مذكرات مناضل إرتري - تجربتي في الكفاح الوطني الأرتري - الجزء الثاني

قراءة: صالح فايد ـ أسمرا تأليف: علي محمد صالح شوم علي

تحت عنوان "مذكرات مناضل إرتري" صدر كتاب الأستاذ/ علي محمد صالح بنسختيه العربية والتقرينية وتم تدشين الكتاب في

السادس من يونيو بفندق إمباسيرا بأسمرا بحضور عدد من المثقفين والمهتمين، حيث قدمت قراءة للكتاب من قبل السيد سعيد عبد الحي، أكد في قراءته غير النقدية كما سماها، أن التاريخ عدة تعريفات ومصادر، وقال "بأن هذا الإصدار وغيره من الإصدارات التاريخية القادمة ستكون أحد الروافد الهامة التي ستسهم بلا شك في صياغة تأريخنا على النحو الحقيقي الذي يعكس ماضينا بكل إيجابياته وسلبياته".

كما تناول في قراءته الفترة التي غطاها الكتاب. وتطرق إلى الجوانب الهامة في الكتاب. وأكد بأن الإصدارة تعتبر أول محاولة شخصية لتوثيق النضالات التي خيضت في المدن في السني الأولى من الكفاح المسلح. وأشار إلى جملة من الملاحظات في نهاية القراءة منها الاهتمام بالتفاصيل وضرورة تضمينها بأكبر قدر ممكن بأن الكتاب أحدث صدى كبيرا لدى الكثيرين.

وكان الاستهلال في حفل التدشين للكاتب حيث قال في كلمته: أيها الحضور الكريم يسرني أن أتقدم إليكم بخالص الشكر والتقدير لتلبيتكم دعوتنا للمشاركة في هذه الأمسية التي نحييها بمناسبة صدور كتابي الأول بعنوان "مذكرات مناضل إرتري". عندما فكرت في كتابة هذه المذكرات، ترددت كثيرا في أول الأمر إدراكا مني لحجم المسؤولية، ولكن بعد وقفة مع الذات وجدت نفسي ملزما بتقديم البسيط مما أعرفه وما عايشته وشاركت فيه خلال الفترة التي يتناولها الكتاب. وهكذا اتخذت قرار الشروع في الكتابة ظنا مني بأنها أي الكتابة أمر سهل، فوجدت الأمر في غاية الصعوبة عكس ماكنت أتصور. وذلك لما تتطلبه الكتابة من تأن ومثابرة وتضحية بالجهد والوقت، حيث لم تكن لي يوميات مسجلة أو مراجع جاهزة أستعين بها في توثيق المعلومات والتثبت من الحقائق والأسماء وترتيب الأفكار. ومما زاد الأمر صعوبة عدم تواجد العديد من الزملاء الذين خاضوا معي التجربة لأسباب تتعلق بلإستشهاد أو الوفاة أو لظروف الحياة التي باعدت بيننا. ولم تكن رحلة الطباعة والتصحيح والتنقيح والبحث عن جهة تتبنى الطباعة والشحن والتوزيع مهمة أقل صعوبة من المراحل الأخرى لإعداد الكتاب. ولا أستصعب التجربة لأنفر الناس من خوض تجربة مماثلة، بل لأنوه إلى حجم المسؤولية التي جعلتني أدرك أهمية وقيمة الكتاب وأقدر جهد كل كاتب يسعى جاهدا لينقل إلينا أفكاره ومعلوماته وتجربته.

بالعودة إلى محتوى الكتاب، فإن الهدف منه كما هو مبين في المدخل، هو تقديم بعض مما تسعفني به الذاكرة من أحداث ومواقف شاركت فيها بالقول والعمل خلال المراحل المختلفة للنضال الوطني. وأجمالا لا يمكن القول بأن الغرض هو إبراز دور الوطنيين الإرتريين الذين عايشتهم ونفذوا أعمالا وطنية جريئة داخل المدن. وواجهوا الاحتلال الإثيوبي بشجاعة واستبسال نادرين خلال مسيرة النضال.

ومن خلال الإشارة إلى تجربتي الخاصة، حاولت تسليط الضوء على بعض الأحداث والمراحل التي مرت بها الثورة الإرترية وعلاقاتها الخارجية مع الدول والمنظمات.

بدوره قدم السيد/ سعيد عبد الحي قراءة للكتاب وكانت على النحو التالي : " في البداية أود أن أعبر عن عميق سروري وتهنئتي للأستاذ علي محمد صالح بمناسبة صدور كتابه الأول بل والنسخة الثانية منه، ومع ترجمتها إلى التجرينية، وآمل ألا يكون هذا الكتاب هو الأخير، وأود هنا أن أبشر الحضور بـأنني لن أطيل الوقوف أمامكم كثيرا لأنه علي أن أتيح المجال للمتحدث التالي.

كما هو معروف فأن للتاريخ عدة تعريفات تتوافق مع كل مدرسة أو منهج بحثي معين، لكن ما لايختلف عليه اثنان هو أن التاريخ علم يعتمد على رصد أحداث الماضي، ومصادر علم التاريخ أيا كان النهج الذي تتبعه هي الكتب والصحف والوثائق المطبوعة والأوراق الشخصية والسجلات الأرشيفية المختلفة.

هذا المدخل حول الفهم العام لكتابة التأريخ وطرق صياغته قصدت به توضيح أن هذا العمل الذي أمامنا وغيره من الأعمال المماثلة التي آمل أن تتلاحق قريبا ستكون أحد الروافد الهامة التي ستسهم بشكل أو بآخر في صياغة تاريخنا على النحو الحقيقي الذي يعكس ماضينا بكل ايجابياته وسلبياته.

بالطبع لن أقوم هنا بتقديم قراءة نقدية لهذا الكتاب لأنه ليس موضوع تجمعنا، فالكتاب يتكون من نحو مأتيين وسبع صفحات من الحجم المتوسط، إضافة إلى مئة صفحة أخرى تشمل الوثائق والصور. يغطي هذا الكتاب مرحلة تمتد من 1957م وحتى السنوات الأولى للتحرير، ولاشك أن هذه المرحلة الطويلة يصعب تغطيتها في هذا العدد المحدود من الصفحات وذلك على الرغم من أن المؤلف يشدد على أن ماتناوله في مذكراته هذه يشمل فقط الأحداث التي عايشها شخصيا ولايتناول كل تلك الأحداث التي عاصرها بغض النظر عن أهميتها. ومهما يكن فأنني أتمنى أن يغير المؤلف رأيه ويتحفنا في النسخة المنقحة الثالثة بإضافات تثري هذا الكتاب.

قسم المؤلف الكتاب إلى ثلاثة أقسام كل قسم يحتوي على عدد من الفصول يصل الخمسة أو يزيد وذلك إضافة إلى الخلاصة أو الخاتمة والملحقات.

بشكل عام يمكن تقسيم الكتاب إلى ثلاثة أجزاء لتسهيل المتابعة ألأول هو الخاص بفترة العمل السري داخل المدن، وهذا الجزء الذي يشمل الفترة من عام 1957م، وحتى مارس من عام 1967م وهو العام الذي ألتحق فيه المؤلف بالميدان وتفرغ للعمل التنظيمي. أما الجزء الثاني فيشمل الفترة التي عمل فيها المؤلف في السودان كمندوب للجبهة في القضارف وهي الفترة التي تمتد حتى نهاية 1971م.

أما الجزء الثالث والذي أخذ مايربو على نصف حيز الكتاب فهو العمل العمل الدبلوماسي في الخارج. والجزء الأول الذي يتناول العمل السري في المدن هو أهم أجزاء الكتاب على الإطلاق.

وهذا لايعني التقليل من بقية أجزاء الكتاب، ولكن يمكن القول إنه على حد علمي إن هذه هي أول محاولة شخصية لتوثيق النضالات التي كانت تخاض في المدن في السنوات الأولى من بدء الكفاح المسلح وسيجد فيها القارىء ن أن أن أ أن الكثير من المعلومات التي يمكن أن تساعد على فهم طبيعة الأجواء التي كانت سائدة آنذاك. وللحقيقة حرصت على قراءة هذا الجزء أكثر من مرة وسجلت الكثير من الملاحظات بعضها نقدي وبعضها توجيهي. ولا أرى أن هناك ضرورة لطرحها الآن ولكن باختصار يمكن أن أجروء على القول أن هذا الجزء وحده كان يمكن أن يكون كتابا ضخما لو كرس له المؤلف الوقت اللازم.

الجزء الثاني من الكتاب على حسب تقسيمي الآنف الذكر يشمل فترة العمل كمندوب للجبهة في السودان أي الفترة الممتدة حتى نهاية عام 1971م وهي المرحلة التي شهدت الكثير من الأحداث المصيرية بالنسبة لشعبنا سواء على الساحة الإرترية أو السودانية. وقد عايش المؤلف أحداثها عن قرب ولكنه يبدو أنه أختار عدم الخوض في تفاصيلها لأسباب يعلمها.

أما الجزء الثالث المتعلق بالعمل الخارجي أخذ الحيز الأكبر من هذا الكتاب وتضمن معلومات جديدة لكنها ليست على النحو الذي يطمح القارئ أن يتعرف عليه من شخص بمستوى السيد علي محمد صالح الذي يمكن أن نقول أنه قد أحترف العمل الدبلوماسي لطول الفترة التي عمل بها بالخارج وتحديدا في المنطقة العربية. ويبدو أن الطبيعة الدبلوماسية قد تغلبت عليه في تناوله لهذه الفترة. فكان دبلوماسيا جدا في تناوله لأحداث هذه الفترة. وكنا نتوقع من الأخ علي أن يوضح عددا من القضايا الخلافية حول حقيقة ـ وأقصد بالطبع ـ المرحوم المناضل عثمان سبي قد عبر علانية عن خيبته في هذا المجال وبلغ به الأمر أنه صرح حرفيا إن مايجود به أثرياء البتر ودولار لدعم النضال الإرتري يقل كثيرا على ماينفقه هؤلاء على حفل استقبال في أي قندق، ذلك فضلا عن مسألة المنطلقات حيث أن الكثير من الدول العربية كانت تتعامل مع ملف القضية الإرترية من الزاوية الأمنية وليس من الناحية المبدئية، اللهم إلا إذا استثنينا دولة الصومال وقتها.

أني أود أن أختم استعراضي السريع لهذا الكتاب بالملاحظات التالية التي تتعلق بأسلوب الكتابة، عل يساعد المؤلف إن أراد أن يصدر نسخة منقحة ثالثة من هذا الكتاب أو أراد آخرون أن يخوضوا غمار تجربة تدوين مذكراتهم. أولى هذه الملاحظات تتعلق بالتفاصيل وضرورة تضمينها بأكبر قدر ممكن، وهي مسألة مهمة عند كتابة المذكرات، أو الكتب التي تحاول التوثيق للأحداث المختلفة. فالمسائل التي قد تبدو غير مهمة للمؤلف تكتسب مع مرور الزمن أهمية تساعد المؤرخين على فهم وتحليل الكثير من الوقائع والأحداث.

الملاحظة الثانية على هذا الكتاب هو أن المؤلف قد دأب في هذا الكتاب على استخدام صيغة الجمع رغم أن الكتاب هو مذكرات شخصية، وكان يمكن احتمال الأمر لو أن ذلك مثلا " بدأنا نفكر كشباب في القيام بعمل سياسي منظم " أو " فكرنا في مهاجمة المركز للاستيلاء على الأسلحة.. أو مثلا ذهبنا إلى البارات التي يجلس فيها المشاهير.. ألخ.

ومشكلة هذا الأسلوب التعميمي انه يفتقد إلى المصداقية ولا يساعد المرء على فهم تطور الأحداث، ولفهم أسلوب تفكير الأفراد الذين كانوا يتصدون للعمل الوطني في ذلك الوقت، حيث لن يستسيغ القارئ فكرة أن الناس في ذلك الزمان كانت تفكر بشكل جماعي. فالفكرة يطلقها في البداية شخص ما ويؤيدها الآخرون ويقومون بتطويرها، وإذا كان هناك شيء يتوقعه المرء من قراءاته لكتاب مذكرات مناضل، فهو أن يقرأ الكتب إلى أدوار أشخاص قد طواهم النسيان لأنه لم يكتب أحد عنهم، وكم جميل أن تتطرق في مثل هذا الكتاب إلى أدوار كل شخص بالتفصيل لأنها تعطي كل ذي حق حقه وتكسبنا المزيد من الاحترام لوفائنا لهؤلاء الجنود المجهولين الذين راحوا في صمت دون أن ينالوا التكريم المناسب لأدوارهم التاريخية.

ختاما أود أن أؤكد مرة أخرى أن هذه الملاحظات الصغيرة لاتقلل من أهمية هذا الكتاب القيم الذي تم توزيعه بالفعل في جميع أنحاء العالم تقريبا. والدليل على ذلك أنه قد ترك صدى كبيرا لدى الكثير ممن قرأوه وحسنا فعل المؤلف بتضمين بعض من هذه الردود أفعال في نهاية الكتاب.

Top
X

Right Click

No Right Click