مقتطفات من كتاب وزير المالية الإرتري السابق برهاني أبرهي - الجزء الاول

ترجمة الأستاذ: محمود محمد عمر - لندن، المملكة المتحدة تأليف المناضل: برهاني أبرهي

مع مرور الأيام تمكن الديكتاتور اسياس من الانفراد بالسلطة... وما لبث ان وضع العراقيل أمام الشعب

حتى لايمارس الحياة المعيشية والعملية من أجل حياة كريمة... ثم قام بعرقلة برامج التنمية... وزرع الخوف والرعب بين المواطنين وامتلاءت السجون بمواطنيين لايعرفون اي ذنب جنوه.. بل لا يعرفون الجهة التي اشتكتهم... ولم يتم تقديمهم إلى المحاكم... وأصبح لارتريا سمعة سيئة في المحافل الدولية.... وللأسف الشعب لم يتحرك سريعا لإنقاذ الوطن من هذه المصيبة.

عندما يكون اسياس تحت تأثير الخمرة يردد "ارتريا والتي يعود الفضل في تحريرها إلي شخصيا سوف أتركها وهي عالقة في مكان لايستطيع الوصول إليه أحد!!".

ولكن في الحقيقة فإسياس لم يكن القائد الأعلى للجبهة الشعبية سوى أربعة أعوام فقط (1987-1991)... والتاريخ يشهد أن هناك قادة آخرين أكثر منه شهرة ناضلو بإخلاص وتفان ولهم يرجع الفضل في تحرير هذا الوطن.

ومن المعروف انه في المرحلة الحرجة في الفترة مابين 1970 و 1987 كان القائد هو المناضل الكبير رمضان محمدنور الذي يعتبر أحد آباء الثورة ويتمتع بتقدير كبير بين الارتريين نظير ماقدمه لهذا الوطن.

وعليه علينا أن نعي أن تحرير ارتريا ليس هب اسياس... ولكن كلام اسياس ده له مآرب أخرى... وهذا دليل على أن اسياس له مخطط لتخريب هذا الوطن... أي أنه يحاول إفراغ ارتريا من شعبها.

لم تكن هناك فدرالية حقيقية على أرض الواقع:

في احاديثنا اليومية كثيرا مانشير إلى الفترة الواقعة 1962-1952... على أنها فترة الإتحاد الفدرالي بين إرتريا وإثيوبيا... وأنه في عام 1962 ضمت إثيوبيا إرتريا اليها... وطبعا لكل واحد منا له فهمه الخاص فيما إذا كان هناك فعلا اتحاد فدرالي بين البلدين... وليس هناك مانع في أن تتباين والاجتهادات في هذا الخصوص ويمكن اعتبارها ظاهرة إيجابية... ولكن لقد حان الأوان لكي نبني هذه الافتراضات على الحقائق على أرض الواقع.

شخصيا لا اتجراء على إطلاق صفة الاتحاد الفدرالي على الفترة الواقعة بين 1952 و 1962... بل في نظري هي مسرحية درامية تم خلالها خداع الشعب الإرتري... وهي فترة التي شهدت خسائر كبيرة للشعب الإرتري وأيضا بعض المكاسب... والغريب في الأمر ماعدا قلة قليلة من النخبة المثقفة الأثيوبية الغالبية العظمى من الإثيوبيين ليس لهم أي علم عن تلك الفدرالية المزعومة... وبما انا مفهوم ثقافة الفدرالية غريب جدا على ثقافة الشعبين... لم يكن بيننا من يفقه عن آليات الفدرالية وكيفية تطبيقها.

والوثيقة التي قدمتها الهيئة الدولية في هذا الخصوص لم تكن سوى رواية خيالية تم تاليفها لخدمة مصالح بريطانيا وامريكا... ولم يكن لها آليات قابلة للتنفيذ على أرض الواقع... ولكن محاولاتهم بائت بالفشل.

الجدير بالذكر أن إثيوبيا كانت خاضعة للحكم الملكي الإقطاعي... في وقت أن إرتريا كانت تتحسس طريقها نحو النظام الرأسمالي..
بالمقابل كان الشعب الإرتري تحكمه قوانين الأجداد والموروثات التقليدية... وعليه مايطلق عليه بالإتحاد الفدرالي ليست سوى حيلة ومخطط ينتهي في نهاية المطاف إلى إلحاق إرتريا بإثيوبيا.

في الخمسينيات غزت إثيوبيا إرتريا بجيش ضخم وكان يحمل شعارا:-
Embee Yale Sow
Teet Agresow

يعني بالتقرايت: ابيكو لبيلا... رصاصة انكشو.

في تلك الفترة لم يكن لدى إرتريا جيش قادر على المقارعة... كان تملك قوة من الشرطة ولكنها غير قادرة على التصدى للغزاة
وعليه يمكن القول إن الشعبين كانا يسيرا في خطين لايلتقيان... ومن هنا بدأت إثيوبيا في مخطط الاحتلال... وتم إضعاف الاقتصاد والقضاء على كل مظاهر المقاومة المحتملة.

أما اسياس الذي هو في الواقع نصف اثيوبي ونصف ارتري... له هناك أمور تؤرقه... وهذه ملاحظاتي.

وبما أن هيلاسلاسي أقدم على ضم إرتريا علنا... هذا قد أعطى للشعب الإرتري الحق لكي يقاوم من أجل الحرية والاستقلال... أما اسياس فكان يرى أنه لم يكن هناك داع لضم إرتريا... فكان بالإمكان أن تبقى جزء من إثيوبيا دون إعلان الضم... وعليه ما دفع الشعب الإرتري إلى المقاومة ليس الاستعمار الإيطالي وإنما خطوة الضم الغير موفقة والتي لم يكن لها داع التي أقدم عليها الإمبراطور هيلاسلاسي. وعليه يرى اسياس انه يستوجب البحث عن وسيلة لضم البلدين.

ومن هنا يتضح لنا أنه لهذه الغاية التحق اسياس بالثورة أولا... والان ومن خلال الديكتاتور يحاول تنفيذ مخطط الاستقلال... وهو العمل على إعادة إرتريا إلى أحضان اثيوبيا.

بالمقابل هناك مكاسب يمكن الحديث عنها قد تحققت في الفترة المذكورة أي مابين 1952 و 1962:-

أولا: أصبح لنا شعار يميزنا وهو العلم الأزرق بغصونه الخضراء...
تصاعد الوعي الوطني...
طلاب المدارس بدأو يرددون اناشيد وطنية وحماسية ...الخ

الجيرة مع إثيوبيا هي كالشوك... أم التقارو فهم اعداؤنا:

نحن الارتريون عندما نتحدث عن إثيوبيا الشيء الذي يخطر في بالنا ليس انهم اصحاب النوايا الحسنة وانهم يحبون السلام... بالعكس مايخطر في البال هو تلك المظالم والجرائم والآلام التي ذاقها شعبنا على أيديهم على مر التاريخ... هذه الذكريات تجعلنا ننظر إلى إثيوبيا كالشوك... وهذه كلها مبنية على حقائق ملموسة.

أما إذا وجد بيننا من يذكر إثيوبيا بالخير فهم قلة ويمكن تصنيفهم كالتالي:

1. جائز لهم عرق اثيوبي ولهم قناعة انهم اثيوبيين.
2. لهم مصالح خاصة مع إثيوبيا.
3. مزروعين من قبل إثيوبيا للإضرار بإرتريا.
4. تجدهم أشخاص يعيشون في الخارج ويصنفون أنفسهم بالمثقفين ويتوهمون "وبما أننا مثقفين فعلينا أن ننظر إلى الأمور بعقلانية بعيدا عن العاطفة".

لقد ذلت إثيوبيا ولمدة ستون عام تخوض الحروب ضد شعبنا نيابة عن دول اجنبية... علما من يعيش في إثيوبيا ليسوا بذلك الوعي لاستيعاب هذه الحقيقة.

وبالدرجة الأولى أبناء التقراي هم اول من يسال عن تلك الجرائم في حق شعبنا... خاصة التقارو من المناطق التالية:-

عدوا،
شري،
اكسوم،
عقامي.

أما بقية المكونات الأثيوبية فلم يلحقوا بنا من المآسي ما فعله التقارو... بداية من عهد الإمبراطور هيلي سلاسي... ثم في عهد منقستو وأخيرا في عهد الإتلاف الحاكم.

والتاريخ يذكر ان مواقفهم كانت دائما ضد الشعب الإرتري... في الأربعينيات والخمسينيات والستينات والسبعينيات والثمانينات والتسعينيات وفي الفترة 1998 وحتى 2015.

وتفاصيل المظالم التي تعرض لها شعبنا على أيدي التقارو نجدها في ذاكرة كل الارتريين.. معروفة لدى كل شاب إرتري... الظلم هو ظلم والتاريخ لا يرحم...

هناك مثل بالتقرنية يقول: "زوقئي إنتى رسعي زتوقئي ايرسعن".
وبالتقرايت: راقز من لترسع... رقوز أي لترسع".

وعليه الشعب الإرتري لن ينسى ماتعرض له من جرائم على أيدي التقارو... ومن الصعب نسامحهم.

عموما التقارو ناس غدارين وليس لهم استعداد لرد الجميل لمن احسن إليهم... لدرجة أن الشعب الإرتري يلقبهم ب "دقي ماي طلاميت".

والتاريخ يذكرنا انه عندما رفع هيلي سلاسي شعاره المشؤم بانه يريد إرتريا أرضا وليس شعبها... قام الجيش الإثيوبي الذي كان يتكون من عدد كبير من التقارو بإرتكاب جرائم وحشية في حق شعبنا... في المنخفضات والمرتفعات (بركا وسنحيت وقاش وعنسبا وسمهر ...الخ).

كيف ننسى جرائم طعن الأمهات في الصدور وقطع الثدي... والرحم... وإحراق الناس وهم أحياء... تلك الفظائع التي لايصدقها العقل كان يقوم بها التقارو ضمن صفوف الجيش الإثيوبي... واستمرت هذه الأعمال الوحشية في عهد منقستو.

كانت تنفذ هذا الجرائم من قبل مجاميع يتحدثون لهجة "تقراينيا" وهي لهجة التقارو وليس تقرنيا... لأن لهجة التقارو أقرب للامهرية.

نواصل... في الجزء القادم

Top
X

Right Click

No Right Click