لعبة المغزل.. جديد الروائي الإريتري حجي جابر

بقلم الأستاذ:علي فايع - أبها المصدر: الشرق

عن المركز الثقافي العربي في بيروت صدرت رواية جديدة للروائي الإريتري حجي جابر، بعنوان «لُعبة المِغزل» في مائتين وثماني

رواية لعبة المغزل

صفحات من القطع المتوسط. هذه الرواية العمل الثالث في مشوار حجي الروائي التي تأتي بعد رواية «سمراويت» الحائزة على جائزة الشارقة للإبداع العربي 2012، ورواية «مرسى فاطمة» 2013.

عن نصّه الجديد يقول حجي جابر لـ «الشرق»: «إنّ هذا العمل يأتي ضمن المشروع الذي اخترته من البداية، وهو إريتريا البلد والإنسان والشجر وحجارة الطريق. إريتريا المنزوية في بقعة قصيّة معتمة، رغم كل القرب. وأنا أجد نفسي محظوظاً بهذا الكم الكبير من الحكايات التي يمكن استلهامها من إرتريا والإريتريين، حتى أني أجد حيرة أحيانا بأيها أبدأ».

ويضيف حجي جابر «أتحدث هذه المرّة عن التزييف الذي طال ويطول كل شيء في إريتريا، الماضي، والحاضر، الزمان والمكان، الوجوه. في لعبة المغزل حاولتُ ممارسة الفضح إلى منتهاه، بجرأة أترك للقارئ تقييمها. دلفتُ من باب الحكايات، وخرجتُ من باب التأريخ. كنتُ أسعى مع كل كلمة أكتبها لنزع اليقين عن أكثر أشيائنا موثوقية، ولا أعرف إلى أي حد قد لامستُ النجاح، لكن يكفيني على أية حال مجرد المحاولة».

وعن الجديد الذي تحمله هذه الرواية عن سابقتيها يقول حجي جابر «أتمنى أن يجد القارئ في النص الجديد نضجاً أكبر في تجربتي الروائية، فأنا لا أزال في طور المحاولات مع كثير من الاجتهاد كي آتي بجديد في كل مرة، سواء على مستوى الحكاية أو اللغة أو التكنيك المتبع. جربت عديداً من الأمور الجديدة بالنسبة لي هنا، لكن ليس من الجيد الحديث عنها، بل الأفضل أن تصل وحدها إلى القارئ ويتلمسها، عدا ذلك لن يكون لها أي قيمة مهما حاولتُ إبرازها ومنحها تقديراً ينبع من ذاتي».

مقطع من النص:

• سلّمتْ نفسها إلى شوارع أسمرا بلا مقاومة.

كانت تذرع الطرقات دون وجهة مقصودة. ذهنها مشغول بما أحدثته في قصتها الأخيرة. لوهلة خطر لها أنّ الحكايات مخلوقات جارحة، وأنّ الناس تُخطئ كثيراً حين لا تلتفتُ إلا لوجهها المسلّي.

الحكايات كائنات مُسنّنة يجدر أخذها على محمل الجدّ، تغرس أثرها عميقاً، فننتبه بعد فوات الأوان، وقد أدمتْ كلّ ما مرّتْ به. نخلق الحكايات، لكنّها سرعان ما تنال استقلالها، لتُهاجمنا بضراوة غير مسبوقة، وأسوأ الهزائم تلك التي تأتي دون مقدّمات.

أخذتها أقدامها إلى شارع الحرية. مرّتْ بمحلات الخياطة. استوقفتها أشكال المغازل المختلفة، كانت تتأمل نهاياتها الحادّة المعقوفة، لا مغزل دون نهاية حادة. الحكايات كذلك.

هل كان السيد الرئيس مولعاً بالحكايات مثلها؟

لكنّ حكاياته المسنّنة لم تُصبه بأذى، كان مُحصّناً فيما يبدو من أذاها. ربما لأنه لم يكتبها قط لنفسه، كان يُوجّه سهامها للخارج، فنجتْ روحه بذلك، والحكايات التي لا نخلقها لذواتنا ابتداء، لا نشعر بها، لا نصطلي بنارها، بل نترك مشقة ذلك للآخرين. كم كان السيد الرئيس حكيماً وهو ينأى بنفسه عن الدمار الذي تقترفه يداه.

Top
X

Right Click

No Right Click