عطر البارود... رواية بحجم وطن
بقلم الأستاذ: محمود عبدالله أبو كفاح - إعلامي وكاتب ارتري
وصلتني رواية عطر البارود للكاتب الإرتري هاشم محمود قبل أسبوعين تقريباً ،
وعلى الفور شرعت في قراءتها بنهم وشوق.. لاسيما وأنني كنت أتابع في وسائل التواصل الإجتماعي أخبار تدشين الرواية في قاهرة المعز وكذا تلك النجاحات التي حققها تلك الرواية في عالم الرواية بإختيارها كأفضل رواية افريقية باللغة العربية للعام 2019م.
بكل صراحة شدتني تلك الرواية بقوة منذ الوهلة الأولى فالعنوان الذي إختاره الكاتب هاشم محمود لروايته (عطر البارود) رائعاً بكل المقاييس ، فقد جمع العنوان بين ذلك المسحوق القاتل (البارود) والعطر ذوالرائحة الذكية ، ليجعل القارئ منذ البداية في لهفة ، لمعرفة المغزي من ذلك الأسم وبالتالي الإنقضاض على صفحات الرواية بلا توقف ، وهذا ماحدث لي بالضبط منذ أن وصلت هذه الرواية الى يدي ، وبالإنتهاء من قراءتها عقدت العزم لتدوين ملاحظاتي بخصوصها من حيث المضمون:-
• الرواية عبرت بإسلوب أدبي شيق عن تلك المجازر البربرية التي أرتكبتها قوات العدو الأثيوبي خلال حقبة السبعينيات من القرن الماضي ، وهذا يجعل منها وثيقة تاريخية ستملك الاجيال المتعاقبة حقائق لايمكن تجاوزها بالتقادم الزمني.
• الرواية تعبر عن وحدة أبناء الشعب الإرتري وتكاتفهم في الملمات والمحن (بغض النظر عن إنتماءاتهم الدينية والعرقية) وقد بدا ذلك واضحاً في رحلة لجوء (أحمد ، وأبرهام ، ومحمد ، ومكئيل ، وإبراهيم) من ضواحي كرن الى السودان وهم يتعقبون نهر القاش.
• رواية عطرالبارود تناولت حياة اللجوء والتشرد التي عاني منها الشعب الإرتري في مخيمات اللاجئين بالسودان ، وقدرة الإنسان الإرتري في تلك الآونة على التأقلم مع تلك الظروف الإستثنائية لاسيما الإناث اللواتي كن سنداً قوياً لأبنائهن وأزواجهن (كأم مريم التي عانت كثيراً في ولادة إبنتها مريم لتواجه الموت في نهاية المطاف بكل شجاعة ورباطة جأش ، وأم إبراهيم التي تلحق بأبنها إبراهيم في معسكر اللجوء مصطحبة إبنتها عافيت).
• رواية عطر البارود بالإضافة الى تناولها لنماذج من المآسي التي مر بها الشعب الإرتري في حقبة الإستعمار الإثيوبي أفردت مساحة للمشاعر الإنسانية النبيلة ، كالتعاطف الذي وجدته الطفلة اليتيمة مريم من قاطني المعسكر والعشق الذي جمع محمد وعافيت دون أن يصرح احدهما للآخر بحبه... وذهاب عافيت مع أمها الى الخرطوم للدراسة ومن ثم الى لندن لإكمال مشوارها التعليمي والعودة الى الخرطوم ومن ثم الى أرض الوطن بعد إنجاز التحرير ، وإلتحاق محمد بصفوف الثوار واللقاء بمحبوبته عافيت في أسمرا بعد التحرير وتعرضه لحادث أليم كاد ان يقضي على حلمه ، وتماثله للشفاء وإرتباطه في نهاية المطاف بعافيت التي طالما تمنى ان تكون رفيقة حياته.
• رواية عطر البارود تناولت مسيرة الثورة الإرترية ودعم الشعب الإرتري اللامحدود لتلك الثورة وإستعداده الدائم للإعاقة والإستشهاد من اجل ذلك الوطن الذي أحبه بكل حواسه ومشاعره (إستشهاد أبراهام في معركة تحرير مدينة دقمحرى تاركاً زوجته الممرضة وثلاث من الأبناء ، وفقد مكئيل الذي كان يقاتل ضمن سلاح الهندسة إحدى رجليه).
• رواية عطر البارود عكست فرحة العودة لأرض الوطن بعد التحرير ولقاء الأهالي والاحبة والأصدقاء ببعضهم البعض في رحاب الوطن بإسلوب جميل وومتع.
بإختصار أرواية عطر البارود تعتبر إضافة قيمة للمكتبة الإرترية وبالتالي أوصى الجميع بقراءتها ، كما لايفوتني ان اهنئ الزميل هاشم محمود على هذا الإنجاز الادبي وأتمنى له المزيد من التألق.