الفصل الاول من رواية وثالثهما الفنجان للاستاذ شامي محمود

بقلم الأستاذ: شامي محمود - كاتب وناشط سياسي

محمودة: بسببنا افلت سنايت واختفت، وبسببها نجونا ورحلنا، انا وقعص وسميرة واستير وعبد ورسما

رواية وثالثهما الفنجان

وكيداني و24 شخصا آخر، بمساعدة سنايت لنا حققنا امنيتنا في الفرار من الوطن، ومن الشعبية.

وطن تعرفت عليه شخصيا في مدينة طيعو وبمقهى سنايت، علمني قعص وعبده وسنايت في ذلك المقهى مادة التربية الوطنية، وابجديات علوم الوطن، سبع سنوات وانا ادرسها صباح مساء في ذلك المكان، وتناوبت سنايت وقعص بمنحي واعطائي دروسا في علوم الوطن.

حكت لي سنايت وقعص عن ذلك الوطن الذي ظهر واختفى فجأة دونما اشعار، ذلك الحلم الذي تحول سريعا الي كابوس مرعب،
وبانه كان شعرا وكنثر، ثم برقا وكسيف
وبانه كان بالامس انشودة ونغما حالما رائعا، وصار اليوم صراخا، وبوق احزان وناقوس خطر.
وطن قيل في حقه الكثير من امنيات واحلام لامست سقف السماء،

يا وردة يعشقها احبتي
يا جنة عشت بها طفولتي
مازلت في دفاتري قصيدة
وفي ظلال اعيني كشمعة جميلة
مازلت مثل وردة الربيع يا وحيدة
شاعر اريتري ثائر

ليته عاش خيالا عذبا، ومات حلما جميلا في ذاكرتنا. ليته لم يظهر او ليته لم يختفي بهذا السيناريو العجيب.

لو كان كاتب هذه القصيدة حيا اليوم، لأنفجر في وجه الوطن او لانتحر في وطنه، او لاحرق قصيدته واطفأ شمعته وسحب وروده واستبدل بالربيع خريفا اصلع.

هذه الابيات لا تصلح لهذا الوطن وبحالته الآن، هي مؤكدا كانت لوطن الاحلام، اما الوطن الحقيقي لم يكن سوى العكس تماما او كان اسوأ من الجحيم.

هل كل هذا الكلام الاكثر من رائع والكبير قيل لوطن يعيش حالة ضياع ووهن طيلة 27 عام، ويعاني فيه المواطن معاناة لا يستطيع وصفها وشرحها ونقلها للعالم احد، ووطن عانى فيه شعبه وهو يحاول الهرب منه آلام المخاض وواجهوا الموت وجها لوجه، مات من مات ونجا من نجاه الله. وهو عائش كذلك في الشتات حياة تضاهي تلك الحياة التي يعيشها المواطن في الداخل.

لا شيئ ينصف هذا الوطن فمن كان يفترض تخليصه صار يخلص عليه ويتفنن في تمزيقه الي اوصال، ومن ثم الي تمليحه وتجفيفه وعرضه للبيع مملحا مجففا في اسواق النخاسة.

الشعبية افقدتنا الذائقة في كل شئ بعد اسرها للوطن، كانت حسنتها الوحيدة انها تركت لنا سنايت ومقهاها فقط.

فكانت سنايت نصف وطن ونصف حياة، كانت هي نصف كل شئ جميل في هذا الوطن، فهي نصف وردة ونصف جنة ونصف قصيدة ونصف شمعة.

في ظل وجود كل مساوئ وسيئات الشعبية استطاعت سنايت ان تحتوي بصدرها بعض تلك المساوئ والسيئات وتحمينا ل 7 سنوات، ربما كانت مثل ذلك الطائر الذي يحاول اخفاء بيضه او صغاره عندما يجلس فوقهم، ويفرش ريشه في الارض حتى لا يراهم احد، كانت تفعل ذلك كل تلك الفترة وكل تلك السنوات، الي ان جاء ذلك اليوم الذي قص فيه ريش طائرنا، حتى لا يستطيع حماية صغاره او حمايتنا.

وبخطف سنايت ايضا فقدنا الذائقة في كل شيئ... قالها محمودة باشتياق بلوعة بحرقة وتابع.

كانت سنايت مبدعة ومقنعة في كل شيئ ومقبولة من الجميع، كانت مثل الرواية عمل ابداعي مختلف ومميز مقنع ومقبول من الجميع.

اقصد انها كانت تلبي مثل الرواية الجيدة قناعة هذا في جزئية، و لذاك المختلف معه اعجاب في جزئية اخرى، كانت سنايت تلبي ذائقة الشهية للبعض مثلي بطبق الزقني، وتلبي ذائقة الكيف للبعض مثل قعص بقهوة تعدها بطريقة تقليدية وباتقان محترف خبير، وتلبي ذوائق اخرى مختلفة ومتعددة وللجميع، وربما كانت مثل الرواية مرفوضة احيانا ومن البعض الذي لا يحب الاختلاف والتنوع، وبعضه التقليدي المتحجر، وبعضه الذي لا يحب التناقض والتناغم ولا يستسيغ نفاق الراوي.

كانت سنايت ترحب بهذا وذاك وترحب بالرافض لها ايضا، لانها تدرك معنى الرفض ومعنى القبول وانها مثل الرواية نرفضها بعد قرأءتنا لها، فهي مثلها مثل رواية مبدعة نعلن رفضنا لها ونرفض تركها والانفصال، ونعيشها وان كانت رواية تهاجمنا.

كانت سنايت مقصدا للجميع يقصدها اليمين واليسار، العسكري والمدني والمؤيد والمعارض، تجامل هذا، وتلاطف هذا، وتمشي ذاك على قد عقله.

سنايت وراوي تلك الرواية الابداعية مثل معلق امين مهني ومحترف وهو ينقل لنا احداث المباراة بأمانة، فهي كذلك مثل ناقل المناظرات الشعرية الذي ينقل ما قاله هذا وذاك دون ان يزيد حرفا من عنده او ينقص كلمة من هذا وذاك ويظهر حجتين متناقضتين، اذا كانت سياسية وغيرها فهو يعكس للجمهور وجهتي نظر المتباريين بحيادية وبحرفية وبتصوير عالي الجودة، وبأبيات شعرية منقولة.

نواصل... في الفصل القادم

Top
X

Right Click

No Right Click