حرب الجياع - الحلقة الثالثة عشر

بقلم الإعلامي الأستاذ: أحمد أبو سعدة - صحفي سوري - صديق الثورة الإرترية

الروابط الإسرائيلية (لقد كسبنا صداقة دولة مهمة من دول شرق إفريقيا) شمعون بيريز

حرب الجياع 2

صحيح ليس هناك دخان بلا نار، وقد ظهر هذا الدخان في وقت لاحق، إن الروابط الأمريكية مع الحكومة الارترية الحالية، بالإضافة إليها الروابط الإسرائيلية مع النظام الارتري كما هو مبين فرضت المطالب التالية:

1. مقاومة أي توجه إرتري نحو الهوية العربية رغم أن أكثر من 90% من الشعب الارتري يتحدثون العربية والباقي يفهمها.

2. الدعم الإسرائيلي.

نشرت مجلة أفويتا الاثيوبية رواية قد تكون لها من الأهمية ما يثير الجدل، فقد اختارت المجلة المذكورة أن تبتدئ الرواية من صفحة غلافها، حيث بدأت بعنوان كبير ملفت للنظر، وهو: تل أبيب تهدي نظام أسمرا كميات كبيرة من الأسلحة، الشركات الإسرائيلية تبيع أسلحة متطورة لحكومة أسمرا.

دعونا نقف عند هاتين الكلمتين. الإهداء والبيع:

أ) الإهداء: إن تاريخ بني إسرائيل منذ وجد اليهود يبين أنهم لا يقدمون شيئاً اسمه هدية أو مساعدة دون أن يكون وراءها شيئ له قيمة أكبر من الهدية أو المساعدة وأنا لا أتجنى على اليهود كوني عربي ولي قضية، لكني لو صدقت كلاماً قيل عن هكذا موضوع، لاتهمت عقلي بأنه في حاجة إلى علاج نفسي؟!

ب) البيع: ولنأخذ معناه ونترجمه من الشقيق الحاكم في اثيوبيا حيث تطرق هذا الشقيق إلى صفقات الأسلحة التي تم التعاقد عليها بين إسرائيل واسمرا، صفقات الأسلحة هذه تسببت في عدة مشاكل بين أسمرا وشركات الأسلحة في إسرائيل. المجلة المذكورة نقلت تفاصيل علاقة أسمرا بإسرائيل من خلال جريدة موش ألوت الإسرائيلية التابعة لديوت هالوت مشيرة إلى أن علاقة التعاون بين إسرائيل واسمرا وصلت إلى مرحلة متطورة مما دفع إحدى الشركات الإسرائيلية أن تتولى مهمة تسليح ارتريا حيث تم توقيع عدد من الاتفاقيات مع الشركة الإسرائيلية على توريد الأسلحة والمعدات المتطورة.

فجأة طلبت الحكومة الارترية من هذه الشركة إلغاء إحدى الصفقات؟

ردت الشركة الإسرائيلية تستفسر عن ذلك.

جاء رد الحكومة الارترية بالآتي:

إنكم توردون لنا أسلحة من شركات الدول الشرقية ونحن نفضل أن نتعاون مباشرة مع هذه الشركات ونطلب إلغاء العقود الموقعة بيننا.

لمن تعود هذه الشركة:

1. يمتلك هذه الشركة الكولونيل اليهودي قاريت بيرس وشريكه ليونيل كوهين وعدد من جنرالات الجيش الإسرائيلي.

2. تعمل هذه الشركة اليهودية في استيراد الأسلحة من أوربا لتبيعها لعدد من الدول الإفريقية.

3. طلبت الحكومة الارترية من شركة الجنرالات هذه إعادة ملايين الدولارات التي تم تحويلها إلى البنوك الإسرائيلية بموجب الصفقات التي تم توقيعها بين أسمرا وشركة الجنرالات.

4. رفضت شركة الجنرالات طلب نظام أسمرا.

5. بدأت بوادر الخلاف تتصاعد وخاصة بعد أن اعتقلت الأجهزة الأمنية الارترية ثلاثة من خبراء الشركة.

6. تم اتصال هاتفي بين وزير الخارجية الإسرائيلي دافيد ليفي ورئيس دولة ارتريا، تمخض عن هذا الاتصال الإفراج عن الخبراء الثلاثة، وأن يسافر اثنان ويبقى الثالث ويدعى يعقوب وبقي يعقوب في أسمرا ليتابع أعمال الشركة.

فجأة منعت السلطات الأمنية سفر يعقوب إلا أن يعقوب لم يبال بقرار منعه من السفر.

سافر يعقوب بطريقة صهيونية، حيث ذهب إلى الشاطئ الارتري الجميل ليستمتع بهوائه ومياهه الصافية الدافئة وبعد أيام من عطلته جاءه أحد الضباط الإسرائيليين المتواجدين في الجزر الارترية وقال له: تفضل يا سيدي فزورق البحرية الإسرائيلية بانتظارك ليقلك إلى إسرائيل؟!.

وصل يعقوب إلى تل أبيب واستقبل من قبل جنرالات شركته ثم أدلى بعدها بعدة تصريحات ومما جاء في تصريحات المدعو يعقوب الآتي:-

قال يعقوب إن صفقة الأسلحة تمت بين شركتي والرئيس الارتري مباشرة كما أن قرار اعتقالي وزملائي صدر من الرئيس أفورقي مباشرة، لكننا علمنا فيما بعد ومن مصادرنا الخاصة أن أصحاب الشأن الارتري يريدون عمولة عالية جداً،رفضنا الامتثال لطلبهم حيث كانت الشركة قد اتخذت قراراً هاماً وهو عدم التساهل مع الحكومة الارترية في هذا الشأن لأن ذلك سوف يفتح الباب أمام بقية الحكومات الإفريقية الأخرى لتتنصل وتلغي ما تم الاتفاق عليه. إن شركتنا سوف تعطي الحكومة الارترية درساً قاسياً تنصاع فيه وهي مبتسمة ضاحكة ويكون درسنا هذا عبرة لكافة الحكومات الإفريقية.

7. هنا تقدم صحفي من يعقوب وسأله كيف تمكنت من الخروج من ارتريا بعد أن منعك الرئيس الارتري من مغادرتها ؟..

8. ضحك يعقوب وأجاب الصحفي السائل: ألا تعلم أن ضباطنا كثيرون في ارتريا، إذا كنت لا تعلم فعليك أن تعلم الآن، وها أنا موجود هنا؟.

ثم تحدث الخبير يعقوب قائلاً: إن رفاقي في شركتنا التي يديرها جنرالات الجيش اتصلوا بالحكومة وأبلغوها بإقامتي الجبرية في أسمرا فما كان من الحكومة إلا أن اتصلت مع الرئيس أسياس والخارجية الارترية وحثتهم على حل هذه المشكلة بأسرع وقت ممكن، ويمضي يعقوب قائلاً: إن الحكومة الارترية اتخذت قراراً بإطلاق سراحنا دون أن تدفع دولاراً واحداً لأن الجانب الارتري هو الذي نقض الاتفاق وعن طريق شيفرة سرية بيني وبين الشركة، أبلغني رفاقي بأنهم وضعوا أربع خطط لإخراجي من أسمرا دون تنفيذ ما طلبته الحكومة الارترية.

الخطة الأولى: إخراجي مباشرة من مطار أسمرا وذلك بإحضار طائرة إسرائيلية خاصة لهذا الغرض؟

الخط الثانية: تحضير أوراق ثبوتية مزورة والخروج بها؟

الخطة الثالثة: الهروب إلى إحدى دول الجوار "اثيوبيا" ومنها يتم نقلي إلى إسرائيل؟

الخطة الرابعة والأخيرة: عبر البحر الأحمر وقد وقع الاختيار على الأخيرة.

استطاع يعقوب الخروج من أسمرا بواسطة أصدقائه الذين يعرفون مداخل ومخارج المدن الارترية بحكم تواجدهم الأمني فيها، فالضباط الإسرائيليون الذين يقومون بتدريب أجهزة الأمن الارترية طلبوا من يعقوب أن يقوم ببعض الأعمال التمويهية حتى لا يلفت الأنظار إليه.

يعقوب يملك جهاز هاتف صغير جداً متصل بالأقمار الصناعية، ساعده في تسهيل اتصالاته مع أصدقائه الجنرالات في تل أبيب.

يقول يعقوب إنه تلقى معلومات اندلاع الحرب الاثيوبية الارترية قبل وقوعها فشركته عرفت فيما بعد أن اتصال الحكومة الارترية بشركته كان ضمن الاستعداد لخوض هذه الحرب، وقد قال يعقوب خبير الحرب إنه كان يسمع عن معلومات حول مستقبل المنطقة والمواجهات المتوقعة حتى اندلعت الحرب، حينها حدث انفراج بين إسرائيل والحكومة الارترية، فقد جرى الحديث بين الحكومتين على تخطي أسباب الخلاف المالي بين شركتي التي تقدم السلاح وحكومة ارتريا.

يتابع يعقوب ويقول: وصلت سفينة سياحية الشكل إلى ميناء مصوع وهذه السفينة مستأجرة من قبل ضابط المخابرات الإسرائيلية الكابتن شيزسوف ميشيا أنزلت السفينة هذه سياحاً مع أمتعتهم، هؤلاء السياح لم يكونوا سوى خبراء عسكريون أوفدوا خصيصاً لمساعدة القوات الحكومية الارترية أما أمتعتهم فلم تكن سوى أسلحة ومعدات عسكرية متطورة، أثناء نقل الأسلحة والمعدات العسكرية قمت مع صديقي البلجيكي وزوجته بركوب قارب صغير في البحر الأحمر، وأثناء جولتي مع البلجيكي وزوجته الجميلة، تلقيت إشارة بأن أتجه عبر الخط كذا: إلى مكان كذا حيث تنتظرني سفينة من البحرية الإسرائيلية المتواجدة في الجزر الارترية.

بعد وصول يعقوب إلى إسرائيل اتصل وزير خارجية ارتريا مع نظيره الإسرائيلي وقال له إن ارتريا أغلقت ملف الشركة عرفاناً بمساعدة الحكومة الإسرائيلية.

انتهت قصة يعقوب مع حكومة أسمرا، لتبدأ قصة الحرب مع اثيوبيا.

الى اللقاء... فى الحلقة القادمة

Top
X

Right Click

No Right Click