أوهام ياسين إزاز الصغيرة

بقلم الأستاذ: صديق الحلو - كاتب وقاص سوداني - الخرطوم

قصص كما الحلم ناضجة فكريًا وقريبة منا روحيًا،

أوهام صغيرة أوهام جميلة 2

اصدر ياسين إزاز مجموعته القصصية الأولي (اوهام صغيرة… اوهام جميلة) عن دار النخبة بمصر للطباعة والنشر والتوزيع.

بدأها بقصة فقدان الذات وتغلق الابواب، ما من باب مغلق، انت فقط من يقف في الاتجاه الخاطيء.

ياسين إزاز في «أوهام صغيرة… أوهام جميلة» كتب كتابة قريبة من القلب ناصعة وصريحة، قصص كما الحلم ناضجة فكريًا وقريبة منا روحيًا. لم يكن ياسين يتعب نفسه لكنه يكتب كما يتنفس إبداعًا باهرًا ورزين سيظل خالدا علي مر السنين، أرانا الشقيقة إريتريا وكيف يفكر الجيل الطالع وكيف يعيش راهنه.

«أوهام صغيرة… أوهام جميلة» السهل الممتنع

كتب ياسين إزاز كتابة رفيعة من السهل الممتنع. «أوهام صغيرة… أوهام جميلة»، قصة فيها دراما عالية كما لقطات من فلم سينمائي. القفلة رهيبة وغير متوقعة مجنونة وذاك هو الإبداع. تحس بياسين توقه للقمة وللإبداع موهبته وملكاته، كتابة منفتحة تثير الانتباه وتلفت النظر. التكثيف، التقطيع، والجمل القصيرة، ومضات دسمه لأحداث مكثفة تجعلنا نطلب المزيد

تحس بالأسى والحزن والآلام والوجع، وهناك في المقابل كبرياء مبدع يضمد الجراح، يكتب ياسين إزاز سيرة الوجع، الذكريات والصور. استعمال الفلاش باك، التداعي الحر، الاسترسال وسحر السرد.

قصص إزاز تعتمد علي الذاكرة المتخمة الحبلى بلحظات التيه والليالي المخمليه وذاك المجون، عاشتها معه فلا تزال أيامها لا تخلو من تفاصيله رغم الفراق.

الإشارات المدلولات الإيحاءات وظفت بعناية، وذاك الشغف نقله إلينا، وذبنا معه بمعرفة ومهنية عالية طوف بنا ياسين في عالم الحكي المسرود.

حضور رومانسي مع واقعية

وهناك بحضور رومانسي مع واقعية تبتدع مكوناتها المكان فارض حضوره بقوة ومع الأسى، هناك الحب والعشق والفراق، الجرح والذبول.الاحتراق والخوف.الفراغ الانكسارات والتردد.. يكتب إزاز كأنما يهمس لك في اذنك كتابة ثورية دون ثرثرة أو غرور.

في قصته رغبة قاتلة:

الأمنيات الغالية غالبًا ما تتحقق بعد أن نتخلى عنها. للعطر دلالات، الرغبة وإغماض العينين، سعادة الأشواق والذكريات الطاغية تأجج الرغبات وذلك النزق والحكي عند إزاز مطعم بالحكم والأمثال والمقولات المعبرة، أدهشنا ياسين بتعابيره الجديدة احتفاء بالتفاصيل وتلك الأحاسيس الدالة والصور القوية والأحداث التي صارت بيننا وبينها ألفة. إريتريا شديدة الثراء الفني والتنوع بطبيعتها وناسها.

كتب ياسين بلغة شعرية شديدة البهاء مكثفة وعميقة كتابة منحازة للإنسان في قلقة وبؤسه ومعاناته آلامه وأحلامه. عبر في تكنيك عالي القيمة لأحداث جسام في تمازج جمالي وشكلي، إنعاشًا للروح وتحريكًا للذاكرة حتى لا تركد.

تحس أيضًا عند ياسين الحنين الجارف للمكان، المدن المنسية البيوت الترابية والأزمنة الجديدة وصراع الأفكار. سرد جميل متماهي يعكس واقع مر دون ثرثرة تغلبًا على النسيان.

الدراما والحركة في القصص

القصص مليئة بالدراما وبالحكي الحي الممتلئ بالحركة والقلق والتنامي. تخاطب الحواس من الواقع اليومي بما فيه من فرح أو فجيعة، وأحلام صعبة التحقق.

في قصته (على أعتاب الاعتراف):

النسيان والذاكرة والكتابة. ذكرن وعد الحباب، الخوف والألم، الوداع الفقد، أن تتذوق كل تلك الأشياء في آنٍ واحد، ذلك ما أتاحه لنا ياسين.

قصص حديثة بما تحمله من رؤية. في الروح والعقل واللغة، ينظر ياسين إزاز للحياة ككرة الثلج المتدحرجة، والطبيعة هنا شحيحة حيث تنعكس على الإنسان الذي يكون دائمًا مليء بالوجع والشجن والفقدان والأجساد النحيلة القصيرة تكافح بقوة لإثبات الذات والانسجام مع الواقع المحيط. لا يمكن أن نطلب السعادة أو نبحث عنها، هي دائمًا كامنة في أعماقنا (ص 52).

ياسين إزاز من الجيل الجديد في الشقيقة إريتريا يكتب بروح مختلفة تحتفي بالصور والحركة واللغة المفارقة المتمردة في مشاهد مكثفة غزيرة ومزدحمة بالأحداث، استوعب ياسين المدارس الجديدة وراهن بلاده وعبَّر عن ذلك بكتابة فنية وثقافية مختلفة ومغايرة، الذاكرة هي العدو الأكبر للإنسان، قال ياسين، والذكريات هي السلاح الوحيد الذي يقتلنا دون أن يصدر صوتًا. رغم الانكسار وتلاشي الأحلام والخسارات وزيادة الوهم.

أعتقد أن ياسين إزاز موهوب، صرف أحداث قصصة بمهنية وتحكم في الشخوص وصولًا لبؤر فنية وإنسانية مبتدعة وبارعة ولياسين القدرة على مزج كل تلك الأمشاج في مكون قصصي مدهش شديد الفاعلية والتماسك والحيوية، استطاع ياسين التقاط تلك الأوهام الصغيرة، الأوهام الجميلة المحتشدة بالتوتر وإعادة بنائها في عمل إبداعي ثرٍ ومؤثر.

 

صديق الحلو: كاتب وقاص سوداني،
• درس الشريعة والقانون بجامعة المهدي،
• أسهم في تأسيس الرابطة الادبية بكوستي،
أسهم في تاسيس نادي القصة السوداني بالخرطوم،
• صدر له العديد من المجموعات القصصية.

Top
X

Right Click

No Right Click