جبهة التحرير الإرترية نحروها أم انتحرت - الجزء الاول - الحلقة السادسة والأربعون
بقلم المناضل الإعلامي الأستاذ: أحمد أبو سعدة
أثناء تواجد الأمين العام للجبهة الشعبية (الواجهة - رمضان محمدنور) في دمشق اجتمع مع رئيس جبهة تحرير إرتريا
(أحمد ناصر) وبعد مناقشة مستفيضة بين الإثنين وقيادتهما التي استمرت أسبوعا كاملا بعدها صدر بيانا مشترك عن تنظيم الشعبية وتنظيم الجبهة الجناح الذي يرأسه (أحمد ناصر) وقد جاء فيه:
إنهم اتفقوا على إقامة نوع من الوحدة والتنسيق فيما بينهم وقد تم توقيع على هذا الاتفاق وجاء الرد سريعا وسريعا جدا من الأمين العام المساعد للجبهة الشعبية أفورقي قال فيه إن البيان الصادر في دمشق وما جاء فيه من نقاط حول الوحدة بين التنظيمين لا يعبر إلا عن وجهة نظر شخصية للأمين العام للجبهة الشعبية رمضان محمد نور وإن الجبهة الشعبية قيادة وكوادر ومقاتلين غير ملتزمين بما جاء في هذا البيان.
وكان ذلك ما قاله (أسياس أفورقي) في رفضه للاتفاق.
إن صديقي المناضل (صالح أياي) رجل أمين لكنني لا أعلم كيف طاوعته نفسه وهو الشهم الأمين بحق شعبه وأصدقائه أن يعمل تحت ظل وحكومة الجبهة الشعبية.
في يوم من الأيام كنت وصالح في السودان قال لي: بماذا تفكر يا أحمد ونحن في هذا الجو الرديء.
لم أكن أريد أن أخبره أو أثبط من عزائمه بأن هذا التنظيم أي التنظيم الموحد مفروض من جهات خارجية فضلا عن ذلك كونه غير متجانس وإنني لا أرى أي فائدة ترجى منه.
قلت لصالح ألا ترى الأوضاع السائدة في هذا التنظيم يا صالح ،أليس من الصعب بل من المستحيل أن يلتقي الأخوة الأعداء في تنظيم واحد؟ وللمرة الأولى شعرت بأن صالح تراوده فكرة الانسحاب والتخلي عن العمل النضالي الثوري حيث قال لي:
والله يا أحمد أنا تعبت كتير لكن الوطن غالي.
وأحسست بأن صالح يشعر ويعرف ما أشعر به وأعرفه عن التنظيم الموحد وكيف أوجد ومن أوجده... ثم تابع صالح وقال:
إن الأخ عثمان سبي رجل وطني رغم كل تصرفاته وهو أفضل الموجودين فضلا عن ذ لك فهو مقبول من كافة الدول العربية وبعض الدول الأجنبية وعلينا أن نعمل وإياه ولربما قد يكون قد استفاد من تجاربه... وقال لي:
اذهب يا أحمد والتقي بعثمان فهو موجود في جدة.
وفي أحاديثي الخاصة والعامة معه كنت أشعر بأنه يحترمك ويقدرك كثيرا وأقل كلمة يقولها بحقك. كان يقول هذا الرجل صديقنا بحق لذا التقي معه فهو يسمع منك ويحترمك ولربما تستطيع أن تغير شيئا من مسيرة نضالنا.
رغم أنني أعرف أن عثمان كان فردي التفكير والقرار ورغم ذلك عملت برأي الأخ صالح وسافرت إلى جدة والتقيت بالأخ عثمان وبقينا لوحدنا يوما كاملا في الفندق الذي أقيم فيه ويحمل اسم (العطاس)، جاء الأخ عثمان رحمه الله إلى غرفتي وأمسك بالهاتف وطلب من الاستعلامات بألا يعطوني أي مكالمة داخلية أو خارجية وقال قولوا لكل من يطلب أبو سعدة إنه خارج الفندق.
تناولنا طعام الإفطار في الغرفة سوية وتغدينا سوية وكذلك تعشينا سوية في الغرفة، كنا نتناقش ونتبادل الرأي وكان كل همي هو دفع التنظيم الموحد إلى الأمام والانعتاق ممن يريدونه لمصالحهم...؟؟؟ واتفقنا على العمل ضد إثيوبيا وإفهام الجبهة الشعبية وغيرها من التنظيمات التي تعددت في الساحة على أن التنظيم قوة لا يستهان بها وذلك من خلال القيام بأعمال مميزة ضد إثيوبيا.
وسعنا الاجتماع بعد ذلك فقد انضم إلينا كل من (حمد كلو) نائب رئيس مكتب أبو ظبي - عثمان أبو بكر رئيس مكتب في أبو ظبي وأنا لا أعرف كيف أن (حمد كلو) هذا الرجل الذي قدم حياته في الجبهة الأم أن يكون نائبا (لعثمان أبو بكر) هذا الطالب الذي ليس له أي تاريخ نضالي، وقد كان (حمد كلو) موجودا في جدة من أجل استلام مكاتب الجبهة (عبدالله إدريس في تونس) وتحويله إلى التنظيم الموحد وقد جاء بمساعدة (عبدالله باهبري) وهو مسؤول في مكتب الأمير تركي الفيصل مدير المخابرات السعودية والمسؤول عن الإرتريين كافة وهو يمني الجنسية وهنا لا بد لي من ذكر هذه الحادثة التي بطلها عبدالله باهبري تقول روايتي السوداء هذه:
(استدعت السعودية وفد التنظيم الموحد لمقابلة الأمير تركي الفيصل لأمر هام وعند الاجتماع بالأمير فيصل وطبعا كان برفقته (عبدالله باهبري) الذي قال لوفد التنظيم الموحد بعد مقابلتهم للأمير تركي أن سمو الأمير عمل جهده وحصل للتنظيم على مليون ريال سعودي... وأنا أقول لكم أن تهدوا سمو الأمير تركي الفيصل 25% من المبلغ ولي 10% ولضباط مكتب سمو الأمير 15% كما عليكم أن تشتروا المواد التموينية من مخازننا...؟؟؟!!!
سأعود لإتمام ما كنت توقفت عنده، الأمير تركي الفيصل يعرف كل قادة التنظيمات الإرترية ويتعامل مع الكل أي باختصار إنه المسؤول عن الشؤون الإرترية.
تركت عثمان وأزلامه على أن نلتقي في السودان الأسبوع القادم حيث منح السودان للتنظيم الموحد قطعة أرض كبيرة جدا بالقرب من كسلا وتسمى هذه المنطقة (ساساريب) ويمر منها نهر (عطبرة) وهناك سيقام معسكر للتنظيم الموحد من أجل التدريب والقضايا العسكرية والإدارية.
ألم أخبركم بأنه لم يعد هناك أرضا إرترية بيد أحد سوى بيد الشعبية وتجراي الشعبية لكن هذا لا يعني عدم تواجد مقاتلين لكن تواجدهم كان بشكل مجموعات صغيرة مبعثرة هنا وهناك وأثناء توديعي للأخ (عثمان) قال لي بلهجة هادئة لا تخلو من الحزن:
يا أحمد إن شهر رمضان المبارك قادم وأنا أريد أن أمضي هذا الشهر الكريم مع عائلتي وأولادي في دمشق فأرجو أن تعمل جهدك ليسمح لي بدخول سوريا ولو لمرة واحدة ولو في شهر رمضان المبارك أرجو أن تعمل جهدك (للعلم أن زوجة الأخ عثمان سورية ومن عائلة الأيوبي) قلت له:
والله سوف أعمل جهدي وأنقل هذا الكلام إلى الأمين العام المساعد لحزب البعث العربي الاشتراكي الأستاذ عبدالله الأحمر.
وعلى هذا افترقنا على أن نلتقي في السودان بعد انتهاء عملي وافترقنا، عدت إلى دمشق وقابلت الأستاذ (عبدالله الأحمر) ونقلت اليه رغبة الأخ (عثمان) مع رجائي وكان (عثمان) ممنوع من دخول سوريا لمواقفه قال لي الأمين العام المساعد:
نرجو أن يحصل خيرا.
لكن عثمان مات وقد سبقت يد المنية تحقيق أمله بزيارة وقضاء شهر رمضان المبارك مع أسرته رحمة الله عليه.
لقد كان عثمان سبي رجلاً وطنياً عربياً ثقافة وعملاً.
الى اللقاء... فى الحلقة القادمة