حكايات حنان صالح بنكهة القهوة
بقلم الأستاذة: حنان محمد صالح
صدرت رواية "حكاياتنا بنكهة القهوة" للكاتبة الإرترية حنان صالح وهو الإصدار الثاني للكاتبة المقيمة في السعودية بعد كتابها
"المرأة إنسان من الدرجة الثانية". وتتناول رواية صالح المجتمع الذي تعيش فيه (السعودي والجالية الإرترية والبرماوية - نسبة إلى بورما) من خلال زاوية الأحاديث والفضفضات النسائية في جلسات القهوة. وذلك ارتكازاً لما للقهوة من مفعول سحري يشجع النساء على البوح والكلام. وتقوم هناء، الشخصية الرئيسية في الرواية، والتي تعمل مشرفة اجتماعية في دار رعاية الفتيات بمكة، بتتبع حالات الفتيات في ذلك المجتمع لتسرد حكايات تلك النسوة في خمسة فصول؛ لتمتزج قصص دموعهن وابتساماتهن بنكهة القهوة.
تعليق:
كل المؤشرات تدل على أن اللغة العربية تمضي في طريقها الصحيح في بلاد شرق أفريقيا (الصومال، أرتريا، جيبوتي). وهذه المؤشرات تتمثل في الإصدارات والكتب التي تدفع إلى المطابع العربية بين الفترة والأخرى. وبالرغم من أن القرن الماضي لم يخلُ من كتب إفريقية مكتوبة بالعربية نذكر منها عدة أسماء استطاعت أن تلفت الانتباه إليها كالمناضل الإرتري محمد سعيد ناود (صاحب رواية رحلة الشتاء) ومواطنه الشاعر محمد مدني والشاعر الصومالي محمد الهادي الذي نشر قصائده الكترونياً.
أما حديثاً فقد كثرت الإصدارات العربية بسبب وجود أجيال شرق أفريقية نشأت أو عملت في البلاد العربية (الخليخ العربي على وجه الخصوص) فبرزت إلى الساحة أسماء جديدة شابة نذكر منهم في الصومال محمد ديريه ورحمة شكري، والإرتري أبوبكر كهال ومواطنيه حجي جابر وحنان صالح وآخرين كثر.
تفاصيل:
كنت أقول في مراهقتي.. ألا يتركون هذه الطقوس والموال الطويل في شرب القهوة؟
لماذا لا يكتفون بشرب القهوة التركية أو النسكافيه!
لكن أدركت فيما بعد أن هذه الطقوس جزء لا يتجزأ من ثقافة الشعب الأرتري الذي تغرب وهاجر عن موطنه فهذه الطقوس تتيح له وتعزز التواصل والألفة بين أفراد الأسرة
وهي فرصة لاستعادة الذكريات وتذكر الطرائف والتواصل مع الجذور
أبي الحجازي أعتاد على السفر منذ شبابه لعدد من المدن لغرض التجارة
وكانت اسمرا واحدة منها
وتولدت بينه وبين تلك المدينة الساحرة صداقة وحب حتى تزوج من بناتها
والتي أصبحت فيما بعد من سيدات مكة دون هجر عادات أهلها
مر وقت الزيارة سريعاً.. وعادت الغرفة إلى وضعها السابق بعد العشاء قضت كل مريضة حاجاتها المختلفة
كانت الساعة الثامنة والنصف تقريباً وبعد أدائي لصلاة العشاء تمددت على سريري متلحفة باللحاف الذي جلبته لي أمي
اكتست الدنيا رداء الشتاء والأمطار, برد مكة نادر ولكنه قارص مثل هذه الليلة
اجتمعت النسوة لشرب القهوة العربية حول سرير منال
تجلس هدى معها على السرير
وجلست كل من سعاد وزينب على الكراسي
كانت رائحة القهوة قد انتشرت في أرجاء الغرفة وغطت على رائحة الأدوية
مما أشعرني للحظات بأنني أجلس في مجلس نسائي
نادتني سعاد قائلة:
- تعالي ياهناء اشربي القهوة التي أحضرتها والدة منال .. إنها لذيذة
- لا وشكراً.. - قلت ذلك بالرغم من اشتياقي الشديد لشربها -
- تعالي نحن في الشتاء والليل طويل.. ولا تعتقدي أنك سوف تخلدين إلى النوم كالليلة الماضية