حرب الجياع - الحلقة الأولى

بقلم الإعلامي الأستاذ: أحمد أبو سعدة - صحفي سوري - صديق الثورة الإرترية

مقدمــة:

إن من أخطر ما خلفه الاستعمار الأوربي والبريطاني والإفريقي - الإفريقي،

حرب الجياع 2

في دول القارة السمراء هو مشاكل الحدود بين هذه الدول المستقلة. فاستقلال الدول الإفريقية لم يغير شيئاً في الخريطة السياسية التي وضعها الاستعمار الغربي أو الإفريقي للدول التي استقلت حديثاً أو قبل حين. فمشاكل الحدود التي أوجدها الاستعمار الذي يعلم بماضي وحاضر هذه الدول التي أصبح لها وجودها وكيانها الداخلي والخارجي.

إلا أن حدودها مع بعضها البعض بقيت دون حل وخاصة حدود الدول التي يتداخل شعوبها مع بعضهم البعض. بنسب متفاوتة بمقومات تكوينها، ورغم تداخلها العرقي والثقافي والجغرافي فهي تخضع إلى مشاكل حدودية وكثيراً ما تؤدي إلى حروب شرسة تأكل الأخضر واليابس.

فالأنظمة الحاكمة في هذه الدول هي التي تشعل الحروب ولا تستطيع إخمادها وبالتالي تفتح الأبواب على مصراعيها للتدخل الأجنبي.

إن الملاحظات التي يجب أخذها بعين الاعتبار في قضية الحدود المصطنعة أو الطبيعية يمكن فهمها وحلها حسب القوانين والأنظمة المعمول بها عالمياً. إلا أن مشكلة الحدود بين اثيوبيا وارتريا يجب أن لا نفهمها على أنها مجرد نزاع حول تعيين حدود ورسمها.

إنها مشكلة أعمق مما قد يتصوره البعض. فالحرب التي دارت بين اثيوبيا وارتريا لا تتمثل في المواجهة بين التكوينات القومية المعقدة لهذين البلدين المتحاربين، إنها حرب من نوع خاص وفريد حول من سيرأس الدولة المزمع إقامتها والمتفق عليها بين طرفي الصراع وبمساعدة كل من أمريكا وإسرائيل؟

نهاية الحرباتفاقية السلام بين اثيوبيا وارتريا:

في شهر أيار/مايو عام 1998 دارت حرب طاحنة بين اثيوبيا وارتريا وسميت بحرب الجياع. وبعد عامين ونصف من المعارك الطاحنة وافقت الدولتان على وقف القتال وتوقيع اتفاقية سلام بينهما، والاتفاقية هذه تتكون من ستة بنود أساسية و 47 بنداً فرعياً. فبعد مشاركة حكومتي كل من دولة ارتريا وجمهورية اثيوبيا / في المباحثات غير المباشرة في الفترة ما بين التاسع والعشرين من أيار/مايو حتى العاشر من حزيران/يونيو لعام 2000 وتحت رعاية منظمة الوحدة الإفريقية ورئيسها الحالي الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة وبالتعاون مع شركائها:-

1. الولايات المتحدة الأمريكية.
2. الاتحاد الأوربي.

فقد تعاهد الطرفان على المبادئ التالية:-

أ) رفض القوة كطريق لفرض الحل في حالة الاختلاف بين الطرفين.

ب) احترام الحدود المتوارثة منذ الاستقلال كما نص عليها وأجازتها قمة منظمة الوحدة الإفريقية المنعقدة بالقاهرة سنة 1964.

ت) يوضع في الاعتبار تأكيد الطرفين لموافقتها بإطار عمل منظمة الوحدة الإفريقية وخطته وشكليات تطبيقاته التي أقرت في الجزائر في الفترة ما بين
12-14 تموز 1999 والأخذ بالحسبان تطورات النزاع الأخير.

فقد اتفق الطرفان على الخطوات التالية:

أولاً: وقف الأعمال العدائية فور توقيع هذا المستند، وبهذا الخصوص يوافق الطرفان على ما يلي:-

أ) وقف كل الهجمات الجوية والأرضية المتبادلة بين الطرفين.
ب) ضمان حرية حركة ووصول أعضاء مهمة حفظ السلام وتحويلهم من خلال أراضي الطرفين.
ج) احترام وحماية أعضاء مهمة حفظ السلام وإمداداتهم ومعداتهم.
ت) نشر قوات حفظ السلام تابعين للأمم المتحدة تحت رعاية منظمة الوحدة الإفريقية.
د) تكليف بعثة حفظ السلام بالآتي.

ثانياً: التأكيد من إنهاء كل العمليات العدائية.

ثالثاً: مراقبة إعادة انتشار القوات الاثيوبية.

رابعاً: الحفاظ على متابعة التعهدات الأمنية المتفق عليها في هذه الوثيقة من قبل الطرفين وعلى وجه الخصوص تلك المحددة بالفقرة رقم 14.

خامساً: حجم وتشكيل أعضاء حفظ السلام سيحدد حسب المهمة المناطة إليها والتي ستحدد من قبل أمناء منظمتي الأمم المتحدة والوحدة الإفريقية وبموافقة الطرفين.

سادساً: ستنتهي مهمة حفظ السلام عندما تنتهي عملية تحديد وترسيم الحدود بين الدولتين.

سابعاً: ستنشأ مفوضية للتنسيق العسكري من قبل منظمتي الوحدة الإفريقية والأمم المتحدة وبموافقة طرفي النزاع من أجل تسهيل مهمة قوات حفظ السلام وستتكون هذه المفوضية من ممثلي البلدين كما سيرأسها رئيس قوات حفظ السلام.

ثامناً: ستنحصر مهمة مفوضية التنسيق العسكري في تنسيق وحل الأمور المتعلقة بتطبيق مهمة قوات حفظ السلام التي حددت في هذه الوثيقة. كما ستتعامل المفوضية مع الأمور العسكرية أثناء عملية تطبيق خطة السلام.

تاسعاً: بعد توقيع الوثيقة سيقوم كل من طرفي النزاع بأعمال تطهير الألغام الأرضية في أسرع وقت ممكن لتهيئة ظروف مناسبة لانتشار قوات حفظ السلام. وعودة الإدارة المدنية والعودة الأمنية لسكان المنطقة، هذا بالإضافة إلى عمليتي تحديد وترسيم الحدود المشتركة بين الدولتين، وستقوم قوات حفظ السلام بالتعاون مع وحدة نزع الألغام بمنظمة الأمم بمساعدة مجهودات الطرفين لنزع الألغام بتقديم النصائح التقنية والتنسيق وكلما دعت الضرورة يجب على طرفي النـزاع المعاونة الإضافية لنـزع الألغام مع قوات حفظ السلام.

عاشراً: ستقدم اثيوبيا خطط إعادة انتشار قواتها من المواقع التي أخذتها بعد السادس من شباط عام 1999 والتي كانت خارج نطاق الإدارة الاثيوبية ما قبل السادس من مايو إلى قوات حفظ السلام وستنتهي عملية إعادة الانتشار بعد أسبوعين من انتشار قوات حفظ السلام التي ستتأكد من العملية.

حادي عشر: للحفاظ على المبدأ المنصوص في الفترة الثالثة من إطار خطة السلام عملية إعادة انتشار القوات الاثيوبية كما هو واضح لا تحدد مسبقاً الوضعية الأخيرة للأراضي المتنازع عليها التي ستحدد في نهاية عملية تحديد وترسيم الحدود أو من خلال آلية تحكيم مناسبة.

ثاني عشر: بعد التحقق من إعادة انتشار القوات الاثيوبية من خلال قوات حفظ السلام ستعود الإدارة المدنية الارترية إلى الأراضي غير المتنازع عليها للتجهيز لعودة المواطنين.

ثالث عشر: من أجل التقليل من حدة التوتر وخلق جو من الهدوء والثقة كذلك خلق ظروف مناسبة لحل نهائي عادل لهذا النـزاع من خلال تحديد وترسيم الحدود ستحافظ القوات الارترية على مسافة "25" كيلو متر مجال قصف المدفعية من مواقع إعادة انتشار القوات الاثيوبية المحدود في الفقرة التاسعة من هذه الوثيقة وستعتمد هذه المنطقة الخالية كحزام أمني مؤقت.

رابع عشر: تراقب مواقع القوات الارترية المذكورة في الفقرة 12 ومواقع القوات الاثيوبية المذكورة في الفقرة 19 من قبل قوات حفظ السلام.

خامس عشر: تتعهد اثيوبيا بعدم تحريك قواتها إلى المواقع والأراضي التي لم تكن تحت إدارتها قبل السادس من مايو عام 1998 كما تتعهد ارتريا بعدم تحريك قواتها إلى أبعد من الموقع المذكور في الفقرة 12 وتتعهد كل من منظمة الوحدة الإفريقية ومنظمة الأمم المتحدة بضمان احترام تعهدات طرفي النـزاع حتى تحديد وترسيم الحدود المشتركة بينهم وفق المعاهدات الاستعمارية الموثقة ويتخلل الضمان المهمات التالية:-

أ) عقوبات من قبل المجتمع الدولي في حالة خرق أحد أطراف أو طرفي النـزاع تعهداتهما وتكون العقوبات وفق المنصوص عليها في الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة من قبل مجلس الأمن.

ب) إجراءات من قبل قوات حفظ السلام لمراقبة المناطق الحساسة في الحزام الأمني المؤقت وذلك من خلال ضباط الاتصال في الفرق والوحدات الارترية والاثيوبية المنتشرة على امتداد الجهتين بالحزام الأمني المؤقت ودوريات قوات حفظ السلام المنتظمة ومهمات الاستطلاع ودوريات التفتيش بالتعاون مع مفوضية التنسيق العسكري وبمشاركة ضباط الاتصال من ناحية طرفي النـزاع الذين عينوا من قبل رئيس مفوضية التنسيق العسكري.

ت) انتشار ومراقبة وحدات عسكرية تابعة لقوات حفظ السلام في المواقع الحساسة بالحزام الأمني المؤقت من أجل مراقبة تعهدات طرفي النـزاع المنصوصة في الفقرات (9 و 12) من هذه الوثيقة.

ث) زيارات تحقق تقنية دورية للحزام الأمني المؤقت للمساعدة على الوقوف على مطابقتها مع هذه الوثيقة.

سادس عشر: بعد توقيع هذه الوثيقة سيبدأ طرفي النـزاع في تقديم طلبات المعاونة في تطبيق هذه الوثيقة لكل من سكرتير عام منظمة الوحدة الإفريقية وسكرتير عام الأمم المتحدة حسب الظروف:-

أ) حكومة دولة ارتريا.
ب) حكومة جمهورية اثيوبيا الديمقراطية الفيدرالية.

وهذا وقد شهد توقيع الاتفاق كلاً من:-

1. الأمين العام لمنظمة الوحدة الإفريقية.
2. مستشار الرئيس الأمريكي السابق للأمن القومي"أنتوني ليك".
3. أحمد أبو يحيى - مندوب الرئيس الجزائري.
4. مندوب عن الاتحاد الأوربي وزير دولة بالخارجية الأوربية.

عليك أيها القارئ العزيز النظر والتمعن في بنود ونصوص هذه الاتفاقية المهينة للجانب الارتري؟؟‍‍.‍‍

كيف بدأت هذه الحروب وما هي مسبباتها؟ هذا ما سنستعرضه في كتابنا هذا...

الى اللقاء... فى الحلقة القادمة

Top
X

Right Click

No Right Click