المناضلة كلثوم ورحلة البحث عن والدها
ترجمة الأستاذ: إبراهيم محمدنور حاج - ملبورن، استراليا كتاب: قدلي دقي انستيو ገድሊ ደቀንስትዬ نضال المرأة الارترية
كانت كلثوم.. تسأل كل من اتى من المقاتلين الى العيادة التي كانت تعمل بها ممرضة في الميدان،
عن والدها.. ابويي تأمرو؟.. ابويي رايكم؟.. خبر ابويي بكم؟.
والد كلثوم المناضل محمد دباس انقطعت اخباره... بعد انضمامه للثورة عام 1977.
كان منزلهم في "كامبو بوليس" لان العم محمد دباس كان بوليسي في كرن.
وقد كانت كلثوم حبيبة ابوها.. والذي كان يناديها "ياامي" لانها كانت تحمل اسم جدتها.. ولأنها كانت طالبة نجيبة... كان ابوها يقول لها "كلثوم ولتجي دكتورة إقل تقبئي تو".
بجانب الدراسة، ايضا كانت كلثوم شعلة من النشاط في المنزل ففي وقت الفراغ كانت تساعد اسرتها بالذهاب الى جبل لالمبا مع زميلاتها لجلب الحطب لمنزلها.
وبعد ان اكملت الابتدائية في مدرسة "اوالد" انتقلت الى "سكندري" اظي داويت... وواصلت حتى الفصل العاشر قبل ان تنضم للثورة عام 1978... في الوقت ذاك كانت الثورة منهمكة في عملية الانسحاب الاستراتيجي من المدن.
اما الانضمام الى الثورة كان قرار مشترك بين كلثوم وبنت عمتها الشهيدة "جوكت".. والرحلة الى الساحل كانت عبر مسحليت... ثم قزقزا... ثم قلامت... ثم امباهرا... ثم نهر موقاع.
قرار كلثوم للإنضمام الى النضال كان له هدفين اولهما طبعا النضال من اجل التحرير.. اما الهدف الثاني فقد كان من اجل معرفة مصير والدها العزيز الذي اشتاقت له كثيرا.. فقد اضناها الفراق.
في الطريق كانت كلثوم تتلفت يمنى ويسرى لعل وعسى يظهر لها والدها من بين المقاتلين ويحضنها بحرارة.
بعد رحلة شاقة اخيرا وصلت كلثوم معسكر "اراق" للتدريب... ولكن كان في انتظارها هناك عدو مراوغ لم تعمل له كلثوم حساب وهو القمال!!!
وكأنه كان هناك تنسيق سري بين منقستو هيلي ماريام والقمال.
وقد خلق استفحال القمال حالة من الخوف خشية ان يؤدي ذلك الى انتشار مرض التيفوز.. ولان القمال كان يتخذ من الشعر خندق للتكاثر واللجؤ الى عملية الكر والفر... كان لزاما على المناضلين حلق شعرهم... حتى المقاتلات قد اضطرن الى حلق شعرهن ومن بينهن المناضلة كلثوم.
اخيرا تم توزيع كلثوم في العيادة... لتلقي الدورة... ولكنها اعترضت قائلة انا انضممت للثورة لحمل السلاح ومقاتلة العدو وليس للجلوس في العيادات... ولكن تم اقناع المناضلة كلثوم بأن الجانب الطبي هو ايضا مهم جدا وليس اقل اهمية من حمل السلاح... عموما بعد ان ان تلقت الدورة في التمريض... تم توزيعها في العيادة.
اما رحلة البحث عن المناضل محمد دباس ايضا شاركت فيها زوجته فاطمة مدين، والدة كلثوم، التي اصطحبت معها اطفالها... عندما سمعت بأن زوجها المقاتل يتواجد في منطقة شعب (سمهر).
ولكنها لم تجده هناك.. ولكنها لم تيئس ولم تتوقف عن محاولة البحث عنه، فهذه المرة ذهبت ومعها طفليها الى منطقة مرارا في كبسا... فوجدته هناك.. وقضو معا يومين قبل ان يتم نقل وحدته الى منطقة سرايا... وكان ذلك إخر لقاء بين المقاتل محمد دباس (والد كلثوم) واسرته.
وفي عام 1983 اعترى كلثوم الحزن الشديد عند سماعها خبر استشهاد ابنت عمتها وصديقتها "كجو"... التي استشهدت في جبهة حلحل بتاريخ 1983/7/9
من جانب احد اشقاء كلثوم واسمه صالح ايضا انضم للثورة...
وهكذا انضم للثورة ثلاثة من افراد الاسرة وهم الاب والابنة والابن.
طول هذه المدة لم تتوقف كلثوم عن البحث عن والدها... في احد الايام سأل احد المقاتلين القادم من جبهة القتال، سأل كلثوم هل والدك اسمه محمد؟. ومتقدم في السن؟
ردت كلثوم بالإيجاب وهي تنظر اليه بأمل.
قال لها عموما هناك مقاتل تنطبق عليه تلك الصفات وفي طريقه الآن الى حيث توجد كلثوم.
كانت فرحة كلثوم لاتوصف...لانها اخيرا سوف تقابل والدها بعد غياب دام حوالي 13عاما.. فقد افتقدته كثيرا.
وفي اليوم التالي ذهبت كلثوم الى حيث يتواجد الضيف القادم من جبهة القتال... وسألتهم هل معكم محمد؟
خرج اليها المقاتل محمد ولكنه وللاسف لم يكن والد كلثوم!!
كان حزن كلثوم لايوصف... ولكن مالم تكن تعلمه كلثوم هو بأن والدها كان قد استشهد عام 1981 في منطقة سرايي.
نعم كلثوم خسرت والدها ولكن قد عوضت ذلك بالمساهمة في تحرير الوطن، الهدف الذي استشهد والدها محمد دباس من اجله.
حاليا تعمل المناضلة كلثوم محمد دباس في قسم الاعلام وقد اصبحت ام لاربعة اطفال.
عاش نضال المرأة الارترية..
ورحم الله جميع شهداء الثورة الارترية..
نقلا عن كتاب (نضال المرأة الارترية الصادر بالتقرنية)