ارتريا من الكفاح المسلح إلى الاستقلال - الحلقة السابعة
بقلم الإعلامي الأستاذ: أحمد أبو سعدة - صحفي سوري - صديق الثورة الإرترية
على تراب أرتريا: أما هنا فالشهداء يتساقطون يومياً، والدمار والتشرد يتم كل يوم.
وتساءلت: "ألهذا السبب أنا موجود هنا؟ هل لأني شعرت بطعم الحرية، وأنا الذي رأيت أول عيد جلاء وأنا مع والدي الذي كان يحدثني عن أبطال الحرية وعن الشهداء، من زمن تركيا إلى الفرنسيين؟".
كان يحكي لي، عن بطولات الثوار وأعمالهم وإني لا أزال أذكر كيف قصف الفرنسيون دمشق وسجن القلعة ولا تزال الذكرى تعاودني، كيف خرجنا من بيتنا وركضنا باتجاه لبفسحة الموجودة في حارتنا القديمة في حي الميدان، كيف كانت السماء حمراء وصوت النساء وصراخ الأطفال وتهدئة الشيوخ بعضهم لبعض! كم هو كريه ومقيت الاستعمار؟ نعم.. لقد أعطانا أجدادنا وآباؤنا الحرية، بعد أن رووا الأرض بدمائهم.
أما هنا في ارتريا فإن الشعب يقدّم دماءه من أجل حريته. نعم كان والدي يروي لي قصة الثورة وأبناؤها. لقد أحرق الفرنسيون بيتنا وحينا مرتين. فأين المستعمرون الآن؟
كان والدي يردّد دائماً الحكايا الوطنية والبطولية للثوار، ما اجملها من حكايا حتى أنني تمنيت أن أشارك في تحرير وطني. إن حب الوطن هو واجب قومي وإنساني، كما أمر الله تعالى، أليست أرتريا بلداً عربياً؟
إذن سأشارك في تحرير هذه البلاد.. إني مع كل عربي في أي قطر عربي.
الساعة الآن الرابعة صباحاً. أربع عشرة ساعة، من السير المتواصل دون توقف. كنا نريد أن نقترب أكثر، من أية قرية حتى نتزود بالماء والطعام.
إن الريف الارتري هو المموّن الرئيسي والأساسي للثورة. وتوقف الركب بعد أن استقر الرأي على المكان الذي حددّناه لمبيتنا.
ولم تمض ثوان، حتى استسلت لنوم طويل وعميق، إلا أني وجدت نفسي أتكئ على بعض الوسائد التي أحضرت لي من القرية وخلعت الشدّة، وبدأت أبحث عن الشوك الذي لازم جسدي وأنا أحتسي كأس الشاي، واستمع إلى أزيز نار القهوة، وعزف المهباج الذي يدق حبات البن، وشربنا الجبنة أي القهوة العربية.
أطل قرص الشمس الأحمر، من وراء الجبل الأحمر، وقد أراد الله تعالى أن نرى بزوغ شمس يوم جديد على أرض أرتريا لكن صديقي محمود إبراهيم و سعيد صالح، لم يريا قرص الشمس، ولم يشاهدا حرية شعبهما واستقلاله.
أرادا الحياة لشعبهما، فسقطا قبل أن تكتحل عيناهما بنور الحرية: كم هو طجيب وأمين الشعب الارتري، إنه شعب يحب الضيف ويحترمه كما أسلفت ولقد ارتبطت بثورة الشعب الارتيري، ارتباطاً أبدياً، وأصبحت عضواً في جبهة التحرير الارترية.
الى اللقاء... فى الحلقة القادمة