمان والتهدئة.

إلا أن عبد الله أتهم (أحمد ناصر) بأنه المسؤول عن هزيمة جيش التحرير ورد (أحمد ناصر) على عبدالله:

أنا يا عبد الله لم آتي بجيش التحرير إلى السودان، من هو الذي سلم أنا أم أنت، أنا لم أكن أقود الجيش، تركت جيش التحرير في كل أنحاء إرتريا عندما ذهبت إلى الخارج لأعرض قضيتنا ألم تكن أنت مسؤول المكتب العسكري ورئيسه... إننا بصدد إعادة بناء الجيش إننا في اختبار تاريخي نخرج من هذه الهزيمة أم لا نخرج وهذا هو المطلوب.

اتفق (أحمد ناصر) و(عبدالله إدريس) على ذلك لكن ظهر اتجاهان الأول ضد (إبراهيم توتيل وملاكي تخلي) رئيس مكتب الأمن عندما كان هناك جبهة أما الاتجاه الثاني فكان ضد (عبدالله إدريس) والمكتب العسكري، لكن لم ينفذ شيئا من هذا الاتفاق وكان (عبدالله ادريس) يقول يجب أن يتم التغيير وأوله إقصاء (أحمد ناصر) والبعض عن القيادة وتسليم رئاسة القيادة إلى (حسين خليفة) وكان عددا من المناضلين ومنهم (محمود حسب وحامد محمود) وغيرهما من الذين كانوا يريدون التغييرلمصلحة الجبهة المنهارة.

وتفاقمت الأزمة بين القياديين... وسؤالي هنا: على ماذا يختلفون، لم يعد هناك جبهة ولم يعد سوى بعض الثوار مبعثرين هنا وهناك... وتفاقمت الأمور واشتد الصراع.

وفي هذا الجو المحموم تم التغيير السياسي في السودان فجاء مندوب عن وزارة الدفاع السودانية وهو اللواء (إبراهيم الجعيلي) ورافقه أحد أعضاء المجلس العسكري الانتقالي الذي أطاح ب(بجعفر النميري) وطلبوا من الضباط السودانيين أن يحضروا (أحمد ناصر) إليهم.

وجاء (أحمد ناصر) ومعه (حسين خليفة والدكتور هبتي تسفاماريام) واجتمعوا باللواء (الجعيلي) الذي قال لهم لقد ارتكبنا عملا خاطئا وهو تجريدكم من الأسلحة ومحاصرتكم.

إن الحكومة السودانية قررت إعادة السلاح لكم كاملا وفك الحصار عنكم.

إذن السودانيون سيعيدون السلاح إلى من تبقى من ثوار الجبهة وفك الحصار عن من تبقى منهم في الأراضي السودانية وقلت في ذاتي هذا أول الخير.

وطرت من دمشق إلى الخرطوم إلى كسلا إلى منطقة (راساي) وفور وصولي إلتقيت بأصدقائي الثوار وقد سمعت منهم كلاما قاسيا أذكر بعضا منه:

(إن بعض أعضاء القيادة متآمرون) و(معظم أعضاء المجلس الثوري وكلهم باعوا جبهة التحرير وهم خونة يا أبو سعدة..؟؟

أدركت هنا أن هناك عاصفة سوداء قوية ستهب على بعض أعضاء القيادة والمجلس الثوري فكان لا بد لي في هذا الجو إلا أن أعود إلى دمشق وهذا ما حصل.

الى اللقاء... فى الحلقة القادمة

Top
X

Right Click

No Right Click