ارتريا من الكفاح المسلح إلى الاستقلال - الحلقة الحادية عشر
بقلم الإعلامي الأستاذ: أحمد أبو سعدة - صحفي سوري - صديق الثورة الإرترية
جو المؤتمر: كان المؤتمرون يعبّرون عن آرائهم بحرية تامة، صحيح أننا كنا في غابة، إلا أن جو المؤتمر
كان مفعماً بالروح الوطنية النضالية والديمقراطية الحقة. وكانت هناك أجهزة أخرى تقوم بعملها كالالة الكاتبة وسحب القرارات، والعيادة الطبية والتموين ثم المطبخ وهو معّد للضيوف فقط.
أما المؤتمرون فكان كل واحد يطبخ بنفسه .وبدأتُ أتغيّب عن جلسات المؤتمر قليلاً، والسبب هو إجتماعي مع الأخوة الثوار.
كان الخور وهو النهر الجاف يجمعنا دائماً، وحلقات النقاش تكبر وتكبر، حتى أن بعض الرفاق من القياديين، لفتوا نظري إلى أنني ألخبط الجلسات لأننا سننتهي في الوقت المحدّد، فقد تكشفنا الطائرات الأثيوبية عندها سنعرّض حياة الناس للخطر، ناهيك عن موضوع التموين.
وهكذا انصعتُ للأمر، إلا أنني في كثير من الأحيان كنت أهرب، والتقي بالجنود وبالمواطنين، وكان سروري عظيماً عندما التقيت بـ(الشيخ حسين) الذي كنت بضيافته في عام 1969 في منطقة ساوا، ولا أنسى ضيافته وكميات السكر الذي كان يضعه لي في الرز وأنا أسكت على مضض، فأنا لا أحب السكر مع الرز وبادرته قائلاً: كيف حالك يا شيخنا. وكيف حال الأهل.. وكيف البلد؟.
وهذه الكلمات التقلية كانت تدور بيننا. وكان الشيخ/ حسين مرتاح الصدر وعيناه تلمعان من شدة الفرح، وأمسكني من يدّي وجلسنا وحدنا وكان حديث الأخ لأخيه.
يا أبا سعدة لقد حُرقت بيتنا، ونُهبت ممتلكاتنا، وقُ تلت زوجتي وابنتي، ولم أكن وحدي في هذه المحنة، بل كان أهالي المنطقة الغربية كلها والساحل أيضاً.
يا أبا سعدة إننا لم نصل إلى المؤتمر إلا بشق الأنفس، كم تعرضنا للذبح! نحن نفتقر إلى قيادة.. نفتقر إلى من يخطط لنا، نريد قيادة شرعية منتخبة، لا نريد من يقول لنا افعلوا كذا وكذا. نحن نحترق ونذبح في الداخل، وبعضهم يجلسون في الخارج، ويرسلون لنا الأوامر بالمظاريف. نريد قيادة تجلس معنا هنا في الداخل.
لقد تطوّرت هذه المناطق وأصبحت أقطاعيات، لأن الانتماء إلى المناطق أصبح انتماء عشائرياً إقطاعياً، يعني أن كل واحد جلس في منطقته، وأصبح يحكم وينهي على كيفه، وهذا لا يجوز وبالتالي، لا يمكن أن نرى الحرية بهذا الأسلوب الخاص، وإليك هذا المثال، المنطقة الثالثة والرابعة والخامسة، اجتمعت وتوحدت وشكلّت قيادة تحت اسم (القيادة الثلاثية) بقيادة محمد أحمد عبده وكان هذا تعبيراً عن رأي الشعب والجنود، وقد تم ذلك في مرتفعات أكلي قوزاي، كان هذا في عام 1968 وكانت الوحدة مطلباً ثم دُمج الجيش مع بعضه، وفي المنطقة الثانية في عراديب وعلى ضوء ما تم فيها بتاريخ 1968/6/19 نادى الموجودين بعقد مؤتمر عسكري موسّع تحضره القيادات والمفوضون السياسيون، والنتيجة لهذا الحدث الطبيعي.
انقسم المجلس الأعلى إلى قسمين: القسم الأول ويرأسه إدريس محمد آدم والقسم الثاني يرأسه عثمان سبي وبدأت الإشاعات تسري هنا وهناك وكانت تروج إشاعتان:-
الأولى تقول: إن الوحدة الثلاثية التي تمّت من صنع إدريس محمد آدم وزملائه،
الإشاعة الثانية تقول: الوحدة الثلاثية هي من صنع عثمان سبي والحقيقة لا هؤلاء ولا أولئك لهم علاقة بما تم، بل هذه الوحدة الثلاثية تمّت بالاتصال بالوحدات الأولى والثانية، وتم الاتفاق مع المناضلين في هاتين الوحدتين، وانعقد المؤتمر المقترح كا أسلفتُ سابقاً في 1968/9/10 في منطقة أروقة، وأطلق عليه من أجل السرية مؤتمر عنبسا، وقد تغيب عن الاجتماع المنطقتان الأولى والثانية، وسبب غياب مسؤول المنطقة الثانية هو نشوب معركة مع العدو الأثيوبي، وهذه المعركة المشرفة هي معركة حلحل.
وقد استشهد فيها قائد المنطقة عمر ازاز رحمه الله.
فمؤتمرعنبسا كان خطوة نحو التوحيد، وفيه تم انتخاب قيادة مؤقتة للمناطق الثلاث، وقد تم تسميتها الوحدة الثلاثية وهؤلاء الأعضاء هم:-
• محمد أحمد عبده ،
• أحمد إبراهيم ،
• أسياس أفورقي ،
• عبدالله إدريس ،
• رمضان محمد نور ،
• محمد علي عمارو ،
• عمر دامر ،
• محمد علي أبو طياره ،
• إبراهام تولدي ،
• عبدالله يوسف ،
• حامد صالح سلمان ،
• عبدالله صافي .
وهنا طلب الأستاذ محمود محمد صالح الأذن وقال: يا أخ أبو سعدة: إن وجودنا هنا في المؤتمر هو دلالة قوية على إرادتنا وصمودنا، لكنني أريد أن أقول شيئاً: لقد وجهنّا دعوات إلى كل الأطراف من عثمان سبي إلى أسياس أفورقي إلى كل الأريتريين المعنيين،لكنهم للأسف لم يلبوا ولم يحضروا، كانت هناك مؤشرات واضحة على هؤلاء الرفاق الذين كان منهم أسياس و رمضان محمد نور و محمد علي عمارو.
إنهم لم يكونوا جادين مطلقاً لحضور المؤتمر الذي دعا إليه رفاقنا العسكريون لتوحيدهم، ألا وهو مؤتمر أدوبحا، فأعضاء المجلس الأعلى وبما كانوا يملكون من إمكانيات بدأوا يخلقون المشاكل، ويفتعلونها هنا وهناك، وعلى الرغم من كل هذا انعقد مؤتمر أدوبحا الذي نتجت عنه قيادة موسّعة شملت الأخوة المناضلين كافة، وتم ذلك بتاريخ من 10-1969/8/25 ومن مؤتمر أدوبحا تمت الدعوة إلى مؤتمرنا الوطني هذا.
القيادة العامة:
وكما أسلفت بدأت المعارضة، وكان هناك اتفاق بين عثمان سبي، ورمضان، وعمار، وأسياس هؤلاء عارضوا بشكل واضح، ثم طالب أسياس سراً بمطالب طائفية، وقد ظهرت عرقلتهم في عام 1970، إن المناضلين عمارو و رمضان من قرية عثمان سبي وتربطهما أواصر قوية وأسياس تربطه بمنطقة حماسين رابطة الطائفية إذن لكل مصلحته، لكن المصلحة المشتركة جمعتهم ألا وهي الحيلولة دون إنعقاد المؤتمر الوطني، وككل المناضلين سيقولون رأيهم في المؤتمر، وهو أنهم سيضعون البرنامج للثورة والرؤية للمستقبل.
أريد أن أقول لك شيئاً هاماً يا أخ أبو سعدة.
عند الشروع بالوحدة الثلاثية تكوّنت في "القضارف" وهي مدينة سودانية لجنة سميت بالقيادة الثورية، يكون لها سلطة على المؤتمرين، إن ما تم في مؤتمر أدوبحا رغم كل العراقيل، ورغم كل الصعاب فقد نجح تماماً، وهنا نقطة أضيفها "لم يحضر هذا المؤتمر محمد رمضان نور لأنه كان في دنكاليا وتم انتخابه أثناء غيابه وللأسف إن ذهاب رمضان محمد نور ووجوده في دنكاليا كان المشكل ثم عاد، نعم عاد وطالبنا بمنطقة سادسة، وهذا معناه زيادة التجزئة، قال لنا طالبوا بمنطقة خاصة بكم وبهذا يكون زرع بذرة الانشقاق ورجع" وللأسف الشديد.
أقول إن أول من وقف وقال:
(أنا ضد هذا المؤتمر، أي مؤتمر أدوبحا هو محمد علي عمارو) وما زلت أذكر أنه كان ضد المؤتمر وحرّض على العصيان، أقول إن الأثنين رمضان وعمارو كانا يتحركان بمباركة عثمان سبي، وكان هذا واضحاً من البداية والذي أثارهم هو إنزال بعضهم من قيادات المناطق والذين أنزلوا هم محمود ديناي و عمارو و إبراهام تولداي وعمر ازاز و عبدالكريم أحمد وغيرهم، وهؤلاء يجب ألا يكونوا قادة، وطبعاً هذا أثّر في نفوسهم، لكن الشيء الأساسي الذي دعاهم للوقوف ضد مؤتمر أدوبحا وقد ظهرت دوافعهم لاحقاً ودوافعهم هذه هي تشكيل قوات التحرير الشعبية: إن نجاح مؤتمر أدوبحا كان رد فعل على قيام المجلس الأعلى، وكان/عثمان سبي هو المحّرك الأول للمجلس الأعلى وقلايدس وغيره أما البقية فلم يكونوا فعالين.
عثمان هو الذي كان يتحرك في كل الاتجاهات وقد عقد مؤتمراً له في عمان في شهر تشرين الثاني/نوفمبر عام 1969، وكان تلقّى رسالة من قيادة المؤتمر تقول (يا أخواننا إن مهمتكم هي دعمنا بالسلاح والألبسة والمواد الغذائية، ونحن هنا في الداخل نقاتل العدو نرجوكم أن تبقوا في دعمكم لنا إلى حين انعقاد المؤتمر الوطني، وعندها يأخذ كل ذي حق حقه.
لكن رأي عثمان كان مختلفاً إن عثمان يريد تقوية الوحدة الثلاثية، ويمكن أن نسمّي هذا التيار الأول، أما التيار الثاني فيقول أنه مع الشباب ومع القيادة العامة، ويمثله إدريس محمد آدم وقد وقف مع القيادة العامة، وعندما تشكّلت القيادة العامة حدث وأن ألقي القبض على ستة أعضاء منها لتعاملهم مع عثمان من خلف القيادة العامة وكان عثمان سبي يدعمهم ويطلب منهم خلق البلبلة والفوضى.
إن إخوانكم اعتقلوا وعليكم بالتحرك.
وكان إدريس سيد هو الذي يحمل القروش والرسائل من عثمان سبي وهذا كان قد أرسل مبالغ كبيرة، وهو على علم بوضعنا المادي المتردي، أرسل هذه النقود إلى أفراد من القيادة العامة، ولما علمت القيادة ولم عقد اجتماع، وقررت اعتقالهم.
ومن الغريب في الأمر أن الذي وقّع أمر اعتقالهم كان على رأسهم أسياس أفورقي، وهو زميلهم في التآمر وكنا لا نعلم، وكان أمر الاعتقال موقّعاً أيضاً من محمد أحمد عبده و عبدالله إدريس من هنا كان التركيز على القيادة العامة واتهامها بأنها تعتقل ابناءها ليخلو الجو لبعض اعضاءها.
وبدأعثمان يتحرك هو وزملاؤه ويجمعون الناس من كافة الاتجاهات تمهيداً لإرسالهم إلى عدن وتشكيل قوة جديدة يدخلونها إلى دنكاليا، وقاموا بوضع سيناريو لهذا الموضوع الخطير، وقد تم نقل هؤلاء المواطنين الارتريين في طائرات مستأجرة من الخطوط اليمنية وغيرها، وقد ساعدهم الأخوة من رجال الأمن السوداني لتذليل الصعوبات الأمنية وغيرها ومنهم العقيد خليفة كرار وهو صديق للأخ عثمان.
وقامت منظمة فتح بدورها، بل إن ياسر عرفات شخصياً كان يتدخل لحل الأمور المالية وغيرها، وفي منطقة سيدو علا، تم اخراج العملية إلى الوجود، أي خلق تنظيم كان هو، قوات التحرير الشعبية، لكن سرعان ما دبّ الانشقاق، فمنهم من قال أنا عفري ومنهم من قال أنا سمهري، ومنهم من قال، أنا دنكلي وهكذا بدأ الانشقاق قبل العمل، لأنهم كانوا غير متجانسين فكرياً، ولهم أمزجة خاصة ويسعون من وراء ذلك لتحقيق الامتيازات الشخصية البحتة لا مصلحة وطن ولا يحزنون!!.
أما البقية الباقية فانتظروا في اليمين، فجاءهم وفد من جبهة التحرير على رأسه الأخ/ عبدالقادر رمضان وشرح لهم الموقف، فعادوا جميعاً إلى الجبهة، أما البقية من قوات التحرير الشعبية فبقيت بين اليمن الجنوبي والساحل الارتيري.
واتجه أسياس أفورقي مع شلته الطائفية إلى المرتفاع ونتيجة لهذا اجتمعت القيادة العامة، وحلّ المجلس الأعلى لقوات التحرير الشعبية التي يرأسها عثمان صالح سبي والمعروفة باسم البعثة الخارجية، وفي نهاية عام 1971 ظهرت مجموعة جديدة أطلق عليها اسم العوبليين واسمها الحقيقي القوات الثورية الارترية وقيادة جبهة تحرير ارتيريا هي التي أطلقت عليهم أسم العوبلتين لأنهم عقدوا مؤتمراً لهم في منطقة بركة كان برئاسة آدم صالح فالساحة الأرترية أصبحت ميداناً للصراع وحتى الآن يوجد في الساحة ثلاثة فرقاء منشقين مع مجموعاتهم وهم عثمان صالح سبي، أسياس أفورقي، وآدم صالح.
وقد ظهرت النتهازية والطائفية في هؤلاء، وعندما شعر أسياس أنه معزول في المرتفعات وعثمان سبي جنوب دنكاليا، وجدوا من مصلحتهم الالتقاء سوية، ذهب أسياس إلى دنكاليا عبر البر وانضم إلى قوات التحرير الشعبية، فأعطوه السلاح وعزّزوه بالمال وغيره، وهنا ظهر تباين في وجهات النظر، محمد علي عمارو لا يثق بأسياس ويرفض إعطاءه سلاحاً ومالاً، و رمضان محمد نور يثق بأسياس، ويضغط من أجل إعطاء أسياس السلاح والمال، لكن الذي انتصر في النهاية هو /أسياس نتيجة لتدخل عثمان إلى جانب رمضان، وكان عمارو هو الرجل القوي في الساحة وقتها.
وكان يعزّز عمارو رأيه بقوله: هؤلاء المسيحيون متعصبون، وأحس بأنهم ينقلبن ضدنا فلنبحث عن المسيحيين الوطنيين.
أي أن أسياس وشلته كان مشكوكاً بأمرهم، ولنعد قليلاً إلى العوبليين فقد بذل معهم جهد غير طبيعي، فلم ينفع الحال معهم، وبعد وقت ونتيجة لوساطات عدد من المشايخ الوطنيين التقت الجبهة مع العوبليين، وعلى فكرة فالعوبليين كلهم من منطقة بركة ومن قبيلة بني عامر، فآدم صالح، وأحمد آدم عمر، ومحمد أحمد إدريس، كلهم أعضاء في القيادة العامة سابقاً، لكن رئيسهم كان آدم صالح.
فجأة جاء آمر الأخوة المناضلين وقال: هيا عليكم التواجد في قاعة المؤتمر.
انصعنا للأمر من الأخ المناضل وذهبنا إلى قاعة المؤتمر: أخذ الأخوان أمكنتهم وأنا بدأت أٍجل بكاميراتي هذا الحدث الكبير الذي ستكون قراراته الضوء الذي يضيء الظلام.
ذهبت أبحث عن الحقيقة وأنا المصوّر الذي يلتقط كل شيء موجود، وقلت في نفسي أين هي الحقيقة من هذا كله؟.
تعبت فكرياً وجسدياً وتمنيت أن أكون مصوراً فقط، أعيش بين الكاميرات والأضواء وزملائي الفنانين، ولكني فضلت أن أبقى هنا إلى جانب الحق والمستضعفين،
ألم يعلمني والدي إلى أي جانب أنحاز في هذا العالم؟.
ألم يزرع والدي حب الوطن والأمة والإنسانية في نفسي؟
نعم.. عندما كان عمري 12 سنة كنت عضواً عاملاً في حزب تقدمي، وكنت أصغر عضو في هذا الحزب، وإذا عدت بذاكرتي قليلاً إلى الوراء إلى الظلم والسجن والعذاب والفقر والجوع، أجد نفسي على حق في انضمامي إلى هؤلاء الوطنيين من البشر، وبت لا أخاف شيئاً، لا سجن ولا عذاب ولا اضطهاد فالانسان للإنسان، كنت هكذا وسأبقى ما حييت.
في المساء جلست وحدي، أنظّف كاميراتي من الغبار الذي، علق فيها أثناء تجوالي هنا وهناك.
استلقيت على جنبي واستسلمت للنوم، وأنا أشعر براحة نفسية مما سمعته من مناقشات، بين الأخوة الثوار، وخاصة عندما وقف الأخ عبدالله إدريس وقال:
إن جبهة التحرير الأرترية جزء من حركة التحرر العربية؟
غفوت ولم أعرف المدة التي قضيتها في نومي، طويلة أم قصيرة؟
صحوت على صوت مع هزة عنيفة، وضربات قوية، وأضأت (المصباح) فوجت الشاب الذي كان يحرس بيتي ماسكاً ببندقيته من فوهتها ويضرب بقوة في كعب البندقية جسماً أسوداً طويلاً وضخماً، ونهضت لأكمل النظر إلى ما يحدث "كان نصف جسم الثعبان وذنبه داخل خيمتي وبقية جسمه مع رأسه خارج كوخي الصغير، كان الثعبان يشاطرني (غرفة نومي) ثم خرج ليستنشق الهواء، إن قدره قد جاء كانت ضربات هذا المقاتل قوية جداً، فمؤخرة البندقية كانت كافية من الضربة الأولى، أن تسحق رأس الثعبان إلا أن الأمان مطلوب، ولا يأتي الأمان إلا بسحق رأس الثعبان وتطايره، أما الذنب فهو ذنب.
ماذا حصل وكيف انسل هذا الثعبان إلى منزلي: وما الذي أعجبه في منزلي (القش هذا)؟
لا يهمك يا عم أحمد، كنت أراقبه، عندما دخل إلى خيمتك ولكني لم أستطع أن أفعل شيئاً خوفاً، من أن يلدغك. فقد كنت أدعو الله أن لا تتحرك في نومك، والحمد لله على سلامتك.
وسلامتك يا عبدالله. وكان هذا اسم المقاتل الذي يحرسني.
أكمل نومك يا عم أحمد، فأنا جالس ولا يهمّك!
كفاية يا عبدالله، لقد نمت زيادة.
ولم أرضخ لاصرار عبدالله على متابعة النوم، وخرجت من منزل القش أنظر حولي: كل شيء كان هادئاً، لا صوت لا حركة، الظلام ينشر أجنحته، وأشعلت البطارية الصغيرة التي كانت في يدي لأنظر في ساعتي، إنها الثالثة صباحاً أطفأت المصباح الصغير وناديت على عبدالله :عندك شاي يا عبدالله!
حبابك يا عمي أحمد..
جلست أمام منزلي (القشي) أنظر إلى السماء الصافية والمرصعة بالنجوم المتلألئة، أليس من المفروض أن أكون الآن في عداد الشهداء؟ وهل أنا شهيد أم ميت لو لسعني هذا الثعبان اللعين؟.
الى اللقاء... فى الحلقة القادمة