قراءة لكتاب الحركة الإسلامية الإرترية الإنجاز والإخفاق، حركة الجهاد الإسلامي الإرتري نموذجا - الحلقة الثالثة
بقلم الأستاذ: خالد إسماعيل - أبو وهبة تأليف الدكتور: أبو أسامه آدم صالح محمد
الحكي والملاحظات - سرد الاختراقات في المكتب العسكري: يقول الكاتب أن المكتب العسكري في بداية تأسيس الحركة
كان محصنا من إختراقات العدو، حيث لم يجد إليه سبيلا، "فعندما تخرج مجموعة بعد إعدادها تصل إلى مواقعها داخل إريتريا من غير أن تخرج معلومة عن منافذ خروجها وتاريخه" نص 279.
ويقول الكاتب بعد أن بدأت الحركة في الحوارات والتحالفات مع التنظيمات الارترية، دب الخلاف واللغط في الأوساط الحركية، وبدأت بعض معلومات الحركة تتسرب، وتم إختراق المكتب العسكري حيث "وقعت مجموعة من المجاهدين في كمين محكم في منطقة تكروري، أسر فيها سبعة من المجاهدين، واستشهد عدد آخر، وهلك عدد كبير من الشعبية" نص.
حاول المكتب العسكري معرفة ثغرة الإختراق فلم يتمكن، لذلك قامت هيئة الأركان بعمل ترتيبات إدارية داخل القيادة العسكرية، حيث تم تشكيل لجنة سرية من ثلاثة أشخاص فقط، وحجب أمر تكوينها عن بقية أعضاء المكتب العسكري، أوكلت إليها مهام إعداد وإخراج المجاهدين إلى الميدان، مع إعطائها كامل الصلاحيات العسكرية، والميزانيات المالية الكافية؛ للقيام بما يلزم من تأجير المقرات السرية، وتسليح المجاهدين وتجهيزهم بالمستلزمات الخاصة.
ونتيجة لهذه الترتيبات الأمنية اختفت الإختراقات، وأخذت اللجنة تمارس عملها في تفويج المجاهدين بدرجة عالية من التأمين، حينها تأكد للقيادة العسكرية بما لا يدع مجالا للشك أن المكتب العسكري مخترقا من داخله، وبعد مجهودات مكثفة تم إكتشاف خلية الإختراق، والتي كانت تتكون من ثلاثة أشخاص، كانوا يشغلون مناصب حساسة في المكتب العسكري !!
في هذه الأثناء قامت حكومة الخرطوم باعتقال القيادة السياسة للحركة وفي مقدمتهم الأمير الشيخ عرفة أحمد محمد.
عقب الإعتقال التحفظي لقيادة الحركة من قبل حكومة السودان، تم تعيين الشيخ أبو الفاروق حامد إدريس دلشاي قائما بأعمال الأمير في الحركة.
اجتمع الشيخ دلشاي بهيئة الأركان، وتم إطلاعه على سياسات المكتب، وما يعانيه من عمليات الإختراق، والإجراءات الوقائية التي اتخذتها القيادة، كما كشفت له هيئة الأركان عن اللجنة الثلاثية السرية، وأيضا "قدم نائب رئيس الاستخبارات العسكرية الشهيد عبد الصبور تقريرا مفصلا عن الأشخاص الثلاثة المخترقين لأجهزة المكتب العسكري" نص إلا أن القائم بالأعمال الشيخ دلشاي رفض قبول هذه المعلومات وذلك للأسباب الآتية:-
أولا: أن المعلومات قدمت له شفاهة.
ثانيا: المصدر الذي اتهم الأشخاص الثلاثة بالإختراق كان هو نفسه عميلا للجبهة الشعبية، "سبق أن حكمت عليه الحركة بالتصفية الجسدية، فجاء إلى المكتب العسكري وقال تبت إلى الله مما كنت أفعله، والآن جئت إليكم لأخدم الجهاد، ومن ذلك كشفه لمجموعة عملاء تعمل داخل الحركة، يقول الأخ دلشاي: فكيف يكون مثل هذا مصدرا نستقي منه معلومات خطيرة كهذه" ومن هنا جاء رفضه لاعتماد هذه المعلومات. نص 282. كما أن الشيخ دلشاي اعتبر هذه المعلومات ضمن الاغتيالات السياسية، والمكايدات الحزبية بين السلفيين والإخوان داخل الحركة.
يذكر الكاتب، بعد أن استلم الشيخ دلشاي مهامه كقائم بأعمال الأمير، جاء بسياسة جديدة في موضوع إعداد وإخراج المجاهدين، فالغى اللجنة الثلاثية، وأعاد الأمر إلى ما كان عليه، وعلل ذلك "بأن هذه الخطة تخلق بين هيئة الأركان عدم التجانس وسوء الظن" نص.
وقالوا له أن هذا يعتبر عودة الإختراق، فأصر الشيخ دلشاي على قراره، وهنا حصل خلاف كبير، وتبادل لكلام غير لائق، (لم يذكر الكاتب الطرف الآخر الذي تبادل الخلاف لكن يظهر أنه أبو سهيل وذلك من خلال السرد المكمل للحدث).
قدم نائب رئيس الاستخبارات العسكرية الشهيد عبد الصبور استقالته لنائب المكتب العسكري الشيخ أبو سهيل ليقدمها للقائم بأعمال الأمير ومعللا "بأن ما يورده من معلومات لم يكن محل عناية القائم بالأعمال، رغم خطورتها وصحة مصادرها، ومن هنا لا أستطيع تحمل مسؤولية تأمين المكتب العسكري" نص. فحاول أبو سهيل أن يثنيه لكنه أصر وقدمها إلى القائم بالأعمال مباشرة.
قصة اللوري:
من هو العميل حاج محمد علي ؟
يذكر الكاتب أنه أحد القادة العسكريين الميدانيين، وقد دارت حوله شبهات كثيرة، وتواترت الأنباء بعمالته، وتوصل نائب رئيس المكتب العسكري الأخ أبو سهيل، ومسؤول شعبة العمليات العسكرية الأخ أبو عبدالله حسن حليبت - رحمه الله، والأخ أبو الصفاء عبد الكريم جمع مسؤول الاستخبارات العسكرية إلى شبه يقين بعمالة الرجل، فاخبروا الشيخ عرفة، وحجبو المعلومة عن بقية القيادة العسكرية، فطلب الأمير الشيخ عرفة التكتم على المعلومة، وتجميد المتهم حتى يتبين حاله، وجمع المزيد من المعلومات حوله، وفعلا تم تجميده لمدة ثمانية شهور.
في هذه الأثناء ساءت العلاقة بين القائم بالأعمال وبين معظم أعضاء هيئة الأركان العسكرية، خاصة مع نائب رئيس المكتب العسكري الأخ أبو سهيل، حيث سادت بينهما المناوشات والمشادات الكلامية، فحاول الشيخ دلشاي عزل أبو سهيل، وبدأ يمارس مهامه كقائد للجيش باعتباره قائما بأعمال الأمير، وأن الأمير هو القائد الأعلى للجيش، فكان يتدخل تدخلا مباشرا في أعمال الشعب العسكرية، وتجهيز المجاميع للدخول للميدان، يقول الكاتب: "فما رأيت فترة أكثر تنافرا وأشد فقدانا للثقة، من تلك الفترة التي كان فيها القائم بأعمال الأمير الأستاذ أبو الفاروق حامد إدريس دلشاي غفر الله لنا وله" نص
والحال كذلك قام الشيخ دلشاي بتجهيز مجموعة من المجاهدين للميدان ليكون على رأسها الحاج محمد علي، يقول الكاتب: " قال أبو سهيل جلست والأخ حسن حليبت، وتحدثنا حول هذه المسألة، فقلت له أن القائم بالأعمال ليست لديه معلومة عن عمالة هذا الرجل، عليه نذهب إليه ونخبره بالمعلومة، ونثنيه عن تكليف هذا الرجل، فقال حسن هذا صحيح، ولكني أفضل أن أذهب إليه لوحدي؛ إذ بينك وبينه سوء تفاهم فلا يسمع منك شئ، قال فقلت خيرا" قال: فذهب إليه وأخبره بتفاصيل المسألة، وبجلستهم مع الشيخ عرفة بهذا الخصوص، قال: فرد عليه بأن هذا كلام أبي سهيل، وكل هذه المعلومات غير صحيحة، قلت إذا لم تصدقني فلنذهب أنا وأنت إلى الخرطوم وأسمع المسألة بتفاصيلها من الشيخ عرفه، ولكن بدون جدوى منه.
يقول أبو سهيل وبعد أن أيقنت بأن دلشاي مصر على رأيه، جلست مع الأخ عثمان حنيف وهو أحد أعضاء المجموعة، وأخبرته بعمالة حاج محمد علي، وحذرته من أن يعرف مالا يعرفه من قبل من مقرات ومخازن أسلحة ومعدات، ونقل كل ما يعرفه إلى أماكن أخرى تحوطا.
خرجت المجموعة وكان عددهم 16 مجاهد، يوم 1993/5/27، ووقعت في كمين محكم داخل حدود ولاية كسلا، تم أسرهم ولم يتمكنوا من إستخدام أسلحتهم، التي كانت معهم في اللوري، قام العميل محمد آدم وهو من الذين كانوا مزروعين سابقا في المكتب العسكري وجاء ضمن الشعبية، قام بإطلاق النار على المجاهدين وهم أسرى فاستشهد منهم في الحال أبو الصديق عبدالله إدريس إبراهيم، وجرح كل من:-
• أبو حمزة عثمان حنيف.
• أبو هريرة إبراهيم محمد علي.
• عثمان محمد جابر أشحقو.
ص285.
نقل المصابين إلى مستشفى تسني، فاستشهد عثمان حنيف، وانضم محمد جابر اشحقو إلى مجموعته في سجن سمبل بعد أن تعافى، وفقد أثر أبو هريرة محمد علي، ويحتمل تصفيته في المستشفى عن طريق العميل محمد آدم.
قائمة بأسماء الأسرى:-
1. أبو نوح عثمان محمد جابر اشحقو.
2. أبو عبد القادر همد كبر رب طلوق.
3. أبو ياسر محمد شفا حسن حسين.
وقد تم إطلاق سراح الثلاثة أعلاه يوم 2000/10/18.
4. أبو عبيدة عبد القادر علي إبراهيم.
5. أبو عبد الرحمن عمر محمد علي درع.
5. أبو جعفر محمد علي سليمان.
6. أبو عمار محمد محمد نور.
7. أبو عبد الرحمن منصور محمد مور مني.
8. أبو البراء عبدالله علي سعيد.
9. أبو مسلم رمضان إدريس.
10. إبراهيم عثمان كرامي، سائق اللوري.
11. حسين آدم سلطان، مساعد اللوري.
وقد تم إطلاق سراح البقية أعلاه يوم 2001/6/26.
يقول الكاتب وحدثت نتيجة هذه الحادثة ضجة كبيرة، واتهم بعض الذين لا يدركون حقائق الأمور بعض أعضاء اللجنة التنفيذية بالتواطؤ مع الشعبية وفي مقدمتهم الأستاذ حامد إدريس دلشاي في هذه الحادثة، ويضيف الكاتب، "ومن غير ريب هذا إتهام غير صحيح، وفي غير محله، ومعلومات سطحية لا تستند إلى برهان يعتمد عليه" ص287.
وبعد هذه الحادثة انقطع المكتب العسكري من التواصل مع القائم بالأعمال، وحجبت عنه جميع المعلومات، وأخذ المكتب العسكري يعد المجموعات ويرسلها إلى الميدان من غير علم القائم بالأعمال، وحين علم بذلك دعى لإجتماع هام، واعترض على عدم إبلاغه، فقالوا له صحيح حجبنا عنك المعلومات، ولا تفاهم بيننا بعد هذا، والفيصل بيننا الشيخ عرفة بعد خروجه من السجن... ص287. إنتهى
نسبة لطول الحلقة سأدمج ملاحظات الحلقتين 4/3 معا.
تـابـعـونـا... فـي الـحـلـقـة الـقـادمـة
• خروج الشيخ عرفة من السجن، وحل المكتب العسكري وأسباب الحل.
• خروج أبو سهيل إلى الميدان.
• إرهاصات الخطوة التصحيحية (الإنشقاق).