أسمرا وأخواتها.. أدب المقاومة في مشروع هاشم محمود الأدبي

بقلم الأستاذ: مفرح سرحان - كاتب والناقد  متابعة الأستاذة: رشا حافظ  المصدر: البوصلة

لا يمكن بأي حال من الأحوال التعاطي مع أعمال الكاتب الإريتري الموهوب هاشم محمود حسن

هاشم محمود

باعتبار كل عمل منفصل عن الآخر، حتى وإن بدا ذلك لبعض الكتاب والنقاد.

إن قراءة دقيقة في درر هاشم، تنبئك عن أديب صاحب مشروع ثقافي كبير يتمحور حول فكرة الوطن كعنصر أساس في كتابات هاشم محمود، ويمتد ليعتمد المقاومة البطولية التي تحلى بها الشعب الإرتري على مدار تاريخه النضالي، نهجا لا يحيد عنه ذلك الإفريقي المعجون بسمار القارة وأنهارها ونضالها.

لقد استطاع هاشم محمود أن يفرض نفسه على الساحة الأدبية الإفريقية بوجه عام، وعلى الساحة الإرترية بوجه خاص خلال سنوات قليلة بمنتج وافر، مستعينا في ذلك بخصوصية مشروعه الثقافي الذي يتمحور كما ذكرت سلفا حول أدب المقاومة، ولذا كان سرده صولات وجولات كتلك التي يخوضها الفارس الشريف في ساحة المعركة دفاعا عن الأرض والعرض، وبذلا في سبيل وطن ذاق مرارة الاحتلال وتجرع دموية المستعمر، وتكبد استنزاف الموارد البشرية والمالية لإرضاء نهم الغزاة وشهوتهم إلى مقدرات الشعوب.

وفي هذا السبيل، سخر هاشم محمود أدواته ليكون سرده سيرة نضالية، ففي وجه الرومانسية وقصص الحب التي يصنعها لأبطاله يبسط الرمز نفوذه عليها لتجد بين ثنايا السطور مقاومة وجهاد، وفي صورة الحياة الطبيعية في القرية الإرترية تطفو الثورة والكفاح ضد المستعمر على حكايات الكبار والشيوخ، ويستلهم منها الذين لم يدركوا مرحلة النضال قيمة الوطن ووحشية الغازي وقدسية النضال، وحتى في حكايات الجامعة خارج حدود الوطن تبدو الغربة في سرد هاشم محمود خارج سياق البكائيات متجاوزة إياها إلى استحضار الوطن الذي يجيد الرجل رسم حدوده في خيالات أبطاله أينما حلوا.

إنها بانوراما متكاملة من أدب المقاومة، كأن صاحبها رسمها في عقد فريد وزع حباته في كل عمل يفاجئنا به منذ الطريق إلى أدال مرورا بتقوربا و شتاء أسمرا و عطر البارود وصولا إلى الانتحار على أنغام الموسيقى.

وعلى الرغم من أن حبات العقد ثمينة في كل عمل سردي - مجموعة قصصية كانت أم رواية - فإنني أعتقد أن العمل الذي يمثل درة العقد لا يزال في جعبة هاشم محمود وسيكون المفاجأة الكبرى، وسيكون تطويرا لنهجه في أدب المقاومة الذي يتربع هاشم على عرشه بين أقرانه من أدباء بلاده، ويحتل مكانة مرموقة بين غيره من الأدباء المعنيين بأدب المقاومة.

Top
X

Right Click

No Right Click