قراءة لكتاب إرتريا من الفيدرالية الى الإلحاق الثورة ١٩٥٦-١٩٦٢ الجزء الرابع والأخير
بقلم السفير: عبده بكري هيجي - دبلوماسى أرترى، أسمرة أرتريا تأليف الباحث الأستاذ: الم سقد تسفاي
ويخلص الى القول في الباب ١٧ تحت عنوان "الشعب بين الاستبداد والتحسر":
"حين بسط المستعمر الاثيوبي سلطته وسطوته على البلاد، وأيقن الجميع بأن الاستبداد سيكون سيد الموقف،
انبرى المواطنون الأحرار الى البحث عن بدائل وخيارات جديدة وممكنه للاستمرار في النضال والمقاومة، ووقف البعض الآخر مذهولا من هول الفاجعة، متحسرا حزينا ذليلا لا يعرف ما تخبئ له الأيام القادمة".
• ثم ينتقل المؤلف الى مرحلة الكفاح المسلح، ويتحدث عن قصة البدايات وما اعتراها من مصاعب ومعوقات جمة. ويقيني أن ما رواه المؤلف من حقائق تاريخية عن تلك البدايات العسيرة، يعد بكل المقاييس مصدر فخر وإعتزاز لنا جميعا. حيث ان تأسيس جبهة التحرير الارترية وبدء الكفاح المسلح كان نقلة نوعية فى تاريخ نضال الشعب الارتري من اجل حق تقرير المصير والاستقلال.
إذ لم يكن في حينه بالأمر الهين مجرد التفكير بحمل السلاح في وجه الأعداء، ناهيك عن إعلان كفاح مسلح ومنظم لمواجهة العدو باللغة التي يفقهها. وما يجعل الأمر أكثر تعقيدا هو أن المؤسسين لم يكونوا يملكون شيئا إلا إيمانهم القوي بالقضية الوطنية، وشرعية مطالبهم، وقناعتهم التامة بأن "ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة". وحتى نستطيع فهم البدايات وتفاصيلها وما اعترها من مصاعب وتحديات كثيرة، يشرح لنا المؤلف أجواء تلك المرحلة المعقدة وما اكتنفها من شح
في الامكانات البشرية والمادية، فضلا عن صعوبة الحصول على السلاح والعتاد لمقارعة الأعداء.
وفوق ذلك كله يوضح لنا كيف إقترنت بوصلة الكفاح المسلح بالحماس والعاطفة والاندفاع للنضال وإسترداد الحق المسلوب بقوة السلاح. وفى سياق الحديث عن البدايات يشرح لنا المؤلف وبإسهاب كيف اختمرت فكرة الكفاح المسلح، ومن كان مؤسسوا جبهة التحرير الارترية، والكيفية التي تم بها تجنيد المقاتلين والحصول على السلاح. ويروي عملية البحث عن قائد مؤهل قادر على قيادة المسيرة، ويشرح كيف توصل المؤسسون الى إختيار قائد مقتدر يتفق عليه الجميع. وهنا يتوقف الكاتب مطولا ليعرفنا بقائد الثورة الارترية حامد إدريس عواتى. ويتحدث عن دوره وتأثيره، وقدراته العسكرية وشخصيته العنيدة. ويوضح لنا بشفافية أدواره الايجابية منها والسلبية قبل بدء الكفاح المسلح. ويستند في ذلك على مقابلات أجراها بنفسه مع الرعيل الاول، ووثائق ومستندات تحصل عليها في أرشيف المستعمر الاثيوبي وأخرى وثائق إيطالية وبريطانية.
وفى حقيقة الأمر، إن ما سطره لنا المؤلف عن حياة قائد الثورة حامد إدريس عواتى جدير بالتقدير والاحترام حيث أضاف لنا الكثير من الحقائق كنا نجهلها ولا نعرف الا القليل جدا عنها. يعلق المؤلف في معرض حديثه عن سيرة حياة عواتي فى الباب ٢٢ تحت عنوان "حامد إدريس عواتى" إذ يقول: "إن شخصية مثل عواتي الذي قاد مسيرة النضال التحرري الارتري وإرتقى بها، لا يستقيم الحكم على تجربته بما اكتنفها من سلبيات قبل بدء الكفاح المسلح او جعل هذه السلبيات تطغى على كل إسهاماته وعطاءاته فيما بعد. إن ترجيح كفة الحكمة والعقل، يقتضي طرحا موضوعيا ومتوازنا عند الحديث عن شخصية وطنية مثل عواتى".
• ويعود بنا المؤلف مرة ثانية الى الحديث عن المرحلة التي سبقت إعلان الكفاح المسلح، ويتطرق الى أجواء الغضب، وحالة الارباك والاحباط، والشعور بالمرارة والغبن التي كانت سائدة في أوساط كل الذين وقفوا في وجه المستعمر وقاوموا بكل ما لديهم حتى اللحظات الأخيرة. ويؤكد على انه ورغم فقدان التوازن وضياع الحق وما ساد من إرتباك حقيقي، فان الفجيعة بفقدان الوطن، بالقدر الذي كانت صدمة مؤلمة ومحبطة للأمال، فإنها بالمقابل أججت وبقوة المشاعر الوطنية وألبت الارتريين أينما وجدوا على المزيد من الكراهية والعداء للمستعمر، والبحث عن بدائل متاحة لمقارعته ومواجهته بكل السبل الممكنة. كل ذلك عزز الإيمان بالقضية والاستعداد للنضال والتضحية في سبيل استعادة الوطن المغتصب. وم
هنا يقول المؤلف انه أضحى جليا حين ذاك لمن أراد مواصلة النضال أن لا خيار له إلا خيار حمل السلاح ومواجهة العدو باللغة التي يفهمها.
• كتاب "ارتريا: من الفيدرالية الى الالحاق والثورة" يتحدث ايضا عن نضالات الشخصيات الوطنية ممن تصدرت المقاومة الوطنية وكل الوطنيين الأحرار الذين هبوا دفاعا عن الحق والوطن. ويشرح الكاتب الروح الوطنية المتقدة التي تحلى بها هؤلاء الوطنيون، والتصميم على تأطير وتنظيم الصفوف لمواجهة المعتدين. وفى خضم شرحه لصلابة المقاومة الوطنية، يتطرق الى نضالات حزب الرابطة الاسلامية، وارتريا للارتريين، وحزب ارتريا الحرة، وحركة تحرير ارتريا،
وإضرابات العمال والنقابات، ومظاهرات الطلبة، ونضالات الارتريين الذين كانوا يقيمون انذاك في كل من السودان والقاهرة وإثيوبيا. ويوضح كم كانت عملية المقاومة صعبة، وكم كان ثمن استمرارها غاليا ومكلفا. إذ أن اي مواطن وقف فى وجه المستعمر، ورفض الاستكانة والإذلال، وقاوم كل أشكال الاستبداد والقمع، كان عرضة للاعتقال والتعذيب حينا، والقتل رميا بالرصاص والإعدام شنقا أحيانا أخرى. في تقديري إن ذكر أسماء ونضالات أحرار تلك المرحلة، والحديث عن إسهاماتهم وكل ما بذلوه من جهد وتضحيات في سبيل إسترداد وطن مغتصب، يعد مفخرة لنا جميعا ولفتة مقدرة بل واجبا ودينا مستحقا. وهنا يذكرنا الكاتب، بانه جدير بنا أن نتذكر هؤلاء، ونسرد كل ما ناضلوا من أجله بل ضحوا في سبيله. لأن ذلك في تقديري هو أضعف الايمان وهو أقل ما نستطيع فعله لمواطنين وهبوا ما يملكون من نفس ونفيس فى سبيل رفعة وكرامة هذا الوطن.
• وفى مقابل هؤلاء، هنالك من سولت لهم أنفسهم ووقفوا الى جانب المستعمر وألحقوا أضرارا جسيمة بالشعب والوطن. لم يهمل المؤلف هؤلاء، ولم يغض الطرف عما أقدموا عليه، ولم يغفر لهم لا أقوالهم ولا أفعالهم. وقف المؤلف مطولا
على مواقفهم، ورصد أفعالهم وممارساتهم، ووثق كل ما اقترفوه من جرم، وما ألحقوه من ضرر بحق هذا الشعب وهذا الوطن. استنكر وأدان كل ما أقدموا عليه ووصفه بالجرم المشهود. لقد ساير هؤلاء العدو، وباعوا أنفسهم بأثمان بخسة،
وركعوا له وخدموه نهارا جهارا الى درجة تسليمه ارتريا لقمة سائغة رغما عن إرادة شعبها. تم يتحدث المؤلف حول ما آل اليه حال هؤلاء بعد إلغاء الاتحاد الفيدرالي وإلحاق إرتريا بأثيوبيا وذلك في الباب ٢٦ تحت عنوان "الى أين آل حال من خدموا اثيوبيا" اذ يقول: "ان الشخصيات الارترية التى كانت تتمتع بالسلطة المطلقة الى درجة القدرة على إعطاء ارتريا كهبة للأعداء وكأنها عروس في مقتبل العمر، اتسم سلوكها وفكرها بالسذاجة وضيق الأفق. ولا غرابة في شخصيات كان هذا حالها ان تنزلق الى ما انزلقت اليه من تغيير لمسار التاريخ من منطلق حب الذات والمصلحة الشخصية المحضة. فالسذاجة وضيق الأفق، واللهث وراء السلطة والجاه أعمى بصيرتها، وأصابها فى النهاية بالعمى السياسي".
ومما لا شك فيه، إن كل الذين تعاونوا مع اثيوبيا وتنازلوا لها عن ارتريا طوعا بل قدموها كهبة على طبق من ذهب، أقدموا على فعلتهم تلك لا لشيء إلا لضيق أفقهم ووضع مصلحتهم الذاتية والآنية فوق مصلحة الوطن. أما إثيوبيا كانت تعلم ماذا تريد، وبأي إتجاه تسير، وكيف تحقق أهدافها الأنية والبعيدة المدى. إحتضنتهم ثم ابتزت مكامن ضعفهم، ولعبت بعقولهم. طاوعتهم في بادئ الأمر ولبت مطالبهم الأنية والشخصية، وأغرتهم بالسلطة والمال والجاه، وأطلقت لهم العنان ليفعلوا ما شاءوا ويعيثوا الخراب بالبلاد والعباد، عكفت فيما بعد على إستخدامهم لماربها وتمرير مخططها إن ثم بالتحايل عليهم او باستغلال ضعفهم ونظرتهم الضيقة.
وكما يقال "اذا أكلت البطن استحت العين" كانوا يغضون الطرف وهى تنتهك كل شيء وتفضم من كل شيء وثمارس أعتى انواع العنف والارهاب بحى شعبهم ووطنهم. وحين كانت تستنفد حاجتها كانت وبدون مقدمات وبدون أدنى رحمة وشفقة تبعدهم وتجردهم من كل شيء وتستبدلهم بآخرين أكثر ولاء وأكثر خدمة لها. هذا ما حدث في عهد هيلي سلاسي، وبذات الطريقة تكرر في عهد نظام الدرق. ومن المفارقات العجيبة ان كل الذين خدموا اثيوبيا وهللوا وكبروا لها سواء في عهد هيلي سلاسي او نظام الدرق، تراجعوا ولكن بعد فوات الأوان وتحسروا على افعالهم، وندموا على ما اقترفوه من جرم وما ألحقوه من ضرر بحق شعبهم ووطنهم. جميع هؤلاء عاشوا بقية حياتهم مكسوري الجانب، ذليلين معزولين، يلفهم الحزن والأسى على ما اقترفوه من أخطاء قاتلة أصابت البلاد والعباد في المقتل. ومن المفارقات العجيبة أيضا هناك اليوم بعد الاستقلال من اختاروا الوقوف الى جانب النظام الراهن فى اثيوبيا "نظام الوياني" في محاولة لإعادة عقارب الساعة الى الوراء دون ان يتعظوا مما آلت اليه أوضاع من سبقوهم ومتجاهلين إما عن غفلة او جهل ما يعلمنا إياه التاريخ من عبر ودروس لم تمح بعد عن الذاكرة. حيث أن تجربتنا مع الأنظمة الاثيوبية المتعاقبة والممتدة لزهاء 100 عام واضحة ولا تحتاج عناء البحث والإجتهاد. وقد قيل "لا يلدغ المؤمن من جحر واحد مرتين".
لكن الشعب الارتري قد لدغ من قبل إثيوبيا مرات عدة، واكتوى بمؤامراتها ونيرانها الكثيرة في العديد من الأوقات. فالغافل وحده هو من يعيد تكرار ما اقدم عليه الأولون فيبتلع السموم دون ان يدري، والجاهل بالتاريخ يرقص في حبائل
اثيوبيا عن سذاجة وضيق الأفق، أما العارف بكل شيء ويتعمد في أفعاله يخوض غمار نزعته وإشتهائه للسلطة الى ان يصبح ضحية ماربه الشخصية وآفاقه الضحلة. حكام اثيوبيا بدأ من هيلى سلاسي ثم الدرق وأخيرا الحكام الحاليون "الوياني" جميعهم حين جاءوا الى ارتريا وعدوا ارتريا بالسلام والامن والازدهار. ولما تقوى عودهم جحدوا تلك الوعود. يعلمنا التاريخ وحتى التجربة القريبة، بأن طبع حكام اثيوبيا هو ان ما يصرحون به وهم ضعفاء شيء، وما يقدمون عليه حين يقوى عودهم شيء آخر. يخلص ألم سقد تسفاي فى تعليقه على من خدموا نظام هيلى سلاسى في تلك الفترة الى ما يلي:
"كانوا يأملون أن تكافئهم إثيوبيا بالمناصب الرفيعة وتسلمهم زمام أمر ارتريا بعد إلحاقها اليها. كانوا، كلما يتلقون حفاوة الترحيب وكرم الضيافة في قصور الامبراطور، ويستمعون الى الوعود تلو الوعود كانوا يعتقدون أن ذلك هو ما سيحدث عند انتهاء المهام الموكلة اليهم بتسليم ارتريا الى إثيوبيا. هؤلاء جميعا أطاعوا الامبراطور هيلي سلاسي ووالوه، لكنهم لم يكونوا على قدر إستيعاب ألاعيبه ودهائه السياسى".
• ينتقل كتاب "ارتريا: من الفيدرالية الى الإلحاق والثورة" بعد ذلك الى بدايات جبهة التحرير الارترية والتجربة العصيبة التى مرت بها بسبب ما كان سائدا من حالة الارتباك والأجواء الملبدة بالتشكيك وعدم اليقين. ويشرح بالتفصيل البدايات
بكل تفاصيلها، وما اعترى هذه البديات من تحديات ومعوقات جمة. ثم يركز على تركيبة الجبهة ونهجها وكل المعوقات التى واجهتها. ويخلص فى الباب ٢١ من الكتاب الى القول: "التاريخ هو حصيلة مكان وزمان وقوع الحدث ودرجة الوعى في أوساط الشعب حينها. وعند الحديث عن تاريخ جبهة التحرير الارتريه يتوجب أن نأخذ هذه الحقيقة بعين الاعتبار" من هنا.
• فى هذا الكتاب نجد تحليلات مغايرة لهذه الخلاصة. حيث يتحدث بعض الباحثين عن بدايات جبهة التحرير الارترية وفكرها وما ساد في أوساطها من إتجاهات وميولات، ويشككون في نهجها وينسبون مرد ذلك الى أسباب مختلفة حينا ومختلقة حينا أخر. ودون الخوض في حيثيات حججهم وتحليلاتهم وما توصلوا اليه من إستنتاجات وخلاصات، أجزم القول بأن تأسيس جبهة التحرير الارترية وإعلان الكفاح المسلح كان نقلة نوعية في تاريخ مسيرة النضال الوطني التحرري للشعب الارتري. ومن الطبيعي والمنطقي أن تتأثر جبهة التحرير الارترية بفكر مؤسسيها وميولاتهم السياسية، وكذلك بالأجواء السياسية التي كانت سائدة آنذاك سواء فى ارتريا او المنطقة بأسرها. أما التحليلات والاستنتاجات المغايرة لهذه الحقيقة فهي تجافى المنطق بل انها تذهب بعيدا لتقنعنا بانه "لا يجب على المولود ان يشبه والديه" او "لا يجب ان يتأثر المرء بالمحيط الذي نشأ فيه". إن ما أورده هؤلاء الباحثون فى هذا الكتاب عن بدايات الثورة وجبهة التحرير الارترية بشكل خاص ينطلق من مفاهيم مبيته معشعشة في عقولهم، وقناعات لا تمت الى واقع بداية الثورة بصلة. إنها تنطلق أولا وأخيرا من مصالح آنية ضيقة تسعى الى الانتقاص من تجربة البدايات وممن تصدروها.
خلاصة القول إن كتاب "إرتريا: من الفيدرالية الى الإلحاق والثورة" هو عصارة جهد من البحث والتعمق في حيثيات مرحلة عصيبة من تاريخ ارتريا المعاصر. فالباحث والمؤلف الاستاذ/ ألم سقد تسفاى قد خط لنا كتابا تاريخيا جديرا بالاهتمام والتقدير. التحية وكل الاحترام للاستاذ ألم سيد تسفاي. إن التمعن في صفحات هذا الكتاب وقراءته بتأن وروية، وفهم الحقائق التاريخية المذكورة فيه فهما معمقا، هو أمر غاية في الاهمية والضرورة. حيث أن في طيات هذا التاريخ، الكثير من المعاني والكثير من الدلالات التي تساعدنا على الارتقاء بفهمنا وإستيعابنا لما جرى في تلك الحقبة الزمنية من تاريخنا الحديث فضلا عن ذلك، فإنها تجربة غنية بما تحمله من حقائق ودلالات عميقة. والاكثر من ذلك فإنها تجربة غنية تنأى بنا من التعاطي مع المحاولات المحمومة اليوم لإعادة تكرار سيناريوهات الماضي، ولكن بقوالب جديدة، وأطر حديثة، وصياغات ولغة منمقة.
وكما نعلم جميعا، إن عالم اليوم يمر بحالة من الإرتباك والتخبط والاختلال في القيم والمعايير الدولية. حيث أصبحت ظاهرة إثارة القلاقل والفتن، وإفتعال النزاعات والصراعات ثم تأجيجها، وانتهاك القوانين الدولية والتلاعب بنصوصها، تم تسخيرها لأغراض جيؤ إستراتيجية، أصبحت سمة هذا العصر. كما أن أدوات تطبيق هذه الظاهرة أضحت متطورة ومعقدة للغاية، وفوق ذلك فإنها محكمة وسريعة الى درجة أصبحت فيه هذه الأدوات صعبة الاستيعاب والفهم حينا، ومربكة ومخادعة في أحيان كثيرة. في ظل أوضاع دولية معقدة وحساسة كهذه، جدير بنا التعلم من عبر التاريخ بالعودة الى تجربتنا التاريخية الثرة، وبرصد سلوكيات وسياسات من يتربصون بنا اليوم شرا، وذلك لننأى بأنفسنا وبهذا الوطن من أهوال ما يضمره لنا الأعداء. عند قراءة هذا الكتاب يتوجب علينا الامعان ليس في الأحداث او الشخصيات التي يتناولها المؤلف والتواريخ ومواقع الحدث او نتوه في حيثياتها بل ينبغي التركيز على المواضيع التي يثيرها المؤلف وما تعلمنا من دروس لا غنى عنها. يتوجب علينا ان نكتب عن هذا الكتاب ونناقش كنهه ثم نعلق على ما له وما عليه ونستخلص منه العبر بغية إثرائه وجعله وثيقة تاريخية حقيقية ينهل منها هذا الجيل والاجيال القادمة. لان التاريخ هو مدرسة قائمة بحد ذاتها.
والعبرة في تقديرى لا تكمن فى قراءة وتقليب صفحات هذا التاريخ، بل فيما ننهله منه من دروس وعبر تجنبنا المزالق التي لا تحمد عقباها. شكرا لكم جميعا، والنصر للجماهير.