من الفصل الثالث من رواية وثالثهما الفنجان للاستاذ شامي محمود

بقلم الأستاذ: شامي محمود - كاتب وناشط سياسي

محمودة: كان حلم الانسان الارتري كبيرا بكبر هذا الكون، وتلاشى هذا الحلم لدرجة انه يتمنى اليوم ان يكون له قبر،

رواية وثالثهما الفنجان

مجرد قبر، اما الحرية والعدالة والحياة الكريمة بل ابسط حقوق العيش وحتى تلك الحقوق التي ينالها الحيوان هنا وهناك صار ترفا وبزخا بالنسبة له..

وها هي حادثة لمبيدوزا 2013 قبل عام وبضعة اشهر من اليوم، ماثلة ومعلقة في أذهانه والعالم،

في كارثة مروعة لسفينة محملة بالبشر يفوق عددهم ال 500 مهاجر افريقي،، غرق جلهم وافترست لحومهم اسماك البحر، وحصة شعبنا الافريقي الارتري في كارثة لمبيدوزا فاقت مجموع نسب منكوبي افريقيا كلها، ووصلت الي 300 غريق ومفقود اريتري،،،

لامبيدوزا هي جزيرة ايطالية صغيرة، تقع قبالة سواحل ايطاليا على البحر الابيض المتوسط، كانت جزيرة مسالمة هادئة وشاعرية، ومغمورة لا يعرفها احد، وارتبط اسمها اليوم او صارت تعرف بهذا الحدث المفزع، واشتهرت بموتانا، وللتأكد من ذلك حاولوا فقط الدخول الي قوقل وكتابة "لامبيدوزا"، ستكون نتيحته ضحايانا وسفينتهم.. وشهدت هذه الجزيرة فقط جانبا بسيطا من معاناة شعبنا اليومية،، فهناك الف لمبيدوزا شهدت والفا اخرى تشهد هلاك شعبنا وبشكل دائم ومستمر، منهم من يهلك عطشا في الصحاري وهو يفر بجلده من وطن صار سجنا وعبودية، ويحاول العبور بطريقة مذلة مهينة لدول الجوار، ووقوع الكثيرين منهم في رحلات معاناتهم تلك في ايادي تجار البشر واناس منزوعي الرحمة والانسانية، وتعرضهم من قبل هؤلاء لاهانات وابتزاز وتعذيب، ويفوق الامر كل ذلك ليصل الي نزع اعضائهم البشرية (كلاهم) ووفاة بعضهم نتيجة للظروف السيئة جدا لإجراء تلك العمليات،، ووصول بعضهم معطوبين مرضى نتيجة لفقدانهم اعضاء بشرية، الي اسرائيل وليبيا،

ومع علمنا بوجود هذا الواقع المؤلم،، وتجاربنا المتكررة معه، واحتمال انتظاره لنا ايضا،،، لا حل لنا سوى ان نسلم امرنا الي الله والمجهول، ونفر ونرحل املا في الوصول الي ما يشبه حياة وحرية، او الوصول الي الموت بحثا عنهما.

• بالمقابل هل كانت تستحق حياتنا وحريتنا هذا الثمن الباهظ جدا من اهانات وابتزازت وفقدان اعضاء وغرق وهلاك ؟
• وهل هناك شيئ يستحق كل هذه التضحيات العجيبة وهذا الانتحار المؤلم والمؤسف وبهذا الشكل والطريقة ؟

• وهل كان ذلك تضحية للوطن ومساهمة منا في اخراجنا واخراجه مما نحن وهو فيه من تعب ومعاناة ؟
• ام كان كل ذلك وما نفعله هروبا من وطن بائس وشقي وتبديله بآخر مريح ومرفه ؟

اعتقد انه كان علينا ان نبحر بسفينة لمبيدوزا واخواتها ونغرقها في الوطن، وننتحر جماعيا وغرقا بذخيرة حية،، فعلى الاقل كنا نضمن لجثماننا قبورا او قبرا جماعيا واحدا حتى،،

وكان علينا ايضا ان نهدي الوطن اعضاءنا البشرية بدل تركها لعديمي الانسانية في صحراء سينا والصحراء الغربية،، وكنا على الأقل شعرنا براحة نفسية كلما زارنا ألم فقدانها، وسؤال عنها،،، ولتباهينا ايضا امام اطفالنا والعالم بأنها استشهدت وبترت لتزرع في مكان يستحق،

في النهاية نحن جميعا وكلنا عار على الوطن، نظام وشعب ومعارضة،، لا احد يفكر مطلقا في الوطن.

نواصل... في الفصل القادم

Top
X

Right Click

No Right Click