أضواء على تجربة الجبهة التحرير الارترية
بقلم الأستاذ: سليمان صالح - أبو صالح
كتب المناضل عبدالله ادريس محمد كتاباً فيه الكثير من الحقائق التي لم يسبقه إليه أحداً من المناضلين الذين كتبوا عن تجربتهم
النضالية ، والفرق بين المناضل عبدالله والمناضلين المعروفين في الجبهة شديد الوضوح في هذا الكتاب بشكل جلي جداً.
كان عبدالله ادريس من الشخصيات المشهورة في الجبهة بل يكاد أن يكون الأشهر على الإطلاق ، وأعني بالشهرة أنه الشخص الفاعل الذي له فيها ما ليس لغيره من المناضلين مع كل احترامي لهم ولنضالاتهم ، فلو تتبعنا سيرته منذ التحاقه بالثورة وماقام به من الجهود والمساعي من أجل وحدة المناطق وما عرف حينئذ بالوحدة الثلاثية والمؤتمرات العسكرية والوطنية والأدوار الإيجابة التي لعبها المرحوم عبدلله.
المناضل أبو إبراهيم كان ثالث ثلاثة في الساحة الارترية من حيث الشهرة عند الشعب الارتري. وعندما أقول الشهرة التي تجمع الشهيد عبدلله مع الآخرين لا أعني بها أخلاقه وأخلاقهم بل أعني بها الشهرة التي جمعت بينهم ومعرفة الشعب لهم.
والثلاثة الذين أعنيهم هم بالترتيب:
1. الأستاذ المناضل الشهيد عثمان صالح
2. سيء الذكر الدكتاتور المعتوه اسياس أفورقي بالنسبة لأفورقي فأمره معروف وهو لا يستحق أن يذكر معهم باي شكل من الأشكال لما له من سوء الأفعال والأعمال التي قام بها من قتل وتنكيل لمن كان معه من رفاقه إبان فترة الكفاح المسلح في الميدان الي يومنا هذ.
3. أما الشهيد عثمان صالح سبى رحمه الله كان سياسياً بارعاً ومربياً للأجيال وكان له دوره البارز في نشر التعليم والاهتمام بالصحة في مخيمات اللاجئين الارتريين في شرق السودان ، واليمن ، وجبوتي رحمه الله ومع ذلك لم يكن موفق في القضايا السياسية ومن ذلك الصراع في السلطة بينه وبين المرحوم قلايدوس وماترتب على ذلك من الانزلاق في الحروب الأهلية التي لم يكن لتكن لو أنهم الأخوين الاستاذين قلايدوس وسبى تعقلا ونظرا إلى أبعد مما كان بينهم وصل إلى شخصنة القضية الوطنية.
وما أود أن أقوله في هذا الأمر هو لقد اجتهدا ولم يوفقا فيما ذهبا إليه فأسأل الله أن يكون لهما أجر المجتهد و لم يكن ذكري لهذا الأمر الا من أجل الإشارة إلى الحقائق كما هي ليس إلا.
المناضل عبدالله كان رجل الوفاق الوطني كمايشهد له بذلك كل من عرفه ، وحتى يكون الأمر مبني على أساس من الصدق نأخذ المثال الأول في هذا الكتاب عندما طلب منه الشيخ ادريس محمد ادم ريس الجبهة في المؤتمر الوطني الاول قائلاً له ياعبدلله ما رأيك في أن أرشح نفسي لقيادة الجبهة في المؤتمر ؟ وكان الشيخ إدريس جالساً داخل خيمة مع المرحوم الشيخ حامد تركي وابنه ابراهيم وكان السؤال مفاجئا له أي للمناضل عبدلله! فكان رده في غاية الوطنية عندما قال له نعم عليك أن ترشح نفسك وهذا حقك المشروع. فبادره بسؤال آخر وهل تضمن لي النجاح ياعبدلله؟ وكان جوابه على هذا السؤال أجمل من الاول. حين قال له لا أضمن لك النجاح ياشيخ ادريس بل المؤتمر الذي يحدد نجاحك من عدمه. وهنا تحضرني بعد المبالغات التي كنت اسمعها من البعض عن المناضل عبدالله وقبليته وميوله إلى عشيرته فلو كان الأمر كما يقول بعض المغردين من الأراجيف لكان الشيخ ادريس محمد آدم يجد منه المساندة أو التشجيع ولكن الأمر لم يكن كما كان يقال دون دليل وكان الهدف منه الاغتيال السياسي وتشويه الصورة.
المثال الثاني عندما عرض عليه ان يترأس الجبهة ورفضه رفضاً قاطعاً وبشهادات الشهود.
المثال الثالث عندما أشارا عليه بعض المناضلين أن يكونوا من المرشحين فرفض لما يعرفه من عدم الإمكانيات التي تؤهلهم لقيادة الثورة في المرحلة الحساسة بل رفض لمن رشح نفسه أن يكون ريئساً للجبهة قائلاً له أنت لا تصلح أن تقود الجبهة ياحبيبي وكان من تقدم وطلب المشورة من أبو ابراهيم ليكون قائداً للثورة المناضل إبراهيم محمد علي الذي قال في كتابه أن الاخ عبدالله طلب منه ان يكون المرشح لرئاسة الجبهة في نفس المؤتمر والغريب أنه قال رفضت العرض وقلت إمكانياتي لاتؤهلني لذلك المنسب ، وهذا ما قاله له المناضل عبدالله يا أخي إبراهيم إن إمكنياتك لا تسمح لك ان تقود الجبهة.
المثال الرابع انه اي عبدالله ادريس عندما كانت الللجنة التنفيذية للجبهة على خلاف فيما بينها وتحولت إلى خلافات شخصية لم يغامر أو يتصرف أي تصرف أحادي بل كان ملتزم بالقرار الجماعي وهذه هي قمة الوطنية والالتزام بالرأي الجماعي في رأيي الشخصي.
ومما يميز المناضل عبدالله إدريس عن غيره من القيادات العسكرية والسياسية في الساحة الارتريه أنه كان يقود المعارك العسكرية بنفسه وشارك في غالبها إن لم يكن في كلها.
ومن خلال قرأتي لهذا الكتاب أستطيع قول التالي:
أن الجبهة كانت حركة ثورية ناضجة متطورة وكانت قد أرست الأسس الديمقراطية. الأمر الثاني أن المناضلين مثل عبدالله إدريس لهم الفضل في إنجاح الثورة. الأمر الثالث أن الجبهة تعرضة لخيانة من داخلها وهذا كان معروف لي أنا شخصياً وإن لم أكن عنصراً من عناصر الجبهة في ذلك الزمن.
رحم الله المناضل الشهيد عبدالله ادريس وخيراً فعل أن كتب لنا هذا الكتاب الذي يحوي الكثير من الحقائق التي لم تكن معروفة للكثيرين وانا واحداً منهم.