قراءة لكتاب كفاحي في حرب التحرير الارترية - يوميات الشهيد إدريس إبراهيم هنقلا
بقلم الأستاذ: خالد إسماعيل - أبو وهبة تأليف المناضل: إدريس إبراهيم هنقلا
هذا الكتاب هو من نوع الكتب التي يبقى تأثيرها معك لفترة بعد قراءته، حتى لو بدأت في قراءة كتاب
آخر يختلف عنه في الموضوع والمجال، والشاهد بين يدي الآن كتاب: المحافل الماسونية تطورها ومشاريعها في السودان، للكاتب عبد الرحيم منير. بالرغم من الفرق الكبير والبون الشاسع بين الكتابين إلا أن كتاب الشهيد هنقلا ما زال يسيطر علي ويجبرني على كتابة هذا البوست، وفي البال أيضاً فكرة أخرى لبوست آخر حول الشهيد.
فكرة مختصرة حول الكتاب:
• حرر الكتاب مركز دراسات القرن الإفريقي وتحت إشراف مديره الأستاذ عبدالله إسماعيل، وقد بُذل فيه جهداً جباراً استغرق عامين من العمل المتواصل.
• تم تعزيز المذكرات بهوامش تشرح الأحداث التي وردت في اليوميات وتربطها بالتطورات التي نتجت عنها لاحقاً، وتشرح وتوضح أسماء المناطق وتحدد المسافات بينها بالكيلومترات، وذلك بفضل معرفة الأستاذ عبدالله إسماعيل للمناطق التي دارت حولها يوميات الكتاب معرفة تامة، فهو ابن تلك المنطقة.
• ترجم المحرر سِيَر العديد من أبطال جيش التحرير ممن وردت أسماؤهم في اليوميات، كما اتصل بعدد كبير من أبطال الأحداث المذكورة يستفسرهم، ويعزز منهم اليوميات المكتوبة، ويستنطقهم حول الأحداث.
• من خلال الكتاب تعرف أن الشهيد هنقلا لم يكن قائداً عسكرياً عادياً، وإنما كان شعلةً من نشاطٍ ودينمو متحرك لا يعرف الراحة، لا يكلُّ ولا يمَلُّ فهو في شغلٍ دائم من استطلاع إلى معركة إلى اجتماع لتقييم المعركة إلى تجهيز لمعركة أخرى. دائم التواصل مع القادة والجنود تحت إمرته.
• هنقلا حين يكون في مكان المرؤوس فهو الجندي المطيع، ويظهر ذلك جلياً حين كان نائباً لقائد اللواء ٦٩، وحين يكون في مقام القائد فهو المسؤول الهميم الذي يعمل بمنتهى نكران الذات.
• في كتاب الشهيد هنقلا، انصاف للعديد من قيادات الثورة الارترية، خاصة القادة الذين أظهروا قوة وعزيمة ورباطة جأش في أصعب المواقف وأكثرها مرارةً مثل القائد البطل إدريس علي قائد اللواء ٤٤، الذي رفض لوحدِه اسقاط بندقية الثورة حين قرر لواءه كاملاً الاستسلام للجيش السوداني، وهذا ليس انتقاصاً من جنود وقادة اللواء ٤٤ فقد انصفهم المحرر في الهامش ص ٣٦٤.
• وفي الكتاب أحداثٌ ووقائع تشير بأصابع الإدانة إلى آخرين من قادةٍ سياسيين وعسكريين.
• كتب الشهيد هنقلا يوميات دخول جيش التحرير إلى السودان لحظة بلحظة، وحدثاً حدثا، وذكر أدوار كل القيادات السياسية والعسكرية فرداً فردا.
• في كتاب الشهيد الرواية الكاملة لانتفاضة ٢٥ مارس، ماذا حدث، وكيف حدث، ومن قرر، ومن نفذ، من تهرب من اجتماع المجلس الثوري، من كان يصرُّ على انعقاده، من تخلف في كسلا ومن حضر، ومن ممن حضروا حاول الهروب لإفشال الاجتماع بعدم إكمال النصاب. ثم من قُتلَ ومن جُرحَ وكيف.
تبدأ اليوميات من تاريخ ١٩٧٧/٣/١ وتنتهي في ١٩٨٢/١٠/٣ وهناك مذكرات مفقودة وهى للفترة من ١٩٨٢/١٠/٤ حتى يوم استشهاده في ١٩٨٥/٩/٢٠ باعتبار أن الشهيد كان يكتب يومياته بشكل يومي لدرجة أنه يقول: أن هذا اليوم بتاريخ كذا قضيته مع اللواء كذا في منطقة كذا وكان اليوم عادياً ولم يحدث فيه شئ يذكر.
ملحوظة مهمة وهى أن قراءة اليوميات لا تكتمل إلا بقراءة الهوامش، فاليوميات كُتبت كأحداث مجردة لحظة حدوثها ولا علاقة لها بما تبعَها من تطورات ومالآت، ومن هنا تأتي أهمية الهامش في هذا الكتاب.
رحم الله الشهيد هنقلا ورفاقه الأبطال، وبارك في عمر بقية الرفاق. وجزيل الشكر لأسرة الشهيد وحرمه المصون التي حفظت هذا الكنز عقود وعقود، وكامل التقدير ووفير الامتنان لمركز دراسات القرن الإفريقي وفريقه العامل وفي مقدمتهم مدير المركز الأستاذ عبدالله إسماعيل على إنجاز هذا السِّفر العظيم للمكتبة وللأجيال الارترية.