الاستعمار الايطالي وممارساته في ارتريا وعموم المنطقة
بقلم الأستاذ:محي الدين علي تأليف: محمد سعيد ناود
يأتي صدور كتاب (الاستعمار الإيطالي وممارساته في إرتريا وعموم المنطقة) الصغير في حجمه والكبير في محتواه ومضمونه،
في إطار اهتمام الباحث والكاتب المناضل محمد سعيد ناود بحقبة الاستعمار الإيطالي في ارتريا، ومرد اهتمامه كما يقول ويردد دوما هو افتقار المكتبة الإرترية لمواد تاريخية تتناول تلك الحقبة وبعمق، باستثناء بعض من كتب الرحالة وكتب الانطباعات التي تتعلق بزيارات بعض الأوربيون إلى ارتريا في تلك الأزمان وبالتأكيد أن كتابات هؤلاء الأجانب لايمكن أن يعول عليها ويؤسس لكتابة تاريخ وطني لأنها كانت تنطلق من نظرتهم الاستعمارية لهذه البلاد.
فباستثناء مؤلفه الهام المعنون (قصة الاستعمار الإيطالي لإرتريا) والصادر في فبراير من العام 1971م والذي يعتبر المحاولة الأولى والجادة لتدوين التاريخ الإرتري الحديث وان كان أختص بمرحلة تاريخية محددة هي فترة الاحتلال الإيطالي، تكاد تخلوا مكتبتنا الإرترية من البحوث والدراسات التي تتعلق بالحقب الاستعمارية التي توالت على إرتريا وخاصة تلك التي كتبت باللغة العربية.
وعليه يمكن اعتبار مادة هذا البحث هي بمثابة تكملة ومواصلة للجهد الذي بدأه المؤلف منذ مايقرب الأربعين عاما في الكتابة والتدوين والتوثيق، وعلى أمل أن تكون هذه البحوث توطئة ومدخل لبحوث أعمق وأشمل يمكن للباحثين الشباب القيام بها مستقبلا، مستندين ومنطلقين من جهود الأستاذ محمد سعيد ناود في البحث والتقصي والتعمق في مرحلة الاحتلال الإيطالي لإرتريا.
وعلى الرغم من عدم وجود دراسات هامة وجادة تتناول ماضي إرتريا التاريخي السياسي والاجتماعي مما وضع الباحث في مواجهة اللاشيء أي الانطلاق من العدم، إلا أن كل ذلك لن يثني من عزيمة المؤلف في القراءة والاستنباط والتفكير والمقارنة حتى يصل إلى حقائق وبراهين تاريخية وبالتالي يستطيع فتح كوة يمكن أن نستطلع من خلالها ماضي شعبنا وكفاحه عبر كل الأزمنة والعصور، إذ كثيرا مايتحدث المؤلف عن المسئولية التاريخية التي تقع على عاتقه وعلى كاهل الرواد الأوائل من القادة والسياسيين من اجل تمليك أي معلومة تتعلق بالنضال وعبر مختلف الحقب وذلك حتى يتحاشى الوقوع في خطأ عدم الاهتمام وعدم توريث الأجيال لقيم الثورة ولتلك البطولات التي خاضها الآباء والأجداد في معمعة النضال الإرتري الذي مرّ عليه أكثر من قرن من الزمان، ومناشدا في الوقت ذاته كل القادرين على الكتابة من أجل بذل قصارى جهدهم في التوثيق والتأليف.
لابد من الإشارة إلى أن مادة هذا الكتيب قد نشرت بشكل متسلسل في عدة أجزاء بصحيفة "إرتريا الحديثة" التي تصدر في اسمرا على مدى أشهر عديدة حتى يطلع عليها أكبر قدر من القراء خاصة المتواجدون داخل إرتريا، أما الآن فيأتي صدورها في هذا الكتيب حتى تكون بمثابة وثيقة تاريخية يطلع عليها كل المهتمين بأمر التاريخ في ارتريا ومن اجل أن تحتل مكانها في رفوف مكتبتنا الإرترية باللغة العربية والتي آلينا على أنفسنا مهمة النهوض بها مع طموحنا غير المحدود وتوقنا أن تزداد ثراء وغنى بمثل هذه المشاركات الرصينة.
وبصدور هذا الكتيب يعد الأستاذ محمد سعيد ناود صاحب الإنتاج الأوفر في الكتابة والتأليف وصاحب الرصيد المقدر من النتاجات الفكرية والسياسية التي أسهمت في رفع الوعي السياسي للكثير من الارتريين، إذ يبلغ ما أصدره 13 كتابا مابين بحث تاريخي وسياسي ورواية، عدا عن عدد من المخطوطات لمؤلفات جديدة سوف تصدر قريبا. نسأل الله أن يمتعه بالصحة والعافية ليتحفنا أكثر وأكثر.