جبهة التحرير الإرترية نحروها أم انتحرت - الجزء الاول - الحلقة السادسة
بقلم المناضل الإعلامي الأستاذ: أحمد أبو سعدة
إخفاق قيادة حركة تحرير ارتريا:
على أثر اخفاق حركة تحرير إرتريا وعجزها على السيطرة على قواعدها الأمر الذي اضطرها
إلى إدخال مجموعات مسلحة من عناصرها إلى الميدان حتى تكون نواة للثورة المسلحة التي وعدت بها قواعدها طوال السنين الماضة ولكن محاولاتها باءت في الفشل فقد رفضت وقاومت جبهة التحرير تعدد التنظيمات المسلحة في الساحة واعتبرت جبهة التحرير إن تصرف حركة التحرير يعتبر عملاً تخريبياً ومفتعلا لتمزيق الوحدة الوطنية وبالفعل قمعت المجموعة المسلحة التي أدخلتها حركة التحرير وهي في بدايتها وبدأ الأمر وكأن كل شيء قد انتهى لكنه وفي شهر تموز عام 1965 وقع انشقاق في تنظيم حركة تحرير إرتريا وظهر جناح باسم وحدة الصف الإرتري الذي عقد مؤتمراً له في السودان في الفترة من 1965/7/25 ولغاية 1965/7/27 وخرج هذا المؤتمر بالقرارات التي أذكر منها الآتي:-
1. الضغط على قيادتي التنظيمين (الحركة والجبهة) في تقديم تنازلات من أجل الالتقاء على الحد الأدنى من شروط العمل الموحد الوطني.
2. في حال فشل توحيد تنظيمي (الحركة والجبهة) بصفة رسمية يتم فورا الانضمام إلى التنظيم الذي يثبت فعاليته وبالتالي تتم الوحدة التلقائية.
وفي 1966/2/24 أصدرت منظمة وحدة الصف الإرتري بيانا أعلنت فيه انضمامها إلى جبهة التحرير لتوصلها إلى النتائج التالية:-
• إن جبهة التحرير الإرترية قد أثبتت وجودها فعلا حيث نالت تأييد الشعب بكامله علاوة على اعتراف العدو بها وعليه فهي تعتبر ممثلة لإرادة الشعب الإرتري المتمثلة في ثورته المسلحة.
• إن التنظيمات الأخرى لم توفق في اختيار الطريق الناجح والصحيح للنضال الإرتري حتى تحقق أهدافه لذلك فشلت في نيل تاييد الجماهير الإرترية.
• إن أي نشاط خارج إطار الثورة بقيادة جبهة التحرير سيثير البلبلة والشكوك ويساعد حجر الحقائق وعليه قررت اللجنة التمهيدية لوحدة الصف الإرتري الإستجابة لإرادة الشعب والنزول عند رغبته والانضمام إلى صفوفه بقيادة جبهة التحرير رائدة النضال المسلح وبذلك تضع حدا لتلك التنظيمات وتلى ذلك انضمام الأغلبية الساحقة من قواعد (حركة التحرير ومعظم عناصرها القيادية) وكوادرها إلى جبهة التحرير.
كذلك انضمت إلى الجبهة بعض الشخصيات البارزة التي كانت بخدمة إثيوبيا وبدلت وجوهها وقناعاتها لخدمة الجبهة...؟ وهذا هو المسمار القوي الذي دك بجسم جبهة التحرير الإرترية وظهرت أثاره فيما بعد.
المجلس الأعلى وإخفاقه:
بعد تدفق المواطنين والمساعدات التي قدمت للجبهة حدث تضخم غير مبرمج وخاصة أن الجبهة اصبحت هي التنظيم الباسط سيطرته على كافة الساحة لكن هذا التضخم لم تصاحبه إجراءات سريعة وجادة لاستيعاب المرحلة التي تعيشها الجبهة وتحافظ على ضمان استمرارية الجبهة وإزاء هذا الوضع غير الصحي جاءت معالجات وممارسات أعضاء (المجلس الاعلى) متباينة ومضادة وكان لابد من مخرج لهذا الوضع المريض المضطرب فعقد اجتماع موسع في النصف الثاني من عام 1967 لأعضاء المجلس ومساعدوهم وبالأصل كان أعضاء المجلس الأعلى عير متجانسين فكريا وعليه كان بعضهم يرى أن المجلس الأعلى كقيادة كانت مرحلية وإمكانياتها وإعطائها أصبحوا عاجزين عن تقديم أي شيء للثورة وبالتالي لايمكن استمراره في قيادة الثورة المسلحة الممثلة بجبهة التحرير وتلبية متطلباتها الضرورية وقضلاً عن ذلك كان هناك ضمن أعضاء المجلس الأعلى تناحراً غير واضحاً بين أعضائه وكان البعض منهم يريد تنظيما مفصلا على قياسه وانتمائه...؟
وهذا هو الذي حصل فيما بعد لذلك كان من الشرعية للقيادة المنبثقة عن القواعد المقاتلة من خلال مؤتمر عام واعتبار المجلس الأعلى ومساعدوهم لجنة تمهيدية وتحضيرية تسعى لعقد المؤتمر الذي يمثل الشعب في أقرب وقت ممكن لإنتخاب قيادة تتحمل مسؤولية الثورة وكان بعض أعضاء المجلس يرى غير ذلك أي ضرورة توسيع عضوية المجلس الأعلى واعتباره قائما في قيادته للثورة مع وجوب توزيع مسؤولياته وتحديد اختصاص كل عضو فيه وبموجب لائحة واضحة ثم يبدأ التحضير للمؤتمر العام وكان الأخ عضو المجلس الأعلى (عثمان صالح سبي) له رأيه الخاص ورأيه نافذ على معظم أعضاء المجلس الأعلى...؟
وهكذا تم توسيع المجلس الأعلى في وسط جو من الغموض والضبابية وتلفه البلبلة كما كان انعدام الثقة بين أعضاء المجلس الأعلى ومنافساتهم لبعضهم البعض في تزعم جبهة التحرير مع بروز صراعاتهم ومحاولاتهم جر قواعد الجبهة إليها إلى جانب تخلف الصيغ التنظيمية وخاصة في ظل وجود نظام المناطق، جميع هذه العوامل كان لها الأثر في انحلال عقد جبهة التحرير ودخولها فيما يشبه الثبات...؟
من هنا بدأت تظهر سلسلة الغموض والتمزقات الداخلية ومنها تعددت وجهات النظر في كيفية التغلب على هذه الأمراض الخبيثة التي قد تنال من الثورة.
الى اللقاء... فى الحلقة القادمة