جبهة التحرير الإرترية نحروها أم انتحرت - الجزء الاول - الحلقة الثانية والعشرون

بقلم المناضل الإعلامي الأستاذ: أحمد أبو سعدة

بعد انعقاد مؤتمر أدوبحا عام 1969 وإدانته لمجموعة أسياس أفورقي هرب المذكور ومعه أحد عشر شخصا

جبهة التحرير الإرترية الوطنية نحروها أم انتحرت

إلى المرتفعات الجبلية المحيطة بالعاصمة أسمرا واختبئوا بالكنائس ثم اتجهو إلى الساحل وفي عام 1970 هربت مجموعة ثانية تقدر بحوالي (خمسة وعشرون شخصا) ثم انضم إليهم عشرة أشخاص كانوا قد هربوا إلى السودان وبعدها إلى اليمن الجنوبي حيث أدانتهم القيادة العامة لجيش التحرير بالخيانة تجمع هؤلاء ما بين الساحل ومنطقة (حماسين) وقاموا بتشكيل تنظيم سمي بقوات التحرير الشعبية وفيها رأسين الأول (عثمان صالح سبي) صاحب المال وسمي سكرتيرا للبعثة الخارجية لقوات التحرير الشعبية والرأس الثاني (أسياس أفورقي) الذي ينضوي تحت زعامته أحد عشر شخصا وسمي رئيس اللجنة الإدارية وفي عام 1971 عقد أول مؤتمر وطني للثورة الإرترية (جبهة التحرير الوطنية).

الحرب الأهلية:

في عام 1971 بدأ القتال بين قوات التحرير الشعبية برئاسة (عثمان سبي) و(أسياس افورقي) وجبهة التحرير الإرترية الوطنية برئاسة (الشيخ ادريس محمد آدم) و(حروي تدلا بايرو) وفي عام 1974 انشقت قوات التحرير الشعبية على بعضها ليخرج منها ما سمي بتنظيم الجبهة الشعبية لتحرير إرتريا برئاسة (رمضان محمد نور) ولكن الرجل المهيمن كان (أسياس أفورقي) بسبب ارتباطه...؟

وجاء عام 1975 ليبدأ التحالف بين الشعبيتين أي شعبية إرتريا وشعبية تجراي، إن المحطة التي يجدر التوقف عندها هي ما آلت إليه الأمور عبر ولادة طويلة ومدمية وخاصة الاقتتال بين فصائل الثورة وقد سمي هذا الاقتتال بالحرب الأهلية إلا أن عام 1974 كان له دلالة خاصة في تاريخ الثورة الإرترية فقد ظهرت إلى الوجود الجبهه الشعبية لتحرير إرتريا وكما أسلفنا كان برنامجها يدعو إلى ثورة وطنية ديمقراطية تقدمية...؟؟؟

وتمر السنين وألتقي بالأخ (محمد علي عمارو) في منزلي بدمشق وكان حينها يشغل منصب سفيرا لإرتريا في مصر أما عمله الأخير فكان متسكعا في شوارع أسمرا وكان هذا قبل عدة سنوات والآن لا أعرف شيئا عنه وكان الأخ (عمارو) من أقوى الشخصيات العسكرية في الجبهة الشعبية وأوائل المتدربين في سورية.

قال لي الأخ (عمارو) لا نريد أن نتحدث عن الحرب الأهلية لأننا سنختلف في تقييمنا لها كون التباين الكبير في مواقفنا.

عن ماذا نتحدث إذن يا أخ عمارو...؟

عن المستقبل عن الحاضر.

قاطعته وقلت له:

قبل أن نتحدث عن الحاضر والمستقبل فلنعد إلى وقف إطلاق النار بينكم كشعبية إرتريا وأقصد هنا قوات التحرير الشعبية التي خرجت منها الجبهة الشعبية وشعبية ثانية وأقصد بالشعبية الثانية هي الجبهة الشعبية لتحرير إرتريا وهي الحاكمة بأمر زعيمها أفورقي.

لا مانع يا أخ أحمد تفضل وقل ما عندك فأنا مصغيا إليك.

طرحت عليه مسألة توحيد الجبهتين في تنظيم واحد.

أجابني عمارو ولم يعجبه سؤالي لكنه قال:

اتخذت الجبهة الشعبية لتحرير إرتريا موقفا يقول بوجوب قيام جبهة موحدة ذات برنامج مشترك وقيادة عليا مختلطة وعند التوصل إلى مستوى واحد من الوعي وبالتالي من الوحدة الإيديولوجية تصبح هناك وحدة مبدئية، أيضا من الناحية الأخرى.

أجبته: إن الطرح الذي قدمته جبهة التحرير والذي تقول فيه الوحدة الثورية والعاملة على كافة المستويات هو طرح مثالي ولا يعلى عليه وأنا مع طرح جبهة التحرير أما لماذا فهاك الجواب: إثيوبيا بدأت تتقوى والعالم الغربي والشرقي ضد توجه الثورة الإرترية في موضوع الاستقلال كما أن هناك صغوطا عالمية على العرب من أجل عدم دعم الثورة فلماذا التأجيل والوحدة الإيديولوجية وغيرها من الكلام عير المفهوم (وبرأيي أن قيام وحدة اندماجية وبعدها يأتي الخير).

أجامني الأخ عمارو بالآتي:

هذا كلام جبهة التحرير يا أح أحمد وقاطعته قائلا:

أنت تعرف موقفي وميولي فلماذا تستغرب كلامي...؟

اختلفنا كما يختلف الصديقان عند هذه الكلمات هذا الموقفان المختلفان من الوحد الوطنية جاءا نتيجة لخلافات سياسية وإيديولوجية حول طبيعة وهدف النضال المسلح فجبهة التحرير الوطنية ترى أن المهمة الأولى هي الوصول إلى الانتصار وتفضل أن يأتي الحسم سياسيا وعسكريا وبعد تصبح البلاد حرة مستقلة.

أما الجبهة الشعبية فلها مقياس مغاير تماما لجبهة التحرير وتقول أي الجبهة الشعبيىة إن الاستقلال يقوم على أساس الحرب الشعبية وهذا يتطلب إجراء تحولات ثورية في المجتمع وعلى أسسس تقدمية...؟ وتضيف الشعبية منتقدة جبهة التحرير وقادتها بقولها:

أعطت جبهة التحرير الأولوية للمساعدات الخارجية من دول عربية معينة وتقصد بمعينة سورية والعراق.. وهنا أورد الآتي:

إذا كانت جبهة التحرير الإرترية الوطنية أخذت السلاح من العرب وبقية المساعدات أليس افضل من أن تاخذها من الغرب المتصهين وإسرائيل ومجلس الكنائس العالمي...؟؟؟ وإذا عدنا إلى سجلات الحكومة السودانية وبالذات الأمنية نجد أن كل الأسلحة والمعدات الفنية كانت تأي من البلاد العربية وخاصة من سورية والعراق، إن نكران التاريخ لا يعود على ناكريه إلا بالحساب العسير مهما طال الزمن أو قصر، صحيح إن جبهة التحرير الوطنية تقلصت وتجزأت لكن من تبقى منها بقي محافظا على وطنيته الصادقة المنادية بحرية واستقلال البلاد بينما الشعبية استأثرت بالسلطة وأخذت تعد مجتمعا على الطريقة الإسرائيلية ؟

إلا أن مجتمعا يسوده الإسلام والمسيحية لا بد أن يرفض فكرة الصهيونية ونكران الجميل وإنني لا أريد أن أدخل هنا بسرد تاريخي حول مساعدات العرب لأشقائهم الإرتريين وثورتهم فالصغير قبل الكبير يعرف بأن إرتريا تحررت بمال وسلاح عربي وبدماء إرترية.

وإن الواقع الموضوعي يقول إن بعض قيادييي الجبهة الشعبية لا يعرفون سوى الجحود ونكران الجميل وهو أخطر وأعمق من أي حرب خاضتها الشعبية أمام اليمن والصومال وجيبوتي وقبلهما شعبهما والجواب على ذلك أكثر وضوح عند (عثمان سبي) الذي رحل إلى الدار الآخرة قبل الاستقلال بسنوات عديدة، كان المرحوم سبي الذي مات مقتولا هومن أبرز القادة الوطنيين ذو الاتجاه والنهج العربي... لعن الله قاتليه العملاء، كان المرحوم سبي يجلب المال والسلاح والمواد أوالمواد الغذائية من الدول العربية ويقدمها للشعبية وهذه كانت غلطته القاتلة لأن المرحوم (عثمان) كان يعرف أهداف وتوجه الشعبية وكره قيادييها المتنفذين للغة والثقافة العربية وكان هؤلاء يصفون المناضل عثمان صالح سبي بأنه سارق الثورة وأنه يلتصق بالشعبية لأنه يريد الزعامة وبهذا الخصوص يقول أحد كبار القياديين في الشعبية بالآتي:

إن خدمات سبي للثورة الإرترية كانت محل شك... ولكن الصراع كان قد تجاوزه أي (سبي) كما تحقق هو بنفسه عندما زار الساحة في شهر نيسان عام 1975 عند هذه النقطة قرر سبي السعي إلى الوحدة مع جبهة التحرير.

وفي هذا الخصوص سألته لماذا غيرت الدفة يا أخ عثمان؟؟؟

الى اللقاء... فى الحلقة القادمة

Top
X

Right Click

No Right Click