حرب الجياع - الحلقة العاشرة

بقلم الإعلامي الأستاذ: أحمد أبو سعدة - صحفي سوري - صديق الثورة الإرترية

الفصل الثالث:

• التغلغل الإسرائيلي.

• الظرف الرئاسي.

• علاقات بعض قيادي الجبهة الشعبية بأمريكا وإسرائيل.

حرب الجياع 2

• الروابط الإسرائيلية.

• المؤامرة.

• المؤامرة والأخطار الكبرى.

التغلغل الإسرائيلي وعبر البحر الأحمر من اليمن تقع الدولة الجديدة ارتريا، لقد نالت ارتريا استقلالها عام 1993 وتقودها قيادة شابة وذكية تريد أن تعمل من أجل السلام شمعون بيريز.

إن تغلغل إسرائيل في إفريقيا في زمن زوال الاستعمار التقليدي يؤكد تشابه الأهداف بين كافة الدول الاستعمارية. وهي تتمثل في المحافظة على الظروف الملائمة لنهب ثروات الشعوب والتصدي للقوى الوطنية التي تسعى للتحرر الوطني والاقتصادي.

إن السياسة التوسعية للسلطة في إسرائيل تعكس الوجه الحقيقي للصهيونية وهذه السياسة تنطلق من مبادئ العداء للإنسانية والتفوق العنصري اليهودي، وفي هذا المجال تجدر الإشارة إلى أن التوسع الإسرائيلي لا يتم باحتلال الأراضي فقط وإنما بالمساعدات التي تندرج تحت أساليب الاستعمار الجديد، فإسرائيل استطاعت بفضل اعتمادها على دعم الاحتكارات الرأسمالية الكبيرة لها أن تتغلغل بشكل متقن في اقتصاد عدد من دول العالم. ومن هذه الدول، دول القارة الإفريقية وتحقق فيه نفوذاً سياسياً واضحاً.

إن تاريخ التوسع الإسرائيلي في إفريقيا هو جزء من تاريخ الاستعمار الجديد وركن أساسي في سياسة الدول الغربية الكبرى.

استطاع الإسرائيليون أن يحتلوا مواقع حساسة في الأوساط القيادية للجيش والبوليس والأجهزة الأمنية في عدد من البلدان الإفريقية وذلك عن طريق مساهمتهم في تدريب وحدات عسكرية بكاملها، كذلك أصابت العلاقات التجارية تطوراً كبيراً، وحققت لإسرائيل مكاسب ضخمة، ومما لاشك فيه أن الدعاية الصهيونية قد نجحت في التأثير على عدد من الحكام الأفارقة في وقت غاب عنه الفعل والدعاية العربية.

هذه العوامل مكنت إسرائيل من التأثير على السياسة الخارجية والداخلية لعدد من الدول الإفريقية، مما أتاح لها التدخل في شؤونها الداخلية.

إن النجاح الذي حققته إسرائيل خلال فترة زمنية قصيرة يعد نجاحاً باهراً لسياستها.

هناك اتجاه يتم عبره تسخير الدعاية الصهيونية ونحو تمويه الأهداف الحقيقية للسياسة الإسرائيلية في إفريقيا وهذا الاتجاه يهدف إلى تضليل المسؤولين وبعض القادة والسياسيين من أبناء القارة السوداء والقرن الإفريقي.

فالإسرائيليون يركزون على مقولتهم التي تقول إن إسرائيل دولة نامية ديمقراطية، ولا علاقة لها بأفعال الدول الإمبريالية؟!.

هذه الأكذوبة أوجدها الصهاينة لتأكيد التشابه بين إسرائيل والدول النامية، أو المستقلة حديثاً. وللايحاء بأن هناك مصالح مشتركة بين إسرائيل والعالم الإفريقي، وأن تقديم المساعدات الإسرائيلية لا يخرج عن إطار هذه المصالح، وأنه عمل يتسم بالصدق ومجرد عن المآرب الأخرى، ويختلف بشكل مبدئي عن معونات العالم الغربي الاستعماري.

إن مقولة إنكار إسرائيل لماضيها وحاضرها الاستعماري لا أساس لها من الصحة.

وإن الرحلات التاريخية للمروجين الإسرائيليين وحجتهم الرئيسية المستمدة من تصريحات تيودور هرتزل التي تقول إنه بعد حل مشكلة التمييز العنصري لليهود يجب ان تحل مشكلة التكفير عن الذنوب المرتكبة بحق الأفارقة؟.

هي حجة كاذبة. فهذه الكلمات العابرة التي قالها هرتزل في روايته "الأرض الجديدة" والمتعاطفة مع الأفارقة لا يجوز اعتبارها رغبة حقيقية لتحرير أفريقيا.

وفيما يتعلق بالدوافع الحقيقية لتصريحات هرتزل المتعلقة "بالتكفير عن الذنوب المرتكبة بحق الأفارقة، فإنها تتماشى كلياً مع مطامع الاستعمار الجديد للصهاينة المعاصرين فهو يضع ما يسمى بتحرير إفريقيا بعد حل مسألة التمييز العنصري لليهود. وفي الوقت ذاته نجد في روايته أي هرتزل آراء استعمارية وعنصرية صريحة فهو يبدي قلقه على الإنسان الأبيض المستعمر الذي يموت هناك، والمقصود به نسبة الوفيات العالية بين المهاجرين البيض بسبب الأمراض، ففي الوقت ذاته يدعو أيضاً إلى نقل السكان الزائدين من الدول الغربية الأوربية إلى القارة الإفريقية ويؤكد على أن تصبح إفريقيا ميداناً للعمل الثقافي. ويتحدث هرتزل باستهتار عن الإنسان الأسود. وهو كواحد من المبشرين المعاصرين بالاستعمار الجديد، يدعو اليهود إلى "علاج إفريقيا" وذلك باستخدام خبراتهم وانتشارهم السياسي العالمي، ثم أن هناك كذبة أخرى يحاول منظرو تل أبيب ترويجها وهي متصلة بما يسمى وحدة مصير الشعبين اليهودي والإفريقي، فحسب مزاعم الصهاينة، فإن اليهود مثلهم مثل الأفارقة قد تعرضوا على امتداد العديد من القرون للاضطهاد الجماعي وقاسوا من التفرقة العنصرية.

في عام 1895 كتب هرتزل الآتي: إن الدولة الصهيونية المقبلة يجب أن تكون قوية، مشيدة وذات عظمة كي تجسد على أكمل وجه تفوق شعب الله المختار؟!.. على بقية الشعوب وبخاصة في أسيا وإفريقيا وقد حرص أتباع هرتزل المعاصرون على تطبيق تنبئواته على أكمل وجه وخاصة مع الشعب العربي الفلسطيني.

ففي ضوء أهداف إسرائيل الاستراتيجية أعطيت أهمية خاصة لشرق إفريقيا الغربية من البحر الأحمر، ومن هنا نشأت صلات وثيقة مع اثيوبيا وارتريا، ثم ركزت إسرائيل على ارتريا بعد استقلالها. وقد وضعت إسرائيل في مخططاتها الاستراتيجية الأهداف التالية:

أ) إيجاد عمق استراتيجي في البحر الأحمر يتيح لها رصد أي نشاط عسكري في المنطقة.

ب) توسيع الوجود العسكري الإسرائيلي وترسيخه في القرن الإفريقي ليشمل إفريقيا كلها.

ت) تأمين قواعد إسرائيل العسكرية بما يوفر لها في إمكانيات الهجوم المباشر على العرب من خلال البحر الأحمر.

ث) استخدام التفوق الإسرائيلي العسكري لكسر أي حصار عربي في المستقبل ضد القوات الإسرائيلية في حالة حدوث أي مواجهة عربية إسرائيلية في البحر الأحمر.

ج) ضمان أمن الخطوط البحرية العسكرية والتجارية الإسرائيلية بين المحيط الهندي والبحر المتوسط إلى أسيا وإفريقيا.

من هذه النقاط تهدف إسرائيل إلى تحقيق أهدافها الاستراتيجية في البحر الأحمر إذ إن البحر الأحمر بحيرة عربية باستثناء ميناء إيلات في الشمال ثم الموانئ الارترية في الجنوب، حيث أن ميناء إيلات يصبح عديم القيمة إذا أصبحت الموانئ الارترية بعيدة عن السيطرة الاستراتيجية لأن للمنطقة أهمية كبيرة من حيث ارتباطها بالممرات البحرية العالمية وقناة السويس.

هذا التعاون الارتري الإسرائيلي مضافاً إليه التعاون الاثيوبي الإسرائيلي يصبح ثالوثاً قوياً في معاداة الأمة العربية وتمزيقها واقتطاع أجزاء جديدة منها. ويزداد الأمر خطورة على الدول العربية إذا أنشئت دولة في جنوب السودان لأن هذه الدولة ستقع تحت سيطرة إسرائيل ـ اثيوبيا ـ ارتريا ـ أمريكا ـ وبهذا تهدف إسرائيل إلى عزل الدول العربية عن الدول الإفريقية وإثارة الخلافات بينها. وقد أخذت الحكومة الارترية نهج التعاون مع إسرائيل التي استغلت هذه الفرصة لتثبت تواجدها في ارتريا حيث بدأت العمل على إقامة بنية أساسية للمجتمع الارتري تخدم مصالحها وتوسعها أولاً وأخيراً.

الى اللقاء... فى الحلقة القادمة

Top
X

Right Click

No Right Click