حرب الجياع - الحلقة الواحدة والعشرون
بقلم الإعلامي الأستاذ: أحمد أبو سعدة - صحفي سوري - صديق الثورة الإرترية
أبو السلام: في النصف الأول من القرن الرابع بعد الميلاد وعلى أثر غرق سفينة تجارية
كانت في طريقها إلى الهند ألقي القبض على عدد من البحارة والركاب وكان من بين ركاب السفينة قسيس سوري من قرية معلولا القريبة من مدينة دمشق قد وقع أسيراً بأيدي الجنود الاثيوبيين وأخذ الأسير إلى بلاط ملك اثيوبيا (أزنا) وحاور الملك أزنا القسيس السوري فوجد في كلامه ملاذاً له ولشعبه فاعتنق المسيحية ونصب الملك أزنا القسيس السوري فريمنتوس أول مطران في اثيوبيا على يد القديس (اباناسيوس) وبعد وفاة المطران فريمنتوس أطلق عليه اسم (أبا سلاما) ومعناها ابو السلام، وبهذا تكون اثيوبيا قد اتخذت المسيحية دينا، وبعد أكثر من قرنين ونصف من المسيحية دخلت اثيوبيا سلسلة من الحروب مع جيرانها المسلمين كمصر والسودان ثم دخلت في حروب داخلية ما بين المسلمين والمسيحيين من أجل الاستئثار بالحكم.
إن الدين الرسمي لاثيوبيا هو المسيحية إلا أن الحقيقة غير ذلك، إذ أنه من الثابت ومما دلت عليه الإحصاءات الرسمية للسكان أن نسبة المسيحيين في اثيوبيا لا تتجاوز ثلث السكان البالغ عددهم 60 مليوناً، أما المسلمون فهم يشكلون 65% من مجموع السكان، أما بقية الأديان في اثيوبيا ومنها اليهود فعددهم لا يتجاوز بضعة آلاف وقد أتوا من الحجاز سنة 264 ويسمون الفلاشا( )، كما أنه يوجد في بعض الأجزاء من اثيوبيا عدد قليل من العقائد الوثنية.
أما تكوين اثيوبيا العام فهو على الشكل التالي والذي يشتمل على ثلاث فصائل:-
1. الفصيلة السامية.
2. الفصيلة الكوشية ومنها العفر.
3. الفصيلة النيلية.
هذه الفصائل الثلاث هي التي كونت القرن الإفريقي. ومنا أتي التكوين الاثيوبي الحالي فالقوميات الرئيسية المتطاحنة سياسياً في اثيوبيا هي خمس قوميات وتشمل:-
1. الأورمو.
2. العفر.
3. الصومالية.
4. التجرية.
5. الأمهرا.
ثم هناك قوميات صغيرة أخرى. وأكبر هذه القوميات هي القومية الأوروميه.
شعوب اثيوبيا:-
آ) تعتبر اثيوبيا ثالث دولة في إفريقيا من حيث السكان ويبلغ عدد سكانها حوالي 60 مليون نسمة.
ب) سكان اثيوبيا ليسوا شعباً واحداً بل مجموعة شعوب وقوميات تختلف عن بعضها البعض، تختلف من حيث الدين، والعادات والصفات ويتحدثون أكثر من 82 لهجة وأكبر هذه القوميات كما ذكرنا هي:-
1. الأورمو: أكبر القوميات وتعتبر كبرى القبائل الإفريقية، يسكن الأورمو في المناطق الاثيوبية التالية وللجا، هرر، اروس، بالي، شوا، بلوأبايورا، يورنا، جُمَّا، ويتحدثون بلغة الأورمو و80% منهم مسلمون والباقي مسيحيون ووثنيون ويعتبرون أديس أبابا عاصمة لهم.
ومع نهاية القرن التاسع عشر بدأت مرحلة جديدة من تاريخ شعب الأورومو، فالحياة الزراعية أخذت تحل محل الحياة الرعوية البدوية في أجزاء كبيرة من بلادهم. وتعداد شعب الأورمو هو 25 مليون نسمة وزيادة وهو شعب مكافح وله تاريخه المليء بالبطولة والشجاعة، وكانوا في معاركهم يقاتلون بالرماح فقط.
إن هزيمة الأورومو على يد الإمبراطور منلك الثاني كانت هزيمة لقوميات اثيوبيا كافة. إن الظروف القاسية المفروضة عليهم من قبل الإمبراطورية الاثيوبية كالفقر والتخلف فرضت عليهم أحوالاً تركتهم يعيشون في القرون الأولى.
في عام 1928 قامت الإمبراطورية الأمهرية المتسلطة باستدعاء القوات الملكية البريطانية من عدن وضربت حركة شعب الأورمو وفي عام 1940 ثاروا مرة ثانية وأيضاً أتت القوات الإنكليزية من عدن وضربتهم بشدة وبلا رحمة.
عام 1935 تم إنشاء اتحاد كونفدرالي أرومي وتم تقديم طلب إلى عصبة الأمم للاعتراف بهذا الاتحاد كدولة، لكن طلبهم رفض وبعد هزيمة الإيطاليين في الحرب العالمية الثانية تقدم الأورميون بمذكرة إلى الحكومة الإيطالية لاقامة دولة مستقلة لهم لكن المستعمر الإنكليزي كعادته لم يهتم ولم يأخذ برأي الشعب الاورمي المظلوم بل عمد إلى إعادة الإمبراطور هيلاسلاسي إلى السلطة.
وفي عام 1967 قامت حركة وطنية تسمى ميتشاتولما فقمعت بوحشية وشنق بعض زعمائها وشرد الباقون. إن الإسرائيليين والإنكليز والأمريكان كانوا يساعدون الاثيوبيين ويقصفون مواقع الأورمو، هذا الشعب الذي كان هدفه الأول هو الحصول على تقرير المصير القومي لشعبه، وهذا الشعب ينطق باللغة الأورمية.
2. الأمهرا( ): أكبر القوميات بعد القومية الأرومية وعددهم 14 مليون ويسكنون غرب اثيوبيا وفي المناطق التالية: جوجام، غوندر، حتى حدود السودان وغالبيتهم يسكنون المرتفعات والأمهرا قوم ينحدرون من التزاوجات التاريخية بين سكان مملكة أكسوم، أهم مدنهم بحردار( )، وغوندا، ودير ماتوس لغتهم الأمهرية وهي لغة الدولة الرسمية.
الى اللقاء... فى الحلقة القادمة