قراءة في كتاب البلين الماضي والحاضر
بقلم الأستاذ: حسين رمضان - كاتب ارتري
في الحقيقة أبدع الأخ الباحث الدكتور ادريس أبوبكر إبراهيم جميل في إعداد وإخراج هذا الكتاب القيم
الذي يتحدث عن تاريخ قبيلة لها وزنها واعتبارها في مساحة شاسعة في شرق أفريقيا.. فأتى الباحث بحلم كان يراود الجميع في زمان مضى ولا زال، وبلا منازع هو الفارس الذي لمع نجمه وسطح ضوءه في أفق المعرفة فلا فض فوك ولا انكسر لك قلم ولك منا كل التقدير والتبجيل. ولمثلك ترفع القبعات.
قد يكون هنالك بعض القصور أو النقص وهذا شيء طبيعي يعتري الطبيعة البشرية والإنسان من صفاته "الخطأ والنسيان".
هذا المضمار لم يُطرق من قبل ولم يجرأ أحد عليه فأي عمل مهما كان ابتداءً لابد من عوائق وصعوبات تعترضه مثل الطريق غير السالك والذي يُمهد لأول مرة فإنه يحتاج لعدة محاولات وخطوات من الإصلاح لكي يستقيم ويصلح للسير فيه.. فأنا اعتبر هذا المجهود الذي بذله الباحث منقطع النظير لأنه غير مسبوق على الإطلاق على حد علمي - والله أعلم.
وهذا بالرغم من قلة بل ندارة المراجع المتخصصة في تأريخ هذه القبيلة العريقة.. وكلنا نعلم أن تاريخ البلين ليس مسطور ولا يذكر إلا عن طريق مرويات وحكاوي منقولة من جيل إلى جيل وهذا مدعاة مع تقادم الزمن أن يضاف ويحذف من المروي المنقول بعض المعلومات حتى تتموحر المعلومات أو تتغير بالكلية فمن الصعوبة بل المستحيل بمكان أن يحفظ تاريخ أي مكون بشري اجتماعي بهذه الكيفية.. على كل حال نحن اليوم نشعر بسعادة ونكاد نلمس الثريا بأيدينا بخروج هذه الباكورة والصناعة التاريخية للبلين بصفة عامة وبيت توقي بصفة خاصة وبقلم أحد أبناء ها البررة ولأول مرة وهو مصدر فخرنا وزهو نفوسنا بهذا الكنز الكبير.
والذي اضفى على الكتاب رونقاً وجمالاً حيث تم صياغته بلغة رصينة وسلسة وبسيطة يستطيع حتى من يقرأ ويكتب فقط ولم يلن أي درجة علمية أن يفهمه.. ويعيش بين سطوره فضلاً عن ذلك كان للترتيب الزمني والموضوعي لفصول الكتاب وترابط المعلومات السابقة مع اللاحقة تجعل القاريء يستصحب جميع فصول الكتاب اثناء تصفحه وقراءاته إلى ان تكتمل المادة المكتوبة فهذا دليل على قدرة الكاتب وبراعته.. وقد بلغت المصادر حسب المسطور في نهاية الكتاب ا أكثر من ثمانين مصدر وهي لا تشفي غليل الباحث في ذات الموضوع وهي مظنة التعب والمشقة ولكن الباحث لم يألو جهدا يخرج لنا مادة مفيدة وتخدم الهدف الذي خطط له.. وهذا البحث قد يكون أكسب الباحث تميزاً ومصداقية وأمانة علمية وتأريخية في النقل والسرد.
وقد اعجبت كثيراً بطريقة الباحث في سرد المعلومات أياً كان مصدرها فهو لا يقطع بصحة المعلومة المسطورة كتابياً أو المنقولة شفهياً حتى لا يقع في أي حرج فقط يبدي فيها وجهة نظره وتحليله من حيث الترجيح أو عدمه ولا يغلق الباب أمام القاريء في أن يبحث في ذات الموضوع.
ومما أثار فضولي ولم أجده في طيات الكتاب رواية تتناقل بين العامة ولم يتطرق إليها الباحث ولا أدري مدى صحتها وهي من المرويات المنقولة عن طريق الكبار.. فيقولون أن طوقي هو (ابن جالوق ومالوق ...الخ) فهل توجد مثل هذه الشجرة لعائلة توقي.. فلست أدري ما مدى صحة هذه الرواية وهل وقف الباحث على شيء مثل هذا ؟؟ وفي كل الروايات التي تذكر عن أصل أبناء توقي الحلقة المفقودة هي بالتحديد نسب طوقي وما على صاعداً.
فجزى الله الباحث خير الجزاء على ما قدم من عمل رائع سوف يذكره ويشكره عليه الأجيال القادمة.. وقبل ذلك نسأل الله أن يجعل هذا العمل في ميزان حسناته.
وإن كان من ملاحظات قد يستفاد منها في الطبعات القادمة إن رأى ذلك الباحث وهي كالآتي:-
• في العادة في صف الكتب يستخدم في الحجم (16) وفي الفونت - أي شكل الحرف (مهند) هو الأفضل والذي يظهر لي من الكتاب مصفوف على غير هذه الطريقة.
• غلاف الكتاب هو دائماً الجاذب ابتداءً للقاري فلابد أن يكون الإخراج معبر وجميل عليه أرى لو كانت صور الغلاف طبيعية من مدينة حلحل متداخلة مع صور من مدينة كرن وتملأ الصفحة وهذا أجمل وأكثر تعبيراً، مما هي عليه الآن.. والصورة الحالية فيها قدر من التعبير ولكنه ليس قوية بقوة مضمون الكتاب.
• في بعض الصفحات الحروف غير واضحة خاصة النقاط فما ادري هل هذا في كل الكتب أو النسخة التي عندي فيجب التأكد من ذلك وتفاديه في الطبعة القادمة.
• قاعدة تغليف الكتاب المادة الصمغية أو اللصق كأنها رديئة فمع تصفح الصفحات أثناء القراءة تتفكك الصفحات من موقعها خاصة في ظل ظروف المناخ الحار في بعض البلدان.. فلو تم تدبيس قاعدة الكتاب قبل وضع الصمع يكون أفضل وأثبت للصفحات من التبعثر لا سيما أن هذا الكتاب يحتفظ به لأهمية مادته التأريخية.
• لو تم اختيار صور لعدد من زعماء وكبار بيت توقي ممن كان لهم دوراً بارزاً في الحياة السياسية أو الاجتماعية كفصل آخر في الكتاب مع تعريف أو ذكر نبذة عنهم لكان أجمل وأكمل.
• صور الخرائط لم تكن واضحة المعالم ويا حبذا لو تكون واضحة وملونة حتى تصبح أكثر رونقاً وجاذبية.
• هناك بعض الأخطاء الإملائية والنحوية وهي قليلة جداً ولكن تفاديها أولى بالتدقيق خاصة إن هذا الكتاب يعتبر مصدر تأريخي هام.
• ومن البديهيات أن يكتب عنوان للباحث سواء كانت بريد الكتروني أو غيره للتواصل مع القراء والباحث لإبداء وجهات النظر والتقييم.
والله من وراء القصد...