صراع القوى الدولية على منطقة البحر الاحمر والقرن الافريقي عبر العصور وانعكاساته على منطقة الخليج - الحلقة الاولي

تأليف الزعيم الوطني الأستاذ: عثمان صالح سبي

الموقع: القرن الافريقي هو ذلك الناتئ من اليابسة الناطح للبحر الاحمر على شكل قرن في منطقه

تعرف بأسم (راس غورا دافوي) وتصوره الجغرافيون كنتؤ جبلي ضخم يغوص برأسه في البحر فيشق الماء شطرين:

الشمال منه وهو البحر الاحمر والجنوبي منه هو المحيط الهندي ومن ثم اطلقوا على المنطقة التي تقع فيها بلاد الصومال على امتداد سواحل خليج عدن الجنوبية وسواحل المحيط الهندي (منطقة القرن الافريقي) ووسع الجغرافيون الرقعة التي يشملها هذا القرن العتيد فادخلوا فيها بعض اقاليم سواحل البحر الاحمر الغربية ارتريا والسودان ودواخلهما (اثيوبيا وكينيا) بل ان وزير الدولة الفرنسي لشئون الخارجية اوليفيه سترون، وهو اول عضو في حكومة غربية يزور اثيوبيا منذ ان تولى منجستو هيلي ماريام زمام الحكم في اثيوبيا في الشهر الماضي، شمل السعودية واليمنيين (الشمالي والجنوبي) في دعوته لدول القرن الافريقي لعقد مؤتمر اقليمي لحل مشاكل المنطقة.

الموقع الاستراتيجي الهام لهذه المنطقة جعل منها موضع اطماع للدول القوية في مختلف عصور التاريخ.

فهي تقع - كما هو مبين في الخريطة - عند ملتقى قارتي افريقيا واسيا على مدخلي البحر الاحمر - باب المندب وقناة السويس وهذا البحر كان ولايزال اهم قناة تربط بين قارات العالم، خاصة بعد فتح قناة السويس في عام 1869م، وايجاد موطئ قدم لأية قوه دولية طامعة في بقعة من شواطئه، ظل مطلبا امنيا واستراتجيا على مدى التاريخ.

يزيد في اهمية منطقة القرن الافريقي امتدادها الجغرافي نحو خليج عدن والمحيط الهندي.

فالساحل الصومالي يمتد من منطقة رحيتا الارترية في خليج عدن الى رأس غوار دافوي ومنها الى حدود كينيا لمسافة تزيد ألفين وخمسمائة كيلو مترا في منطقة كانت ولاتزال طريقا بحريا هاما يربط شرق افريقيا بالخليج بالقارة الاسيوية.

الصراع على البحر الاحمر عبر التاريخ:

كان المصريون القدماء اول من أهتم بالبحر الاحمر وجعلوا منه وسيلة للاسفار البعيدة بقصد الاتجار. ويذكر التاريخ ان ساحورع - من ملوك الاسرة الخامسة - قد انشئ مواصلات بحرية مع بلاد (البونت) - أي الصومال - وجلب منها التبر والذهب والفضة. ولقد قمت الملكة حتشبسوت (1484-1520 قبل الميلاد) برحلة الى بلاد البونت كما تبين اثارها في معبد الدير البحري في طيبه.

على ان المصريين القدماء لم يحتكروا طرق التجارة في البحر الاحمر. فقد دخلت حلبة التنافس في عهود متاخرة من الحكم الفرعوني اقوام اخرى. وكان الفينيقيون في مقدمة هؤلاء. فقد ارسل حيرم ملك صور سفنه الى البحر الاحمر لتأتي له يالذهب الذى اشتهر في تلك المنطقة. وكان هذا قبل 2500 سنه من رحلة بار بور سا البرتقالي في سنة 1500ميلادي الذي جاء للغاية نفسها.

ولم يكن جنوب الجزيرة العربية بمنائ عن هذا التنافس يعد ان اقامت حضارته الراقية معاقل لايصل اليها عدو على جبال اليمن وحضرموت سادت من مكانها ذلك الحصين مخارج ومداخل البحر الاحمر سيادة تامة. ولم يكن لاحد ان يعبر ذلك البحر قبل ان يدفع الجزية كامله كما يشاء السادة المالكون لناحيتي البحر. وقد اشار المؤرخ الاسكندري افانسيدس الى ثراء هذا الشطر من العربية والى قوته سنة 150 قبل الميلاد وظهرت أصول الثراء الواسع هذا أول ما ظهرت في سبا التى قامت على شئونها بلقيس (اعطت سليمان مائة وعشرون صرة من الذهب، ومن مقادير ضخمة عظيمة من البهارات وأخرى من الاحجار النفيسة، ولم يعرف الناس قبلها مقدار من البهارات كهذا الذى جلبته بلقيس لسليمان). كان ذلك قبل ثلاثة الاف سنة. وتصارع البطالسه اليونانيون الذين حكموا مصر بعد وفاة الاسكندر المقدوني الاكبر مع التجار العرب للسيطرة على تجارة شرق افريقيا والهند.

وانشاء بطليموس الثالث (221-247 قبل الميلاد) ميناء عدوليس (60 كيلو متر جنوبي مصوع في ارتريا) كإحدى المحطات التجارية الهامة، كما كون بطليموس الثاني من قبل أسطولا قويا في البحر الأحمر، قام برحلة منتظمة إلى قبلة أنظار البحار (الهند) وأناط بموظفين متخصصين حماية السفن التجارية وحراستها حتى لا يتحرش بها لصوص البحار، فكانوا بمثابة شرطة بحرية.

وقد تأثرت مصالح القوافل العربية في جنوب الجزيرة العربية والحجاز من جراء تدخل البطالسة في امور البحر، وبضعهم اليونانيون في اماكن متعددة من الساحل لحماية سفنهم وتجارهم مباشرة مع مؤاني جزيرة العرب وافريقيا، واشهرها عندئذ عدوليس ومخا وعدن، وقد اضطر التجا ر العرب الى ترك البحر الى المنافسين الاقوياء، وباختصار الى ارسال تجارتهم في طرق البر نحو بلاد الشام.

وفي القرن الاول الميلادي قضى الرومان على حكم البطالسة وانتزعوا الحكم منهم. وبأمر القيصر اغسطوس وجه حاكم مصر الروماني ايلوس غالوس حملة الى جزيرة العرب وسواحل افريقيا في البحر الاحمر وجعل هذا البحر رومانيا.

غير ان الحملة فشلت في عام 24 ميلادي. غير ان الرومان تمكنوا من الاستيلاء على ميناء عدوليس وعلى عدن ووضعوا فيها حاميات وجهزوا سفنهم بالرماة لمقاومة القراصنة الذين كانوا يملؤن البحار. وبدخول المسيحية إلى مملكة اكسوم الحبشية على يد ملكها عيزانا في عام 350 ميلادي وتحالف هذه المملكة مع الرومان دخلت في البحر الاحمر عناصر جديدة في الصراع. وقد حدث ان استقرت في اليمن طائفة من اليهود، بعد ان لجئت الى بلاد العرب هربا من اباطرة الرومان سيما عقب تخريب بيت لحم عام 70 ميلادي حيث ذبح منهم المئات وفرعدد منهم الى حدود العالم القديم، ووجدوا انفسهم في الفرس، المنافسين الأقوياء للرومان والذين استنجد بهم بني حمير ضد الرومان وحلفائم ملوك اكسوم.

الى اللقاء... فى الحلقة القادمة

Top
X

Right Click

No Right Click