جبهة التحرير الإرترية نحروها أم انتحرت - الجزء الاول - الحلقة الثانية والثلاثون
بقلم المناضل الإعلامي الأستاذ: أحمد أبو سعدة
عدت إلى دمشق وبعد أيام من عودتي جائني ممثل (عثمان سبي) في دمشق ويدعي (أسبروم أبرها)
وكنت أعرفه منذ عام 1968 عندما كان يأتي إلى الاذاعة السورية حيث كان يعمل في برنامج موجه إلى إرتريا من الإذاعة السورية سألني (أسبروم) بطريقة مخابراتية بعد أن وضع الضوء على وجهي وسألني:
كيف سلمت الرسالة .
عن أي رسالة تتكلم يا أسبروم.
أنكرت الموضوع كاملا فقال لي:
لقد خنتنا (فأجبته وبحدة عالية):
أنت تتحدث عن الخيانة؟ وأنت أكبر خائن؟
أياك أن تتكلم عن الثورة والحرية فأنت مجرما هاربا من إرتريا بعد أن قتلت عمدا مواطنا بسيطا وهربت وإلتحقت بالثورة لتحميك إذن وجودك في الثورة كان لحماية نفسك وليس من أجل الحرية وشعب إرتريا.
وعلى فكرة إن أسبروم يعيش مابين أسمرا وأمريكا فهو (مليان).
إن ألمي اليوم يزداد بعد مرور السنوات الطويلة التي اعتقدت فيها بأنني أقوم بخدمة الشعب الإرتري الوفي عن طريق أصدقائي.
في عام 1992 اتصلت بي (زهرة جابر) في دمشق حيث كانت تقيم أيضا في دمشق وقالت:
أريدك لأمر ضروري يا أحمد أجبتها في هذا الوقت المتأخر من الليل؟؟
قالت لي: نعم أريدك حالا.
ألا تستطيعين يا زهرة التأجيل إلى الغد.
لا...
حسنا أنا قادم إليك.
بعد انتهاء المكالمة اتصلت (بحامد طنبار) وهو المسؤول المالي عن مكتب الجبهة في دمشق وقلت له:
سوف نذهب سوية إلى زهرة الآن لأني أعتقد قد حدث مكروها لها أو لابنتها.
خيرا يا زهرة ما بك.
كانت زهرة ترتجف بشدة وترغي وتزبد.
إنظر ماذا يقول أسياس.
ألهذا السبب استدعيتيني ألم تستطيعين الانتظار إلى الغد، ثم ماذا يقول اسياس؟؟؟
فأعطتني مجلة الصياد اللبنانية بحدة وقالت:
خذ وإقرأ.
وكان على صفحة غلاف المجلة صورة أسياس وخريطة القرن الإفريقي والبحر الأحمر وتحمل عنوانا كبيرا يقول (مفاجأة في القرن الإفريقي) في حديث للصياد رئيس إرتريا أفورقي سنعترف بإسرائيل ورقم عدد مجلة الصياد هو 2486 وتاريخ 26 حزيران/يونيو 1992 لم أقرأ المجلة ولم أهتم لأني أعرف مسبقا ما هو توجه الشعبية ورئيسها أفورقي.
ضربت زهرة الأرض بقدمها وصاحت بصوت عالي كله وعيد وتهديد وأشارت إلى حذائها:
لن نقبل بهذا وسوف أدوس رأس أسياس بجزمي هذه؟؟؟!!
فقلت لها:
ما أعنفك يا زهرة وكم أنت ثورية ومناضلة أكثر من زوجك محمد نور أحمد.
وكان هذا بحضور (حامد طنبار) الذي هرب من بلدي دمشق بعد أن صدرت له الأوامر من الجبهة الشعبية بتسليم ممتلكات جبهة التحرير في دمشق وفعلا قام هذا (المناضل) الذي عاش في سوريا ستة عشر عاما وتعلم فيها وأخذ شهادة الإعدادة والثانوية وشهادة الجامعة السورية هرب هذا (المناضل) في جنح الظلام مع شلته ودفع بالجواز السوري الذي منح له والذي كان يتنقل به مثل أي مواطن سوري.
هل هذا هو الوفاء؟؟؟ وهل هذه هي الأمانة يا أصحاب الأمانة..؟؟؟!!
ونعود إلى زهرة جابر ونتسائل ماذا تفعل الآن في إرتريا الشعبية أجيبكم إن (المناضلة) هي عضوة في البرلمان وعينت فيه كبقية الأعضاء وكلهم معينون؟.
وإن الذي رشحها لهذا المنصب هو رئيس الحكومة (أسياس أفورقي) وكنت سابقا قد أخبرت أصدقائي القادة في جبهة التحرير إن (زهرة جابر) مرتبطة بالشعبية وإنها موجودة في الجبهة بتكليف من أمن الشعبية لكن ويا للأسف لم يستجب أحدا منهم وزهرة اليوم تتمتع بثلاثة مناصب في حكومة الجبهة الشعبية، الأول عضوة في البرلمان المعين والثاني عضوة في لجنة الدستور والثالث عضوة في اللجنة المركزية للجبهة الشعبية، أما كيف تم انتخابها في اللجنة المركزية فله قصة، إن الذي رشحها للجنة المركزية هو (أسياس افورقي) شخصيا وقال للمؤتمرين في مؤتمر الجبهة الشعبية إن (زهرة) عضو في جبهتنا من عام 1980؟؟
لقد خدغت (زهرة) أصدقائها وأيضا شقيقها (عمر جابر) وعندما كانت في جبهة التحرير كان ولاؤها للجبهة الشعبية أما زوجها (محمد نور أحمد) فقد أسندت له الجبهة الشعبية عملا بسيطا رغم قدراته وإمكانياته الفكرية العالية أما شقيقها (عمر جابر) فقد لجأ إلى استراليا وأصبح مواطنا استراليا أما ابنتها فقد قتلت في معسكرات الجبهة الشعبية.
إن ألمي يزداد اليوم وبعد مرور الأشهر والسنوات الطويلة لأنني لم أقف إلى جانب الأخ (عثمان صالح سبي) رحمه الله وأسكن قاتلية جهنم، كنت أعتقد بأني أقوم بخدمة تنظيم جبهة تحرير إرتريا والآن أقف وقفة صغيرة أقول فيها:
أين أصدقائي؟؟؟. لم يبقى منهم إلا الأقل من القليل، أين ثوار جبهة التحرير الأشاوس...؟
معظمهم ذوبوا أنفسهم وبالأصح نحروا أنفسهم وانضموا إلى الجبهة الشعبية التي نحرت جبهة التحرير الإرترية الوطنية.
زيارتي الثانية لقوات التحرير الشعبية:
قال لي (أحمد جاسر): تفضل يا أبو سعدة هذا مركبك الذي سينقلك إلى إرتريا عبر البحر الأحمر.
وجدت نفسي عند زورق أو كما يسمونه (سمبوك) بالي له محرك وشراع ولون الشراع أسود من شدة الوسخ عليه، رأيت هذا إلى ضوء المصباح، أنزلت عفشي (وكان بسيطا ) إلى السمبوك وهي معدات التصوير وبعض الملابس البسيطة، سألت (أحمد جاسر):
كيف سينقلنا هذا السمبوك بحالته هذه؟
لا عليك...
صعدت إلى السمبوك وتعرفت إلى قائده (عثمان) وعلى الحارسين المرافقين (محمود وعبد الوهاب)، أما مساعدا قائد السمبوك فهما (موسى وشحيم).
تحرك الطائر الميمون من شواطئ عدن، تحرك السمبوك إلى أعماق البحر الأحمر، كل شيئ كان يتم في الظلام، كان صوت الماء يعلو ويهبط نتيجة ارتطامه بالزورق فيبعث الرهبة ونحن إلى أين نتجه، نتجه إلى جنوب الساحل الإرتري، مرت الثواني والدقائق والساعات والإرتباك يسيطر علي فنحن لا نملك من وسائل الدفاع غير هاتين البندقيتين وهما من نوع كلاشينكوف.
سألت المرافق محمود:
لو هاجمنا الأحباش ماذا نفعل بهاتين البندقيتين؟؟.
الى اللقاء... فى الحلقة القادمة