جبهة التحرير الإرترية نحروها أم انتحرت - الجزء الاول - الحلقة الخامسة والثلاثون
بقلم المناضل الإعلامي الأستاذ: أحمد أبو سعدة
دعونا نعد إلى الوراء لنجد أن الاقتتال الأهلي والذي بدأ عام 1971 وظل دائرا حتى عام 1974
وإن الذي أشعله وغذاه هم (الرفاق التقدميين) وظل دائرا، حيث توقف القتال بين الجبهة وقوات التحرير في هذا العام انطلقت من أسمرا عاصمة إرتريا الفرقة الثانية للجيش الاثيوبي التي انطلقت منها رياح التغيير في اثيوبيا وكان ذلك في شهر شباط/ فبراير عام 1974 فانطلاق حركة الجيش الاثيوبي من أسمرا كان لها مدلولها ومغزاها فمنذ عام 1961 الى عام 1974 والحرب التي خاضتها جبهة التحرير ضد الجيش الاثيوبي أضعفت اقتصاد اثيوبيا ودمرت الطرق وضربت المرافق الحيوية وأعطت ضحايا ومشوهين، إذن الحرب فرضت أوضاعا غير طبيعية ومن هذه النقاط وغيرها بدأ التمرد العسكري ضد الأمبراطور (هيلاسيلاسي) من مدينة أسمرا فجبهة النحرير بدأت بالمواجهة ضد الجيش الاثيوبي في مرتفعات إرتريا وعن طريق حرب العصابات مع الجيش الإثيوبي وليس مع المواطنين الإرترين سكان المرتفعات، إن نظام هيلاسيلاسي قد سلح سكان المرتفعات ونظمهم بشكل ميلشيات مسلحة ضد جبهة التحرير وكان يرمي من وراء ذلك ضرب الإرتريين ببعضهم البعض.
لقد وجدت من خلال معايشتي للأخوة الثوار جين رافقتهم إلى المرتفعات (إن همهم الأول كان منصبا على الحوار مع سكان المرتفعلت وليس قتالهم ثم محاولة ضم هؤلاء السكان إلى جيش جبهة التحرير وإذا سئلت لماذا سكان المرتفعات يتعانون مع الاثيوبين ضد جبهة التحرير:
أقول: ليس له أي تبرير سو تبرير واحد وهو التأثير الديني والثقافي على سكان المرتفعات الذي مارسته إثيوبيا ألم يكن (تدلا بايرو) رئيسا للوزراء وكان من أشد المتحمسين للوحدة الفورية مع إثيوبيا... ألم يكن الحنرال (تسفاي ماريام) قائدا البوليس الذي يقتل ويقتل الوطنيين وعلى فكرة إن (حروي) والده (تدلى بايرو) وأن (يوهنس ذرء ما ريام) والده (الجنرال تسفاماريام) والإثنان (حروي ويوهنس) من قادة جبهة تحرير إرتريا.
إن جبهة التحرير هي الوحيدة التي كانت تتواجد في المرتفعات وهي التي قاتلت لوحدها دون أي تنظيم آخر ...
ومرت الشهور والأزمات تتفاقم ....
دور اليمن الجنوبي الماركسي:
أيها الرفيق العزيز (منغيستو هيلا ماريام)، يا جماهير الطبقة العاملة وسائر الكادحين الرفاق الإثيوبيين، لقد جئنا إليكم من اليمن الديمقراطي إلى أرض إثيوبيا الثورة... اثيوبيا الإشتراكية الصديقة، جئنا إليكم نحمل التحيات الحارة والتهاني الرفاقية من اللجنة المركزية للحزب الإشتراكي اليمني ومن الطبقة العاملة اليمنية إلى المجلس العسكري الإداري المؤقت والطبقة العاملة الإثيوبية... من شعبنا اليمني إلى شعب اثيوبيا الباسل جئنا إليكم نحمل كل هذه التحيات متمنين لكم المزيد من الانتصارات في نضالكم ضد المخططات الإمبريالية ومن أجل إنجاح الحملة الثورية الكبرى التي يدفع بها الشعب الاثيوبي الصديق في سبيل تنامي الاقتصاد الوطني الديمقراطي المستقل والمتطور.
كان هذا مقتطفات من خطاب رئيس اليمن الجنوبي والأمين العام للحزب الاشتراكي اليمني (عبدالفتاح اسماعيل) الذي ألقاه في (أديس أبابا) بمناسبة عيد العمال العالمي عام 1979وعلى مرأى من كبار قادة العالم الاشتراكي من (فيدل كاسترو) إلى رئيس ألمانيا الديمقراطية (إيريك هونيكر) وبعض الرؤوساء الاشتراكيين وكذلك السفراء الأجانب (والعرب).
أوتي بضباط صوماليين وهم مكتفي الأيدي وأرجلهم مربوطة بسلاسل حديدية هؤلاء الضباط العرب الصوماليين مرروهم من أمام منصة العرض والذي كما ذكرت سابقا كان يجلس فيها القادة والرؤوساء والسفراء.
كانت تمشي وراء الضباط العرب الصوماليين عددا من النساء الإثيوبيات ذات الأرداف الكبيرة وهن يحملن الأحزمة العسكرية العريضة ويقمن بضرب الضباط الصوماليين العرب الأسرى وسط تصفيق الرؤوساء والسفراء الجالسين بالمنصة ويا للأسف؟؟!!
كان أعضاء قيادة جبهة التحريروالجبهة الشعبية يلتقون دائما بالقادة اليمنيين الاشتراكيين حينها.
وكان الرفيق الرئيس (عبدالفتاح اسماعيل) قد ألتقى بعضا من قادة جبهة التحرير الذي قال لهم إن وفدا من الجبهة الشعبية يريد أن يلتقي بكم وسوف يكون مع الشعبية بعض المناضلين الفلسطينيين وأنا أفضل أن تلتقوا بهم وخاصة إن الرفاق الفلسطينيين يتبنون الجبهة الشعبية.
ناقشوهم فهم تقدميون والأفضل أن تكونوا سوية...؟ مالذي فعله قادة جبهة التحرير عندما قال لهم الرفيق الكبير (عبدالفتاح اسماعيل) ما ذكرته وفعلا التقى وفد جبهة التحرير بالجبهة الشعبية وكان ذلك بحضور فلسطيني يمني ومثل الجانب اليمني (سالم صالح) وأثناء اجتماع وفد جبهة التحرير مع الشعبية حضر أحد الاجتماعات الرفيق (عبدالفتاح اسماعيل) ورغم الاجتماعات التي لم يصدر عنها شيئا ذو دلالة نضالية واضحة وكون المجتمعين من الطرفين يتبنون الفكر الماركسي لكن القلوب لم تكن صافية.
وعاد القتال مرة ثانية:
في عام 1980 كنت موجودا في عدن وبالمصادفة كان وفدا من الجبهة الشعبية لتنحرير إرتريا موجودا فيها ويلتقي بالمسؤوليين اليمنيين ومما عرفته وسمعته حينها هو أن جبهة التحرير الإرترية قد اتفقت مع الإثيوبيين سرا في موسكو...؟؟ هذا أولا وثانيا هو أن (عثمان سبي وأسياس) كانا في حلف غير معلن ضد جبهة التحرير.
بعد سماعي لهذين الخبرين عدت إلى إرتريا من عدن فوجدت أن الآزمات بدأت تتكاثر والامدادات العسكرية والتموينية كانت شبه معدومة لجبهة التحرير والظروف العسكرية رديئة، خرجت من الميدان متوجها إلى مدينة (كسلا) ومنها الى مدينة (بور سودان) وفيها ألتقيت بالمقدم السوداني مسؤول الأمن (حردلو) الذي بادر سائلا:
أنت يا أخ أحمد عربي والسودان عربي أيضا وأنت تعلم ببواطن الأمور في جبهة التحرير هل صحيح إن جبهة التحرير تريد ضرب الجيش السوداني...؟؟؟
قلت للأخ حردلو: والله ثم والله إن هذا الكلام غير صحيح ومغرض وكذب بكذب.
وعلى ما يبدو إن الأخ المقدم (حردلو) قد اقتنع بكلامي لأنه كان يعرف بأني ووطني والسودان عربي ولا يمكن أن أخون السودان.
بعد طول هذا الكلام ظهر لي إن جبهة تحرير تجراي والجبهة الشعبية الإرترية يعدون العدة لضرب جبهة التحرير.
وعاد القتال إلى الساحة الإرترية مرة ثانية وبأعنف مما كان بين كل من الجبهتين الشعبيتين المتحالفتين الإرترية والشعبية والمتبنون للفكر الماركسي وكانت هاتان الجبهتان قد اتفقتا فيما بينهما على ضرب وتدمير جبهة التحرير.
في ذلك الحين كنت ألتقي وبشكل شبه دائم بالأخوة القياديين في جبهة التحرير الذين لم يكن يروق لي ردود فعلهم وتصرفاتهم وكذلك أفعال بعضهم.
بدأ التحالف بين شعبية إرتريا وشعبية تجراي منذ زمن بعيد إلا أن التنفيذ في التآمر بدأ في 1980/8/20.
الى اللقاء... فى الحلقة القادمة