رغوة سوداء.. التعايش في قلب المكان والطفو على السطح
بقلم الأستاذ: خالد المخضب المصدر: دي م سي نيوز
رواية «رغوة سوداء» الصادرة عن دار التنوير للنشر، للكاتب الإريتري حجي جابر، وهي من ضمن روايات القائمة الطويلة
للجائزة العالمية للرواية العربية 2019م «بوكر»، التي تدور في مخيمات اللاجئين في إثيوبيا، أو بما يعرف بقضية يهود الفلاشا،
يسرد لنا كيف أن الواحد منهم مستعد للسرقة ولارتكاب المخاطر، وللكذب واختراع حياة غير تلك التي عاشها، والهدف واحد الفرار من البؤس والأمل في حياة أفضل،
وأبرز ما يلفت انتباه القارئ في هذه الرواية هو إجادة الكاتب الانتقال ببطل الرواية بين زمنين وعدة أماكن، مستخدمًا عددًا من التقنيات السردية التي وضعها ببساطة أمام القارئ، فهو ينتقل بين ماضي «داود» وحاضره، من دون استدعاء تاريخ محدد، ولكن فقط من خلال تغيير اسم البطل،
إذ يعرف القارئ أن «داويت» هو البطل في العصر الحالي، وفي مكانه الذي ينتقل فيه من أديس أبابا إلى «إسرائيل» مباشرةً، أما في الماضي فيحمل اسم «ديفيد» مرة و«داود» مرة أخرى، ويتنقل مكانيًا بين مخيمات «إنداغابونا» و«غوندار» في «إريتريا»، و«الجبل الأزرق» وغيرها من مناطق الماضي بكل ما تحويه تلك الحكايات من ألم واضطهاد وصراعات،
وقد نجح الكاتب في إيصال تلك الرسالة التي تنص على أن من يشعر بالاضطهاد حينما يجد طريقة ما سيتحول لشخص يمارس الاضطهاد على آخرين، ولكن بطريقة أشد قسوة من تلك التي تعرض لها، وأننا أحياناً نبحث عن كوننا محبوبين أكثر من أي شيء آخر،
ولهذا قد نبحث عن الحب فقط لنحصل على هذه النعمة، وأنه مهما حاول أصحاب البشرة السوداء التعايش في قلب المكان، تطفو على السطح الرغوة السوداء، ومن هنا تأتي بلاغة العنوان.