مقتطفات من كتاب وزير المالية الإرتري السابق برهاني أبرهي - الجزء الخامس

ترجمة الأستاذ: محمود محمد عمر - لندن، المملكة المتحدة تأليف المناضل: برهاني أبرهي

بالرغم من أنه يحتاج إلى وثائق تؤكد ذلك إلا أن هناك من يقول أن إسياس ومنذ لحظة إلتحاقه بالثورة

كان عميلا للموساد و CIA لاشك أن الشعب الإرتري عندما حمل السلاح كان بهدف أن تكون له دولة ذات سيادة كاملة ولها حدودها المعروفة ثم بعد ذلك يتفرغ لأعمال البناء والتنمية.

ومن أجل ذلك قدمنا تضحيات جسام... شهداء ومعوقي حرب لا حصر لهم.. وسالت أنهر من الدماء الطاهرة وكان ذلك من أجل أن تكون لنا دولة لها حدود معروفة و معترف بها دوليا.

ثم كررنا تلك التضحيات عام 1998 دفاعا عن السيادة أمام غزو الوياني الذي استهدف سيادتنا... فمرة أخرى دفعنا الغالي والنفيس ثم إنتصرنا.

هذه المرة قاتل الجيل الحديث من شباب "وارساي" جنبا إلى جنب مع "يكألو" دفاعا عن السيادة ليسطرا معا أروع الملاحم البطولية والتي سوف يحتفظ بها التاريخ مدى الحياة..

رغم أنها تجارب مؤلمة وحزينة إلا أنها في ذات الوقت مواقف بطولية نفتخر بها...

وبعد هذا كله أيعقل ان نقف مكتوفي الأيدي والخائن إسياس يعبث ويغامر بمزاجه بتلك الإنجازات وكأنها لعبة "حنداي" (أشكلي) مع إخوانه الإثيوبين.

طبعا هذا مستحيل... لن نسمح له بذلك... سوف نعمل على أن تكون لبلادنا حدود معروفة... طبعا "الزراقيتو" إسياس لم يخبر زملائه بالتصريحات الصحفية التي خص بها إخوانه الإثيوبين ولذا لم نكتشف ذلك في وقت مبكر... لأننا كنا قد وضعنا ثقة عمياء في هذا الثعلب... أما إسرائيل وبريطانيا وأمريكا كان لديهم علم مسبق بذلك... ولأنه يخدم مصالحهم الاستراتيجية فقد رحبوا به أيما ترحاب.

بعد متابعة لمدة طويلة لإسياس قال الراحل ملس زينواي عن إسياس:

"الشعب الإرتري يحب إسياس ولكن إسياس لايحب الشعب الإرتري... فإسياس هو ثعلب في جلد خروف الذي يخطط لكل ما من شأنه ان يلحق الضرر بالشعب الإرتري".

ولكي يترجم ذلك التصريح الصحفي الذي ادلي به إلى أرض الواقع والمتمثل في امنيته للوحدة مع اثيوبيا فقد قام إسياس بتهيئة الوضع وخلق الأرضية المناسبة لذلك.

ويمكننا أن نستشهد بالخطوات التالية:-

١. إفراغ البلاد من شبابها.

٢. السعي الى شل كل مؤسسات الدولة بشكل تدريجي وممنهج.

٣. العمل على تفشي الفساد في كل مفاصل الدولة الإدارية وغيرها.

٤. إنتشار أعمال السجن والخطف والقتل بطرق غير قانونية وخلق جو من الرعب والإرهاب وإنعدام ثقة المواطن بالمواطن... وذلك حتى لاتحدث مقاومة شعبية ضد النظام.

٥. إجبار الشعب على أن يتقبل النظام الديكتاتوري قولا وعملا.

٦. حرمان الشعب من حرية الرأي أفرادا وجماعات.

٧. العمل على ان يكون هناك نزاع وتوتر دائم بين إرتريا والدول الأخرى.

٨. العمل على إضعاف وزراة الدفاع وجعلها غير فاعلة.

٩. والأهم من كل ذلك طمس الهوية الوطنية لإرتريا.

عموما يمكن تلخيص استراتيجية هذا الإرتري - الاثيوبي والتي يستخدمها لتحقيق مآربه على النحو التالي:-

١. النظر الى إرتريا وشعبها كجيش أجنبي معادي.

٢. اللجوء إلى الخداع والتدمير في كل خطوة يقوم بها حتى يصل إلى مبتغاه.

٣. العمل على تخريب مفاصل الدولة الإدارية حتى تصبح إرتريا دولة فاشلة... A Failed State.

٤.العمل على انتشار البطالة التي تدفع بالشعب إلى الهروب خارج الحدود... وبذلك تكون إرتريا خالية من الشعب وغير قادرة على التصدي لأي غزو خارجي.

٥. إفساد علاقات إرتريا بالعالم الخارجي.

٦. خلق الجو الملائم والأرضية الخصبة لأن تكون أرتريا من السهل ابتلاعها من أي دولة أجنبية.

عجبا من أمر استراتيجية إسياس للتآمر وتقويض دولة ارتريا.. و اوجه الشبه كبير بين مخططات كل من بريطانيا وامريكا عام 1941 ومخطط إسياس اليوم.

فالفرق بينهما يكمن في أن الأول كان من الخارج والثاني يعمل من الداخل... ولكن مايقوم به إسياس هو الأسواء.

ولكي يتمكن من البقاء في السلطة لأطول مدة حتى يحقق اجندته وأهداف أسياده، على إسياس أن يستوفي شرطين اساسيين وهما:-

اولا: خلق مناخ ديكتاتوري لايسمح بظهور منافس له في السلطة.
ثانيا: شل البرلمان الوطني.

الغرض من إنشاء حزب الجبهة الشعبية للديمقراطية والعدالة "هقدف" من الناحية النظرية وكما يوحي الإسم:-

• الجبهة: تعني الجهة التي من خلالها يتم تأطير العمل النضالي بشكل منظم.
الشعبية: تعني تقديم مصلحة الشعب وخدمة الشعب.
الديمقراطية: تعني ان تكون للشعب الكلمة العليا في إدارة شؤونه.
العدالة: كما يدل الإسم تدل على ان المواطنون سواسية أمام القانون ولا أحد فوق القانون.

أما ممارسات الهقدف على أرض الواقع تناقض تماما تلك التسمية بل بعيدة عنها نصا وروحا... فنجد أن الهقدف يتخذ من هذه التسمية الرنانة وسيلة لإخفاء ممارساته القبيحة.. فبالرغم من أنه حاول ان يقدم نفسه كأنه صوت للشعب إلا أنه اثبت فشله... وهذه الحقيقة ليست خافية على هقدف ومؤسسه إسياس.

بعد تأكيد الاستقلال عبر الإستفتاء عام 1993 قام إسياس بإلغاء تنظيم الجبهة الشعبية لتحرير إرتريا وقام بتأسيس حزب هقدف ليكون أداة يتحكم من خلالها علي البلاد.

لم يتم تأسيس هقدف ليحل أو أن يكون استمرارا لتنظيم الجبهة الشعبية... بل تم الإعداد له سرا من قبل المخرب إسياس وزمرته... وبالرغم من أنه يعرف إسما كحزب.. إلا أن الغرض من تأسيسه هو أن يكون بديلا ومنافس بل وخصما للحكومة.

أي بديلا للسلطة التنفيذية والقضائية والتشريعية... كما نعلم نحن مناضلو الجبهة الشعبية أبان مرحلة الكفاح المسلح انه كان في داخل التنظيم حزب ماركسي يعمل سرا... ومع مرور الوقت تحول من ماركسي إلى اشتراكي...وبعد إعلان الإستقلال انتهت مهمة التنظيم ليتحول إلى حكومة انتقالية.

علما أنه في المؤتمر التنظيمي للجبهة الشعبية عام 1987 قد تم الإقرار انه وبعد الاستقلال من يحكم إرتريا لن يكون حزبا ماركسيا أو اشتراكيا وإنما نظام حكم ديمقراطي يعمل على إرساء دعائم ومبادئ العدالة الإجتماعية والديمقراطية.

بعد إلغاء إسم تنظيم الجبهة الشعبية في مؤتمر التنظيم في نقفة عام 1994 كان أغلب المقاتلين خاصة المناضلات (اللوائي لايعرفن في السياسة سوى الجبهة الشعبية) يعتقدون أن الحزب الوليد أي هقدف سيعمل بروح ومبادئ تنظيم الجبهة الشعبية وسيكمل المشوار بالحفاظ على الإستقلال.

ولكن هيهات... نعترف إننا كنا سذج ومخطئين وقد خاب ظننا في هقدف... لم يكن بيننا من يتصور أن هقدف سوف يتحول يوما إلى حزب لا يمثل الشعب إطلاقا.

كما يدل إسمه كان على هقدق أن يعمل على إرساء مبادئ العدالة وتحقيق الديمقراطية بعد الاستقلال ولكن هقدف لم يحرك ساكنا وهو يشاهد الإنتهاكات وهدم كل مبادئ العدالة والديمقراطية التي يقوم بها الديكتاتور وزبانيته بشكل يومي بل الأسواء من ذلك ان هقدف يستميت في الدفاع عن الديكتاتور ويعمل على تفتيت وحدة الشعب والشباب بوجه خاص.

المعروف أن هقدف يقوم كل عام بإرسال كوادره إلى الجاليات الإرترية في الخارج... وفي تلك السمينارات يتم تقديم صورة مغايرة ومزيفة لحال وواقع البلد... ويصف كل من يعارض إسياس سواء في الداخل أو الخارج كأنه ضد مصالح الوطن وخائن وعدو للشعب ثم يقوم بتشكيل بما أسماه ب "اللجان الشعبية للتصدي"... ثم تعود تلك البعثات للوطن وتقدم صورة كاذبة عن الخارج... يقولون أن السمينارات خرجت بهذه الخطوات وهذه القرارات... وكلها كذب.

وعليه الأرترين في الداخل والخارج تصلهم معلومات متضاربة حول الأوضاع داخل الوطن ....وهذا بدوره يؤدي إلى خلق فجوة وعدم الثقة بين الجانبين بين المواطنين في الداخل والخارج وبصورة غير مباشرة...

كما هو معلوم فقد أقام هقدف اتحاد الشبيبة الخاص به في الخارج YPFDJ والغرض كان لتقسيم اتحاد الشبيبة الذي كان يمثل كافة الشباب الارتريين إلى ثلاثة أجزاء... أحدهم داخل إرتريا.. أما الإثنين في الخارج... ويتم تصنيفهم الى ما هو تابع وغير تابع لهقدف.

ويقوم مسؤلي هقدف بتعبئة الجزء التابع لهم وايهامهم على أنهم هم قادة المستقبل... ويعشمونهم بالمسؤليات... في نفس الوقت قام هقدف بتقويض وأضعاف إتحاد الشباب وقيادته المنتخبة بطريقة شرعية.. وتمت الإطاحة برئيسه الشرعي السيد سلطان المنتخب في المؤتمر.

واتى بشخص آخر لم ينتخب في المؤتمر.. وهكذا اصبحت قرارات المؤتمر دون جدوى ومسخرة... وهكذا استباح هقدف شرعية واستقلالية إتحاد الشبيبة ووضعه تحت إمرته... وأصبح أحد أدواته وابواقه... ثم لم يلبث أن قام هقدف بدمج الشبيبة في الداخل والخارج في وعاء واحد بعد أن تم إبعاد ممن يشك في ولائهم للهقدف.

تـابـعـونـا... في الجزء القادم

Top
X

Right Click

No Right Click