حرب الجياع - الحلقة العشرون
بقلم الإعلامي الأستاذ: أحمد أبو سعدة - صحفي سوري - صديق الثورة الإرترية
وهنا لا بد لنا من تقديم لمحة جغرافية وتاريخية وبشرية على كل من ارتريا واثيوبيا ولنبدأ من اثيوبيا.
1. المساحة: تبلغ مسـاحة اثيوبيـا 1.102.900 كـم2، 45% من مسـاحتها عبارة عن مرتفعات والبقية سهول وصحارى، فيما تغطي 26% من مساحتها الغابات الكثيفة وتقع ضمن المنطقة الاستوائية، ترتفع عن سطح الأرض من 6000-8000 قدم.
2. التاريخ: تاريخ اثيوبيا منذ عهد الدولة المصرية السادسة سنة 3703 ق.م إلى دخول المسيحية لبلاد النوبة سنة 545 ب م.
اثيوبيا: هو الاسم الذي أطلقه اليونان على جميع بلاد السود والشديدي السمرة ومعناه الوجه الأسود أو المحرَق ويشمل بلاد السودان والحبشة والعرب.
السكان: من المعلوم إن من سكن هذه البلاد ـ السود وقد اختلف العلماء في أصلهم، فقسم من العلماء قال إنهم نشأوا في القارة وتشعبوا فيها إلى قبائل شتى.
وقسم آخر ـ قال: إنهم هاجروا إليها من أسيا عبر البحر الأحمر وقالوا أيضاً: وما كانوا سوداً بل كانوا بيضاً فسودتهم حرارة الشمس وطبيعة القارة على توالي الأجيال.
الاثيوبيين غزوا مصر أيام النبي موسى - رواية ليس لها دليل ثابت.
قال الاثيوبيون أن المصريين: اختاروا النبي موسى قائداً لجيشهم فزحف النبي موسى بالجيش إلى عاصمة اثيوبيا ولم يتخذ طريق النيل كما كان يعتقد الاثيوبيين، بل سار بطريق الصحراء.
وقيل: إن في طريقه أرضاً تموج بالحيات "الثعابين" فأخذ معه عدداً من طيور "ابي منجل" المصرية التي تصيد الحيات، فلما وصل إلى تلك الأرض أفلتها فأهلكت جميع الحيات وفتحت الطريق للجيش فأطبق موسى على الاثيوبيين مفاجئاً لهم فانهزموا شرا انهزام إلى عاصمتهم الحصينة فحصرهم فيها وكانوا يخرجون إليه فيردهم على أعقابهم.
وكانت ابنة ملك اثيوبيا في قصرها تشاهد القتال فأعجبتها بسالة موسى فوقع حبه في قلبها وعشقته فأسرّت بذلك إلى بعض رجالها الذين كانت تثق بهم وقالت لهم اذهبوا إلى موسى وقولوا له بأني أسلمه المدينة بشرط أن يتخذني زوجة له، استجاب موسى إلى طلبها ودخل المدينة وتزوج بها وهذه رواية لا دليل على صحتها.
اثيوبيا حكمت مصر 49 عاماً وكان حكمها عادلاً ومع ذلك لم يكن مقبولاً لأنهم غرباء.
عادات وتقاليد الشعوب الاثيوبية.
إن طعام الاثيوبيين اللحم المسلوق وشرابهم الحليب.
مائدة الشمس: وهي مرج يقع خارج المدينة يأتي الخدم في الليل فيملؤون المرج بالأطعمة من الحيوانات ذوات الأربع التي يرسلها كبراء المدينة لأغراض في أنفسهم وفي النهار يأتي من يشاء ويتناولون الطعام. ويعتقد هؤلاء الناس أن الأرض نفسها نبتت لهم هذه اللحوم من وقت لأخر.
المسجونين: يقيد المسجونون بسلاسل من الذهب لأن النحاس عند الاثيوبيين كان من المعادن النادرة ؟!.
قبور الاثيوبيين: عندما يمـوت الإنسـان عندهـم: يخضعون الجسد لعملية على الطريقة المصرية ثم يطلونه بالجص حتى يشبه منظره الانسان الحي ثم يضعونه في أسطوانة مجوفة من البلور وبهذه الطريقة يرون الميت دون أن تنبعث منه رائحة كريهة، ويحتفظ أهل الميت بهذه الاسطوانة في بيوتهم لمدة سنة فيقدمون لها الذبائح وفي نهاية السنة يخرجون الاسطوانة ويضعونها في مكان قريب من المدينة، ومن عاداتهم أيضاً أن يدفنوا موتاهم على رؤوس التلال، وأن يغطو قبورهم بالحجارة، ويضعوا على كل قبر قرن ماعز للدلالة. ومنهم من يرمون موتاهم في النيل.
شرائع اثيوبيا:
الحكم ملكي مطلق، البلاد مقسومة إلى 45 مملكة، إن بعض ممالك اثيوبيا كانت انتخابية وملوكها ينتخبون من الكهنة عند بعض القبائل ومن قوانين الخلافة أنه بعد موت ملكهم يخلفه ابن أخته، وإذا لم يكن لأخوته ذرية نصّبوا عليهم رجلاً من أجمل رجال العائلة المالكة وأقواهم وإذا أصيب الملك بجرح أو تعطلت وظيفة عضو من أعضاء جسده اضطر رجال حاشيته أن يجرحوا أنفسهم مثل جرحه أو يعطلوا في جسمهم عضواً نظيراً لعضو الملك المعطل في جسمه وإذا مات الملك اضطر جميع خدمه واتباعه أن يقتلوا أنفسهم. وكانوا يعدون ذلك أقوى شاهد على تمام إخلاصهم له.
احترام النساء: الاثيوبيـون يحترمون النسـاء المسـنات وإذا تقاتـل الرجـال فيما بينهم ودخلت امرأة مسنة تركوا القتال.
اللباس: كانوا يلبسون ثياباً من جلد النمر والأسد.
أسلحتهم: القوس النشاب والحراب.
ومنهم من كان يأكل لحم البشر وهم معروفين باسم "انتريبوناجي".
تخزيـن الجـراد:
كان الاثيوبيون يملؤون الوديان حطباً وينتظرون أن تهب الريح حتى تقذف بالجراد إلى ذلك الوادي، ثم يشعلون الحطب فيختنق الجراد ويقع على الأرض فيجمعوه ويقددوه ويخذنوه للتقوت به.
أما تاريخ اثيوبيا المعاصر فقد بدأ عندما توّج الإمبراطور منليك الثاني وذلك في 6 تشرين الثاني من عام 1889م.
كان منليك( ) الثاني ملك (شوا) أول إمبراطور يتم تتويجه في مدينة أديس أبابا التي كانت عاصمة مملكة شوا.
وعندما اعتلى منليك الثاني العرش أصبحت أديس أبابا عاصمة الإمبراطورية الاثيوبية.
وكان (سهل سلاسي) الذي كان ملكاً على مملكة شوا هو والد منليك الثاني وكان الملك سهل سلاسي قد تنبأ بأن أولاده وأحفاده سيحكمون الأقاليم الاثيوبية من مدينة أديس أبابا.
الأسر التي حكمت اثيوبيا:
أسرة زاجوي:
إن منلك الأول هو الذي أسس ما يسمى بسلالة الملك سليمان وذلك قبل الميلاد بنحو 950 سنة وبعد ألف عام أي عام 950 بعد الميلاد وفي ظل الضعف والانحلال الذي سيطر على ملوك وحكام الأسرة السليمانية، قفزت أسرة /زاجوي/ المنتمية إلى قبيلة (أغاو) إحدى أقوى قبائل الهضبة، هذه القبيلة التي عرفت باعتزازها بوثنيتها.
خاضت أسرة زاجوي حروباً شرسة مع الأسرة السليمانية، وتمكنت هذه الأسرة من إزاحة الأسرة السليمانية عن عرش الحكم وادّعت أسرة زاجوي أنها من أسرة النبي موسى. إلا أن الحقيقة كانت غير ذلك: فالوقائع التاريخية الموثقة أظهرت أن إدعاء هذه الأسرة غير صحيح.
إن عهد أسرة زاجوي لم يدم سوى 300 عام، ففي عام 1270م قام الملك (يوكو أملك) وأسقط الحكم عن هذه الأسرة التي تربعت على حكم الحبشة، ومن الحكام الأقوياء لسلالة زاجوي الملك (ناكيتولاب) والملكة (مسقل) التي ظلت تحكم البلاد لغاية عام 1300م.
الصراع مع الإسلام:
قام الملك يوكو أملك بتدعيم نفوذه في الهضبة فعمد إلى محاربة الإسلام الذي كان يشكل الخطر الأقوى بالتغيير الديني في الحبشة إلا أن الإسلام الزاحف بقوة استمر ولم يقف عند المناطق الساحلية، بل انتشر إلى داخل المملكة وذلك على يد الجماعات التي كانت تسكن بين الساحل والمنحدرات الشرقية. ثم غزا المسلمون مدينة شوا عاصمة الملوك والحكام وبهذا يمكننا القول إن الإسلام أحرز في الفترة الممتدة بين القرنين العاشر والثاني عشر تقدما هائلاً في جزر البحر الأحمر وساحل دنكاليا والصومال، بل في كافة أنحاء الحبشة حيث أصبح عدد من الأقاليم بما فيه ساحل البحر الأحمر مناطق مسلمة وبذلك بدأ صراع بشأن تقرير مصير الحبشة الديني، وقد أثارت أنباء هذه الحروب بين الحبشة والمسلمين اهتماماً كبيراً في أوروبا.
البرتغاليين يتحركون:
في عام 1520 م أرسل البرتغاليون بعثة كبيرة إلى الحبشة لمنع المد الإسلامي المتعاظم في اثيوبيا عامة. حيث وفد عليها كثير من المبشرين فضلاً عن الرواد والعناصر المغامرة والجارية وراء الغني أو الثراء الفاحش، لكن هذا لم يمنع المسلمين من إتمام رسالتهم الدينية.
حكم الأسرة السليمانية:
في عـام 1889 عادت سلالة الملك سليمان كما تدعى إلى الحكم والتربع على العرش ودام حكمها إلى شهر سبتمبر من عام 1974 عندما استولى الجيش على الحكم وأصبحت اثيوبيا دولة اشتراكية وعزل الإمبراطور هيلا سلاسي الذي كان يعتبر الملك رقم 255 من سلالة الملك سليمان، وابتدأ عهد جمهوري اشتراكي بقيادة الرئيس منغستو هيلا مريام، وهو أمهري القومية.
من بين السلالات التي حكمت الإمبراطورية الاثيوبية نجد أن ثمانية وتسعون ملكاً قد حكموا اثيوبيا قبل الملك منليك الأول الذي كان أول إمبراطور يتوج على البلاد الاثيوبية كافة مع العلم أن مئة وستة وخمسون ملكاً حكموا اثيوبيا قبل الميلاد.
الملكة ماكيدا:
تذكر الوقائع التاريخية الاثيوبية أن الملكة (ماكيدا) سمعت بالملك سليمان الحكيم فقامت برحلتها الطويلة الشاقة إلى القدس كي تتعرف عن قرب بحكمة الملك سليمان، والملكة (ماكيدا) المعروفة باسم ملكة سبأ أو (ملكة الجنوب) كانت امرأة غنية متعلمة وسياسية داهية، وكانت جميلة فاتنة، وقد جلست على العرش قبل ألف عام من ولادة المسيح حين كان العرب المهاجرون من الجزيرة العربية قد أسسوا القرى والمدن وعملوا في الزراعة التي لم يكن يعرفها الاثيوبيين، وكان العرب أيضاً يقيمون المحطات للقوافل التجارية القادمة عبر البحر الأحمر من الجزيرة العربية إلى اثيوبيا.
عندما التقت ملكة سبأ (ماكيدا) بلقيس الملك سليمان بالقدس تبادلا الآراء وأعجب بها الملك سليمان وأعجبت به ملكة سبأ فتزوجا (الملك سليمان والملكة بلقيس).
وعادت ملكة سبأ إلى عاصمة بلادها (دبري ماكيدا)( )
وفي عام 975 قبل الميلاد وفي قرية (عد شماجلي) القريبة من أسمرا وضعت بلقيس زوجة الملك سليمان ابنها الأول الذي سمي مينليك.
وعن طريق الملكة ماكيدا دخلت الديانة والثقافة اليهودية إلى اثيوبيا.
الى اللقاء... فى الحلقة القادمة