قراءة في كتاب الذاكرة والتاريخ نماذج من بطولات الشعب الإرتري
بقلم الشيخ: محمد جمعة ابو الرشيد - كاتب وباحث وناشط حقوقي ارتري، برمنجهام بريطانيا
كان رفيقي أمس في السفر كتاب (الذاكرة والتاريخ) كتاب سجّل فيه الأستاذ/ على محمد صالح نماذج من بطولات
الشعب الإرتري، وقد استهله بإهداء إلى جميع شهداء الوطن وأتبعه بقصيدة جميلة لشاعرنا الجميل (محمد الحاج موسى) يقول فيها:
فمن نبض قلب الشهيد
ترفرف راياتنا في السماء
وتختال هذى المدائن نحو النماء
تدور المصانع.. يشفي الدواء
وتفتح كل المدارس أبوابها للزهور
ويتلى الكتاب
فالشهداء حضور...
أول عملية تناولها الكاتب (عملية أغردات) حيث أوردها برواية الشهيد البطل (ادم قندفل) كان هدف العملية تخريب إجتماع ممثل الإمبراطور هيلي سلاسي مع زعماء ارتريين لان الغرض من إجتماعهم كان إعلان انضمام ارتريا لاثيوبيا... خطط للعملية أبو الفدائيين الإرتريين الشهيد/ سعيد حسين رحم الله الجميع.. وفعلا قد استطاع سبعة فدائيين من تحقيق أهدافهم حيث جرح فيها وزير العدل، وممثل الإمبراطور، وكسرت ساق القس ديمطروس سيئ الصيت وكانت العملية بتاريخ 1962/12/7م.
وثاني عملية كانت عملية (هيكوتة التي كان من أهدافها الحصول على السلاح وقد تمكن القائد البطل قندفل من رفع العلم الارتري واحراق علم اثيوبيا وقد استولوا على أسلحة قيمة لم تكن تملكها الثورة.
في 28 فبراير 1963م تسلل ستة فدائيين إلى العاصمة أسمرا وكرر الزعيم البطل عملياته حيث دمر هو ورفاقه طائرات العدوا في مطار اسمرا حتى تم القبض عليه، وهنا برز دور المناضل البطل العم (موسى محمد نور) زعيم ثورة التغيير ضد الاستبداد (رحمه الله) حيث كان يخاطر بحياته ويستقبل الفدائين في بيته في اسمرا.
ثم تناول الكاتب العملية الفدائية في مدينة (مندفرا) عام 1967حيث كان الغرض منها تصفية العميل (اشبر) وبعد تصفيته تم محاصرة المجموعة المكونة من (14 شخص) واستمرت المعركة ساعات طويلة ضد جيش جرّار تم إبادة تسعين منهم وجرح (120) وتم استشهاد محمد برهان نقاش وطه ومن شدة غضب الاثيوبيين ومرارة الهزيمة قاموا بجر جثمانيهما خلف العربات حتى مندفرا وبعدما تم دفنهما أمر المجرم (رأس كاسا) بإخراج الجثتين وتعليقهما لمدة ثلاثة أيام في سوق مندفرا وتم اعتقال أسرة الشهيد (محمد برهان)، ولكن ابطال الثورة لا يتركون ثأرهم حيث قاموا في عام 1972 بقتل مستشارين كبار لأسرات كاسا في قلب العاصمة اسمرا، وفِي عام 1974 قاموا بتصفية قائد الفرقة الثانية في الجيش الاثيوبي، وكان من النشطاء / سراج الشيخ أحمد حجي ومحمد برهان نقاش وسعيد درنكاي و الذين استطاعوا أن يعملوا لهم مؤسسات اقتصادية للتمويه وبهذا تمكنوا من استقبال وإخفاء الفدائين مثل / ولدي داويت تمسقن وسيوم عقبا ميكائيل، وفِي نفس الفترة استطاع الشهيد / محمود بلاي أن يصل إلى قائد القوات الاثيوبية في المنطقة الغربية وأن يغمض خنرجه في بطنه قبل أن تنهش جسده الطاهر رصاصات العدوا المحتل.
وعندما واجهت الثورة أزمة مالية خطط المناضلون محمد ازاز ومحمود حسب وشاركهم فيها غيرهم تم اقتحام بنك اغردات والحصول على (74 الف بر اثيوبي)، وكانت قد سبقتها عملية اقتحام (بنك حمرا) بقيادة البطل / محمد عثمان ازاز وقد استطاعوا جمع بعض الأموال وغنيمة أسلحة ومكنة طباعة.
ومن ثم السيرة الخالدة للفدائي سعيد بشير محمد حقوس الذي قبض عليه مع رفيقه الفدائي قبراز قابهير قبري مسقل كان يقول اثناء التحقيق معه أنا (إسمي ارتريا) ولما قال له راس كاسا (ممثل الإمبراطور هيلي سلاسي في ارتريا) قال له: اذا تعترف سوف نفرج عنك فما كان منه إلا أن قال له: (نحن ارتريون نموت أوننتصر) ثم بصق على وجهه وكان يقول يوم إعدامه (أنا وهبت نفسي لارتريا قبل إعدامكم)، ولن ننسي قصة المناضل الشهيد/ أحمد إيرا الذي رفض البصق على العلم الإرتري مقابل الإفراج عنه.
فدائيات خلدهن التاريخ الثوري:
سعدية تسفو نسور، خديجة صالح وزينب محمد اللتي كن ينتقلن بين وازنتت وباب جنقرين وحلحل بحجة زيارة الأهل بينما كنا يخاطرن بحياتهن من أجل إيصال الأخبار ونقل المعلومات وإخفاء الأسلحة، ولما تمكنت (سعدية) من تخليص مدينة كرن من أحد اخطر العملاء انتقم الإثيوبيون من والدها حيث اغتالوه - رحمه الله - بطريقة بشعة، وواصل الغدائيون عملياتهم حيث اقتحموا مقهي في شارع كمشتاتوا الحصين وقتلوا اخطر العملاء للنظام
الاثيوبي.
فدائيوا التكنلوجيا:
البطل أحمد عمر ظل (18عام) ينقل أخبار العدوا ويتنصت عليهم بحكم عمله في مكتب الاتصالات بمدينة عدي قرات الاثيوبية وقد تم اعتقاله واتهامه بالتعاون مع الجبهة ! بل استطاعت الجبهة أن تدخل السلاح في براميل إلى العاصمة أديس أبابا حيث كان التخطيط يتم لمهاجمة مطار العاصمة.
فدائي يقتل نفسه حتى لا تنتزع منه الأسرار:
كبروم قبري مدهن المعروف ب (ودي بولا) كان ينشط في نقل المواد إلى الجيش الشعبي وتصفية العملاء، وقد تمكن مرة من تهريب ثماني سيارات شحن تابعة للدرق، وقام بتصفية الكثير من العملاء وعندما تمت محاصرته ومعه وثائق هامة استطاع الافتلات بها مع صديق له حتى وصل بها الميدان سالما وعندما تمت محاصرته في ورشة للسيارات وتأكد الا منجي من هذا الكمين اطلق الرصاص على نفسه ومات حاملا معه أسراره الضخمة.
ومن رجالات البطولة والفداء العم المناضل ادم ملكين رحمه الله، وابطال منظمة العقاب والعم محمد عثمان يوسف صائغ الذي غادر دنيانا قبل مدة يسيرة رحم الله الجميع، والتحية للأبطال الذين اخرجوا السجناء من سجن سمبل الرهيب والقاسي، والتحية لمحمود فكرس الذي ظلت اثيوبيا تطارده بالطيران وظل يقاومهم حتى استشهاده وقد علقت جثته في نفس المكان الذي علقت فيه جثث ابراهيم داوود و وللو.
في رحلة عودتي بإذن الله أكمل لكم بالإجمال سير بعض الأبطال وأحب أن اتوجه بالشكر للاستاذ السياسي والدبلوماسي والمناضل الارتري المعروف على محمد صالح على حفظه لنا تاريخ هولاء الأبطال العظماء بفضل الله لولا تضحياتهم لما وجدت إرتريا الدولة.