قراءة لكتاب الحركة الإسلامية الإرترية الإنجاز والإخفاق، حركة الجهاد الإسلامي الإرتري نموذجا - الحلقة الثانية

بقلم الأستاذ: خالد إسماعيل - أبو وهبة  تأليف الدكتور: أبو أسامه آدم صالح محمد

السرد والملاحظات الحزبية في الحركة: يذكر الكاتب تغلغل الحزبية والصراع بين المدرستين الإخوانية والسلفية داخل المؤسسة

الحركة الإسلامية الإرترية الإنجاز والإخفاق حركة الجهاد الإسلامي الإرتري نموذجا

العسكرية بمختلف فروعها، المكاتب، معسكر التدريب في قوز رجب وإمريكا، التعيينات وتكليف الأفراد بالمهام، المحاور الميدانية.

كما يلقي الضوء على شكل الممارسة الحزبية حيث كانت تتم عبر الإعتراض على تعيينات القيادة لتولي المناصب والمهام عبر حجج مختلفة كالكفاءة وغيرها، بينما هى في حقيقة الأمر اعتراضا على أشخاص من منطلق حزبي بحت.

يذكر الكاتب أن كل طرف كان يحاول إدخال كتبه إلى معسكر التدريب لتجنيد المستجدين، ونتيجة لذلك تم تشكيل لجنة مشتركة لحماية مؤسسة تختلف عن المؤسسات المدنية من داء الحزبية، وتكونت اللجنة من الآتية أسماؤهم:-

أبو حامد المدني/ محمود إدريس
أبو أسامة/ آدم صالح محمد.
أبو سمير/ بخيت صالح عقبيس.
أبو جعفر/ منصور طه.
أبو عثمان/ هارون آدم علي.

وكانت مهمة اللجنة الوقوف على الكتب التي تدخل المعسكر، وتصنيفها وإبعاد ما يحتوي منها على مدح أو ذم لجماعة معينة، وكثيرا ما اختلفت اللجنة حول محتويات الكتب، وتفسيرها وتأويل النصوص !! كما أن التعاون معها كان ضعيفا.

يذكر الكاتب أيضا أن المؤسسات المدنية كانت تعاني من الحزبية، وكان يتولى كبر نشاطها الشباب السلفي، حيث يذكر الكاتب أن هؤلاء الشباب تجاوزوا حدود الأدب والإحترام في التعامل مع المشايخ والقيادة، تلك القيم التي هى من صميم التربية الإسلامية، ويستشهد على ذلك ما حدث للشيخ الفاضل أبو آمنة آدم مجاوراي نائب أمير حركة الجهاد، والذي تم طرده من شعبة كسلا حين أراد حضور أحد اجتماعاتها كجزء من مسؤلياته في المتابعة والتوجيه؛ وذلك بحجة أنه حضر دون إخطارهم ولا يحق له ذلك، ويستشهد الكاتب على ذلك بقول الأستاذ حامد محمد الحسن: "بأن الذين اعترضوا عليه كلهم من أبنائه السلفيين"، ويعلق الكاتب أن (منشأ ذلك هو مواقف الشيخ مجاوراي نفسه، إذ أنه سلفي ويعمل في صالح الإخوان داخل الحركة). ص273

أما الحزبية داخل مكتب الإعلام فإن الكاتب يستشهد عليها بالخلاف الذي دار حول جواز التصوير من عدمه، ويذكر الكتاب أن هذه المسألة لم ينظر فيها شرعيا، ولم يتخذ في أمرها قرارا سياسيا من قبل القيادة، فكان السلفيين يرون عدم الجواز شرعيا، بينما كان الإخوان يرجحون الجواز، ويعلق الكاتب أن سبب الخلاف الأساسي في هذه المسألة ليس لحكمها الشرعي؛ وإنما مكايدات حزبية، ففي الشرع متسع لهذه المسألة جوازا وحرمة.

ويضرب مثلا بمساءلة وإقالة الأخ محمد حامد نائب رئيس مكتب الإعلام الذي قام بطباعة وتوزيع عدد من مجلة الجهاد محتويا على الصور، في كلا من الخرطوم وود مدني، مستندا في ذلك على توجيه من الشيخ مجاوراي، الذي استند بدوره على فتوى للشيخ إبن باز رحمه الله في جواز الصور، فتم نتيجة ذلك مساءلة وإقالة نائب رئيس مكتب الإعلام، وعين بدلا عنه الأستاذ أبو عثمان هارون آدم علي. إنتهى السرد.

يلاحظ بوضوح من خلال السرد في الحلقتين لرصد الكاتب للحراك الحزبي داخل الحركة أنه كان يتزعمه السلفيون، وذلك عبر اعتراضاتهم المتكررة تارة لأسباب شرعية، وأخرى إدارية، وثالثة سياسية، خاصة في أمور الحراك السياسي للقيادة التنفيذية للتعاطي مع المستجدات، أو التواصل مع الأحزاب في الساحة الإرترية، كما يتضح مدى الوعي السياسي الكبير الذي كانت تتمتع به القيادة التنفيذية، وأن ما كانت تثيره القيادات السلفية العسكرية والدعوية، من اعتراضات، ورفض لكل المواقف، والرؤى السياسية، إنما يكشف تواضع إمكاناتها وقلة وعيها السياسي، خاصة وأن معظمهم لم يسبق له ممارسة السياسة، وأن منتهى تجاربهم كانت تتمثل في تطوعهم للقتال في صفوف المجاهدين الأفغان !!

كما أن وقوفهم حجر عثرة أمام القيادة لم يكن من باب الحرص على الجهاد، وإن تشدقوا بذلك؛ وإنما كان خميرة عكننة لإفشال القيادة، ومعاكستها، وصناعة المتاريس أمامها، حتى تعجز، أو تغضب وتتصرف بغير حكمة، ومن يواجه مثل هذه العلل، ويعايش مثل هؤلاء العاهات يوميا لخمس سنين، لا أبالك يغضب !! ولكن هنا كانت تتجلى حكمة (الثلاثي الذهبي) الشيخ عرفة أحمد محمد، وخلاصة التجارب السياسية للشيخان حامد صالح تركي - الأمين السياسي، ومحمد إسماعيل عبده - أمين العلاقات الخارجية رحمهم الله جميعا في التعامل الحكيم، والمحاولات اليومية المستميتة في الشرح، والتوضيح، والتعليل، لكل خطوة سياسية يسعى الملأ السلفي لتعطيلها، لا برؤية سياسية مغايرة للأسف، وإنما لأسباب حزبية بحتة، فارغة من أي محتوى غير نية التعطيل، ورغبة عارمة في التفشيل، وللأسف مصحوبة بلي قسري لأعناق الأدلة من القرءان والسنة في غير مكانها.

هؤلاء كانوا حقا يحملون في أيديهم المصاحف والسنن، وفي قلوبهم الضغائن والإحن، فأوردونا وشربوا معنا من موارد الهلاك !!

تـابـعـونـا فـي الـحـلـقـة الـقـادمـة...الإختراق في المكتب العسكري وقصة اللوري“.

Top
X

Right Click

No Right Click