قراءة في كتاب رسالة الأجيال - خمسون عاما على تأسيس اتحاد طلبة أرتريا بالقاهرة
عرض الأستاذ: محي الدين علي
يأتي صدور ( رسالة الأجيال ) في إطار الاحتفال باليوبيل الذهبي لإتحاد طلبة ارتريا بالقاهرة (2002) ،
وعلى الرغم من محدودية صفحاته إلا انه بالتأكيد محاولة رائعة في التوثيق والتسجيل لعدد من الشباب الإرتري وفي مقدمتهم الأستاذ عبد القادر حقوس ، الذي لعب دورا مقدرا في إطار الاحتفال بهذه الذكرى من خلال عضويته في اللجنة التحضيرية للاحتفال باليوبيل الذهبي للإتحاد.
واتحاد طلبة ارتريا في القاهرة كماهو معلوم يعتبر من المنارات السياسية والثقافية للشعب الإرتري وذلك لدوره الرائد في الحركة الوطنية خاصة في بواكير ها ، وقبل تأسيس حركة تحرير إرتريا ، بالإضافة لمساهمته المباشرة في تأسيس الكفاح المسلح الإرتري ، حيث يعتبر رافدا أساسيا لذلك الكفاح حيث انطلاق تأسيس جبهة التحرير الإرترية في القاهرة من عضوية ذلك الاتحاد في العام 1960م.
لقد كتب الكثير عن تجربة الثورة الإرترية من خلال تنظيماتها ، ولكن تناول تجربة اتحاد طلبة إرتريا بالقاهرة ، تأسيسه وظروف نشؤه على حد علمي لم يكتب عنها إلا بصورة محدودة جدا ومتناثرة في أدبيات الثورة الإرترية ، وهي التي يجب أن تقتل بحثا وتحليلا إذا أخذنا في الاعتبار طبيعة الشريحة التي كانت تنضوي تحته بماتحمله من فكر ثاقب ورؤية وتحليل ، و تجيء هذه المحاولة التوثيقية لتسد فراغا ظل لفترات طويلة ، أيضا كمحاولة يمكن أن يؤسس عليها مستقبلا في الكتابة عن تاريخ الاتحاد.
ويتصدر الكتاب كلمة شيخ الأزهر الشريف الأستاذ الدكتور محمد سيد طنطاوي حيث يقول بمناسبة مرور خمسين عاما على تكوين نادي الطلبة الارتريين بالقاهرة يؤيد الأزهر الشريف الاستقرار والأمن لجميع طوائف الشعب الارتري ليحيا قوي البناء متماسك الأركان موفور العيش متشابك الوطنية حتى يشارك بوطنيته القوية في تقدم ورخاء بلده.
وينهي شيخ الأزهر كلمته بالقول: والأزهر الشريف برسالته العلمية التي يؤديها بوسطية واعتدال ليرجو لشعب ارتريا أن ينعم بالرخاء ويسود بلادهم التقدم والازدهار.
وفي كلمة وزير التعليم المصري الدكتور حسين كامل بهاء الدين يقول: تحرص مصر دائما ممثلة في وزارة التربية والتعليم على تقديم كافة أوجه الدعم للطلاب الارتريين في مصر وتتيح لهم فرص مواصلة التعليم في كافة مراحله ليتمتعوا جنبا إلى جنب مع أشقائهم من الطلبة المصريين بنظام التعليم المصري وما يشهده من تطور وتحديث مستمر ليزود الأجيال المقبلة بالخبرات والقدرات.
وفي لمحات من تاريخ نادي الطلبة الارتريين بالقاهرة يقول الأستاذ عبد القادر حقوس وهو احد المؤسسين ، في ليلة من ليالي الصيف وفي صحن الأزهر الشريف وأمام رواق الجبرت اجتمعنا نحن الطلبة الارتريين وأخذنا نتبادل أطراف الحديث في هدوء وتأمل حتى جاشت في نفوسنا آمال عريضة لمستقبلنا ولمستقبل أجيالنا ، وبرزت فكرة في الأفق منبعها الاتحاد والتعاون فيما بيننا كان ذلك في عام 1950م.
وعن مكان وتاريخ إنشاء الاتحاد يقول الأستاذ عبد القادر حقوس:
لقد كان النادي بداية في شارع جامع البنات سابقا بورسعيد حاليا وقد تم افتتاحه في شهر يناير من عام 1952م ثم انتقل إلى شارع شريف باشا في عام 1958م وما يزال حتى الآن. ويتطرق إلى اللذين قدموا المساعدة من اجل قيام النادي وهم الأسرة الأزهرية ومحافظ القاهرة ووزارة الداخلية والشئون الاجتماعية والهيئات والشخصيات المصرية.
وقد اخذ النادي يتطور شيئا فشيئا حتى أصبح له مندوبين يشتركون في جميع الأنشطة في نادي الوافدين والرابطة الإفريقية والمؤتمر الإسلامي للشباب واتحاد الطلبة العرب بل وحتى في اتحاد الشباب الديمقراطي العالمي والذي حضر مندوبه المهرجان السادس للشباب في مدينة موسكو عام 1957. ومن أعضاء هذا النادي تكونت جبهة التحرير ارترية في عام 1960م.
ونقرا التالي في الرسالة التي وجهها السيد محمد شريف محمد صالح من اجل جمع الدعم المادي للنادي:
حضرة الماجد المحترم
وعلى هذا نرجو منكم أن تتصلوا بأولئك الذين أخبرتمونا بوعدهم ولا يخفي عنكم نحن الطلبة الارتريين ليست لنا موارد مالية كافية حتى نفي بما يتطلبه النادي وإنما نلجأ في ذلك إلى آبائنا وإخواننا ومواطنينا ممن يرجوا النجاح والفوز لمهمتنا وخصوصا تلك النخبة المباركة.
ونحب أن نسرد أسماء النخبة التي بعثنا إليها الخطابات لتكونوا على زيادة علم بها وهم حضرات الآتي أسماءهم كفليري عبد الله قنافر ، أخوان قسم الله ، عبد القادر كحساي ، حسن الحاج عبده ، إبراهيم محمد حسن ، احمد باسعد باعقيل ، احمد عبيد باحبيش ، أخوان أبرا ، احمد هلال.
ونقرا بتاريخ 1952/9/12 رسالة وجهها كل من طلسم محمد يحي وصالح سالم إلى رئيس النادي الارتري يطلبون فيها موافقة إدارة النادي على نشر جريدة أسموها ( الأمل ) ، ( وذلك حبا في زيادة ثقافتنا واتساع أفكارنا وتجاوب آرائنا ).
ونقرا في لائحة نادي طلبة ارتريا عن الغرض من النادي:
ـ نشر الثقافة الدينية وبث الروح الرياضية والاجتماعية بين أعضائه.
ـ العمل على توطيد الصلة الثقافية بين مصر وارتريا.
ـ تسهيل السبل للطالب الجديد في الالتحاق بالمعاهد التعليمية المصرية.
ـ تنظيم سلسلة من المحاضرات الأدبية والعلمية والاجتماعية.
ونقرا أيضا في محضر اجتماع الجمعية العمومية من اجل تكوين النادي التالي:
نظرا لكثرة عدد الطلبة الارتريين بمصر وتشتتهم في آماكن الدراسة ولتعذر لقائهم إلا في الأماكن العامة لشدة احتياجهم إلى تغذية الروح والبدن بمحاضرات دينية وثقافية وممارسة الألعاب الرياضية والقيام بالرحلات وللتعاون فيما بينهم ليكونوا على صلة تامة ببلادهم "ارتريا". لذلك عقد الطلبة الارتريون اجتماعا عموميا برواق الجبرت بالأزهر في يوم 1/21/ 1952م وعزموا على إنشاء ناد باسمهم بالقاهرة ليقوم بتلك المهام وقد انتخبوا من بينهم لجنة تقوم بإنشاء النادي وإدارته.
وهناك أسماء المؤسسين الأوائل ويبلغ تعدادهم 36 فردا.
ونقرا رسالة مؤثرة كتبها الطالب حينذاك علي محمد سعيد برحتو رئيس النادي للأستاذ عبدالقادر حامد طه يطلب فيها العون والمساعدة المالية من اجل تسيير شئون النادي ويناشده لجمع التبرعات للنادي ( ممن معكم في الأراضي العربية الذين تجري في عروقهم دماء ارترية ويفخرون بانتمائهم إلى شعبنا الارتري الكريم ).
وفي رسالة وجهها اتحاد طلبة ارتريا في 1963/6/21م لوزير الداخلية في الجمهورية العربية المتحدة حول مضايقات السفارة الإثيوبية في القاهرة نقرا التالي:
( إن السفارة الإثيوبية بالقاهرة اعتادت دائما مضايقة الطلبة الارتريين بكل الوسائل وتحدي مشاعرهم الوطنية وقد رأيتم ماحدث من السفير في شهر نوفمبر 1962م من إطلاق النار على الطلبة عندما أرادوا تقديم مذكرة تعبر عن وجهة نظرهم في قضية بلادهم وآخر شيء لجأت إليه السفارة هو استغلال سفر الطلبة إلى بلادهم للإجازة الصيفية أو التخرج بعد الانتهاء من دراستهم ، حيث تقدم السفارة إليهم استمارات تتضمن إجبارهم على الاعتراف بالجنسية الإثيوبية وبالوضع الراهن الشاذ في ارتريا.
وان الطلبة قد ابدوا رأيهم في هذه القضية غير مرة وهم الآن ينفرون بشدة من تصرفات السفارة الإثيوبية ومن كتابة هذه الاستمارة ونحن نرجو من وزارة الداخلية الاهتمام بهذا الوضع وعمل حل له كما نرجو من الداخلية أن تقيد الطالب على جنسيته الارترية كما كان من قبل ، ولو كانت الفيزا التي يحملها مضطرا هي الإثيوبية.
كما يتضمن الكتاب عدد من الرسائل التضامنية المتبادلة بين اتحاد طلبة ارتريا والاتحادات الطلابية التي كانت تعمل قي القاهرة حينذاك ، بالإضافة لاحتوائه على عدد من الصور الفوتوغرافية الهامة لعدد من المناضلين القدامى في القاهرة إلى جانب الطلاب الارتريين الدارسين في القاهرة.
بقي أن أقول إن طباعة الكتاب وإخراجه على هذه الصورة الرائعة من الترتيب والتجميع تم على نفقة الأستاذ عبدالقادر حقوس.