التاريخ الارتري كما سرده الايطاليين: عقد شراء اول قطعة ارض ارتريه لصالح المملكة الايطالية - الجزء الاول

ترجمة الأستاذ: عبدالفتاح محمد احمد دراسي - كاتب وباحث في التاريخ

خطوة تعتبر نقطة البداية للاستعمار، هذا العقد تم بين السيد جوزيبي تابيتو والاخوين

احمد وابراهيم بن حسن سلاطين عصب حسب المكتوب وفي بعض المقالات تم وصفهم بأشخاص من جنسيات عربية سنكتب عن هذا ولكن الاهم باننا سنكتب عن الاتفاق بين الحكومة الايطالية والمشتري ومن ثم سنتحدث بالتفاصيل عن الظروف التي تمت فيها عملية البيع الاولة والثانية.

في يوم الاثنين بتاريخ ١١ من شعبان ١٢٨٦ هجري ١٨٦٩/١٠/١٥ ميلادي الاخوة حسن بن أحمد وإبراهيم بن أحمد والسيد جوزيف سابيتو علي متن مركب الناصر المجيد المملوكة للسيد وضاح وبوجود الشاهد تم الاتفاق علي الآتي:-

١) الاخوة حسن بن أحمد وإبراهيم بن أحمد سلاطين عصب ياهو للسيد جوزيف سابيتو الأراضي التي تشمل من جبل جانجا الي رأس لوما بكل جوانبه الأراضي المذكورة ستكون ملكية خاصة للسيد جوزيبي سابيتو وسيقوم بدفع قيمتها بحيث تم بطريقة عفوية ودون ترتيب للبيع وقد تم الاتفاق بارادة الطرفين وبرغبتهم الكاملة.

٢) يقسم الاخوة علي القرآن بأن الأخوين او اي فرد آخر لن يمس الأوروبيين الذين سياتون الإقامة في الاراضي التي يمتلكه السيد جوزيبي.

٣) السيد جوزيف سابيتو يشتري المساحة المذكورة بقيمة ستة ألف تالليري وسيقوم بتسليم عربون ٢٥٠ تالليري للبائع ويلتزم بأن يدفع مبلغ ٥٧٥٠ تالليري خلال مئة يوم من بداية واحد رمضان الي ١٠ ذو الحجة (كتبت Baghia) ربما خطأ في الكتابة). واذا لم يحضر السد جوزيبي او بديل يمثله سيخسر العربون. ويلتزم الاخوة بعدم بيع الأراضي الي شخص آخر باعتبارها قد بيعت للسيد جوزيبي حتي انقضاء مدة المائة يوم.

لقد تم هذا الاتفاق بين الأخوين احمد بن أحمد وابراهيم بن أحمد بحضور الشهود:-

محمد عبدي،
أحمد علي،
سيد افاد،
عبدالله بن دوران.

تمت الموافقة من الطرفين:-

حسن بن أحمد،
إبراهيم بن أحمد،
جوزيبي سابيتو.

في العام ١٨٥٧ ليوني كابرس طلب من حكومة بيومونتي قبل اتحاد ايطاليا وهي مدينة تورينو حاليا، احتلال جزء من البحر الأحمر في الجانب الجنوبي وفي العام ١٨٦٣ جوزيبي سابيتو ارسل خطاب الي ميكلي اماري وزير التعليم اقترح عليه استعمار منطقة في نفس الجزء من البحر الأحمر. في ذلك الوقت كانت الحكومة بدات عملية توحيد ايطاليا وقد خرجت من حرب خاسرة مع النمسا وانقسام في الجنوب والحكومة نفسها منقسمة علي الأولويات وكان هناك إلحاح لنقل العاصمة الي روما بدلا من فلورنس ولهذا سنجد أن تاريخ ارتريا في بداياته مرتبط بفلورنس أكثر منه بروما.

في العام ١٨٦٧ بطلب من رئيس الوزراء حينها مينابريا تم ارسال فريق مستكشفين يقودهم الكابتن اتوري فيورنتينا في مهمة استكشافية الي البحر الاحمر عاد منها الأخير بفكرة أنه من غير المجدي الاستيلا علي اي من المناطق الواقعة جنوب قناة السويس باعتبارها مناطق جافة جدا.

سابيتو الذي لن يتخلي عن فكرة الاستعمار هذه المرة تقدم بعمل مزكرة لرئيس الوزرا الذي استقبلها ورافقه متجاوزا الوزرا مباشرة الي الملك فيتوريو الثاني ملك مملكة سافويا الذي استقبل الفكرة وتحمس لها. وعلي أثر هذا اللقاء كتب رئيس الوزرا بتاريخ ٦ سبتمبر الي وزير البحرية روباتينو يطلب منه فيها دعم مهمة جوزيبي سابيتو واختيار من يرافقه من ضباط البحرية.

وافق روباتينو علي الطلب من اجل البحث عن ميناء ما في البحر الاحمر وقام بتعيين الفريق وهنأ لا يمكن أن نصف فرحة جوزيبي وحماسه بعد ان تحقق حلمه اخيرا وسنتحدث عن سيرته الذاتية لاحقا وعمله مع الفرنسيين والانجليز.
كان في ذهن جوزيبي حينها احد الشواطي العربية وفي خطاب له بتاريخ ٦ سبتمبر ارسله الي روباتينو كان يقترح ميناء العميرة وهوا ليس بعيد عن عدن ويقول جوزيبي في الخطاب بأنه كان قد عقد اتفاقا للبيع مع السطان أحمد ابن طالب سلطان عميرة.

وقع الاختيار علي الادميرال جوليلمو اكتون لمرافقة سابيتو وكانت مهمته هي اختيار المكان المناسب من وجهة نظر عسكرية وتجارية لتأسيس مستعمرة.

في الثاني من أكتوبر وصل اثنين من وزارة البحرية وقد أبرم جوزيبي سابيتو الاتفاق السري مع الحكومة كتب فيه اقرار. اقر بانه قد تم تعيني من قبل الحكومة الايطالية لشراء أرض او ميناء او جزيرة علي الشواطي الآسيوية او الإفريقية اذا ما رأيت ذلك يناسب أهدافنا. وسيتم تمويل عملية الشراء من قبل الحكومة الايطالية التي ستقوم بايداع مبلغ وقدره ثمانون ألف ليرة في بنك الإسكندرية في مصر باسمي. وبالمقابل التزم انا ان اقوم بهذه العملية لصالح الحكومة الايطالية وبموجب هذا الاتفاق اتنازل عن كل حق لي في الأراضي والشواطي التي سأقوم بشرائها لانني لست إلا وكيل فقط.

كما نري فإن سابيتو كان يعمل لصالح الحكومة، فقط في مرحلة اخري يظهر اسم روباتينو وقد كانت مفاجأة حتي لجوزيبي سابيتو الذي كان يجهل بأنه لم يكن الوحيد الذي يمثل غطاء للحكومة الايطالية.

غادر سابيتو ولادميرال ميناء بريندسي جنوب ايطاليا في يوم ١٢ أكتوبر الي مصر وحين وصولهم لم يكن قد تم فتح الحساب البنكي لذا قررو موصلة طريقهم الي الجنوب دون المال وفي يوم ٦ نوفمبر وصل الفريق الي عدن وقد علمو أنه قد تم الاستيلاء علي العميرة من قبل الانجليز ولكنهم ادركو لاحقا بانهم قد ضللو ولم تكن قد استعمرت. واصل الاثنين رحلتهم وقد تشاورا حول امكانية الاستيلاء علي شيخ سيد وهي منطقة ليست ببعيدة علي عدن ولكن كانت قد سبقتها إليها شركة فرنسية. هنا قرر الاثنين التوجه علي متن سايحة كما يسمونها مركب بساري خشبي واحد الي الشواطي الإفريقية وقد صرفو النظر عن دميرة نسبة لعدم عمق المياه علي الشواطي وتوجهو إلي عصب وقد تم اختيارها بموافقة تامة من الادميرال الذي تقع عليه المسئولية التقنية.

وقد برر سابيتو اختياره لعصب في هذه النقاط:-

١. قربها من باب المندب وقربها من الجزر.
٢. قربها من ميناء مها والحديدة في اليمن وسهولة الوصول إليهم.
٣. إمكانية ان تتحول الي مركز تجارة مثل ما كانت في الماضي بين الجزيرة العربية والحبشة حيث تأتي إليها القوافل من مصوع ورأس بيلول وراحيتا وزيلع.

احد الاسباب ايضا حسب سابيتو بانه لم تصل الي المكان اي قوة استعمارية أوروبية الي الان مما يعني بأنه لن يكون هناك أي مخاوف من خلافات مع دول أوروبية والأراضي تقع تحت يد بعض السلاطين الصفار الذين هم بدورهم تحت امرة سلطان الانفري لقبيلة الاواسا يقيم في إقليم بعد كيلومترات من عصب.

وهوا زعيم كل الدناكل في الحبشة ولكن لا يجب أن ننسي بأن مصر هي من تسيطر علي كل الشاطي حتي جواردفوني في الصومال كممثل للخلافة العثمانية. وبهذا يتم الاتفاق مع الأخوين العرب علي البيع تحت المادة ١ للبيع والشراء. المساحة كانت ستة كيلومتر طوال وعرض.

حين عودة سابيتو الي ايطاليا كانت الحكومة تحت المسائلة بسبب تخصيصها ميزانية كبيرة ورفضت ان تقطع الميزانية من البحرية لذا اتصل رئيس الوزراء يطلب المساعدة من الادميرال الرجل الذي أنقذ ايطاليا واحد جاريبالدي بيان أثناء حربه نفس الشخص الذي قام بربط خط بحري فلورنس بمصر الإسكندرية. والذي يتأهل لإطلاق سفينة الجديدة في خط ايطاليا الهند.

في يوم ٢فبراير ١٨٧٠ في فلورنسا تم عقد اتفاق بين ممثل روباتينو اغوستينو تورسيللي ووزير البحرية اكتون وزير الزراعة والصناعة والتجارة كاسات يلتزم فيها روباتينو بأن يرسل سفينة يوم ١٢ من نفس الشهر محملة بمئاتين طن من الفحم الحجري علي ان تدفع الحكومة ثمن الوقود وضريبة المرور من قناة السويس علي ان يقوم هوا بنقل البضائع وتخصص له مرسي او قطعة ارض لتكون ملك لشركته تكون محطة لتذود سفنه. وكان الاتفاق ان يبقي كل شي سريا الي ان تعلن الحكومة النباء في الوقت المناسب.

نواصل... في الجزء القادم

Top
X

Right Click

No Right Click