رواية ملف نورالنبي بخيت - الحلقة الخامسة
ترجمة وتقديم الأستاذ: موسي عَوِلْ خير - كاتب إرتري تأليف الكاتب الإريتري: تسفاي قبرآب
وارى نور النبي حبيبته زهراء الثرى في قرية "دبرسينا" بجوار كنيستها الأرثوذوكسية
ثم يمم وجهته التي أرادها عند مغادرته لقريته الأم، يجرجر جلابيب الحزن، ثم بعد أن رمت النوائب يمينها لاستكمال ما بدأته، وبالقرب من "دوقالي" سلكت "شمال" نفس الطريق التي سلكتها "زهراء" لترحل هي الأخرى في صمت تاركة نور النبي يواجه مصيره دون سند ولا معين، فعندما أناخ ظعينته ليستريح عند ذاك الظل الشاحب، يشربون فيه ماءً لا يخالطه طعام ثم ينامون قليلاً لطرد وعثاء السفر وإجهاد الحرارة مدت "شمال" رقبتها على الأرض كما لو كانت حبلاً طويلاً سميكاً، لم تتألم شمال كثيراً، فقط أغمضت عينيها، ثم صعدت إلى السماء، زهراء وشمال خسارتان متتاليتان هزتا نور النبي، لكنه وقف صامداً كالجبل الأشم، وكلما فكر الصمود في خيانته كان يتذكر أنه قد تعهد بعدم دفن أطفاله، ثم واصل رحلته.
طوال الرحلة، كان الابن الأكبر إدريس بأحسن حال من أخيه، إلا أن آدم وهو الابن الأصغر كان خائر القوى، فعندما رآه نور النبي يجر قدميه حمله على ظهره، كان خلال الرحلة يتوسل لإطعام أطفاله فلم يكن لديه زاداً قليلاً أو كثير، وبعد أن غادرت شمال الحياة كان يحمل أبناءه على ظهور الجمال العابرة للسبيل، إلى أن وصل أخيرًا إلى وجهته "مدينة مصوع" ولم يحنث بعهده فقد تمكن من إبقاء أطفاله على قيد الحياة.
لم يسبق لأحد في مصوع أن أمضي ليلته بمعدة خاوية، فمدد البحر الاحمر لم يتوقف عن العطاء، إن أسماك البحر وفيرة في كل الفصول، كلما هاجر البعض من سكان المرتفعات إلى مصوع، كان ساحل البحر الأحمر يستقبلهم في حزن، ولكنه أيضًا بابتسامة ترحيب مشرقة، أولئك الذين وصلوا إلى الساحل في أوقات سابقة، كانوا يعلمون الوافدين الجدد فن صيد الأسماك، ويمكن للقادمين الجدد التغذية على الأسماك واتخاذ الشواطئ مأواً لهم، أما أولئك الذين أقاموا لفترات طويلة فقد اتخذوا البحر مزارع لهم.
حقاً البحر شاسع وغني، على عكس اليابسة، لا يتهالك مهما تم استهلاكه، منتجاته لا حدود لها في كل العصور، البحر مثل إله البحر، كريم، حتى عندما تخون السماء فالبحر أبدًا لا يجف، ولا يموت، الأسماك ليست كالدجاج أو الأغنام، فهي لا تحتاج إلى من يعلفها، تطعم نفسها بنفسها كي تمد الآخرين بما يحتاجونه من غذاء، الأسماك لا تفقد أوزانها، ولا تتعفن أو تتضور جوعًا، وهي على هذه الحالة منذ أن خلق الله الأرض ومن عليها.
أصدقائي القراء والمتابعين هكذا أصل بكم إلى نهاية الفصول التي وددت ترجمتها، وكما نوهت في الحلقة الأولى من الفصل الأول بأنني لست بصدد ترجمة القصة كاملة لعدم حصولي على حق الترجمة حتى تاريخه، وآمل مستقبلاً أن أتمكن من الحصول على هذا الحق كي أتمكن من استكمال ترجمتها ونشرها في نسخة عربية، وهذا يشرفني كثيراً، وفي حال وجود من يمكنه المساعدة في الحصول على حق الترجمة فله مني - مقدماً - خالص الشكر والامتنان.
أما ما تبقي من فصول الرواية والتي تحمل الكثير المثير سوف أقدمه لكم في عرض عام خلال الأيام القادمة بمشيئة الله.
كما لا يفوتني أن أزجي شكري وامتناني لكل من وجه أو قرأ أو تابع أو مر لطيفاً، وشكر خاص لموقع "سماديت" الإلكتروني وصفحة اتحاد الكتاب الارتريين بالمهجر على الفيسبوك وصفحة من أجل ارتريا الذين واظبوا جميعهم في نشر الحلقات أو بأول، فما كان ذلك سوى قوة دافعة تمدنا بما يلزم من طاقة الاستمرار في تقديم القليل من العطاء لهذا الشعب المعطاء، وآمل أن أكون قد وفقت في تقديم ما تستحقون.
شكر خاص لأخي الأكبر/ محمد آدم حامد (أبو هاني) Mohamed Adam Hamid على دعمه وتوجيهاته اللغوية التي يقدمها في أدب جم دون منٍ ولا أذى، فهو بحر لا ساحل له في آداب وقواعد وعلوم اللغة العربية.
وحتى لقاء قادم بمشيئة الله استودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه.
تحياتي،،،