جبهة التحرير الإرترية نحروها أم انتحرت - الجزء الاول - الحلقة الرابعة عشرة
بقلم المناضل الإعلامي الأستاذ: أحمد أبو سعدة
أجاب الأخ (أحمد ناصر) بكل هدوء ورصانة وهو معروف بأخلاقه الحميدة الأصبلة
كما أن (أحمد ناصر) خريج كلية الضباط في العراق حيث أمضى فيها ثلاث سنوات كاملة وتخرج منها وكان الأول على دفعته.
يا أبو سعدة في شهر 12 من عام 1970 كان (أسياس) ومجموعته الطائفية متمركزة في مرتفعات (حماسين) لقد فعلوا ما لم يفعله أحد... لقد قاموا بعمل خسيس دنيء حيث غدروا بمقاتلين فدائيين كانوا في طريقهم إلى المرتفعات ليقوموا بأعمال ذات أهمية قصوى تهدف إلى كسر شوكة الجيش الاثيوبي وعملائه، تصادف أن هؤلاء الفدائيين ومجموعة أسياس في مكان واحد وفي أحد الأيام جاءهم مندوب من أسياس وقال لهم تعالوا لنتناول طعام الغداء سوية فالخير عندنا كثيرا...؟
وطبعا استجاب هؤلاء الفدائيون، أليسوا أخوة بعضهم، كان يوجد من الفدائيين مناضل شاب اسمه (مدهاني كفلي)، جلس الفدائيون بانتظار الغداء والحوار فما كان من (أسياس) وجماعته إلا أن فتحوا النار عليهم وقتلوهم جميعا وبوحشية تامة وكان هذا الفعل الشنيع الدنئ الذي لا يفعله ولا يقبله بشرا ولا حيوانا لكن هذا غير مستغرب من (أسياس) ومجموعته فهم أولاد (القس غشي بطروس) وهنا أتسأءل كيف حدث هذا وكيف يقتل المناضل أخيه المناضل، إنه عمل دنئ جبان وجاء بإيعاز مبكر من أسيادهم، ما أقسى هذه الفعلة الخسيسة الشنعاء والتي لا تنظوي إلا على الدناءة والهمجية والخيانة للوطن وأبناءه، وهنا نستطيع أن نؤكد يا أبو سعدة إن أول من قام بالتصفية وضرب الطلقة الأولى فيها هو (أسياس أفورقي) الذي أشعل النار الأهلية بناء على أوامر أسياده الأمريكان والصهاينة ومجلس الكنائس العالمي وتابع (أحمد ناصر) قائلا:
إذا تساءلنا أيضا من قام بتصفية حركة تحرير إرتريا نستنتج أن أي إرتري يعرف من قام بتصفية الحركة وقادتها فعليا، إنه (عثمان صالح سبي) ونتيجة للتصفية هرب من هرب وقتل من قتل وكان هذا في عام 1965 وعندما يبررون ذلك كان (عثمان وأسياس) يقولان لا يجوز إلا تنظيم واحد على الساحة.
كانت هذه نظرية (عثمان صالح سبي) فهو صاحب نظرية التصفية وعدم السماح لأي تنظيم في الساحة إلا تنظيم واحد فقط، هذه كانت نظريته إذا كيف قام وبنى قوات التحرير الشعبية وبقوة عسكرية كبيرة وشبه كاملة وكيف تتحمل الساحة أكثر من تنظيم واحد، ألم يكن (عثمان) هو الذي صفي حركة تحرير إرتريا و(أسياس) هو الذي غدر بفدائيي الجبهة وهذان الأمران هما اللذان وحَداهما...؟
والسؤال الذي يطرح نفسه هو لماذا تمت تصفية هؤلاء المناضلين من قبل (سبي وأسياس) هذا ما راوه لي الأخ (أحمد ناصر) الذي تابع كلامه بعد أن أخذ نفسا عميقا:
قال لقد أنيط بي أن (أمشي إلى أسياس) ضمن وفد مؤلف من (إبراهيم قدم - صالح حيوتي - عبدالله سليمان - صالح صباح الخير) مشينا إلى (أسياس) ووصلنا إلى منطقة (سمهر) وتحديدا في منطقة (عشومة) وهذه تقع في المنحدرات الشرقية ما بين (جندع) و(مصوع) وقابلنا مجموعة (أسياس) الذين قابلونا مقابلة غير كريمة واستفزازية وكانت هذه المقابلة في شهر حزيران/يونيو وهذه المناطق معروفة بقسوة الطقس وكانت مناطق (حريق) حيث أن درجات الحرارة تتجاوز الخمسين درجة وبصعوبة كنا نتنفس وبصعوبة أكثر نجد الماء، لم تكن معاملتهم لنا تليق بالأخلاق الإرترية وعندما اجتمعنا بأسياس وباعتبار أن (ابراهيم قدم) كان من اللجنة التحضيرية للمؤتمر هو الذي تكلم معه وقال له حرفيا:
إننا باسم القيادة العامة ندعوك لحضور المؤتمر الوطني وخاصة أنك واحد من القيادة العامة وهذه دعوة ورسالة ونرجو أن تلبي مطامح شعبك بعدها قابل (عبدالله سليمان) قوات التحرير الشعبية المشكلة حديثا والذين قابلهما من قوات التحرير هما (أحمد قيسي وبارودي) لكن للأسف كل الوفود عادت والوعود هي وعود ميتة ويا للأسف.
ومرت الأيام وأنا في منطقة (آر) مكان المؤتمر الوطني كنت ألتقي فيها بالأخوة الثوار وأتبادل معهم الحوار في ظل أشجار الدوم التي أرتاح لها، جلست مع الأخ (إبراهيم توتيل) وسألته سؤالاً غريباً مبطناً:
يا إبراهيم أنت مناضل ونحن أصدقاؤك بالله عليك أجبني بالحقيقة، لماذا لم تدعو سبي وأسياس إلى المؤتمر.
وضحك توتيل وقال:
أنت تضحك علي وتريد أن (تخمني) يا أبو سعدة...؟ والله أقول لك صادقا، إن (أسياس وعثمان) ما هما إلا رموزا للطائفية البغيضة، فعثمان يريد ضم المسلمين المتشردين وأبناء الساحل بالذات و(أسياس) يريد ضم مسيحي (حماسين) ثم قال (توتيل) أنا لا أغشك يا (أبو سعدة)، (أسياس) رجل طائفي كنسي ومرتبط فهو يريد إريتريا مسيحية أما تحالفه مع (عثمان) فهو أمر كان مرحلي.
هذا ما قاله لي حينها (إبراهيم توتيل) والذي عمل فيما بعد تحت رعاية ووصاية (أسياس افورقي) الذي لفظه بعدها ليعيش متسكعا في أزقة أسمرا وباراتها، لم يكن (أسياس) ذكيا لدرجة أن يحقق مأربه بل كان هناك مجلس الكنائس العالمي وراءه يخطط له وهو ينفذ وهذا ما أثبتته السنين والأيام ومرت الأيام والأسابيع وأنا في دمشق وظهرت الضائقة المالية على الجبهة وتعاونت مع الأخوة الثوار على المساعدة وبأكثر مما أستطيع لقد بعت منزلي وأسكنت عائلتي في بيت أستأجرته في حي المزة وكل الإرتريين الذي جاءوا أو كانوا في سوريا يعرفونه وأن الأخ المناضل الوطني الشريف (صالح أحمد اياي) يعرف ذلك وهو الذي أخذ مني ثمن منزلي وأرسله إلى قيادة الجبهة ولغاية الآن لم يعوض علي أحد، إن ما فعلته كان فعلا سوريا عربيا فأنا أعتز بعروبتي وانتمائي العربي السوري.
الى اللقاء... فى الحلقة القادمة