قراءة انطباعية اولى لكتاب رمضان عثمان قبري سمعكومو فالا
بقلم الأستاذ: محمود أبوبكر - صحافي مختص في شؤون القرن الافريقي
في البدء بودي أن أشيد بالجهد الكبير الذي بذله القائمين، على هذا العمل التوثيقي المهم،
وقد كنت شاهداً على تلك الجهود المكثفة لأكثر من عامين، بدءً بجمع المواد الشعرية والادبية والسياسية، الذي احتفظت به اسرة الراحل الكبير، وهنا ينبغي أن نشيد بالشاعر رمضان قبري الذي حرص على توثيق منتجة الادبي سواء بالكتابة او بالصوت، وترك لنا جميعا، إرثاً ابداعيا غاية في الاهمية والتمييز، ومرورا بمرحلة التدقيق وتحرير المواد، وصولا الى تصفيفها وجمعها في كتاب للنشر.
كما استغل هذه الفرصة السانحة لتقديم اعتذار مشفوع لعدم قدرتي على تقديم ما ينبغي تقديمه في تلك المراحل المتقدمة من العمل التحريري لاسباب عملية وعائلية.
الملاحظات الاولية حول كتاب سمعكومو فالا:
١) نبدأ بقصة التنقيح، اذ ان المواد لم تكن مطبوعة، بل مكتوبة بخط اليد، وما يعتر ذلك من صعوبات لفك الخط وتحريره وتنقيحه.
ولعل هذا الاصدار يعد الأول من نوعه، أن يصدر كتاب شعري بهذه الضخامة بالحرفين العربي والجعئزي في وقت واحد، وبخاصة ان الحرفين متراجعين في ذات الصفحة الواحدة، سطر مقابل سطر!
ومن لديه تجربة في التحرير سيدرك جيدا صعوبة هذا الامر.
كما ان هذه المجموعة تضم ايضا بعض القصائد المكتوبة باللغة العربية، فهو يضم ثلاث لغات التيغرنية والتقرايت والعربية، وهذا بجانب انه يكشف المقدرات الكبيرة للشاعر والمناضل الكبير رمضان قبري، فهو يدلل على الجهد الكبير الذي بذله القائمون على العمل وعلى رأسهم اسرة المرحوم وبالذات اخيه صالح قبري والاستاذ عبده فايد الذي بذل جهدا كبيرا في هذه العملية.
بجانب نخبة اخرى من الضالعين في اللغات الثلاث بخاصة التقرايت من مهتمين وشعراء وفنانين.
٢) التعريف: تعريف هذا المنجز الادبي حسب غلافه فهو "ديوان شعر" وفي تقديري أن الاصدار ربما يتجاوز هذا التعريف فهو ليس ديونا شعريا صرفا، اذ يتضمن:
عريف موسع عن الشاعر/ سيرته - مسرحياته الغنائية.
وهو (جنس ادبي مستقل) - شهادات رفاقه واصدقائه - التبويب اشتغل تعريف الشعر الثوري والشعر الغزلي ..الخ لكن المضمون يحوي ما هو اكثر من مجرد ديوان شعر لشاعر.
٣) ضم الكتاب ايضا شعر لشعراء آخريين ضمتها وثائق رمضان قبري من باب التوثيق مثل شعر ود امير / شعر لشعراء آخرين بلغة التيغرنية وقصائد لشعرت غير معروفين انا يالتقرايت والتغرنية - فضلا عن اغاني اهداها اصدقاء الثورة من الشعراء العرب (العراق دون تسميتهم) + بعض المأثورات من التراث الاريتري كـ مدحرات: أدعية العيد.. وهي جزء من التراث.
٤) اعتمد المحرر على مواد مكتوبة بخط رمضان قبري في دفاتره وعلى صوتيات مسجلة بصوته (للحفاظ على التراث والشعر) وقد عمد رمضان حسب ما ذكر المحرر على لغة بسيطة سهل ممتنع (اي طراي واي باشلت - لانغا لانغا) بهدف التعريف والوصول للعامة.
وهذه ملاحظة مهمة، ليس على المستوى الابداعي فحسب، بل على المستوى التوعوي والتحريضي، اذ ان الهدف الايدلوجي ذو البعد الوطني واضح، فالهدف الاساسي هو وصول هذه الرسائل الى الجماهير، وليس الاستعراض اللغوي النخبوي، كما اعتمد على اغنيات للفنان.
ويختم الكتاب محتواه بقائمة الفنانين والاغنيات التي منحها الشاعر لفنانين اريتريين، ثم نبذة مختصرة مرة اخرى عن رمضان قبري.
٥) منهجيا: كنت اتمنى ان توضع النبذة المختصرة المنشورة في اخر الكتاب، بعد التقديم مباشرة، ثم تقديم المواد الشعرية، على ان يتم وضع السيرة الذاتية وشهادات رفاقه وغيرها في ملحق في اخر الكتاب. حتى يتم البدء بالمنجز الشعري باعتبار ان الكتاب مصنف ك ديوان شعري، والملحق في المتن الادبي يعد عملا مضافا للفعل الابداعي الاساسي (الديوان).
٦) هناك ملاحظة مهمة ينبغي تسجيلها حول استخدامات الحرف الجعزي واشكالات كتابة التقرايت.
فالحرف واحد ولكن الاصوات تختلف من لغة لأخرى.. فعلي سبيل المثال في اي كتابة بالتيغرنية ثمة اصوات مختلفة عن الامهرية في الحرف الاول مثلا، وكذلك الاصوات في التقرايت مختلفة عند نطق ذات الابجدية في الحرفين الاول والسادس، فالذين يدرسون التقرايت ينطقون الاحرف بشكل مختلف، وبالتالي قراء التقرايت (الاكاديمية ان صح التعريف)، قد يجدون اختلافا في الاصوات عند قراءتهم هذا الاصدار، اذ انه اعتمد على الطريقة التي تكتب بها الامهرية اكثر من التقرايت.
٧) وهذه ليست ملاحظة بقدر ما هي اقتراح، تتعلق بامكانية الاستفادة من هذا الاصدار الذي يضم معلومات توثيقية مهمة ليس برمضان قبري فحسب بل بالتاريخ الغنائي والشعري الاريتري عموما، بجانب المواد الشعرية لرمضان، بالاضافة الى الكتاب السياسي الاخر، الاعتماد على هذه الذخيرة الكبيرة لاعداد فيلم وثائقي عن رمضان قبري، يتحدث فيه رفاقه وعائلته بجانب النقاد والمهتمين بالتجربة الابداعية والسياسية لرمضان، وجعل هذه المادة معيناً لكتابة سيناريوهات العمل، لأن هناك عناصر مهمة متوفرة لاعداد فيلم بهذا الشكل.