كتاب: تاريخ الطريقة الختمية في ارتريا
عرض الأستاذ: محي الدين علي المؤلف: محمد سعيد ناود
يتألف الكتاب من مقدمة وتسعة فصول، وهو من الحجم المتوسط.
في مقدمة الكتاب يقول المؤلف إن التاريخ الإرتري حقيقة لم يكتب بكامله بعد، ومن التاريخ الإرتري الذي لم يكتب بعد هناك تاريخ المدن مثالا لذلك عدوليس المطمورة تحت الأرض والتي تدل الآثار البارزة منها عن قيام حضارة عريقة كانت قد قامت بها.
كذلك قوحيتو ـ دباروا ـ اسمرا ـ مصوع ـ كرن باعتبارها مدن قديمة كانت موجودة قبل حلول الاستعمار الإيطالي لإرتريا بوقت طويل. كذلك الجزر الإرترية على البحر الأحمر مثل دهلك والأرخبيل المكون لها، وباقي الجزر الإرترية الكثيرة التي تحمل أسماء معروفة، إلا أننا نجهل تاريخ الزمن الذي حملت فيه هذه الجزر تلك الأسماء.
أيضا هناك تاريخ المقاومة الإرترية الباسلة ضد الاستعمار الأجنبي في كل الحقب الاستعمارية التي مرت على ارتريا.وبجانب ذلك تاريخ الثورة والكفاح الإرتري الذي أمتد طيلة نصف قرن بشتى تفاصيله الدقيقة والذي يتعرض للضياع والتزييف خاصة وان في معظمه ينتقل عبر الروايات الشفهية.
الفصل الأول:
يتساءل المؤلف عن لماذا هذا الكتاب بالذات ؟ ولماذا تاريخ الختمية ؟
فيجيب أن التاريخ الارتري تعرض للسطو والتزييف والتجاهل بل وللإهمال، وأيضا بسبب الحقب الاستعمارية الطويلة التي تمتد لخمس قرون ابتدءا بالبرتغالية وانتهاء بالاستعمار الإثيوبي. وما يؤكده المؤلف من حالة السطو والتزيف لتاريخنا القديم والحديث هو هجرة أصحاب الرسول محمد صلى الله عليه وسلم حيث البعض من الدول المجاورة قد نسبها له، ويذكر انه في تفنيد ذلك وضع كتيباً مستقلا تحت عنوان: (ارتريا... طريق الهجرات والديانات ومدخل الإسلام إلى أفريقيا).
أما عن التساؤل حول أهمية كتابة تاريخ الختمية، فهو يجيب: (إن ارتريا كانت وبحكم موقعها الاستراتيجي على البحر الأحمر كانت منفتحة على جميع التيارات الدينية والثقافية والحضارية. ولم تكن في حالة العزلة والانعزال. ولذا فان الطرق الصوفية التي كانت منتشرة في العالم الإسلامي وصلت أيضا إلى ارتريا وأصبحت لها جذور ومراكز وأتباع ومريدون، ولذا هذه الطرق أصبحت جزء من مكونات شعبنا الإرتري).
ويتطرق المؤلف في هذا الفصل إلى نسب آل الشيخ حامد مفصلا والذي ينتهي عند سيدنا علي بن أبي طالب كرم الله وجهه. ويقول أن أسرة الشيخ حامد توزعت بين ارتريا والسودان، ففرعهم في السودان كان يرأسه الشيخ إدريس بن الشيخ احمد نافعوتاي النفيدابي. أما فرعهم في ارتريا وهم أبناء حامد نافعوتاي فقد لعبوا أدوارا هامة في نشر الإسلام والعلم في ارتريا.
كما يتطرق المؤلف لدخول كنتيباي جاوج بن فكاك الإسلام على يد الشيخ علي بن الأمين، والذي كانت نتيجته زواج محمد بن الشيخ علي من ابنة كنتيباي جاوج (ستل) حيث أنجب منها ثمانية من الأبناء، ومن المعروف أن الشيخ محمد بن علي هو صاحب قبة أمبير مي الشهيرة.
ويذكر المؤلف أن ارتريا كان لها السبق في استقبال الصحابة رضوان الله عليهم من المهاجرين من أصحاب الرسول (ص)، أيضا كان لإرتريا السبق في استقبال مؤسس الطريقة الختمية السيد محمد عثمان الميرغني الختم كأول بلد تطأه قدمه في أفريقيا وبالتأكيد هذا ليس بالحدث العادي، وان كانت بعض الكتابات غير المسئولة وغير الدقيقة تشير بخروجه إلى مصر، ولكن مايؤكده وصول الميرغني إلى ارتريا فور خروجه من الحرم المكي الشريف هو كتاب: (الإبانة النورية في شأن صاحب الطريقة الختمية)، تأليف احمد بن إدريس المعروف بابن إدريس الرباطابي. كما يؤكد ذلك البروفسير محمد إبراهيم أبو سليم مدير دار الوثائق المركزية في الخرطوم، أيضا كتاب (الأسرار الربانية) للسيد محمد عثمان الختم.
الفصل الثاني:
نبذه عن السيد محمد عثمان الختم مؤسس الطريقة الختمية، حول نسبه وموجزا عن سيرته الذاتية أ يضا نبذه عن جده وطريقته الميرغنية وعن تعليمه وانتقاله من الطائف إلى مكة.
الفصلين الثالث والرابع:
يتحدث الكتاب عن هجرة السيد محمد عثمان الختم الأولى خارج مكة والتي كانت إلى ارتريا قبل مصر والسودان.
الفصل الخامس:
فقد أفرده المؤلف لرحلة السيد محمد عثمان الختم الثانية لإرتريا والتي وجد فيها كل الترحاب والقبول وحسن الوفادة من قبل الإرتريين في كل حله وترحاله، وكانت محطة دخوله الأولى بلدة سبدرات حيث أصبح له تلامذة وأتباع ومريدون، وهناك قال قولته المشهورة (أهل سبدرات كرشتي وأوعيتي). ويواصل الختم رحلته الى (القدين) ثم الى (كوفيت) حيث أبناء الباريا والكوناما فرحبوا به وأكرموه وكان شاهدا على إسلام الكثيرين منهم. كما زار (دقا دقلل) وواصل طريقه الى مناطق الماريا حيث (اروتا) برغم الصعاب ووعورة الطريق والجبال الشاهقة فقد تمكن من الوصول أيضا الى (أسماط) ثم أراضي (عد تكليس) و(عدتماريام) وزيارته (دقا كنتيباي) بأرض الحباب و قال جملته الشهيرة والتي يحفظها الكثير من أبناء الحباب (الحباب حبايبي).
وفي هذا الفصل يذكر المؤلف أسماء بعض من خلفاء الميرغني في جولاته.
وقد أورد في الفصل السادس عدة عناوين منها:-
• أبناء وأحفاد الختم في ارتريا بعد رحيله.
• هجرة السيد محمد عثمان تاج السر الميرغني راجل سواكن وساكن سواكن الى ارتريا.
• ارتباط الختمية بإرتريا تؤكده المزيد من الحقائق.
• ذرية الختم في ارتريا.
أما الفصل السابع فقد جاء تحت عنوان:
الختمية في ارتريا بأقلام أوروبية. حيث يشير المؤلف الى عدد من الأسماء الأوربية من الكتاب بالإضافة الى عدد من الكتب التي تناولت خلفية الطريقة الختمية وعلاقتها وتغلغلها في أوساط المجتمع الإرتري في ذلك الوقت.
أما الفصل الثامن فجاء تحت عنوان:
دور الختمية في الحركة الوطنية وتلاحمهم مع شعبهم الإرتري:-
• الشريفة علوية الميرغنية.
وهي ابنة السيد هاشم بن السيد محمد عثمان الميرغني، فقد حازت قبولا وتقديرا عظيما لدى المسلمين، وكانت لديها كلمتها المسموعة، حيث زارت كل من روما وإثيوبيا على رأس وفد إرتري باعتبارها واحدة من رموز وأعيان الشعب الإرتري. وفي كل جولاتها في ارتريا كانت تحث أتباعها على التوادد والتكافل والتعاون في عمل الخير، وتقديرا لجهودها في أكثر من مجال أوكلت إليها الرئاسة الفخرية في جمعيات خيرية لرعاية الفقراء في كل من اسمرا ومصوع.
• ومن ادوار السادة المراغنة هناك السيد محمد ابوبكر الميرغني رئيس الرابطة الإسلامية الارترية.
• السيد محمد عثمان الميرغني رئيس فرع الرابطة الإسلامية الارترية في مدينة اغوردات.
أما الفصل التاسع فقد احتوى على قوائم بأسماء خلفاء السادة المراغنة في المدن الارترية، كل من اسمرا وكرن واغوردات والساحل واكلي قوزاي وسمهر وحرقيقو.
ملاحظات تقييمية عامة:
مواصلة لجهود المؤلف والتي بدأها منذ عقود في الكتابة ولاسيما والتي تتعلق بالتاريخ السياسي الإرتري بالإضافة الى مساهماته المقدرة ـ وان كانت ـ محدود في مجال الرواية ولكنها رائدة، في إطار هذا التواصل يأتي صدور كتاب (تاريخ الطريقة الختمية في ارتريا).
أنني لاأشك مطلقا بأن صدوره في هذا الوقت يسد فراغاً هائلاً في الإصدارات التاريخية والتي لازالت المحاولات فيها جنينية لم تكتمل، خاصة التي تتعلق بالبعد العربي والإسلامي لإرتريا وامتداد ارتريا لهذا البعد الجغرافي والتاريخي لمنطقتنا وماتمثله من جسر للتواصل الثقافي بين دول القرن الإفريقي.
التأريخ والكتابة عن السادة المراغنة ونشأة وتطور الطريقة الختمية ربما في مواقع أخرى هو أمر ميسور، ولكن علاقة الطريقة الختمية بإرتريا وعلى قدمها لم يتطرق لها باحث ومؤرخ ـ الى حد علمي ـ وكل مايعرف عنها هو شذرات لاتتعدى الكلام ألشفاهي، وهذا الكتيب وعلى محدودية صفحاته يمكن أن يفتح كوة كبيرة يمكن أن نستطلع من خلالها معلومات عن ماضي السادة المراغنة في ارتريا وطريقتهم الختمية التي لعبت دوراُ تنويريا وتثقيفياً لعديد من أبناء ارتريا.
إن قيمة هذا الكتاب بالدرجة الأولى تتعاظم إذا أدركنا إن المؤلف بذل فيه جهداً مقدرا وغير عاديا في التقصي والبحث والكتابة برغم مايحيط بهذا الفعل من عقبات ومحاذير نظرا لافتقار المؤلف لمواد ومراجع من شأنها أن تعينه على إتمام البحث والانطلاق في الكتابة.
ولكن قيمته الهامة والكبيرة ثانيا انه حوى معلومات قيمة ربما تنشر وتعرف للمرة الأولى ويمكن أن يبنى عليها مستقبلا في الكتابة التاريخية عن دور الختمية في ارتريا.
قد يؤخذ على الكتاب انضغاط المعلومات وعدم التوسع في بعض المباحث التي وردت على عجالة، ولعل مرد ذلك كما أسلفت عدم توفر المواد التاريخية التي تتعلق بهذا البحث وعدم تطرق سابق لهكذا موضوع.
ومهما يكن من أمر هذا المأخذ البسيط إلا انه لايمكن أن تنقص بحال من قيمة الكتاب وأهميته، ومن الجهد الكبير الذي بذله المؤلف في تجميع مواده.
الجدير بالذكر انه صدر للمؤلف من شهور كتاب (شخصيات ورموز ارترية).
وتحت الطبع كتاب (شاهد على بعض عصره) و (حديث الذكريات والمذكرات) وكلا الكتابين يغطيان فترة نصف قرن عاشها المؤلف في صفوف الحركة الوطنية الارترية منذ التأسيس وحتى الاستقلال.