جبهة التحرير الإرترية نحروها أم انتحرت - الجزء الاول - الحلقة الرابعة
بقلم المناضل الإعلامي الأستاذ: أحمد أبو سعدة
وكان خروج هؤلاء الوطنيون في شهر آذار/مارس من عام 1962 وعندما توجهوا إلى الالتقاء مع القائد (عواتي)
وكانوا قد حملوا معهم علم إرتريا الذي أنزلته إثيوبيا عام 1955 بعد أن كتبوا عليه جبهة التحرير الإرترية وفي طريقهم التقوا بأحد الشيوخ المسنين المتحمسين لتحرير الوطن واسمه (سيدنا حامد حمد) فأهداهم ثلاثة بنادق قديمة وخمسة قنابل يدوية وأثناء متابعتهم الطريق انضم إليهم المواطن (محمد آدم حسان) حاملاً معه بندقيتين ايطاليتين كما تبرع المواطن (علي درهوى) ببندقية ايطالية قديمة.
تعذر وصولهم إلى مكان القائد (عواتي) بسبب فيضان نهر (القاش) فبقوا إلى أن يجف نهر (القاش) لكن هؤلاء الثوار وريثما يجف النهر قرروا القيام بعملية فدائية حين وصل إلى علمهم بأن إثيوبيا تعمل على إقامة مهرجان كبير في مدينة (أغردات) سيحضره كبار العملاء والموظفين المؤجورين وعلى رأسهم الجنرال (أبى أبيى) ممثل الإمبراطور وكان قصد إثيوبيا من إقامة هذا المهرجان استعراض عضلاتها وبث الخوف والرعب بين المواطنين الإرتريين وهي ماضية في خطواتها بضم إرتريا إليها... وجاء يوم المهرجان وهو يوم 12 تموز عام 1962 وهنا ألقى فدائيان من جبهة التحرير الإرترية قنبلتان على المنصة الرئيسية في المهرجان المقام في مدينة (أغردات) كما سبق وأسلفت.
ما أدى إلى قتل الوزير (حسنو) وإصابة الجنرال (أبى أبيى) ممثل الإمبراطور بجراح كما جرح كذلك (64) شخصا أخراً وانسحب الفدائيان بسلام وكان صدى هذه العملية كبيراً على الصعيد الداخلي والخارجي وقد بثت الخبر إذاعة لندن وكانت هذه العملية الجريئة إيذانا بجدية جبهة التحرير في مقاومة الوجود الإثيوبي لكن الفرحة لم تكتمل بسبب وفاة القائد (حامد إدريس عواتي) عند عمر يناهز الواحد والخمسين عاما أثر مرض ألم به لمدة يومين فقط وكان ذلك يوم 18 حزيران/يونيو عام 1962 وفي نهاية شهر كانون الأول من عام 1962 عقد الثوار بعددهم القليل اجتماعهم الأول في (برق شيش) بمنطقة (القاش) حيث تم فيه انتخاب المناضل (محمد عمر عبدالله أبو طيارة) قائداً عاما لقوات الثورة كما قسم الثوار أنفسهم إلى وحدتين إحداهما تحت إمرة القائد (أبو طيارة) والثانية تحت قيادة المناضل (محمد إدريس حاج) الذي استشهد فيما بعد وكان الثوار في ذلك الحين يتمتعون بالمرونة الذاتية بحكم تباعد المسافات وصعوبة الاتصالات فيما بينهم وكذلك لوجود مطاردات مستمرة من قبل قوات الإحتلال الإثيوبي المتعاونين مع العملاء والخونة.
وكلما تزايد عدد الثوار كان يتم تشكيل (وحدة) عسكرية جديدة وتوضع تحت قيادة أحد المناضلين الشجعان الأكفاء وبقي الحال على هذا الوضع مستمراً لغاية عام 1963 وأثناء هذا الوضع حدث أمراً نوعياً هاماً وهو أن جبهة التحرير استلمت كمية كبيرة من الأسلحة ومستلزماتها من الجمهورية العربية السورية كهدية لثوار جبهة التحرير وكمية الأسلحة هذه كانت كافية لتسليح ألفي ثائر وكانت طائرتان سوريتان قد حطتا في مطار الخرطوم وعلى متنهما حمولة (ستين طنا) من الأسلحة والذخائر وكانت هي المرة الأولى التي يصل فيها سلاحا فعالاً إلى الثوار وهذه الأسلحة وذخائرها هي التالي:-
- 1250 بندقية كلاشينكوف (7.62) ملم أخمص خشب.
- 750 بندقية كلاشينكوف (7.62) ملم أخمص حديد.
- 25 رشاش كرينوف متوسط (7.62) ملم .
- 20 رشاش دكتريوف (4.5)ملم ثنائي السبطانة.
- 50 بندقية نصف آلية (سيمينوف).
- 50 قاذف (آر.بي.جي) (7).
- 10 رشاش دوشكا(12,7) ملم.
- 10مدفع هاون متوسط عيار(81) ملم.
- 10 مدفع هاون متوسط (82) ملم
- 10مدفع هاون (61) ملم.
- مائة مسدس ماكروف (9) ملم
- خمسمائة قنبلة يدوية دفاعية وهجومية.
- مليون طلقة رشاش كلاشينكوف خمسمائة ألف طلقة للرشاشات المتوسطة عيار (7.62).
- خمسمائة قنبرة هاون متوسطة للهاونات (81-82-61) ملم.
- 1500 مقذوف آربي جي.
وقد تم نقل هذه الأسلحة إلى داخل الأراضي الإرترية على دفعات ،هذه هي الهدية الأولى من سورية ثم توالت الهدايا وسوف أذكر بعضا منها في المكان المناسب في هذا الكتاب وهكذا كانت البداية.
وهكذا دعمت البداية العفوية للثورة بالسلاح السوري أي أن الثورة قد أعلنت وبدأت العمل دون أن يكون لديها سلاح سوى الحد الأقل من الأدنى وكذلك من القادة والمثقفين بجانب عدم توفر الإمكانيات العسكرية من أجل المقاومة المسلحة وقد اتخذت إثيوبيا من العمليات الفدائية التي كانت تتم كالاغتيالات السياسية للإثيوبيين وللخونة وللعملاء وانفجار القنابل في أنحاء المدن زريعة لتوسيع نهجها الاستعماري الدامي اتجاه الشعب الإرتري من اعتقالات فردية وجماعية، إذن نستطيع القول أن إثيوبيا تريد القول إنها حرمت جبهة التحرير من خيرة العناصر القيادية والمثقفة القادرين على التنظيم والتخطيط ومن الأكيد لم يكن من الرجال الشجعان الأوائل الذين أسسسوا الجبهة والكفاح المسلح العمل أكثر مما كان يتاح لهم وكذلك الدفاع عنها وعن مؤيديها ومناصريها وخاصة إن أكثر الأثرياء ابتعدوا عنها...؟
إذن الثورة بقيادة جبهة التحرير وبالرغم مما ذكرناه انطلقت واستمرت في تعزيز وجودها الذي هو مطلب شعبها الصابر المؤمن بوطنه وحريته.
الى اللقاء... فى الحلقة القادمة