حالة الصحافة في إرتريا قبل الاستقلال وما بعده - الحلقة الأولى

إعداد: سلام الإرتري - رابطة الإرتريين الصحفيين في المنفى

ونحن نعيش الذكرى الثامنة لاختطاف زملائنا الصحفيين في يوم الثلاثاء الأسود 2001/9/18م، دفعني واقع الحال المأساوي

في بلادي، إرتريا، الذي لا يسُرّ عدو ناهيك عن صديق محب للسلام والعدل والحريات، إلى استدعاء تاريخ إرتريا ما قبل الاستقلال. فوجدت أن المحتلين الذين تعاقبوا على البلاد - إيطاليا، إنجلترا ثم أثيوبيا - كانوا أرأف بالمواطن الإرتري من حكومته "الوطنية" الحالية.

فإذا نظرنا، على سبيل المثال، إلى حقبة الاحتلال الإنجليزي (1941م - 1952م) فيما يتعلق بجوانب حرية الرأي والحديث والتعددية السياسية، فقد اتسمت تلك الفترة بتفاعلات سياسية حيوية وممارسة إعلامية حضارية حرة، وذلك من خلال تكوين أحزاب سياسية مثلت ألوان الطيف الاجتماعي، الطائفي والأيدولوجي للشعب الإرتري. أعقب ذلك صدور صحف تابعة لتلك الأحزاب وأخرى مستقلة أصدرتها جمعيات وأفراد.

لست هنا بصدد تفصيل تلك المرحلة التاريخية وتناولها من جميع الجوانب إنما سأتوقف فحسب عند جانب واحد منها وهو جو الحريات الذي أتيح للصحافة والصحفيين من قبل سلطات الاحتلال الإنجليزي.

جدير بالذكر أن لإرتريا إرث تأريخي صحفي قديم، فقد عرفت بلادنا الصحافة منذ العام 1928م، أي إبان الاحتلال الإيطالي، حيث كانت تصدر ثلاث صحف باللغة العربية، واحدة منهن كانت تصدر باللغتين الايطالية والانجليزية إضافةً لطبعتها العربية. وبعد جلاء الايطاليين ومجيء الانجليز، الذين أباحوا حرية تكوين الأحزاب وإصدار الصحف، شهدت إرتريا صدور صحف عديدة حزبية ومستقلة باللغتين العربية والتغرينية إلى جانب صحيفتين ناطقتين بالايطالية والانجليزية إضافة ً لطبعتهما العربية.

وفيما يلي قائمة بالصحف التي صدرت في إرتريا في الفترة من 1928م حتى 1954م كما وردت في كتاب (قضية الديمقراطية والتعددية السياسية في إرتريا) لمحمد عثمان أبوبكر:-

اسم الصحيفة

تاريخ إنشائها

لغات الصدور

اليومية الإرترية

الجريدة العسكرية (ساقري1)

بريد الإمبراطورية

الجريدة الإرترية الأسبوعية

مجلة الشهر

البريد العربية الأسبوعية

الزمان

الجازيتة الإرترية

الصحف الحزبية:

صوت الرابطة الإسلامية - حزب الرابطة الإسلامية

الجريدة الإثيوبية - حزب الانضمام إلى إثيوبيا

نور إرتريا - حزب الانضمام إلى إثيوبيا

وحدة إرتريا - الكتلة الاستقلالية

إرتريا الحرة - الكتلة الاستقلالية

الاتحاد والتقدم - حزب الرابطة والتقدم

صوت إرتريا - الرابطة الإسلامية لإرتريا

جريدة الإتحاد - حزب الانضمام إلى إثيوبيا  

الصحف التجارية والدينية والثقافية:

مجلة أسمرا الثقافية - محمود رمبة

جريدة الغرفة التجارية - الغرفة التجارية الإرترية

المجلة الاقتصادية -  ناشر ايطالي

مجلة المنار والثقافة - صالح عبد القادر البشير

1928م

1934م

1936م

1943م

1944م

1945م

1953م

1953م

1947م

1947م

1947م

1947م

1949م

1952م

1952م

1954م

1947م

1951م

1951م

1954م

العربية، الايطالية و الانجليزية

العربية

العربية

العربية

العربية

العربية

العربية والتغرينية

العربية

العربية

العربية والتغرينية

العربية والتغرينية

العربية والتغرينية

العربية والتغرينية

العربية والتغرينية

العربية والتغرينية

العربية والتغرينية

العربية

العربية، الايطالية و الانجليزية العربية، الايطالية و الانجليزية

العربية

لقد كانت صحافة حقبة الاحتلال الانجليزي بالنسبة للإرتريين بمثابة ساحات للنضال السلمي من أجل تحقيق الحرية والاستقلال لإرتريا وشعبها، إلى جانب وجود رأي مخالف يطالب بضم إرتريا لإثيوبيا، وعلى الرغم من كونه لا يمثل إرادة الأغلبية إلا أنه كان له حزب ومنابر إعلامية للتعبير عن توجهاته ومواقفه السياسية.

لقد أفرزت أجواء الحرية الصحفية التي سادت في تلك الفترة أقلاماً رصينة وجادة عبّرت عن مدى حب الإرتري للحرية والاستقلال والسلام، ورفضه لكل أشكال العبودية والتبعية لأي كائن كان فرداً أو دولة، وهذا نتاج طبيعي نابع عن الإرادة الحرة للإنسان أينما كان. كما برزت أيضاً أقلام انصرفت إلى الاهتمام بالثقافة والأدب في مطبوعات خصصت لهذا المجال. فقد اطلعت على بعض من هذه الصحف السياسية والثقافية في أرشيف مركز البحوث والتوثيق بأسمرا، الذي أُتْبع لحزب الحكومة الوحيد في البلاد، ويترأسه قيادي بالمكتب التنفيذي للحزب. كما قدِّر لي أن ألتقي بعد الاستقلال، في مستهل التسعينيات في أسمرا، بأحد أصحاب الأقلام البارزة في تلك الفترة والذي كان محرراً لصحيفة صوت الرابطة الإسلامية الإرترية، وهو الكاتب/ محمود نورحسين برهانو، رحمه الله. سألته ضمن أسئلة كثير عن جو الحريات الذي أتيح لهم في ظل الاحتلال الانجليزي وكيفية استغلالهم له؟.

قال: كانت فترة ذهبية للصحافة الارترية إبان الاحتلال الأجنبي لإرتريا، كنا نتمتع بالحرية الكاملة دون أي رقابة على كتاباتنا وإصداراتنا، كان رقيبنا المسئولية المهنية وإدراكنا لعظمة الهدف الذي من أجله نحمل القلم ألا وهو استقلال ارتريا. كما سألته إن كان يتوقع أن تكون لنا صحافة حرة في ظل إرتريا الحرة الخالية من المحتلين ؟. ابتسم قائلاً: هذا هو المأمول يا ابني. وأرجو أن يكون لي حظ من العمر لأرى هذا الحلم يتحقق. إلا أن أمل الكاتب والمحرر/ برهانو ظل حلماً يراوده حتى رحليه عن الدنيا في منتهى التسعينيات قبل أن يرى إرتريا تنعم بحرية الصحافة وغيرها من الحريات في ظل حكم مَنْ يُعتبروا أبناءها، بينما استمتع برهانو وأبناء جيله بحرية الصحافة وبلادهم تحكم من قبل الأغراب. نعم وبكل أسف، إن الأغراب الذين جاءوا من وراء البحار واحتلوا الديار أتاحوا للشعب الذي احتلوه حريات الكلام، التجمع، التظاهر، الاعتقاد والحركة بينما هو اليوم محروم من كل ذلك، بل من حقه في الحياة.

تعيش إرتريا اليوم وضعاً غريباً وشاذاً في المنطقة، الحزب فيها واحد.. أعضاؤه هم الوطنيون، حسب زعمهم، وغيرهم " خَوَنة ومارقين " وقائمة طويلة من الاتهامات، والحاكم غير منتخب، لا برلمان يحاسبه ولا جهاز تنفيذي يشاركه في إدارة شؤون البلاد. الإعلام محتكر يعمل لخدمة الرجل الواحد، ومجرد بوق يردد مثل الببغاء ما يسمع، ومن رفض من الصحفيين والإعلاميين أن يردد ما يملأ عليه فكتب أو قال رأيه الخاص زجّ به في غياهب سجون لا يعرف أماكنها ولا حال من فيها ومصيرهم. كل مؤسسات البلاد تدار بواسطة الحاكم الفرد وجهاز أمنه الوحشي مطلق اليدين لاعتقال واغتيال كل من يظن أنه يخالف رأيه رأي الحاكم، فالسجون مليئة بالأبرياء من المواطنين منذ أول يوم للاستقلال وخاصة السياسيين وأصحاب الرأي وحملة أقلام ومذيعين وإعلاميين من القطاعين الخاص والعام، فقد زادت الاعتقالات ضراوة بعد التوقيع على اتفاق سلام في ديسمبر من العام 2000م لإنهاء الحرب الحدودية التي انفجرت بين إرتريا والجارة إثيوبيا في منتصف 1998م، حيث ملأ النظام الحاكم سجونه ومعتقلاته بوزراء وأعضاء برلمان ومسئولين كبار، وكلهم ناضلوا وأفنوا زهرة شبابهم في الكفاح من أجل الحرية وسيادة القانون في إرتريا.

كما أن المعتقلات مليئة بعدد كبير من الصحفيين والإعلاميين منذ 18 سبتمبر 2001م أي بعيد اعتقال كبار المسئولين بأيام، وقبلها أيضاً في فترات متفرقة شهدت البلاد خلالها اغتيالات واعتقالات للصحفيين تجاوز عددهم الـ 30 صحفي تأكد نبأ وفاة 5 منهم، والبقية مصيرهم ومكان تواجدهم مجهول. هذا فضلاً عن الاعتقال بالجملة الذي طال في فبراير الماضي 2009م الفريق الإعلامي العامل بإذاعة (BANA) التابعة لوزارة التعليم وعددهم 50 مذيعاً ومعداً، بالإضافةً إلى 4 إعلاميين من التلفزيون الإرتري Eri-TV اعتقلوا لاحقاً.

وبما أننا استعرضنا قائمة بأسماء الصحف التي كانت تصدر في حقب المحتلين الأجانب، كان الأمل أن نستعرض والقارئ الكريم قائمة للصحف التي تصدر وتتمتع بحرية الصحافة في إرتريا بعد الاستقلال. إلا أن واقع الحال كما هو معروف للجميع لا يساعد حتى على الزعم بأن هناك هامش حرية للصحافة ناهيك عن تمتعها بحرية كاملة.

فقد سنّت الحكومة الإرترية في منتصف التسعينيات قانوناً للصحافة بما يتماشى مع ضروراتها وليس مع خيارات الشعب، فعلى أساس ذلك القانون الذي أُعدّ من قبل مستشاري أفورقي، وتحت إشرافه الشخصي دون أخذ رأي أهل الشأن، صدرت صحف خاصة بإمكانات متواضعة توخت أن تكون مرآةً تعكس آمال وآلام الشعب الإرتري عبر الكلمة الصادقة المنحازة لإرادة الشعب وليس للحاكم.

ولكن قوبلت تلك المحاولة بوحشيةٍ لا مثيل لها، إذ أُوقفت الصحف عن الصدور، وألقي القبض على أصحابها ومحرريها وتم خطفهم بصورة غير قانونية وبأسلوب غير حضاري حيث اقتيدوا من الطرقات والمقاهي التي يرتادونها.

للتواصل مع الكاتب: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

Top
X

Right Click

No Right Click