حرب الجياع - الحلقة الثامنة

بقلم الإعلامي الأستاذ: أحمد أبو سعدة - صحفي سوري - صديق الثورة الإرترية

دخلت سيارة سوداء اللون مبنى وكالة المخابرات المركزية الأمريكية ثم تبعتها سيارة أخرى من نفس اللون،

حرب الجياع 2

مرت السيارتان في ممر تحت الأرض طوله حوالي "كم" واحد، وقفت السيارتان أمام المصعد ليترجل منها اللواء عمر الطيب وعلى صدره بطاقة كتب عليها "زائر" أما السيد ميلتون فقد وضع على كتفه إشارة “C.I.A” وفي الشارة صورته ورقمه، أما العقيدين م وص فقد وضعا نفس إشارة اللواء عمر الطيب.

اجتمع عمر الطيب مع السيد "كيس" مدير المخابرات الأمريكية لمدة 12 دقيقة أما العقيدين "م" و "ص" فكانا يجلسان في مكتب سكرتيرة السيد "كيس".

قال اللواء عمر الطيب للسيد "كيس": إني اقترح تأجيل العملية أسبوعاً أو أسبوعين.

رفض السيد مدير المخابرات الأمريكية السيد "كيس" اقتراح رئيس جهاز الأمن السوداني ورد عليه بعنف قائلاً:

أود أن أبلغك أن كل الترتيبات قد اتخذت مع "بروكسيل" لوصول الطائرات التي ستنقل "الفلاشا" من السودان، وقد وضعنا في حسابك بلندن مبلغ "مليوني" دولار.

ابتسم اللواء عمر الطيب وقال إن "تدبيرك" هذا سوف ينفذ بدقة وخاصة أنني جئت إلى هنا عدة مرات؟.

في الغرفة المجاورة لمكتب "كيس" كان عدد كبير من ضباط سلاح الطيران الأمريكي مجتمعين، دخل العقيدان السودانيان "م" و"ص" ثم انضم إليهم اللواء عمر الطيب كانت الغرفة واسعة نسبياً وقد علقت على الجدار خارطة كبيرة التقطت من الجو وقد كُتِبَ عليها اسم "الغضارف".

جلس الطيارون الأمريكيون والضابطان السودانيان "م" و"ص" حول طاولة مستطيلة الشكل وتصدر اللواء عمر الطيب الطاولة، أخرج اللواء عمر من جيب "جاكيته" تقريراً مكتوباً باللغة الإنكليزية وبدأ يقرأ بصوتٍ عالٍ.

هذه هي خطتي لنقل اليهود الفلاشا من مطار "بورسودان"، وإذا تعذر نقلهم من مطار بور سودان فسوف ننقلهم من مطار الخرطوم وقد وضعت في تصوري أيضاً مطار "العزازة" في الغضارف إذا فشلنا في نقلهم من مطاري "الخرطوم وبور سودان" ولكني أفضل أن يتم نقلهم من مطار "العزازة" بالغضارف على أنهم لاجئون ارتريون. وخاصة إن الثائر المخلص قد تعاون معنا تعاوناً طيباً، وإن السيد كيس أخبرني بأن طائرات النقل "العشرة" جاهزة للإقلاع. وأقترح أن تأتي هذه الطائرات مع أول ضوء في الصباح، وبفارق زمني بين كل طائرة وأخرى "45" دقيقة. هل هناك شيئاً تودون طرحه؟.

لم تحدث أي مناقشة طويلة. ولم تستغرق عملية النقاش بين اللواء عمر الطيب والضباط الأمريكيين سوى "20" دقيقة فقط لا غير. وفي نفس اليوم دعا وزير الدفاع الأمريكي اللواء "عمر الطيب" وصحبه إلى عشاء يقام على شرف اللواء الطيب.

في الصباح كان اللواء عمر الطيب يتناول إفطاره على مائدة نائب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية "جورج بوش" لوحده فقط ؟.

على مائدة الإفطار قال نائب الرئيس الأمريكي جورج بوش لرئيس جهاز الأمن السوداني عمر الطيب:

عليك ألاّ تنسى أن هذه العملية تتم بناءً على تعليمات خاصة من الرئيس "رونالد ريغان"، وأن الرئيس "ريغان" مرتاح من الرئيس "نميري"، وأنا مرتاح من عملكم الذي سوف نقيمه على أحسن وجه.

نسي "عمر الطيب" من شدة فرحه أن الذي يكلمه هو "جورج بوش" نائب رئيس الولايات المتحدة، فرد عليه باللهجة السودانية الجملة التالية: "إحنا عايزين نخدم يا فندم"، لكنه عاد وتراجع وقال نحن عند حسن ظن الرئيس "ريغان" وحضرتكم. وستكون النتائج باهرة جداً يا سيدي.

بعد أيام جاءت الطائرات الأمريكية ونقلت اليهود الفلاشا.

قَدِمَ جورج بوش نائب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية إلى السودان. وذهب بوش يرافقه اللواء عمر إلى مدينة كسلا السودانية وتفقد أحوال المواطنين الذين أصيبوا بالجفاف والتصحر والمجاعة وكذلك أحوال اللاجئين الارتريين والاثيوبيين.

وبالقرب من مدينة كسلا يوجد معسكر للاجئين يدعى "ودشريفي" يضم هذا المعسكر لاجئين "إثيوبيين وإرتريين". بعد تفقد بوش للاجئين في المعسكر ذهب ليتفقد شيء آخر، ذهب إلى خيمة تبعد أمتار قليلة عن المعسكر، في تلك الخيمة كان يوجد عدد من الرجال يترقبون قدوم شيئ هام. كان يحيط بالخيمة عدد كبير من الحراس المختلفي "الزي" عن الأمن والجيش السوداني. دخل "بوش" ومعه اللواء عمر الطيب وبقي كافة المرافقين خارج الخيمة.

قال بوش إننا نعرفك جيداً ونعرف أنك صديق قديم لنا ولأصدقائنا الإسرائيليين وإن حكومة الولايات المتحدة سوف تقدرك وتثمن جهودك في عملية ترحيل "اليهود الفلاشا" كذلك أصدقاؤك الإسرائيليين. وإنني أعلمك أننا وضعنا في حسابكم "بسويسرا" مبلغ "15" خمسة عشر مليون دولار وسوف نرسل لكم كل ما تطلبونه من أسلحة ومعدات أخرى.

شكراً يا حضرة نائب الرئيس، لقد قمنا بأقل من واجبنا تجاهكم وتجاه أصدقائنا المخلصين.

بوش: والآن وداعاً أيها الثائر الارتري المخلص؟!.

الثائر الارتري: وداعاً يا سيدي نائب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية.

ابتسم اللواء عمر الطيب وقال للثائر المخلص: إن جمع الأصدقاء الأوفياء يسرني ويشرح نفسي.

استغرق هذا اللقاء فقط ثلاث دقائق.

بعدها ذهب نائب الرئيس الأمريكي بوش ليقابل الرئيس السوداني "جعفر النميري" ويشرب الشاي معه في القصر الجمهوري لإتمام بقية مراحل نقل "اليهود الفلاشا" وذهب الثائر الارتري المخلص ليستعد للسفر إلى سويسرا ويقبض ثمن أتعابه في عملية نقل "اليهود الفلاشا" إلى السودان.

الى اللقاء... فى الحلقة القادمة

Top
X

Right Click

No Right Click