رواية رغوة سوداء لحجي جابر المتحصلة على جائزة كتارا

بقلم الأستاذة: إبتسام القشّوري 

إنّ الرواية بماهي جنس أدبي متجاوز ومتجدد فهي صوت من لا صوت لهم هي المعبّرة عن المهشمين والمنسيين.

حجي جابر يفوز بجائزة كتارا للرواية العربية

الرجوع إلى صفحات من التاريخ وإعادة تصحيح مساره أو التعرض إلى ما وقع التعتيم عليه، هي أحد مفاتيح الروائي للدخول إلى هذه العوالم المنسية وإعلاء من شان من لم ينصفهم التاريخ، ولكن مهما تطرقت رواية التخييل التاريخي إلى الماضي وتوغلت فيه تبقي دائما على صلة كبيرة بالحاضر وبالمستقبل أيضا.

هذا ما ندركه عندما ندخل إلى عوالم ما كتبه الكاتب والصحفي الاريتري "حجي جابر" في روايته "رغزة سوداء" الممتدة على مائتين وأربعة وخمسين صفحة والمنشورة في دار التنوير، والذي عاد فيها الى فترة الثمانينات من القرن الماضي ليفتح ملفا مهما كان صفقة سرية بين أثوبيا وإسرائيل والسودان: ملف التهجير السرّي ليهود أثيوبيا أو ما يعرف بيهود الفلاشا او كما يحبون أن يسموا انفسهم بيتا اسرائيل عبر تتبع شخصية إرترية: أدال او داوود او داويت أسماؤه المستعارة التى اختلقها وتفنن عبر كامل أحداث الرواية في الكذب واختلاق تاريخ مزيف، فقط من أجل النجاة من أجل الخلاص والهروب من ظروفه التعيسة بأن يكون من بين يهود اثيوبيا ويهاجر معهم الى اسرائيل.

وفي الحقيقة كل الشخصيات كانت تكذب من أجل النجاة، لكنّها رغم ذلك بقيت كرغوة البن السوداء تطفو على السطح إلاّ حجي جابر لامس العمق عبر تتبعه لمعاناة يهود الفلاشا في رحلتهم الى إسرائيل، حيث تعرضوا إلى شتى أنواع العنصرية والتحقير والقهر والظلم في حين كانوا يعتقدون كما داوود انهم ذاهبون الى أرض الميعاد الى "أرض اللبن والعسل إلى الجنة المزعومة.

رواية توخى فيها حجي جابر التحليل الوصفي وخاصة النفسي متتبعا بكثير من الدقة الخيط التاريخي الذي يجهله الكثيرون، و بكثير من التشويق وبلعبة سردية كان الزمن فيها مشوشا يعكس الفوضى الداخلية لشخصيته الرئيسية لعبة نجته هو أيضا من سطوة السرد الكلاسيكي والتتابع الخطي للزمن وكان فيها حجي جابر بمثابة "الصوت الذي يخترق جدار السوط".

رواية مليئة بالبياضات يلعب فيها القارئ الدور الرئيسي لملئ تلك الفراغات سواء بترتيب الزمن او بالخيال أو بالعودة الى قراءة التاريخ.

Top
X

Right Click

No Right Click